ليست هذه الأزمة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تكون فيها الدبلوماسية الإماراتية متقدمة بسبع أو ربما عشر خطوات عن غيرها. ففي أزمة ما بعد هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 أظهرت الإمارات موقفاً واضحاً، معبرة عن تضامنها المطلق مع الأبرياء المدنيين من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. هذه قاعدة تنطلق منها ثوابت الدولة الإماراتية من مبدأ ما التزمت به أخلاقياً بتبني وثيقة الأخوة الإنسانية الموقعة في 2019، هذه القاعدة هي تأصيل لمبادئ المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فالإنسانية كل لا يتجزأ ومنها جاء وسيأتي كل موقف سياسي إماراتي دائماً وأبداً.
الرد الإسرائيلي القوي على هجوم الفصائل الإسلاموية الفلسطينية احتمل مخاطر تضمنت مساساً بالأمن القومي العربي. هنا أظهرت مصر موقفاً صريحاً تضمن (اللاءات الثلاث) لا للعدوان، ولا للتهجير، ولا لتصفية القضية الفلسطينية، وبما أن الموقف المصري والأردني يعبران عن الأمن القومي العربي فلم تتأخر القيادة السياسية الإماراتية بأعلى مستوياتها بما يمثله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من ثقل سياسي في دعم وتأييد القاهرة وعمّان، وبادر بحضوره الشخصي في قمة القاهرة للسلام، تأكيداً على رفض الإمارات لتصفية القضية الفلسطينية، والمطالبة بوقف الهجمات والعودة إلى ما قبل 7 أكتوبر ومنح المسار السياسي فرصة بحلّ الدولتين.
بعيداً عن الشرق الأوسط، وفي نيويورك يخوض الفريق الدبلوماسي الإماراتي جهداً استثنائياً لمحاولة إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، يتبنى وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة المحاصرين.
الأفعال الإماراتية السياسية لم تتأثر بكل المؤثرات الضاغطة من مختلف القوى الدولية، فلا سبيل غير إيقاف الحرب وعلى ذلك جاءت كلمة معالي ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، في ما جاء نصاً: «مجلس الأمن تأخر وقت حرب 1967 في اعتماد قرار لوقف الحرب ما ساهم في انطلاق أطول احتلال عسكري مستمر إلى يومنا هذا، ولا يجب أن نكرر ذلك»، وهنا مقطع عميق في مدلولات السياق التاريخي مع اللحظة الراهنة التي على المجتمع الدولي فيها أن يقوم بواجباته فلا يمكن تكرار الأخطاء كما لا يمكن ترك الحرب تدمر ما بنيّ من جسور تواصل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
مع كل هذا هبت رياح التشويش من تيارات الإسلام السياسي على المواقف الإماراتية وإن كانت هذه الرياح معتاداً هبوبها مع تصاعد أدخنة في الشرق الأوسط أو حتى في كوكب بلوتو فهذه الجماعات المأزومة ليس لديها سوى التشويش لتبرير هزائمها أمام قرارات إماراتية واضحة في رفضها القاطع للتوجهات المتطرفة، ما الجديد الذي ستضيفه الجماعات الإسلاموية في محاولاتها البائسة لتشويه الدور السياسي الإماراتي؟
لن تنجح التقارير المغلوطة ولا حتى الهجمات الإلكترونية في تضليل الرأي العام الذي بات يدرك أن هذه الحملات الموسمية التي تهب مع أدخنة الحروب والصراعات اعتادت عليها الإمارات وهي لا تلتفت إليها وتتركها، فلديها ما يشغلها مما ينفع الناس.
من الملائم النظر باحترام إلى هذه السياسات الواضحة والتي لا تتأثر بالحملات المناهضة، مواجهة خطاب الكراهية ونبذ العنف بكل أشكاله منهج حقق للمنطقة الكثير، فلولا سياسة الإمارات الحكيمة بمدّ الجسور لما انخفض معدل التوترات التي عاش فيها هذا الجزء من العالم على مدار عقود طويلة، التزمت الإمارات في مكافحة الإرهاب بالأفعال لا بالأقوال بمشاركة فاعلة في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم «داعش» في العراق وسوريا وتنظيم «القاعدة» و«الحوثيين» في اليمن، هذه الجهود لم تكن لتحدث لولا إيمان صادق بمبادئ الاعتدال والوسطية التي تتمثل في المواقف الصعبة والتي تتعالى فيها الإمارات فوق أدخنة الكراهية التي تذهب بها الرياح أمام ما ينفع الناس فيبقى في الأرض.
