أنا حنظلة.. وما زلت طفلاً: مأساة أطفال فلسطين
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
(دماء – جراح – آلام)، ثلاث كلمات بسيطة تلخّص حياة الأطفال في فلسطين، ومعاناتهم بسبب العنف المفرط الذي تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيليّ. أوضاع صعبة يعيشها الشعب الفلسطينيّ؛ وخاصة الأطفال الذين يشكّلون نصف تَعداد سكانه، حَسَب ما ذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
مشاهد تخطف الأنفاس وتدمي القلوب: طفل مصاب يلقن أخاه الشهادة، أُمّ تبكي: "ولادي ماتوا بدون ما يأكلوا "، وأب يحمل أشلاء أبنائه في كيس، ويصرخ: "أبنائي ماتوا"، وآخر يبكي ابنته التي كان يرغب في الاحتفال بعيد مولدها، وملامح يوسف التي عرفها العالم بعد وصف أمّه: "شعره كيرلي وأبيضاني وحلو".
مَشهدُ الأمهات وهنّ يكتبن أسماء أطفالهنّ على الأرجل والأيادي حتى يستطيع الأهل التعرّف على جثث أولادهم التي ينتهي بها الأمر عادةً إلى أشلاء، أو حتّى تجمعهم العائلاتُ بكفن واحد؛ نظرًا لقلّة الأكفان، وأطفال يكتبون وصِيَّاتهم. فأي طفل في العالم هذا الذي يكتب وصيته؟
الأطفال في فلسطين يعرفون في دواخلهم أنهم لا يكبرون، وهذا ما صرَّح به أحد الأطفال عندما سأله أحد المذيعين: ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟ فأخبره: "إحنا في فلسطين مانكبرش، إحنا في أي لحظة ممكن ننطخ، ممكن نموت، وإحنا ماشيين نلاقي حالنا مطخوخين، هيك الحياة في فلسطين".
هكذا هي حياة الأطفال في فلسطين، والأمر ليس جديدًا؛ فإذا استطعنا أن نلقي نظرة على تاريخ الكفاح الفلسطيني فسنجد أن هناك رمزًا لكل ذلك البؤس الطفولي مُجسد في "حنظلة".
حنظلة رمزًا للمرارةحنظلة شخصية كاريكاتيرية رسمها الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي وسط يأسه، وهو طفل رثّ الثياب، حافي القدمين، يدير ظهره دائمًا للعالم وكأنه يدعو المشاهد ليرى ما يراه. حسب الفنان ناجي العلي فحنظلة وُلِدَ في العاشرة من عمره، كما أنه سيظل في العاشرة أيضًا، يراقب حنظلة وحشية الاستعمار الاستيطاني، ويكشف الطبيعة القاتلة للتجربة الصهيونية. لكنه يكشف أيضًا عن محنة المضطهدين في المنطقة، سواء كان ذلك بسبب القمع الذي يمارسه عليهم الطغاة المحلّيون، أو من قبل أكبر مموّل للعنف في العالم: الولايات المتّحدة.
ليست شخصية حنظلة هي الوحيدة التي رافقت رسومات ناجي العلي، فهناك أيضًا شخصية فاطمة الأمّ القوية التي تجسّد العبء الذي تتحمله النساء في المقاومة ضد الاحتلال.
إنّ حنظلة شخصية حاضرة دائمًا في الأذهان، لكن أن نراها كل يوم على منصّات التواصل الاجتماعي- تتجسد في مليون وجه وصورة لأطفال يلعبون لعبة الشهيد، أو طفل يسأل الأطباء: "أنا لساتي حي؟"- لهو انتهاك سافر لكل حقوق الطفل والإنسان. ولا يصدر هذا إلا عن قوى غاشمة لا تخشى شيئًا.
