استقطابات قوى العالم والإقليم في صراع إسرائيل والمقاومة.. كيف تتحرك ماليزيا وماذا ستفعل؟
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
بدا واضحا للعيان أن هناك تفاعلات جديدة واستقطابات للقوى العالمية والإقليمية في سياق الأزمة الناشبة حاليا بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس"، والتي تحولت إلى حرب شاملة بينهما، دفعت العالم للاصطفاف حيالها في أماكن متفرقة، وفي المنتصف هناك قوى إقليمية ودولية يعول عليها لإحداث فارق في الصراع، نظرا لعلاقاتها المتميزة مع مختلف المعسكرات.
يلقي تحليل نشره موقع "أوراسيا ريفيو" الضوء على دور هذه القوى، لا سيما ماليزيا، والتي حاولت رسم خط واضح للتدخل في الأزمة، عبر زيارة أجراها رئيس وزرائها أنور إبراهيم إلى الشرق الأوسط مؤخرا، حيث زار دولا، أبرزها السعودية وتركيا كأكبر قوتين حاليتين في المنطقة، لمحاولة التنسيق إزاء ما يحدث الآن على الأراضي الفلسطينية.
ويرى التحليل، الذي كتبه الأكاديمي والباحث بجامعة مالايا الماليزية كولينز تشونج يو كيت، أن الأمر صعب وحساس لماليزيا، والتي ستحتاج إلى استخدام أقصى طاقتها في ورقة المصالح المشتركة لإحداث فرق، وأهمية اللاعبين الحيويين في القضية الفلسطينية، بما في ذلك قطر والسعودية وتركيا، حيث حافظت ماليزيا على علاقات جيدة مع تلك القوى.
اقرأ أيضاً
لليوم الـ23 على التوالي.. غارات إسرائيل على غزة توقع شهداء وجرحى
أيضا تمتلك ماليزيا علاقات متميزة مع إيران، والتي باتت قوة أساسية في هذا الصراع، بحكم دعمها الكبير لحركات المقاومة الفلسطينية.
ويشير الكاتب إلى أن دور ماليزيا مرتبط أيضًا بعائدات هؤلاء اللاعبين في علاقاتهم مع الولايات المتحدة.
وهنا يلفت إلى أن خطط التطبيع بين الرياض وتل أبيب باتت معرضة للخطر الآن، وهذا يؤثر على أهداف واشنطن في الشرق الأوسط.
استقطاب القوىوتواجه ماليزيا أيضا مشكلة تأثير الاستقطاب الحالي بين الولايات المتحدة والمعسكر الغربي من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى، حيث يعمل كل طرف من منصة مختلفة لمحاولة وقف التصعيد في فلسطين، لكن الصعوبات التي تواجهها واشنطن والغرب أكبر، نظرا لموقفهم الداعم لإسرائيل على طول الخط.
علاوة على ذلك، هناك اختلاف تام في وجهات النظر وقبول حماس بين الولايات المتحدة والغرب وماليزيا، حيث تصنف واشنطن حماس على أنها منظمة إرهابية، بينما لا تعتبرها كوالالمبور كذلك.
وقد خلقت لحركات المؤيدة لفلسطين في جميع أنحاء العالم وخاصة في العالم الإسلامي وحتى في نصف الكرة الغربي معضلة أخلاقية ودبلوماسية متزايدة للغرب في الموازنة بين الحاجة إلى ضمان عدم تآكل قيادته في العالم الإسلامي والجنوب العالمي بشكل أكبر، وحماية ما يعتبرها قيما للحرية والدفاع عن الحلفاء ذوي التفكير المماثل.
اقرأ أيضاً
825 عائلة تعرضت للإبادة الجماعية في غزة منذ 7 أكتوبر
انقسام الجنوب العالمي والعربهناك أيضا انقسامات تضرب دول الجنوب العالمي وأفريقيا وجامعة الدول العربية إزاء التصعيد الحالي، والاستجابة الأولية له، وهي انقسامات ناجمة عن المواقف والمصالح السياقية المتضاربة الآن والخوف من تغير العوائد وتأثير المستقبل.
قطرتتمتع "حماس" بتمثيل ودعم في العديد من دول الشرق الأوسط وآسيا، ويقيم قادة "حماس"، بما في ذلك خالد مشعل وإسماعيل هنية، في قطر.
