الجزيرة:
2024-11-23@12:26:22 GMT

أنا حنظلة.. وما زلت طفلاً: مأساة أطفال فلسطين

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

أنا حنظلة.. وما زلت طفلاً: مأساة أطفال فلسطين

(دماء – جراح – آلام)، ثلاث كلمات بسيطة تلخّص حياة الأطفال في فلسطين، ومعاناتهم بسبب العنف المفرط الذي تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيليّ. أوضاع صعبة يعيشها الشعب الفلسطينيّ؛ وخاصة الأطفال الذين يشكّلون نصف تَعداد سكانه، حَسَب ما ذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

مشاهد تخطف الأنفاس وتدمي القلوب: طفل مصاب يلقن أخاه الشهادة، أُمّ تبكي: "ولادي ماتوا بدون ما يأكلوا "، وأب يحمل أشلاء أبنائه في كيس، ويصرخ: "أبنائي ماتوا"، وآخر يبكي ابنته التي كان يرغب في الاحتفال بعيد مولدها، وملامح يوسف التي عرفها العالم بعد وصف أمّه: "شعره كيرلي وأبيضاني وحلو".

مَشهدُ الأمهات وهنّ يكتبن أسماء أطفالهنّ على الأرجل والأيادي حتى يستطيع الأهل التعرّف على جثث أولادهم التي ينتهي بها الأمر عادةً إلى أشلاء، أو حتّى تجمعهم العائلاتُ بكفن واحد؛ نظرًا لقلّة الأكفان، وأطفال يكتبون وصِيَّاتهم. فأي طفل في العالم هذا الذي يكتب وصيته؟

الأطفال في فلسطين يعرفون في دواخلهم أنهم لا يكبرون، وهذا ما صرَّح به أحد الأطفال عندما سأله أحد المذيعين: ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟ فأخبره: "إحنا في فلسطين مانكبرش، إحنا في أي لحظة ممكن ننطخ، ممكن نموت، وإحنا ماشيين نلاقي حالنا مطخوخين، هيك الحياة في فلسطين".

هكذا هي حياة الأطفال في فلسطين، والأمر ليس جديدًا؛ فإذا استطعنا أن نلقي نظرة على تاريخ الكفاح الفلسطيني فسنجد أن هناك رمزًا لكل ذلك البؤس الطفولي مُجسد في "حنظلة".

 حنظلة رمزًا للمرارة

حنظلة شخصية كاريكاتيرية رسمها الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي وسط يأسه، وهو طفل رثّ الثياب، حافي القدمين، يدير ظهره دائمًا للعالم وكأنه يدعو المشاهد ليرى ما يراه. حسب الفنان ناجي العلي فحنظلة وُلِدَ في العاشرة من عمره، كما أنه سيظل في العاشرة أيضًا، يراقب حنظلة وحشية الاستعمار الاستيطاني، ويكشف الطبيعة القاتلة للتجربة الصهيونية. لكنه يكشف أيضًا عن محنة المضطهدين في المنطقة، سواء كان ذلك بسبب القمع الذي يمارسه عليهم الطغاة المحلّيون، أو من قبل أكبر مموّل للعنف في العالم: الولايات المتّحدة.

ليست شخصية حنظلة هي الوحيدة التي رافقت رسومات ناجي العلي، فهناك أيضًا شخصية فاطمة الأمّ القوية التي تجسّد العبء الذي تتحمله النساء في المقاومة ضد الاحتلال.

إنّ حنظلة شخصية حاضرة دائمًا في الأذهان، لكن أن نراها كل يوم على منصّات التواصل الاجتماعي- تتجسد في مليون وجه وصورة لأطفال يلعبون لعبة الشهيد، أو طفل يسأل الأطباء: "أنا لساتي حي؟"- لهو انتهاك سافر لكل حقوق الطفل والإنسان. ولا يصدر هذا إلا عن قوى غاشمة لا تخشى شيئًا.

ووسط كل هذا نجد هناك من يشيد بجسارة الأطفال الفلسطينيين، وقدرتهم على التحمّل، وقوتهم وعزيمتهم وإيمانهم! لكن هل يمكن لطفل أن يتحمل كل هذا؟

يقول الأستاذ باسم نجدي – استشاري الصحة النفسية، والحاصل على درجة الماجستير في الصحة النفسية، والشهادة المهنية لتعزيز نمو الأطفال من هيئة بيرسون البريطانية- عن تأثير الحروب على الأطفال: "إن ما يمرّ به الطفل على مدار حياته يؤثر على نموّه النفسي والعقلي أيضًا؛ فيتأثر الطفل بما يحدث من حروب وأحداث دموية وانتهاكات، وقد يسبب ذلك له اضطرابات الخوف والقلق والاكتئاب، كما أنه بالطبع يؤثر على النمو العقلي والعاطفي. فالأطفال الذين ينشؤُون في بيئة كهذه نستطيع ملاحظة بعض الاضطرابات عليهم، مثل: اضطرابات النوم، وظهور حالات التبول اللا إرادي، كما أن ذلك الطفل الذي يتعرض لصدمات الحروب قد يصاب باضطرابات ما بعد الصدمة. إنَّ تلك المشاهد لا تُمحى أبدًا من ذاكرة الطفل، وتؤثر على طبيعة تعامله مع الآخرين. بالإضافة إلى أنَّ الحروب تؤثر على البنية التحتية للدول؛ ما يؤثر على تعليم الأطفال وانخفاض التحصيل الدراسي، وفيما بعد ينعكس كل هذا على سلوكيات الأطفال، فتظهر عليهم سلوكيات مختلفة، مثل: العنف، والتمرّد، والعدوان، والعناد".

