عدن الغد:
2024-11-26@21:19:59 GMT

رهام قصة طفولة بصبغة هموم الكبار

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

رهام قصة طفولة بصبغة هموم الكبار

عدن((عدن الغد )) خاص

رهام طفلة صغيرة لايتجاوز عمرها سبع سنوات، تفترش أحد الأرصفة جوار سوق قات في العاصمة صنعاء وإلى جوارها جهازها الصغير لقياس الوزن، تشير إلى كل من يمر من جوارها أن يصعد فوق هذا الجهاز ليوزن نفسه مقابل مائة ريال تدفع ثمنا لقياس الوزن، تمتلك رهام ذكاء وحسن تصرف في الرد على التساؤلات أو الاستفسارات التي تطرح لها بخصوص عناء هذه المهمة والأسباب التي دفعتها إلى الرصيف  رغم طفولتها البريئة، والتي من المفترض أن تكون رهام في مثل هذا العمر الطفولي في حضن الرعاية والاهتمام ومدرسة رياض الأطفال لتعلم مهارات أساسية في النطق واللغة والحروف تمهيدا للدراسة الإبتدائية، لم تشفع براءة الطفولة وجمالها من خروج رهام إلى الشارع، والاختلاط مع الناس وسط زحام المارة، وتقلبات الطقس بين الشمس المتوهجة وبين البرودة والمطر لايقوى عليها جسم طفلة لم تشتد عودها ولم تتصلب سواعدها وعظمها بعد، مررت في اليوم الأول من أمامها فاشارت عليا ،وجبرا لخاطرها صعدت جهاز قياس الوزن التي تضعه أمامها، وأعطيتها ثمن ذلك الوزن ومشيت في طريقي، وفي اليوم التالي بادلتها أنا هذه المرة بالكلام موجها لها بعض التساؤلات المتماشية مع عقليتها ونفسياتها وأدخلت يدي إلى جيبي كي أعطيها الف ريال وهنا كانت المفاجأة، كانت بداية المفاجأة بالنسبة لي رفض رهام أخذ الالف ريال مني، سألتها بشغف لماذا بنتي الصغيرة لم تأخذي الفلوس؟  فكان ردها لانك لم توزن نفسك ليش خذ منك حرام، يا الهي بنت صغيرة في الشارع تقبع على الرصيف من الصباح حتى المساء بحثا عن الحصول على بعض المئات من الريالات وتحمل في عقلها مفاهيم الحلال والحرام.

وقيم وأخلاق وأدب نفتقرها في كثير من الناس الكبار ،ونزولا عند طلبها صعدت على جهازها الصغير ( قياس الوزن)  وأعطيتها الالف ريال فأخذتها مني، فعرفت بعد ذلك ان فهمها قد تبرمج على أن لاتأخذ من أحد فلوس مالم يوزن نفسه، وكأنها تريد أن تبتعد عن شيء اسمه التسول وسؤال الناس دون أي مقابل، وبنظر هذه الطفلة مادامت تشوف الناس يوزنوا بجهازها فلابأس أن تاخذ منهم فلوس ثمنا لذلك سواء كانت قليل أو كثير، حدقت عيناي على الصغيرة، سألتها من علمك لاتأخذي الفلوس من أحد الا اذا وزن نفسه؟  أجابت أمي  فقلت لها وين أمك؟  قالت في البيت، ولماذا ترسلك إلى الشارع؟  قالت من أجل حصل فلوس نشتري لنا دقيق نأكل ومصاريف وملابس أمي هيه اللي تشتري لنا هذه المطالب، وين أبوك؟  قالت في البيت مريض مايقدر يشتغل  أنا أشتغل وأخواتي، كم معك خوات؟  ثنتين وأخ أصغر مني، وماذا تشتغل أخواتك؟  واحدة منهن تشتغل مثلي معها جهاز للوزن وأختي الثانية تبيع فاين ولبان في الجولات، تعجبت بدهشة من ذكاء هذه الطفلة وقدرتها على الرد والاجابة على التساؤلات والاستفسارات الكثيرة التي طرحت عليها، وكأنها شابة أو شاب قد بلغ من العمر عشرين عام أو أكثر ،لاحظت عليها كذلك عند ردها نبرات صوتها واشارات وحركات يديها وهي تحكي لي قصة طفولتها على الرصيف ومعاناة أسرتها في الحصول على الرزق ومايسد حاجاتهم الغذائية ولبسهم وبعض مصاريفهم البسيطة، وبينما كنت في حوار مع هذه الطفلة مر من جوارنا رجل أربعيني، فسألني عن هذه الطفلة، رديت عليه ووضحت له حالها، فادخل يده إلى جيبه وأخرج خمسمائة ريال ليعطيها  للطفلة، لكن الطفلة  فاجأته برفضها لاخذ الفلوس، فاشرت عليه ان يعمل مثلما عملت ويوزن نفسه بالجهاز، فقد سبق لي نفس الموقف، فتبسم وصعد على ظهر الجهاز ليوزن نفسه ، فاخذت منه الفلوس بعد ذلك، فقال يالها من طفلة عجيبة ومحيرة من أبوها وأين بيتهم؟  رديت عليه لا أعرف فتوجه إلى صاحب مغسلة يغسلون بها القات وكان أمامنا وساله عن الطفلة، فرد عليه بان بيتهم يكون داخل هذه الحارة القريبة من السوق، وحينها أعطى رقمه لصاحب المغسلة وقال له من الضروري أن تعمل خير وتكلم أبو الطفلة يلحقني إلى المحل ، وبدوري سألت صاحب المغسلة من هذا الرجل؟  فاجاب تاجر ملابس يحب الخير ويتصدق على الفقراء والمساكين، وفي نيته الآن نكلم هذه الأسرة كي يلحق رب هذه الأسرة إلى عنده ليعطيه مبلغ من المال، هناك أسر جوعى وفي أشد المعاناة والألم، ورغم كل ذلك يحسبهم المجتمع أغنياء من التعفف، فمثل هذه الأسر يتوجب على المجتمع وأهل الخير النظر في أمرهم ومواساتهم والبذل لهم، وادخال الفرحة والسعادة إلى قلوبهم ، بدلا من وحشة القطيعة والتفرد والجفا والأنانية والانغلاق وحب الذات التي تصنع بين أبناء المجتمع الواحد  الحقد والحسد والتباغض ،وهنا يحسون الفقراء والمساكين والمحتاجين بعطف المجتمع وشفقته وتعاونه وإيثاره، وطفلة ذكية متخلقة متأدبة تحمل القيم والأمانة مثل رهام، بلاشك لم تأت هذه الصفات التي وجدناها في رهام من الفراغ، فخلفها حكاية قصة لأسرة كريمة تحمل نفس الصفات والقيم.