كما لعبت الدوحة دور الوسيط بين إسرائيل و"حماس"، حيث وفرت الانفتاح اللازم والدعم الوسيط لكلا الجانبين.
وتفاوضت قطر من أجل إطلاق سراح الرهينتين الأمريكيتين من غزة، وتعمل على إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
وفي حين كانت الدوحة حليفاً حيوياً للولايات المتحدة في المنطقة، فقد وجدت نفسها في مأزق في الموازنة بين احتياجاتها ومصالحها مع جيرانها الإقليميين والضمانات الأمنية من الغرب. تستضيف قطر أكبر منشأة عسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهي قاعدة العديد الجوية التي تعمل كمركز للعمليات الأمريكية في الخارج، وخاصة في خدمة المهام في دول مثل أفغانستان والعراق وسوريا.
اقرأ أيضاً
السيسي يستقبل رئيس وزراء ماليزيا في قصر الاتحادية.. ماذا بحثا؟
وتحاول قطر زيادة نفوذها الدبلوماسي مع نمو النفوذ السعودي، وتعمل بشكل مطرد على إصلاح العلاقات مع المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين.
ومن تعزيز دبلوماسيتها الناعمة خلال كأس العالم إلى تجنب المواجهات الإقليمية الرئيسية على أمل السعي المستمر للهيمنة الإقليمية، تعطي الدولة الخليجية الأولوية لعلاقة عمل جيدة مع جيرانها وخاصة الرياض.
وأثار دورها في دعم الحركات المؤيدة للديمقراطية والمتمردين في سوريا ومصر وليبيا بعد الربيع العربي عام 2011 غضب جيرانها الإقليميين، وهي الآن حريصة على الظهور كصوت للثقة والعقل.
وتواجه واشنطن الآن معضلة حادة في التعامل مع الدوحة بمجرد أن يهدأ هذا الصراع، وفي تحقيق التوازن مع احتياجاتها الاستراتيجية ومصالحها طويلة المدى في إسرائيل باعتبارها المدافع عن المصالح الأمريكية في المنطقة.
تركياولا تزال تركيا دولة مضيفة أخرى لـ"حماس"، وتحاول أن تلعب دورًا رئيسيًا في الصراع بما في ذلك العمل على إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة والسماح بالعلاج في المستشفيات التركية.
وكانت أنقرة تحاول تطبيع العلاقات مع تل أبيب منذ حادثة أسطول الحرية عام 2010، لكن القصف الحالي في غزة أجبر أردوغان على اتخاذ موقف مختلف.
اقرأ أيضاً
حذرت من تصاعد الصراع.. الصين: الوضع في غزة خطير للغاية
السعوديةوتظل الرياض أيضًا لاعبًا رئيسيًا في امتلاك النفوذ والبطاقة الإستراتيجية المستقبلية في تعاملها واحتمال استئناف عملية التطبيع مع إسرائيل، وبالتالي، تمتلك أوراقًا أكبر في التعامل وممارسة ميزة استراتيجية أكبر في مواجهة كل من إسرائيل والولايات المتحدة في هذه الأزمة.
وبالنسبة للولايات المتحدة، تظل الرياض لاعباً رئيسياً في مراقبة طهران وفي العلاقات الاقتصادية والدفاعية، وباعتبارها لاعباً أساسياً في تحقيق الاستقرار في المنطقة إلى جانب إسرائيل.
وتواجه الرياض معضلة أخرى في موازنة مصالحها طويلة المدى المتمثلة في هيمنة القوة في المنطقة مع إسرائيل في المعادلة، وفي كيفية تعاملها مع حساباتها الاستراتيجية المستقبلية مع منافستها الإقليمية طهران والعلاقات مع بكين وواشنطن التي ستضمن عوائدها المستقبلية في تأمين مصالحها.
ولم تزداد طموحاتها تعقيداً مع الأزمة في تعاملها مع كل من تل أبيب وواشنطن.