* كاتب يمني
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات
إقرأ أيضاً:
يوم الطبيب الإماراتي.. فخر واحتفاء بحماة صحة المجتمع
سامي عبد الرؤوف، هدى الطنيجي (أبوظبي)
تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الثلاثاء، بيوم الطبيب الإماراتي الذي يصادف الحادي عشر من شهر مارس الجاري، حيث تخصص الدولة هذا اليوم للاحتفاء بأبنائها المخلصين من الأطباء ودعم مسيرتهم وتسليط الضوء على جهودهم وإبراز فخر الوطن بهم. ويجسد هذا الحدث، التوجيهات الحكيمة والرؤى الاستراتيجية للقيادة الرشيدة التي تطمح إلى تحقيق الريادة والتنافسية في جميع القطاعات وعلى رأسها قطاع الرعاية الصحية.
ويوم الطبيب الإماراتي هو فعالية سنوية للاحتفاء بمسيرة وجهود الأطباء الإماراتيين ودورهم الحيوي في المجتمع، ويهدف إلى تكريم الأطباء المواطنين الذين يثبتون يوماً بعد يوم كفاءتهم في تقديم أفضل الخدمات العلاجية للمرضى، وتفانيهم في القيام بدورهم الإنساني في الحفاظ على صحة أفراد المجتمع. وتطلق الجهات الصحية الحكومية والخاصة في هذا اليوم فعاليات ومبادرات تفاعلية لدعم مسيرة الأطباء المواطنين، والاحتفاء بجهودهم وتكريمهم والإشادة بفضلهم ودورهم الإنساني النبيل.
وتتضمن فعاليات العديد من الجهات الصحية، استعراض الإنجازات الطبية النوعية والبارزة التي حققتها الطواقم الطبية، كما يستعرض عدد من الأطباء تجاربهم الطبية المتميزة. وتركز هذه الفعاليات على تقدير جهود الأطباء الإماراتيين المضنية لبناء مستقبل دولة الإمارات، وإبراز الدور الإنساني والأساسي لهم في المجتمع، من خلال تحسين القطاع الصحي في دولة الإمارات، مما ساهم في الحفاظ على مكانة الإمارات الرفيعة في المؤشرات الصحية العالمية. وتدعم دولة الإمارات بشكل مستمر الأطباء الإماراتيين لمساعدتهم في أداء مهامهم على أكمل وجه، وتوفير بنية تحتية مناسبة لمساعدة الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية على صقل مهاراتهم الطبية.
وتتمتع الكفاءات الطبية الإماراتية بثقة المجتمع في قدراتهم، ودورهم البارز في إنشاء نظام رعاية صحية مستدام، ويتسمون ببذل جهود كبيرة هي مصدر طمأنينة وثقة لفئات المجتمع، وصنعت الفارق في تعزيز قدرات الدولة ومواصلة تقديم الخدمات الصحية وفق أرقى المعايير العالمية.
فخر الوطن
بهذه المناسبة، قال معالي عبد الرحمن بن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع: نحتفي بيوم الطبيب الإماراتي؛ تقديراً لكوادرنا الطبية المتميزة والإشادة بعطائهم المهني والإنساني المستمر، وتجسيد فخر الوطن بإخلاصهم وحرصهم على صحة وسلامة المجتمع، بما يعكس التزامهم العميق بتقديم أرقى مستويات الرعاية الصحية، مستثمرين خبراتهم وكفاءاتهم في خدمة الوطن والإنسان».