لكن وسط كل هذا نجد هناك من يقول: إن الأطفال الفلسطينيين قد اعتادوا ذلك الوضع، وأصبحوا أقل تأثرًا به. ويقول الأستاذ باسم، عن هذا الموضوع،: "ما يُقال عن عدم تأثر الطفل الذي ينشأ في مثل هذه البيئات لهو جهل بيِّن. فما نراه من أطفال في حالة صمت أو عدم بكاء، إنما هو من آثار الصدمة والقلق والانسحاب المجتمعي. إن أطفال فلسطين بحاجة إلى تأهيل نفسي شامل وَفقًا لبرامج تربوية ونفسية، حتى لا ينمو لديهم شعور بالقلق والاضطرابات التي تتفاقم مع الوقت".

 

كيف ينكشف زيف العالم أمام الطفل؟

وسط كل تلك الانتهاكات الدولية للحروب يصطدم الأطفال بالواقع المرير، وبكَمّ القسوة في العالم، وأن الخير -غالبًا- لا ينتصر في النهاية، وأن كل تلك الدول التي يرونها على التلفاز والنجوم الذين يحبونهم هم سببٌ في زيادة العدوان عليهم.

يتعامل الأطفال مع تلك الصدمات بأساليب مختلفة، فمنهم من يلجأ لإيذاء النفس عندما يكبر، أو لمحاولات إنهاء الحياة، وغيرها.

إن العديد من الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاعات والحروب ويضطرون لترك منازلهم طوال الوقت، يفقدون عائلاتهم وأصدقاءهم؛ لذلك لا يستطيعون الاستقرار حتى لو تمكنوا يومًا من الحصول على منزل جديد.

فبينما يعاني العالم من ارتفاع نسب الطلاق، فإن الطفل الفلسطيني يعاني من أسوأ من ذلك بكثير، فهو سيفقد فردًا على الأقل من عائلته، كما أنه لن يستطيع تكوين صداقات.

إنّ رؤية الدمار والخراب الذي تخلفه الحرب- وخاصة بقايا المدارس التي كان يرتادها الأطفال- تساهم في تدهور صحتهم النفسية والاجتماعية، وتزيد من شعورهم بانعدام الأمان والقلق، ما يؤدي إلى نوبات من الأرق والكوابيس.

كذلك قد يميل أولئك الأطفال إلى العزلة، ويبتعدون عن أفراد أسرتهم، ويبدؤُون في الشعور بالعداء تجاه جميع الأشخاص؛ فالطفل يرغب في الانطلاق في بيئة مرحة تساعده على اللعب والقيام بأنشطة؛ لكن كيف يفعل هذا وهو في مستشفى، غير أن يغني " لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله"، على مرأى من الجثث من حوله، أو يقف ممسكًا بعُبُوَّة محلول لوالدته المُصابة؟

إنَّ تلك الحرب على فلسطين هدفها قتلُ أكبر عدد ممكن، وذلك العدد سيكون من الأطفال، وما تبقى منهم سوف يُتركون منعزلين ومنطوِين ولا يتفاعلون مع المجتمع.. هذه الحرب ستترك كل طفل فلسطيني لا يعرف من هي العائلة، ولا من هو الصديق..

لم يسلم الأطفال في غزة من العدوان الاسرائيلي (وكالات)

 

.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأطفال فی فی فلسطین کما أن کل هذا

إقرأ أيضاً:

أطفال المنيا يوجهون الشكر للقومي للطفولة في ختام معسكر "آفاق جديدة.. للناشئين"

صرحت الدكتورة سحر السنباطي رئيس المجلس القومي للطفولة والأمومة أن المجلس يسعي لدعم حقوق الأطفال وتحقيق المصلحة الفضلي له ، وأنه تم رفع وعي الناشئين بمعسكر " آفاق جديدة .. للنشء" من خلال الأنشطة بحقوق الطفل ، وأهداف المبادرة الرئاسية "بداية جديدة .. لبناء الإنسان" ، والتي جاءت بناءً على تكليفات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتنفيذ برامج وأنشطة وخدمات متنوعة تشمل كل الفئات العمرية، والتى كان للأطفال نصيبا كبيرا من الاهتمام ضمن مبادرات " بداية جديدة " .