اقرأ أيضاً
إيران تحذر من دخول أطراف أخرى إلى ساحة الصراع بين حماس وإسرائيل
ماذا يمكن أن تفعل ماليزيا هنا؟يجيب الكاتب أنه يمكن لماليزيا استخدام علاقاتها الجيدة مع المعسكرين الغربي والشرقي أن تهدف إلى تحقيق عودة سريعة يمكن تحقيقها للرغبات المشتركة لجميع الأطراف في وقف تصعيد العنف في فلسطين، ووقف الهجمات العشوائية على المدنيين، وتوفير ممرات آمنة وتدفق المساعدات الإنسانية، والحصول على التزام إقليمي وعالمي وتشكيله لمنع تصعيد الحرب إلى صراع أوسع.
لكن بسبب علاقاتها المتنامية بشدة مع الصين، لا سيما على المستوى الاقتصادي، والمشاعر الشعبية الموالية تماما لفلسطين، تواجه ماليزيا نظرة قلقة من المعسكر الغربي وهي أيضا تتحسب من إمكانية انتقام الغرب منها عبر سلاح العقوبات ووقف التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب وتقليل الاستثمارات التكنولوجية.
ومع ذلك، فإن أي من التحركات الغربية الرامية إلى خلق تكاليف على ماليزيا بسبب موقفها محدودة أيضًا في قطاعات معينة، حيث إن هناك حاجة استراتيجية لماليزيا بالنسبة للغرب ضد التهديد الساحق الأكبر المتمثل في الصين.
اقرأ أيضاً
قبل توجهه للسعودية.. سوناك يلتقي نتنياهو ويدعو إلى عدم توسيع الصراع
ماذا تحتاج ماليزيا للتحرك بفاعلية؟رغم أنها واحدة من الدول الأكثر إصرارًا وصوتًا في مناصرة القضية الفلسطينية، ستحتاج ماليزيا إلى وحدة وتماسك العالم العربي والغالبية العظمى من دول الجنوب العالمي بطريقة متكاملة للدعوة إلى التعاون المشترك والمتبادل، ووضع ضرورات عاجلة مقبولة لحماية المدنيين وإنهاء جميع أعمال العنف وجرائم الحرب، والإنشاء العاجل لممر آمن للدعم الإنساني وحماية حياة الضحايا، كما يقول الكاتب.
ويضيف أنه لتحقيق أي تأثير حقيقي على الصراع، سوف تحتاج إلى الدبلوماسية الماليزية لممارسة أكثر من مجرد الضغط الدبلوماسي.
يعتمد الأمر على مدى نجاح ماليزيا في لعب ورقتها في استغلال موقعها وتأثيرها على السلطة في العالم العربي والعالم الإسلامي الأوسع في دمج إطار السياسات وفي خلق قدر أكبر من الوحدة والتماسك الذي يتجاوز الحدود الداخلية لكل من الانقسام الشيعي السني والتنافس الوطني في الشرق الأوسط.
ويشمل ذلك أيضًا استخدام العلاقات الاستراتيجية الحالية لماليزيا في الدفع من أجل تدفق موثوق وأكثر إلحاحًا للمساعدات الإنسانية ولحث القوى الإقليمية على الدفع من أجل إنهاء العنف واستهداف المدنيين ومنع مخاطر نشوب حرب أوسع نطاقًا.
المصدر | كولينز تشونج يو كيت / أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة حماس ماليزيا السعودية تركيا قطر الشرق الأوسط فی المنطقة اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة تقدر دور مصر الكبير في المنطقة
أكد مايكل ميتشل المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الامريكية، أن الرئيس الامريكي جو بايدن يؤكد دائما أهمية الدور المصري في المنطقة .
خامنئي: أمريكا وإسرائيل تتوهمان تحقيق انتصار في سوريابوتين لا يستبعد تحسن العلاقات مع أمريكا بعد قدوم ترامبوقال مايكل ميتشل في مداخلة هاتفية مع الإعلامي سيد علي في برنامج " حضرة المواطن " المذاع على قناة " الحدث اليوم "، :" الولايات المتحدة الأمريكية تقدر دور مصر الكبير في المنطقة ".
وأضاف مايكل ميتشل :" نعتقد أن الاتفاق بين حماس وإسرائيل يجب أن يحقق مصالح إسرائيل والشعب الفلسطيني ".
وتابع مايكل ميتشل :" نحث كافة الأطراف في حماس وإسرائيل بفعل ما بوسعهم للتوصل إلى اتفاقية بشان غزة والمحتجزين ".