"متى سيُعلن حزب الله الحرب".. هو السؤال الذي يزدادُ طرحُه يوماً بعد يوم وسط إرتفاع منسوب التوتر في الجنوب إثر إقدامِ جيش العدو الإسرائيليّ على التمادي يومياً في قصف البلدات الحدودية وإحراق أحراجها.
ما يحدثُ حالياً ليس عادياً جداً من الناحية العسكريّة، وما يبدو هو أنّ الأمور ستتدهور شيئاً شيئاً نحو تصعيدٍ أكبر.
حالياً، يعملُ "حزب الله" وفق تكتيكهِ الخاص الذي تمكن عبرهُ من "ضبط الجبهة" بحسب توقيته وقواعده. لهذا السبب، لن يندفع الحزب الآن إلى إعلان حربٍ طالما أنّ الأمور ما زالت تحت السقف المطلوب. لكنه فعلياً، وإذا تم النظر إلى أرض الواقع، فإن ما يخوضه "حزب الله" الآن في الجنوب هو حربٌ من نوع مُصغّر، ومن خلالها سيؤدي الرسائل التي يريدها ضدّ إسرائيل، فيما الأخيرة ستقوم أيضاً بالخطوة نفسها. إزاء ذلك، يمكن اعتبار أن إعلان الحرب "رسمياً" لن يكونَ وارداً في ظلّ المشهدية القائمة، فمن مصلحة "حزب الله" الحفاظ على الوضع الرّاهن كما هو لـ3 أسباب رئيسيّة:
1- السبب الأول يرتبطُ بحصر الجبهة ضمن المنطقة الحدودية والمواقع الإسرائيلية، فالمواجهة ورغم شدتها، لم تستهدف المدنيين بشكلٍ مباشر. الأمرُ هذا يصب في خانة "حزب الله" الذي تمكن من "دوزنة المعركة" على الوتر العسكري حصراً، وهذا ما يدلّ على أن الجبهة ما زالت محصورة بشكلها القائم الآن.
2- السبب الثاني والذي يدفع "حزب الله" لإبقاء المشهدية كما هي ترتبطُ بملاقاة شبه تأييدٍ داخلي لعملياته ضد إسرائيل. في الواقع، قد لا تكونُ "مناصرة" الحزب واضحةً بشكل جلي، لكن الأصوات التي كانت تُطلق مواقف مناوئة للحزب، خفّت درجاتها كثيراً بعدما تبين أن إسرائيل تُمعن حقاً في الإعتداء على الجنوب.
3- السبب الثالث وهو الأساس، ويرتبطُ برؤية "حزب الله" للميدان العسكري. الآن، ورغم خسارته الكثير من الشهداء، ما زال الحزبُ مُحافظاً على قدراته العسكرية ولم يذهب بعيداً نحو إستنزافها. المسألةُ هذه مهمة جداً، وبالتالي فهو يرى أنّ العمليات التي يخوضها ضد المواقع الإسرائيليّة تأتي بالغرض وتُحقق الخسائر البشرية والمادية المطلوبة. لذلك، ما الذي سيستدعي الذهاب أكثر من ذلك طالما أنَّ الهدف الأساسيّ يتحقّق ميدانياً؟
إنطلاقاً من كل ذلك، يمكن قراءة مسار المعركة بشقَّيها الميدانيّ والعسكريّ، والوضع القائم رغم مساوئه، يُعتبرُ أفضل بكثيرٍ من وضع إعلان الحرب رسمياً. الآن، ورغم وجود إعتداءات إسرائيليّة، لم يحصلُ الدمار الذي يخشى لبنان حصوله، كما أن معظم المناطق والمدن الجنوبية البعيدة نسبياً عن الحدود تعيشُ حياة شبه طبيعية رغم التوتر. هنا، صحيحٌ أنّ النزوح كان من نصيب سكان البلدات الحدودية، لكنّ العامل المهم هو أن هؤلاء بإمكانهم العودة إلى منازلهم حينما يجري الإعلان فوراً عن إنتهاء التوتر، كون البلدات ما زالت كما هي وعلى حالها رغم المناوشات العسكرية القائمة.