وأشار معاليه إلى توجيهات ودعم القيادة الحكيمة للقطاع الصحي، إيماناً منها بأهمية إرساء منظومة صحية متكاملة على أتم جاهزية وزاخرة بالإمكانات وعوامل التميز، والتي هيأت بيئة محفزة وداعمة للكوادر الصحية من المواطنين لبذل طاقاتهم وجهودهم المخلصة، مما صنع الفارق في ترسيخ المكانة التنافسية للدولة بجميع المؤشرات الصحية العالمية.
وأعرب عن فخر الوزارة بجميع الأطباء في الدولة، الذين يجسدون النبل والأخلاق المهنية السامية في عملهم اليومي، مؤكدين دورهم الحيوي في حماية الصحة العامة، مشيراً إلى أن تميز أطبائنا المواطنين يشكل نموذجاً ملهماً للأجيال القادمة، ليواصلوا مسيرة التميز في القطاع الصحي، وتحقيق رؤية الإمارات نحو مجتمع ينعم بالصحة والسعادة.
وأكد أن أطباء الإمارات يشكلون مرتكزاً لمبادرات الوزارة في «عام المجتمع» لتقديم الخدمات الصحية المجتمعية، وتعزيز جودة الحياة، مما يسهم في إرساء مجتمع صحي متماسك ومستدام.
منظومة متكاملة
بدوره، أكد الدكتور يوسف محمد السركال، المدير العام لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، أن القيادة الرشيدة تدعم القطاع الصحي، وتوفر له كل مقومات الريادة، مما جعله بأفضل مستويات الرعاية الصحية والخدمات الطبية، وفق المعايير العالمية. وأشار، في كلمة بمناسبة يوم الطبيب الإماراتي، إلى أن حكومة دولة الإمارات أرست منظومة صحية متكاملة على أتم الجاهزية وزاخرة بالإمكانات وعوامل التميز، وهيأت بيئة محفزة وداعمة للكوادر الصحية من المواطنين لبذل طاقاتهم وجهودهم، مما صنع الفارق الذي جعل الدولة بهذا المستوى من الكفاءة في التعامل مع التحديات الصحية.
وقال: «إن المنجزات التي تحققت، خلال السنوات القليلة الماضية، كفيلة بتحفيز الجهود نحو مواصلة تعزيز أنماط الحياة الصحية وجودة خدمات الرعاية لمختلف فئات المجتمع، والاستمرار في تطوير برامج الصحة العامة، وتطوير الخدمات العلاجية، وضمان شموليتها وتكاملها وتحقيق الكفاءة والتنافسية المطلوبة».
وأضاف: «يوم الإمارات الطبي يعتبر حدثاً مهماً لإبراز الدور الكبير لقطاع خدمات الرعاية الصحية في الحفاظ على صحة وسلامة أفراد المجتمع، وتحقيق جودة الحياة».
دعم غير محدود
قالت الدكتورة نهاد عبد الرزاق كاظم البستكي، استشاري الأشعة التشخيصية والتداخلية للثدي في معهد برجيل للأورام: «في يوم الطبيب الإماراتي، أقول شكراً لقيادتنا الرشيدة وحكومتنا وقادة القطاع الصحي بالدولة على دعمهم غير المحدود للطبيب الإماراتي، وهذا ليس بجديد عليهم فمنذ عهد المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، حظينا بكامل الدعم، وذللت لنا الصعوبات والتحديات لنكون متميزين في جميع المجالات، منذ بداية دراستي للتخصص الطبي حظيت بدعم غير محدود من دولتي وبتشجيع متواصل خلال رحلة دراستي وابتعاثي حتى عدت إلى أرض الوطن، وأفتخر بنفسي كوني أول طبيبة إماراتية تخصصت في طب أشعة تصوير الثدي والأشعة التداخلية، وهو من التخصصات الدقيقة النادرة، كنت أشعر بفخر كوني أمثل دولتي في الخارج، وأن نكون سفراء بعاداتنا وتقاليدنا في بريطانيا، وخصوصاً كإماراتيات حظينا بكل التشجيع لاستكمال دراستنا، كما أحاطتنا وزارة الصحة بالتمكين والدعم المتواصل، وبفضلهم رسخوا فينا حب التميز، ودعمونا لنصبح قادة إداريين».
