ألمانيا.. كيف يهدد مشروع الترحيل الجديد آلاف العائلات المسلمة؟
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
ألمانيا- رغم أن عمليات الترحيل من ألمانيا لطالبي اللجوء ممن رفضت طلباتهم، قد ارتفعت بنسبة 27% في أول 9 أشهر من عام 2023 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، فإن الحكومة الألمانية ترغب في تسريع أكبر، وأقرت مشروعا جديدا قدمته وزارة الداخلية، يهدف إلى تسريع عمليات الترحيل، سيناقشه البرلمان قريبا.
المشروع يعطي الشرطة صلاحيات كبرى في تنفيذ عمليات الترحيل، مثل دوريات التفتيش في السكن الجماعي لمن رفضت طلبات لجوئهم، وعدم الإخبار المسبق بعمليات ترحيل مقررة لمن تم "التسامح" معهم (أي من تعليق ترحيلهم) إلا إذا كان لديهم أطفال أقل من 12 عاما، حيث يجب إخبارهم قبل شهر واحد.
كما يمدد المشروع المدة القصوى للاحتجاز عند المغادرة من 10 أيام إلى 28 يوما، حتى يتم منع المرحلين المحتجزين من الفرار، فضلا عن طرد سريع للمهربين، وكذلك من يرتبكون جرائم خطيرة، ومنهم من يوصفون بأفراد "العصابات العربية".
آلاف العائلات مهددة
حتى نهاية يونيو/حزيران 2023، وصل عدد مَن عليهم مغادرة ألمانيا 279 ألف شخص، منهم نحو 225 ألفا حصلوا على "الإقامة المتسامحة" حسب الداخلية الألمانية، والبقية عليهم المغادرة فورا.
وهناك صعوبات تعترض ترحيل عدد كبير من هؤلاء "المتسامح معهم" غير القادرين على العودة إلى بلدانهم، سواء بسبب وضع عائلي صعب أو ضرورة الخضوع لعلاج، أو عدم وجود وثائق شخصية، أو أنهم نالوا موافقة خاصة لبدء دراسة أو عمل، بما يمكنه أن يدعم تسوية وضعهم مستقبلا. لكن مع القانون الجديد، قد يصبح الطريق أكثر سهولة للسلطات الألمانية.
يقول معتصم الرفاعي، عضو مجلس الهجرة والاندماج في نورنبرغ (جنوب ألمانيا)، للجزيرة-نت "إن مشروع قانون الترحيل الجديد يفرض قيودا على الحقوق الأساسية للاجئين، وهو ما يتماشى مع الخطاب الشعبوي اليميني".
ويضيف الرفاعي أن مشروع القانون لا يزيد عمليات الترحيل، إنما يزيد المخاطر التي تهدد الحقوق الأساسية كالحق في السكن، حيث إن المشروع يتيح تفتيش منازل الأشخاص حتى في أوقات نومهم.
ويشير المتحدث ذاته إلى أن مشروع القانون الجديد وتصريحات السياسيين تحاول أن توحي بأن تشديد إجراءات الترحيل من شأنها أن تخفف العبء على البلديات، و"هي ادعاءات غير صحيحة وخادعة" بحسبه.
وتؤكد عدة تقارير أن المشروع صادق عليه مجلس الوزراء إثر ضغوط محلية وتخوف من تراجع شعبية أحزاب الائتلاف الحكومي، خصوصا أن حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف، حقق نجاحات انتخابية في بعض البلديات والولايات مؤخرا، عبر استغلاله لملف اللجوء، خصوصا مع شكاوى الولايات الفدرالية من عدم قدرتهم التعامل مع مزيد من طالبي اللجوء.
ويوضح الرفاعي أن الأسباب الإنسانية، وكذلك القانونية ستمنع السلطات الألمانية من ترحيل الكثير من "المتسامح معهم"، لكن رعايا الدول التي وصلت ألمانيا لاتفاق معها لاستعادة مواطنيها المرفوض بقاؤهم في ألمانيا، من المهددين بشكل جدي، ومنهم العراقيون، رغم أن العراق ليس "بلدا آمنا" بالمقاييس الألمانية.
