الجزيرة:
2024-12-23@15:36:54 GMT

أنا حنظلة.. وما زلت طفلاً: مأساة أطفال فلسطين

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

أنا حنظلة.. وما زلت طفلاً: مأساة أطفال فلسطين

(دماء – جراح – آلام)، ثلاث كلمات بسيطة تلخّص حياة الأطفال في فلسطين، ومعاناتهم بسبب العنف المفرط الذي تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيليّ. أوضاع صعبة يعيشها الشعب الفلسطينيّ؛ وخاصة الأطفال الذين يشكّلون نصف تَعداد سكانه، حَسَب ما ذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

مشاهد تخطف الأنفاس وتدمي القلوب: طفل مصاب يلقن أخاه الشهادة، أُمّ تبكي: "ولادي ماتوا بدون ما يأكلوا "، وأب يحمل أشلاء أبنائه في كيس، ويصرخ: "أبنائي ماتوا"، وآخر يبكي ابنته التي كان يرغب في الاحتفال بعيد مولدها، وملامح يوسف التي عرفها العالم بعد وصف أمّه: "شعره كيرلي وأبيضاني وحلو".

مَشهدُ الأمهات وهنّ يكتبن أسماء أطفالهنّ على الأرجل والأيادي حتى يستطيع الأهل التعرّف على جثث أولادهم التي ينتهي بها الأمر عادةً إلى أشلاء، أو حتّى تجمعهم العائلاتُ بكفن واحد؛ نظرًا لقلّة الأكفان، وأطفال يكتبون وصِيَّاتهم. فأي طفل في العالم هذا الذي يكتب وصيته؟

الأطفال في فلسطين يعرفون في دواخلهم أنهم لا يكبرون، وهذا ما صرَّح به أحد الأطفال عندما سأله أحد المذيعين: ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟ فأخبره: "إحنا في فلسطين مانكبرش، إحنا في أي لحظة ممكن ننطخ، ممكن نموت، وإحنا ماشيين نلاقي حالنا مطخوخين، هيك الحياة في فلسطين".

هكذا هي حياة الأطفال في فلسطين، والأمر ليس جديدًا؛ فإذا استطعنا أن نلقي نظرة على تاريخ الكفاح الفلسطيني فسنجد أن هناك رمزًا لكل ذلك البؤس الطفولي مُجسد في "حنظلة".

 حنظلة رمزًا للمرارة

حنظلة شخصية كاريكاتيرية رسمها الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي وسط يأسه، وهو طفل رثّ الثياب، حافي القدمين، يدير ظهره دائمًا للعالم وكأنه يدعو المشاهد ليرى ما يراه. حسب الفنان ناجي العلي فحنظلة وُلِدَ في العاشرة من عمره، كما أنه سيظل في العاشرة أيضًا، يراقب حنظلة وحشية الاستعمار الاستيطاني، ويكشف الطبيعة القاتلة للتجربة الصهيونية. لكنه يكشف أيضًا عن محنة المضطهدين في المنطقة، سواء كان ذلك بسبب القمع الذي يمارسه عليهم الطغاة المحلّيون، أو من قبل أكبر مموّل للعنف في العالم: الولايات المتّحدة.

ليست شخصية حنظلة هي الوحيدة التي رافقت رسومات ناجي العلي، فهناك أيضًا شخصية فاطمة الأمّ القوية التي تجسّد العبء الذي تتحمله النساء في المقاومة ضد الاحتلال.

إنّ حنظلة شخصية حاضرة دائمًا في الأذهان، لكن أن نراها كل يوم على منصّات التواصل الاجتماعي- تتجسد في مليون وجه وصورة لأطفال يلعبون لعبة الشهيد، أو طفل يسأل الأطباء: "أنا لساتي حي؟"- لهو انتهاك سافر لكل حقوق الطفل والإنسان. ولا يصدر هذا إلا عن قوى غاشمة لا تخشى شيئًا.