قدرات عالية
قال الدكتور راشد عبيد السويدي، المدير العام لمركز أبوظبي للصحة العامة: في ظل ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض، مثل الحصبة والإنفلونزا والسل حول العالم، تبرز اليوم أهمية امتلاك أنظمة صحية مرنة قادرة على التعامل مع الحوادث. وقد نجحت الإمارات بالفعل في بناء قدرات عالية الكفاءة للتصدي لمختلف الأزمات الصحية؛ بفضل الدور الفاعل للأطباء الإماراتيين في ضمان صحة الأفراد والمجتمع ككل ومهاراتهم الاستثنائية في الوقاية من أزمات الصحة العامة والاستجابة لها بكفاءة والتعافي من تحدياتها، وبمناسبة الاحتفاء بيوم الطبيب الإماراتي الذي يصادف 11مارس من كل عام، وضمن فعاليات أسبوع أبوظبي العالمي للصحة سنحظى بفرصة قيّمة لإلقاء الضوء على إنجازاتهم، بينما نلتقي لبناء مستقبل مرن وصحي للجميع.
أبطال الميدان
من جهته، قال الدكتور محمد سليم العلماء، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع: إن دولة الإمارات تحتفي في يوم الطبيب الإماراتي بأبطال الميدان الصحي الذين يواصلون بذل الجهود لحماية صحة المجتمع، والارتقاء بجودة حياة المرضى.
وأضاف: «برهن الأطباء الإماراتيون على التزامهم الراسخ بالمسؤولية تجاه وطنهم ومجتمعهم، وساهموا بمهاراتهم وعلمهم في تطوير منظومة الرعاية الصحية وفق أعلى المعايير العالمية، وستظل جهودهم المستمرة تعكس رؤية الإمارات في بناء قطاع صحي متقدم قادر على مواجهة التحديات بكفاءة ومرونة، مرتكزاً على سياسات داعمة وبيئة عمل تحفّز الابتكار والتميز». وأكد أن هذا اليوم يشكل محطة بارزة لتقدير العطاء الاستثنائي الذي يقدمه الأطباء، وحافزاً لاستدامة تعزيز الاستثمار في الكوادر الطبية، من خلال التطوير والتدريب المستمر، وتوفير أحدث التقنيات التي تمكنهم من أداء رسالتهم بكفاءة ودقة، مشيراً إلى أن جهود الدولة في تمكين الأطباء وتطوير إمكاناتهم تسهم في تحقيق نقلة نوعية في الخدمات الصحية، وترسّخ مكانة الإمارات مركزاً ريادياً في الطب الحديث، فكل الشكر والتقدير لكل طبيب جعل من مهنته رسالة إنسانية، وأسهم في تعزيز جودة الحياة وصناعة مستقبل صحي مستدام.
نجاح وتميز
قال عوض صغير الكتبي، المدير العام لهيئة الصحة في دبي: إن «الطبيب الإماراتي يحظى باهتمام ورعاية من قيادتنا الحكيمة؛ لأنه استثمار في الحاضر والمستقبل، ويعكسون الروح الإماراتية الأصيلة، من خلال عملهم الدؤوب وعطائهم المهني والإنساني، حفاظاً على صحة أفراد مجتمعنا».
ولفت إلى أن نجاح وتميز الطبيب في الإمارات يلهم ويحفز الأجيال القادمة من الأطباء ليواصلوا هذه المسيرة المشرفة.
ضمان
أشار إلى الدور الرئيسي الذي يؤديه الطبيب الإماراتي في الارتقاء بالنظام الصحي، وضمان الصحة والرفاهية لجميع أفراد المجتمع، مؤكداً أن الجهات الصحية تعمل على صناعة مستقبل يزدهر فيه الابتكار الطبي، وتتوطد فيه مكانة الإمارات نموذجاً يحتذى به في الرعاية الصحية المتميزة والمبتكرة.
وأكد أن «يوم الطيب الإماراتي مناسبة وطنية نعبر من خلالها عن شكرنا وتقديرنا للكوادر الطبية لجهودهم الاستثنائية وتضحياتهم الإنسانية من أجل الحفاظ على صحة المجتمع وسلامته».