ووسط كل هذا نجد هناك من يشيد بجسارة الأطفال الفلسطينيين، وقدرتهم على التحمّل، وقوتهم وعزيمتهم وإيمانهم! لكن هل يمكن لطفل أن يتحمل كل هذا؟
يقول الأستاذ باسم نجدي – استشاري الصحة النفسية، والحاصل على درجة الماجستير في الصحة النفسية، والشهادة المهنية لتعزيز نمو الأطفال من هيئة بيرسون البريطانية- عن تأثير الحروب على الأطفال: "إن ما يمرّ به الطفل على مدار حياته يؤثر على نموّه النفسي والعقلي أيضًا؛ فيتأثر الطفل بما يحدث من حروب وأحداث دموية وانتهاكات، وقد يسبب ذلك له اضطرابات الخوف والقلق والاكتئاب، كما أنه بالطبع يؤثر على النمو العقلي والعاطفي. فالأطفال الذين ينشؤُون في بيئة كهذه نستطيع ملاحظة بعض الاضطرابات عليهم، مثل: اضطرابات النوم، وظهور حالات التبول اللا إرادي، كما أن ذلك الطفل الذي يتعرض لصدمات الحروب قد يصاب باضطرابات ما بعد الصدمة. إنَّ تلك المشاهد لا تُمحى أبدًا من ذاكرة الطفل، وتؤثر على طبيعة تعامله مع الآخرين. بالإضافة إلى أنَّ الحروب تؤثر على البنية التحتية للدول؛ ما يؤثر على تعليم الأطفال وانخفاض التحصيل الدراسي، وفيما بعد ينعكس كل هذا على سلوكيات الأطفال، فتظهر عليهم سلوكيات مختلفة، مثل: العنف، والتمرّد، والعدوان، والعناد".
لكن وسط كل هذا نجد هناك من يقول: إن الأطفال الفلسطينيين قد اعتادوا ذلك الوضع، وأصبحوا أقل تأثرًا به. ويقول الأستاذ باسم، عن هذا الموضوع،: "ما يُقال عن عدم تأثر الطفل الذي ينشأ في مثل هذه البيئات لهو جهل بيِّن. فما نراه من أطفال في حالة صمت أو عدم بكاء، إنما هو من آثار الصدمة والقلق والانسحاب المجتمعي. إن أطفال فلسطين بحاجة إلى تأهيل نفسي شامل وَفقًا لبرامج تربوية ونفسية، حتى لا ينمو لديهم شعور بالقلق والاضطرابات التي تتفاقم مع الوقت".
كيف ينكشف زيف العالم أمام الطفل؟
وسط كل تلك الانتهاكات الدولية للحروب يصطدم الأطفال بالواقع المرير، وبكَمّ القسوة في العالم، وأن الخير -غالبًا- لا ينتصر في النهاية، وأن كل تلك الدول التي يرونها على التلفاز والنجوم الذين يحبونهم هم سببٌ في زيادة العدوان عليهم.
يتعامل الأطفال مع تلك الصدمات بأساليب مختلفة، فمنهم من يلجأ لإيذاء النفس عندما يكبر، أو لمحاولات إنهاء الحياة، وغيرها.
إن العديد من الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاعات والحروب ويضطرون لترك منازلهم طوال الوقت، يفقدون عائلاتهم وأصدقاءهم؛ لذلك لا يستطيعون الاستقرار حتى لو تمكنوا يومًا من الحصول على منزل جديد.
فبينما يعاني العالم من ارتفاع نسب الطلاق، فإن الطفل الفلسطيني يعاني من أسوأ من ذلك بكثير، فهو سيفقد فردًا على الأقل من عائلته، كما أنه لن يستطيع تكوين صداقات.
إنّ رؤية الدمار والخراب الذي تخلفه الحرب- وخاصة بقايا المدارس التي كان يرتادها الأطفال- تساهم في تدهور صحتهم النفسية والاجتماعية، وتزيد من شعورهم بانعدام الأمان والقلق، ما يؤدي إلى نوبات من الأرق والكوابيس.