ووسط كل هذا نجد هناك من يشيد بجسارة الأطفال الفلسطينيين، وقدرتهم على التحمّل، وقوتهم وعزيمتهم وإيمانهم! لكن هل يمكن لطفل أن يتحمل كل هذا؟

يقول الأستاذ باسم نجدي – استشاري الصحة النفسية، والحاصل على درجة الماجستير في الصحة النفسية، والشهادة المهنية لتعزيز نمو الأطفال من هيئة بيرسون البريطانية- عن تأثير الحروب على الأطفال: "إن ما يمرّ به الطفل على مدار حياته يؤثر على نموّه النفسي والعقلي أيضًا؛ فيتأثر الطفل بما يحدث من حروب وأحداث دموية وانتهاكات، وقد يسبب ذلك له اضطرابات الخوف والقلق والاكتئاب، كما أنه بالطبع يؤثر على النمو العقلي والعاطفي. فالأطفال الذين ينشؤُون في بيئة كهذه نستطيع ملاحظة بعض الاضطرابات عليهم، مثل: اضطرابات النوم، وظهور حالات التبول اللا إرادي، كما أن ذلك الطفل الذي يتعرض لصدمات الحروب قد يصاب باضطرابات ما بعد الصدمة. إنَّ تلك المشاهد لا تُمحى أبدًا من ذاكرة الطفل، وتؤثر على طبيعة تعامله مع الآخرين. بالإضافة إلى أنَّ الحروب تؤثر على البنية التحتية للدول؛ ما يؤثر على تعليم الأطفال وانخفاض التحصيل الدراسي، وفيما بعد ينعكس كل هذا على سلوكيات الأطفال، فتظهر عليهم سلوكيات مختلفة، مثل: العنف، والتمرّد، والعدوان، والعناد".

لكن وسط كل هذا نجد هناك من يقول: إن الأطفال الفلسطينيين قد اعتادوا ذلك الوضع، وأصبحوا أقل تأثرًا به. ويقول الأستاذ باسم، عن هذا الموضوع،: "ما يُقال عن عدم تأثر الطفل الذي ينشأ في مثل هذه البيئات لهو جهل بيِّن. فما نراه من أطفال في حالة صمت أو عدم بكاء، إنما هو من آثار الصدمة والقلق والانسحاب المجتمعي. إن أطفال فلسطين بحاجة إلى تأهيل نفسي شامل وَفقًا لبرامج تربوية ونفسية، حتى لا ينمو لديهم شعور بالقلق والاضطرابات التي تتفاقم مع الوقت".

 

كيف ينكشف زيف العالم أمام الطفل؟

وسط كل تلك الانتهاكات الدولية للحروب يصطدم الأطفال بالواقع المرير، وبكَمّ القسوة في العالم، وأن الخير -غالبًا- لا ينتصر في النهاية، وأن كل تلك الدول التي يرونها على التلفاز والنجوم الذين يحبونهم هم سببٌ في زيادة العدوان عليهم.

يتعامل الأطفال مع تلك الصدمات بأساليب مختلفة، فمنهم من يلجأ لإيذاء النفس عندما يكبر، أو لمحاولات إنهاء الحياة، وغيرها.

إن العديد من الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاعات والحروب ويضطرون لترك منازلهم طوال الوقت، يفقدون عائلاتهم وأصدقاءهم؛ لذلك لا يستطيعون الاستقرار حتى لو تمكنوا يومًا من الحصول على منزل جديد.

فبينما يعاني العالم من ارتفاع نسب الطلاق، فإن الطفل الفلسطيني يعاني من أسوأ من ذلك بكثير، فهو سيفقد فردًا على الأقل من عائلته، كما أنه لن يستطيع تكوين صداقات.

إنّ رؤية الدمار والخراب الذي تخلفه الحرب- وخاصة بقايا المدارس التي كان يرتادها الأطفال- تساهم في تدهور صحتهم النفسية والاجتماعية، وتزيد من شعورهم بانعدام الأمان والقلق، ما يؤدي إلى نوبات من الأرق والكوابيس.

كذلك قد يميل أولئك الأطفال إلى العزلة، ويبتعدون عن أفراد أسرتهم، ويبدؤُون في الشعور بالعداء تجاه جميع الأشخاص؛ فالطفل يرغب في الانطلاق في بيئة مرحة تساعده على اللعب والقيام بأنشطة؛ لكن كيف يفعل هذا وهو في مستشفى، غير أن يغني " لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله"، على مرأى من الجثث من حوله، أو يقف ممسكًا بعُبُوَّة محلول لوالدته المُصابة؟

إنَّ تلك الحرب على فلسطين هدفها قتلُ أكبر عدد ممكن، وذلك العدد سيكون من الأطفال، وما تبقى منهم سوف يُتركون منعزلين ومنطوِين ولا يتفاعلون مع المجتمع.. هذه الحرب ستترك كل طفل فلسطيني لا يعرف من هي العائلة، ولا من هو الصديق..