عضو مجلس الهجرة والاندماج في نورنبرغ: المشروع الجديد يهدد الحقوق الأساسية كالحق في السكن (الجزيرة) الأطفال والعائلات الأكثر تضررامن جانبها، تقول فيليز بولان، عضوة حزب الخضر الألماني لراديو "إن دي آر" المحلي، إن أكثر من سيتضرر من هذا القانون هم الأطفال والعائلات، كونهم الفئة التي تنال بشكل أكبر "الإقامة المتسامحة". وتضيف "نخشى أيضا أن يؤدي القانون إلى إصدار أوامر اعتقال خاطئة وسجن الناس ظلما وإجراءات قضائية مطولة". ووعدت بفحص المشروع في البرلمان رغم أن رئاسة حزبها، العضو في الحكومة، وافقت على المشروع.
ولأجل محاولة التغلب على هذه المشكلة، حاولت الحكومة دعم "المتسامح معهم" لتسوية أوضاعهم، خصوصا أن منهم مَن يعيش في ألمانيا منذ سنوات. وأعلنت العام الماضي عن تمكينهم من الحصول على تصريح إقامة لمدة عام، يحصلون خلاله على عمل، وإلا سيعودون مجددا إلى وضع "التسامح"، مع استثناء من أدينوا بارتكاب أفعال إجرامية، لكن المدة المحددة في عام تجعل من الصعب للكثير من هؤلاء المهاجرين تسوية وضعهم.
فيليز بولان عضوة حزب الخضر الألماني: أكثر المتضررين من مشروع الترحيل الجديد هم الأطفال (الجزيرة) المسلمون "المرفوضون" ضمن أكبر المهددينحسب بيانات رسمية للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، تخص جنسيات طالبي اللجوء في ألمانيا لعام 2023، المراكز الأولى جنسيات دول ذات غالبية مسلمة، الأولى هي سوريا بأكثر من 71 ألف طلب، ثم أفغانستان بنحو 40 ألفا، ثم تركيا بنحو 35 ألفا، ثم العراق بنحو 8.6 آلاف، ثم إيران بنحو 7.7 آلاف.
وعلى مدار الأعوام الماضية، كانت نسبة رفض طلبات اللجوء كبيرة، وبلغت عام 2022 نحو 48% بينما وصلت عام 2021 إلى61% حسب المصدر ذاته. وتبين الأرقام أن نسبة الرفض بين العراقيين بلغت 53.86%، وبين الأتراك 51% بينما كانت شبه منعدمة بين الأفغان والسوريين، وتلعب هنا أوضاع البلد دورا كبيرا في القبول من عدمه.
لكن رغم أوضاع الحرب واللا استقرار، رحلت ألمانيا في العامين الماضيين نحو 1100 سوري و471 عراقيا، وقرابة 12 ألف أفغاني، زيادة على 665 جزائريا و199 مغربيا و284 تونسيا، حسب بيانات من البرلمان الألماني، فيما تبقى دول أوروبية من منطقتي القوقاز والبلقان في الصدارة نظرا إلى وجود اتفاقيات استقبال للمرحلين معها.
ويقول الرفاعي "إن نصف عمليات الترحيل التي جرت "غير قانونية"، وهناك حالات شهدت تفريق عائلات وإيقاظ أطفال من نومهم لترحيلهم، ما تسبب لهم بصدمات نفسية، خصوصا أن كثيرا من اللاجئين لديهم تجارب سلبية مع الأجهزة الأمنية في أوطانهم".
ويوضح الرفاعي أن المشروع الجديد لا يستهدف المسلمين والعرب بشكل حصري، لكن الحكومة استغلت الجو العام المعادي للمسلمين لتمريره، متحدثا عن وجود "حملة تستهدف العرب والمسلمين في ألمانيا، يشارك فيها سياسيون ووسائل إعلام ونخب فكرية، إذ يحرضون ضد المهاجرين والمسلمين، ويصفونهم بمعادي السامية والبرابرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
متاهات الوهم ومشروعنا الوطني
كبر الاحتيال المالي، والنصب على الافراد والمجتمعات، إلى الاحتيال السياسي على الأوطان والأمم، من خلال القضاء على مشاريع وطنية حقه، للترويج لمشاريع الوهم، وهي سياسة استعمارية جديدها ابتكرتها القوى الاستعمارية واستخبارات العالم المنافق، للنصب على الدول الطامحة، وتطلعات أبنائها في مواكبة متغيرات العصر، والمنافسة السياسية والاقتصادية بنزاهة، في ملعب دولي تم العبث به وبمعاييره، حيث أصبح ازدواجية المعايير هي السائدة، والترويج لمشاريع الوهم، هي الحقيقة الماثلة للقضاء على المشاريع الوطنية للأمم .