وأوضحت " السنباطي" أن التدريبات تمت في شكل مجموعات عمل تفاعلية من خلال تنفيذ أنشطة لا صفية تعتمد على الفكر والإبداع والترفيه والمشاركة ، ويتضمن التدريب المكون القيمي ومكون المهارات والمكون المعرفي والذي يتم من خلاله التركيز على تغيير أنماط التفكير السلبي ، وكيفية تحويله إلى تفكير ايجابي وتعديل الحالة السلوكية للناشئين، بالإضافة إلى تنفيذ أفكار بطريقة أكثر إيجابية تؤدي إلى إبراز السلوكيات المفيدة التى تبدأ بتغيرات بسيطة وتنتهى بتغيرات جذرية مما يجعل المراهق مع مرور الوقت يصبح شخصاً أكثر قدرة على التكيف والتغيير للأفضل .

وفي ختام المعسكر وجه الأطفال المشاركين وأولياء أمورهم رسالة شكر وتقدير  للمجلس القومي للطفولة والأمومة على إتاحة هذه الفرص لهم بالمشاركة في فعاليات المعسكر للاستفادة والتعبيرعن أرائهم وعرض كل مشكلاتهم واحتياجاتهم بالعديد من الطرق والأساليب كما تناولت الحلول والمقترحات لكافة المشكلات ، وأعرب الأطفال المشاركين في الأنشطة عن سعادتهم بالإنضمام لأنشطة المجلس والتي أكسبتهم الدعم والثقة بأنفسهم ، وأكدت على أن لهم تأثير مهم على المستقبل ، وكذلك دور فعال في المجتمع والأسرة ومع اقرانهم من خلال نقل الخبرات لهم ، مؤكدين علي رغبتهم في استمرار تواصلهم مع المجلس والمشاركة في كافة الفعاليات والأنشطة التي يتم تنفيذها مستقبلا ، وقدم الأطفال العديد من الأنشطة الفنية داخل المجموعات منها الغناء ، والتمثيل ، والإلقاء ، والشعر ، وغيرها .

وطالبت هنادي على الله مدير برنامج رعاية ودمج النشء والمراهقين الأطفال المشاركين في المعسكر بضرورة الاستفادة من كافة الخدمات التي يقدمها المجلس القومي للطفولة والأمومة وآليات الحماية ومنها لجان حماية الطفل على مستوى الجمهورية ، والإبلاغ عن حالات الأطفال في خطر من خلال منظومة نجدة الطفل ١٦٠٠٠ وغرفة المشورة الأسرية والدعم النفسي بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، والتي يمكن التواصل معها من خلال خط نجدة الطفل علي الرقم١٦٠٠٠ علي مدار اليوم وطوال الأسبوع، أو من خلال الواتس آب علي الرقم 01102121600 .

والجدير بالذكر أن معسكر " آفاق جديدة.. للنشء " شارك فيه ١٠٠ طفل من مختلف الفئات بالمدارس " العامة والتجريبي لغات " ، ومدارس الأقباط والمعاهد الأزهرية ، وذوي الإعاقة من مدارس التربية الخاصة ، أطفال منتدى الطفل المصري "، في المرحلة العمرية من 12-17 سنة، وأعرب الأطفال المشاركين عن سعادتهم بالانضمام للمعسكر التدريبي والترفيهي، الذي ينظمه المجلس القومي للطفولة والأمومة ضمن أنشطة برنامج رعاية ودمج النشء واحتفالا باليوم العالمي للطفل ، بالتعاون مع محافظة المنيا ، والوحدة العامة  لحماية الطفل بالمحافظة ، ووزارة التربية والتعليم ووزارة التضامن الاجتماعي، ووزارة الشباب والرياضة، والأزهر الشريف ، ومكتبة مصر العامة بالمنيا ، ومنظمات المجتمع المدني .

IMG_2869 IMG_2868 IMG_2870 IMG_2866

مقالات مشابهة

  • الأطفال في السودان مأساة تحت نيران الحرب.. 2.3 مليون يصارعون الجوع
  • في يوم الطفل العالمي.. أطفال فلسطين ولبنان يعيشون أوضاعاً مأساوية جراء العدوان الصهيوني
  • «اليونيسيف»: مستقبل أطفال العالم في خطر
  • يوم الطفل العالمي.. تقرير فلسطيني عن الأطفال المعتقلين لدى إسرائيل
  • وسط تشريد وتجويع و استشهاد أطفال غزه : العالم يحتفل باليوم العالمي للطفل!!
  • أطفال فلسطين في عيون «حمزة» المصري.. «أبطال خارقون يتعلم منهم الصبر»
  • في اليوم العالمي للطفل.. الصغار في غزة محرومون من حقوقهم الأساسية
  • أطفال المنيا يوجهون الشكر للقومي للطفولة في ختام معسكر "آفاق جديدة.. للناشئين"
  • والعالم يحتفل بيوم الطفل .. أطفال اليمن وغزة ولبنان نموذج لأبشع الجرائم الإنسانية التي ارتكبتها أمريكا والعدو الصهيوني في ظل صمت دولي (تفاصيل)
  • في يوم الطفل العالمي.. تقرير فلسطيني يسلط الضوء على أعداد الأطفال المعتقلين لدى الاحتلال