لم يسلم الأطفال في غزة من العدوان الاسرائيلي (وكالات)

 

.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأطفال فی فی فلسطین کما أن کل هذا

إقرأ أيضاً:

لماذا يعاني بعض الأطفال من صعوبة التعلم؟.. الأسباب والعلامات وطرق للتعامل

يعاني بعض الأطفال من صعوبة التعلم والتركيز أثناء المزاكرة، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على تحصيلهم الدراسي.

أسباب صعوبة التعلم عند الاطفال

وهناك العديد من الأسباب وراء صعوبة التعلم عند الأطفال، وفقا لما نشر في موقع “هيلث لاين” الطبي، ومن أبرزها ما يلي :

احذر تناولها بدون استشارة الطبيب .. مكملات غذائية تزيد من نسبة الإصابة بالسرطانكيف تحمي نفسك وأسرتك في الأجواء الشتوية الباردة؟.. 5 نصائح فعالة

الأسباب البيولوجية

ـ الوراثة: قد يكون لدى الطفل تاريخ عائلي يعاني من صعوبات التعلم.

ـ مشاكل أثناء الحمل أو الولادة: نقص الأكسجين أثناء الولادة، الولادة المبكرة، أو إصابة دماغية قد تؤثر على تطور الطفل.

ـ أمراض الجهاز العصبي: مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) أو عسر القراءة (Dyslexia).

الأسباب البيئية

ـ سوء التغذية: نقص الفيتامينات والمعادن الأساسية يؤثر على نمو الدماغ.

ـ التعرض للسموم: مثل الرصاص الموجود في البيئة أو المواد الكيميائية الأخرى.

ـ الحرمان الاجتماعي: نقص التحفيز الذهني أو العاطفي بسبب الإهمال أو العزلة.

الأسباب النفسية

ـ القلق أو التوتر: الضغط النفسي قد يؤثر على تركيز الطفل وقدرته على التعلم.

ـ التعرض للصدمات: مثل العنف المنزلي أو المشكلات العائلية.

الأسباب التربوية

ـ ضعف جودة التعليم: طرق التدريس غير المناسبة أو عدم توفر بيئة تعليمية ملائمة.

ـ كثرة الانتقال بين المدارس: مما يسبب انقطاعاً في عملية التعلم.

أسباب صعوبة اتعلم عند الاطفال وأبرز علاماتها وطرق التعامل معها

مشكلات طبية

ـ ضعف السمع أو البصر: قد يؤدي إلى صعوبة متابعة الدروس.

ـ اضطرابات النطق: مثل التلعثم أو صعوبات التعبير.

ـ الأمراض المزمنة: مثل الصرع أو اضطرابات الغدة الدرقية.

علامات صعوبات التعلم

ـ تأخر في الكلام أو المهارات الحركية.

ـ صعوبة فهم التعليمات.

ـ ضعف التركيز والانتباه.

ـ صعوبة في القراءة أو الكتابة أو الحساب.

التعامل مع الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم

ـ التشخيص المبكر من خلال استشارة أخصائيين.

ـ توفير دعم نفسي وعاطفي.

ـ اتباع طرق تعليمية مرنة ومناسبة لاحتياجات الطفل.

ـ تعزيز مهارات الطفل الاجتماعية والثقة بالنفس.

مقالات مشابهة

  • بتهمة الضلوع في زيجات أطفال.. توقيف المئات في الهند
  • توقيف أكثر من 400 شخص في الهند بتهمة الضلوع في زيجات أطفال
  • «كتاب الأمنيات».. عزف على وتر الخيال
  • «أدب الطفل في الإمارات».. كتاب جديد
  • ﻃﺮق وﻗﺎﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴﺮات الجوية
  • لماذا يعاني بعض الأطفال من صعوبة التعلم؟.. الأسباب والعلامات وطرق للتعامل
  • لاعبو زد يزورون أطفال مستشفى السرطان 57357|صور
  • طفلة تنام ليلا على عتبة روضة أطفال لتضمن مكانا
  • أطفال فلسطين.. فصول قاسية من الوحشية الصهيونية الرهيبة
  • دليل الأم الذكية في التعامل مع غضب الأطفال