# علوي سلمان

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: هذه الطفلة

إقرأ أيضاً:

والدة تتواطأ مع القاتل: تفاصيل جريمة قتل الطفلة إيزابيلا في بريطانيا

لندن

توفيت الطفلة إيزابيلا ويلدون بعد شهور من التعذيب على يد صديق والدتها، سكوت جيف، في منطقة أنجليا البريطانية.

وكانت الطفلة، التي عاشت في جحيم من العنف، تظهر دائمًا وهي ترتدي معطفًا على الرغم من الطقس الدافئ، إضافة إلى نظارة شمسية كانت تغطي بها الكدمات التي ملأت جسدها ووجهها نتيجة للضرب المستمر. وأظهرت نتائج التشريح إصابتها بجروح خطيرة في رأسها وعنقها وجذعها وأطرافها، بالإضافة إلى كسور في معصميها وحوضها، كما كشفت التحاليل عن وجود آثار للكوكايين في دمها.

وفقًا لصحيفة “ديلي ميل”، كشفت التحقيقات أن والدتها، تشيلسي غليسون-ميتشل، التي كانت تعمل ممرضة حضانة، كانت على علم بالعنف الذي تتعرض له ابنتها، لكنها اختارت التواطؤ مع صديقها، رغم تحذيرات عائلتها. واستمرت في العيش معه، على الرغم من سجله الإجرامي وافتعاله للمشاكل بسبب تعاطي المخدرات.

اللحظة الأكثر مأساوية جاءت بعد وفاة الطفلة، حين حاولت الأم التخلص من الجثة، حيث لم تسعَ لطلب المساعدة الطبية، بل اشترت مجرفة بهدف دفن جثة ابنتها في غابة.

وفي النهاية، ألقت الشرطة القبض على الأم وصديقها بتهم القتل والقسوة على الأطفال، في حين لا تزال القضية قيد النظر في المحاكم.

مقالات مشابهة

  • أحمد بن محمد يفتتح معرض «الخمسة الكبار»
  • وفاة طفلة في أنقرة.. واعتقال الأم للاشتباه بتعذيبها
  • أحمد بن محمد يفتتح معرض "الخمسة الكبار" 2024
  • فوائد شرب الكمون قبل النوم.. ما الكمية المسموح بتناولها؟
  • صراعات العالم على مائدة «السبعة الكبار»
  • "الوجه الأوزمبي" يرفع الإقبال على حقن التجميل
  • ننشر مرافعة النيابة العامة في قضية قتل الطفلة جودي بالأقصر
  • فوائد تناول 3 تمرات يومياً في فصل الشتاء
  • سقوط تلميذة من أعلى درج منزل أسرتها في سوهاج
  • والدة تتواطأ مع القاتل: تفاصيل جريمة قتل الطفلة إيزابيلا في بريطانيا