الفرق بين المشروع الوطني الحقيقي، ومشروع الوهم، هي ازدواجية المعايير، افراغ المشروع السياسي والاقتصادية من القيم العادلة، وتدمير المقومات الناهضة ،والبدء بصناعة الاصنام، التي يأتي به من أوساط المنتفعين، وهي الفئة القابلة للارتزاق، اصنام يصنع حولها هالة، وسيرة غير حقيقية، ويقدم لها الدعم المالي والسياسي لتتربع عرش المشروع، وتبدء تنخر في عادلته وقيمه واخلاقياته، فأي مشروع لا يستقيم على القيم الإنسانية والوطنية والاخلاقيات، هو مشروع وهم، طريقه مجموعات من المتاهات، يتوه الناس عن تطلعاتهم واحلامهم، ليزج بهم في مشاريع متصارعة وتناقضات سلبية، وتنقلهم من متاهة الى متاهة، يفقدون فيها شيئا فشيئا، قيمهم واخلاقياتهم، ويعيشون وهم الانتصار، الممزوج بالخيبة والخذلان، متاهات تصنع مجتمع منقسم على بعضه، متضرر ومريض يصرع الحياة، تائه مهموم مقهور يعيش على ركام الماضي، وحاضر محتقن ومستقبل ضائع.
الوهم هو مشروع فاقد للأهلية، مثخن بالفساد والانتهاكات والجرائم، رموزه متورطين بجرائم إنسانية، تؤسس قواعده من المنتفعين وأصحاب المصالح الضيقة، يتم اختيارهم بعناية من المشاريع الصغيرة والجهوية (مذهبية طائفية مناطقية)، مشاريع ترهق المجتمع والأمة، وتفقد معظم افراده القدرة على التفكير والتمييز، وبالتالي يمكن تمرير ازدواجية المعايير، وتبرير الانتهاكات والجرائم والتفسخ القيمي والأخلاقي.
الترويج للوهم، يبدأ باستهداف التعليم، وتدمير القدوة، وتشويه لتاريخ الأمة، وإدخال المجتمع في صراعات الأرض والهوية، وهذا ما نحن فيه اليوم، صار البعض يسير في موكب هذا الوهم بشخصية مفرغة من القيم والاخلاقيات، شخصية تخلت عن قناعاتها التي تربت عليها بكل سهولة، لتسير في موكب جنائزي للمشروع الوطني، شخصية أصبحت تلعن تاريخ نضال أسلافها وانجازاتهم، وتتهم الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية، ليكن البديل هو الأسوأ ولأحقر، مجتمع مصاب لم يعد يميز بين القيمة والمنظومة، فيتوه في قذارة المنظومة ليحمل القيمة كل الماسي.
مشروع الوهم، هو المشروع الذي تسقط فيه الرموز، وفي لحظة تستعيد أنفاسها، كأصنام تتهالك ثم ينقذها العبيد حتى لا يفقدوا قدسية تلك الاصنام، وهي قدسية النعرات والجهوية الضيقة، حيث يميل المصابون لدعم ذوي القربى والقرية، ذوي الايدلوجيا والمصالح، ومن يدفع هو ولي الامر وجب طاعته.
لن ننهض ما لم نصحوا من الوهم، وندمر رموزه وادواته، ونستوعب خطورة مالاته، ونستعيد مشروعنا الوطني والإنساني، ندافع عن ارضنا وهويتنا، ولا ننجر خلف الاشاعات، ونسير في المتاهات، لنتحول لضحايا، فاقدي السيادة والإرادة.
متى نصحوا لنعرف عدونا من صديقنا، ونستطيع التمييز بين المشروع الوطني ومشاريع الوهم التي لا نهاية لها غير الخراب والدمار، ومزيد من القهر والكمد، مشاريع الموت والاستسلام لاستخبارات الدول الاستعمارية وادواتها القذرة.