كذلك قد يميل أولئك الأطفال إلى العزلة، ويبتعدون عن أفراد أسرتهم، ويبدؤُون في الشعور بالعداء تجاه جميع الأشخاص؛ فالطفل يرغب في الانطلاق في بيئة مرحة تساعده على اللعب والقيام بأنشطة؛ لكن كيف يفعل هذا وهو في مستشفى، غير أن يغني " لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله"، على مرأى من الجثث من حوله، أو يقف ممسكًا بعُبُوَّة محلول لوالدته المُصابة؟
إنَّ تلك الحرب على فلسطين هدفها قتلُ أكبر عدد ممكن، وذلك العدد سيكون من الأطفال، وما تبقى منهم سوف يُتركون منعزلين ومنطوِين ولا يتفاعلون مع المجتمع.. هذه الحرب ستترك كل طفل فلسطيني لا يعرف من هي العائلة، ولا من هو الصديق..
.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأطفال فی فی فلسطین کما أن کل هذا
إقرأ أيضاً:
تحذير للآباء.. 80% من حالات غرق الأطفال تحدث في المنازل
"حيثما وُجد الماء وُجد خطر الغرق، خاصة للأطفال الصغار"، كان هذا عنوان تقرير الصليب الأحمر الأميركي بشأن الوقاية من الغرق، والذي أشار إلى أن 87% من وفيات الغرق في الولايات المتحدة لدى الأطفال دون سن الخامسة تحدث في مسابح منزلية أو أحواض استحمام، واعتبر أن عدم الحصول على دروس السباحة يأتي في مقدمة أسباب زيادة وفيات الأطفال غرقا.
ومع أن الماء بالنسبة لمعظم الأطفال يعني المتعة واللعب والمغامرة -سواء في حمام السباحة أو البحر- لكنه يمكن أن يكون سببا في غرق طفل صغير في حوض الاستحمام.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف تحمي طفلك من ضربة الشمس والإجهاد الحراري؟list 2 of 2ثلاث أمهات قطريات يحوّلن الألم إلى أمل ويؤسسن منصة "أهالي التوحد"end of listفوفقا لمنظمة الصحة العالمية، هناك نحو 300 ألف وفاة غرق سنويا حول العالم يمثل الأطفال دون سن الخامسة ما يقارب ربعها.
ويصنف الغرق في معظم دول العالم من بين الأسباب الثلاثة الأولى للوفاة الناجمة عن الإصابات غير المتعمدة، مع أعلى المعدلات بين الأطفال دون سن الخامسة.
وبحلول موسم الصيف تتكرر تنبيهات الخبراء بأهمية وجود إجراءات سلامة للسباحة، والتحذير من أن الغرق قد يحدث أسرع وأهدأ بكثير مما نتصور، وأن إهمال إشراف الكبار حتى لفترات قصيرة جدا يعد عاملا رئيسيا في غرق الأطفال.
الغرق المفاجئفي مقطع فيديو قصير نشرته على موقع إنستغرام في مايو/أيار الماضي قالت الدكتورة ميغان مارتن اختصاصية طب طوارئ الأطفال "إن الغرق يعد سببا رئيسيا لوفاة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة و4 سنوات، ولا أحد يتوقع أنهم سيموتون حتى تقع المأساة".
وأضافت أن "الأمر ليس كما نشاهده في الأفلام، فهو صامت، صامت تماما، لا يوجد أي اهتزاز أو صراخ، إنه مجرد انزلاق الأطفال في الماء، وهذا هو الصوت الوحيد تقريبا".
ويحذر الخبراء من أن "الغرق المفاجئ يحدث في ثوان قد يستغرقها نظر أحد الأبوين إلى الهاتف أو نهوضه لفتح الباب".
وليست المسابح وحدها التي تشكل خطرا، فهناك سقوط الصغار "في أشياء مثل الدلاء والمبردات التي تحتوي على مياه يصل عمقها إلى بوصتين"، وفقا لما ذكره موقع "ذا هيلثي".
أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) تقريرا مهما في عام 2024 بشأن وفيات الغرق غير المتعمد في الولايات المتحدة.
إعلانوأظهر التقرير أن الأغلبية العظمى (80%) من حالات غرق الأطفال حدثت في المنازل، وهو ما يعني أن 4 من كل 5 أطفال (معظمهم تقل أعمارهم عن 7 سنوات) غرقوا في حمام سباحة منزلهم أو في حمام سباحة صديق أو جار أو أحد الأقرباء.