في خلاصة الكلام، الأمر الذي يجب مراقبتهُ هو المسار العسكري يوماً بعد يوم. من خلال ذلك يمكن معرفة ما قد يشهده لبنان خلال الأيام المقبلة، والأساس هنا هو أن الوضع يختلف بين يومٍ وآخر، وهذا هو السرّ في جبهة الجنوب التي تختلف درجات التصعيد فيها تبعاً للواقع الميداني.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تتعمد سياسة الأرض المحروقة جنوبا.. خشية فرنسية: نتنياهو يريد رأس الحزب لا سلاحه
استأنف العدو الإسرائيلي تفجير المباني في البلدات الحدودية، تنفيذاً لاستراتيجية سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها في جنوب لبنان،وشنَّ الطيران الحربي سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، تحديداً الحدث وحارة حريك وبرج البراجنة.
واصل «حزب الله» إطلاق صليات الصواريخ والمسيرات باتجاه شمال إسرائيل في عمليات دقيقة، لكن مع تسجيل تراجع في أعداد الصواريخ التي تقدر ما بين 120 و150 صاروخاً يومياً، بعدما كانت قد وصلت في شهر آب الماضي إلى أكثر من 300 صاروخ يومياً.
وكتبت" الاخبار":قال مصدر دبلوماسي متابع لملف لبنان، إن تداعيات إقالة وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، بدأت بالظهور في اتّساع الهوّة بين طلبات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وتقديرات المؤسّسة العسكرية والأمنية. وأضاف المصدر أن «الجيش بات جاهزاً لوقف العمليات، في حال قرّرت الحكومة الذهاب نحو تسوية سياسية، لكنه يوصي بحصر البحث في سُبُل فرض ترتيبات تمنع أي وجود لحزب الله في جنوب لبنان». وبحسب المصدر، فإن «مشكلة الجيش تفاقمت، كون الوزير السابق كان يوافق على جزء أساسي من هذه التقديرات، بينما الوزير الحالي يتبنّى خطاب نتنياهو الذي يطالب بمزيد من العمليات العسكرية الواسعة براً، وبتكثيف الغارات ضدّ أهداف متنوّعة من أجل فرض شروط إسرائيل»، وإن «هدف نتنياهو يتركّز على انتزاع حقّ إسرائيل بالتحرك ضدّ أي تهديد تراه واقعياً أو وشيكاً من قبل حزب الله لاحقاً». وتابع المصدر أن «الضغط الداخلي في إسرائيل بشأن جبهة لبنان مختلف كثيراً عنه بشأن قطاع غزة»، وأن «المجتمع الداخلي في إسرائيل يدعو إلى التعجيل بإنهاء الحرب، لأن الأمان مفقود في كل الشمال، وإسرائيل تخسر يومياً نحو 140 مليون دولار جرّاء الحرب». لكنّ المصدر لفت إلى أن نتنياهو «لا يهتمّ بهذه الأمور حالياً، وهو لن يكون في وضع المتجاوب مع أي طلبات من الإدارة الأميركية الحالية». وأشار المصدر إلى أن «تل أبيب لا ترغب بأي دور أوروبي وفرنسي على وجه التحديد»، كما «تعرف أن الأطراف العربية الوسيطة، ولا سيما مصر وقطر، تقف إلى جانب فرنسا في مشروعها الهادف إلى وقف سريع للحرب، وإبعاد إسرائيل عن تفاصيل الملف اللبناني الداخلي». ولفت المصدر إلى «خشية لدى هذه الدول، بسبب ما وصلها من تسريبات عن رغبة نتنياهو بأن يترافق وقف إطلاق النار مع إجراءات تقيّد حزب الله سياسياً وعسكرياً، في كل لبنان».
وكتبت" الشرق الاوسط": وركّز «حزب الله» قبل توسيع الحرب، على استهداف المواقع العسكرية والمستوطنات والبلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود، التي كان يقصفها برشقات من صواريخ قصيرة المدى مثل «الكاتيوشا»، التي يعتقد أن الحزب يمتلك آلافاً منها... لكن مع إخلاء تلك البلدات، تراجع الحزب إلى العمق اللبناني بفعل العملية البرية الإسرائيلية، وبات يطلق صواريخ متوسطة المدى ليطول فيها مناطق بعيدة في العمق الإسرائيلي مثل عكا وحيفا وصفد وصولاً إلى تل أبيب، وهي تحتاج إلى صواريخ نوعية، عادة لا تُطلق على شكل رشقات، مثل «الكاتيوشا».