وهو ما أرجعته الدكتورة ليانا وين طبيبة الطوارئ والأستاذة المساعدة في جامعة جورج واشنطن إلى سببين، بحسب موقع "سي إن إن":
السبب الأول هو أن المسابح الخاصة في المنازل لا يخصص لها شخص معيّن مهمته مراقبة سلامة الموجودين في الماء أو بالقرب منه.وفي بعض الأحيان يشرف الأطفال الأكبر سنا على الأطفال الأصغر سنا، لكنهم لا يراقبونهم دائما، وحتى عندما يشرف الكبار فإنهم يكونوا مشغولين بمهام أخرى، بالإضافة إلى أن بعض من يراقبون الأطفال قد يكونون لا يجيدون السباحة.
السبب الثاني هو الشعور الزائف بالأمان في الأماكن السكنية، حيث يعتقد معظم الناس أن المسبح صغير أو ليس عميقا جدا، أو أن هناك الكثير من الأشخاص حوله، وبالتالي لن يحدث شيء رغم أن الأطفال الصغار يمكن أن يغرقوا في بوصات قليلة من الماء، كما يمكن أن تحدث إصابة خطيرة أو وفاة في غضون 30 ثانية، وغالبا ما تكون حالات الغرق صامتة لأن الضحية غير قادر على طلب المساعدة.تقول الدكتورة وين إن أفضل 5 إجراءات السلامة هي:
عدم ترك الأطفال أبدا بالقرب من أي مسطح مائي دون إشراف من شخص بالغ مسؤول يجيد السباحة جيدا ليتمكن من القفز في المسبح وإنقاذ الطفل إذا لزم الأمر، وأن يكون قادر على رؤية الطفل دائما، وألا ينشغل بالأعمال المنزلية أو الهاتف حتى لو كان الطفل يجيد السباحة أو يرتدي عوامة أو كان المسبح ضحلا أو صغيرا. يجب أن يكون المسبح محاطا بسياج آمن للأطفال، وأن يكون مزودا بمزلاج ذاتي الإغلاق بعيدا عن متناول الأطفال، وأن يكون ارتفاعه 4 أقدام على الأقل. أيضا، إذا كان لديك مسبح فكن حذرا جدا قبل السماح للآخرين باستخدامه، وإذا أراد أطفال جيرانك السباحة في مسبحك يجب أن يرافقهم شخص بالغ تنطبق عليه الشروط التي سبقت الإشارة إليها. اغتنام كل فرصة للتنبيه على الطفل بعدم السباحة بمفرده أبدا، وطلب الإذن دائما قبل النزول إلى الماء، وعدم الغوص برأسه في المسطحات المائية غير المعروفة. تعلّم الإنعاش القلبي الرئوي والإسعافات الأولية للرضع والأطفال والبالغين كأحد أهم إجراءات السلامة الإضافية. مزيد من الاحتياطاتولأن الغرق "لا يستغرق سوى ثوان" تشدد الدكتورة مارتن في مقطع الفيديو الخاص بها على ضرورة اتخاذ مزيد من الاحتياطات حول جميع أماكن السباحة، بما فيها:
وضع طبقات من الحماية بين الطفل والماء، مثل إقفال الأبواب، وأجهزة الإنذار، والأسوار المحيطة بالمسبح، وتغطية المسبح. تلّقي الأطفال دروسا لتعلم السباحة، و"الاهتمام بدروس السباحة للرضّع"، فوفقا لدراسة نشرت عام 2009 "انخفض خطر الغرق لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة و4 سنوات ممن شاركوا في دروس سباحة بنسبة 88% واكتسبوا مهارات الإنقاذ الأساسية، مثل السباحة في الماء والطفو على ظهورهم. توفير حاجز حماية إضافي، مثل "جهاز إنذار عائم للمسبح يرصد حركة المياه والأمواج في حال دخول طفل إليه"، وفقا لتوصية الدكتورة جينون ويسينا الطبيبة بمستشفى كليفلاند كلينك للأطفال. إعلان