حكم الكسب المبني على الغش وخداع الناس
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
لقد أباح الله سبحانه وتعالى لنا الكسبَ المشروع الذي يكون مبنيًّا على الرضا وطيب النفس لَا على الغش والخيانة، وحَرَّم علينا اتخاذ الأسباب المحرَّمة في المكاسب، وأمر بالسعي في طلب الرزق الحلال والبعد عن الكسب الحرام، وأن يكون الإنسان حريصًا على إطابة ماله؛ لأنه مسئول أمام الله سبحانه وتعالى، فقد جاء من حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَمَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» أخرجه الترمذي في "سننه"؛ فالحديث يدل على أنَّ الإنسان مسئول عن ماله أهو من الحلال أو من الحرام.
وعليه: فالمكسب المقبول هو الذي أصله مشروع لا غشَّ فيه ولا خيانة ولا خداع، ولا شك في أنَّ المكسب المبني على الغش والكتمان واستخدام الحيل المنهي عنها التي يَسْتَغِلُّ بها احتياج الناس إلى السلع حرام شرعًا؛ لما فيه من الإضرار بالناس والتضييق عليهم.
ومَنْ يَسْتَغل ظروف الناس فقد ارتكب مُحرَّمًا؛ للضرر الناجم عن استغلاله احتياج الناس والتضييق عليهم، وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الإضرار.
حثَّ الشرع الشريف على العمل والإنتاج ورغَّب فيهما؛ فقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥].
قال الإمام النسفي في "تفسيره" (3/ 514، ط. دار الكلم): [﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ جوابها استدلالًا استرزاقًا أو جبالها أو طرقها ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ أي من رزق الله فيها] اهـ.
وروى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَحْتَطِب أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ».
وأكَّدت الشريعة الغراء على أنَّ من مقاصدها العمل والسعي والإنتاج؛ فروى الإمام البخاري في "الأدب المفرد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا».
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 241، ط. مكتبة دار السلام): [والحاصل أنَّه مبالغةٌ، وحثٌّ على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعلوم عند خالقها، فكما غرس غيرك ما شبعت به فاغرس لمَن يجيء بعدك] اهـ.
وفي سبيل ذلك دعت -الشريعة الإسلامية- إلى إتقان أي عمل يُقدم عليه الإنسان؛ فروى الإمام البيهقي في "شعب الإيمان" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير" (3/ 378، ط. مكتبة دار السلام): [«إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا» دينيًّا أو دنيويًّا له تعلق بالدين «أَنْ يُتْقِنَهُ»، الإتقان الإحسان والتكميل؛ أي: يحسنه ويكمله] اهـ.
بل جعل الله تبارك وتعالى عمارة الكون -بالإنتاج والتقدم- مقصدًا من مقاصد خلق الإنسان؛ حيث قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: ٦١]، قال الإمام النسفي في "تفسيره" (2/ 69): [﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ وجعلكم عمَّارها وأراد منكم عمارتها] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
رمضان شهر الرحمة والمغفرة.. 25 فضيلة تجعل منه موسمًا للخير والبركات
فضائل شهر رمضان.. شهر رمضان المبارك هو شهر الخيرات والبركات، يعود إلينا كل عام ليمنحنا فرصة متجددة للتوبة والتقرب إلى الله (عز وجل) من خلال العبادة والطاعات.
ويُعَدّ هذا الشهر الكريم مناسبة عظيمة لتجديد العهد مع الله، وزيادة الحسنات، ومحو الذنوب، لذا ينبغي على كل مسلم استقبال شهر رمضان بالتوبة الصادقة، والنية الخالصة للعبادة، والإكثار من الدعاء.
وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية 25 فضيلة لشهر رمضان المبارك، نستعرضها فيما يلي:
فضائل شهر رمضان المبارك:1- أن المؤمن يقوي فيه إيمانه بربه تبارك وتعالى، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام جنة وهو حصن من حصون المؤمن وكل عمل لصاحبه إلا الصيام يقول الله: الصيام لي وأنا أجزي به».
2- أنه مكفر للذنوب، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ».
3- أن دعوة الصائم فيه لا تُرَد، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ».
4- أن فيه تزلت كتب الأنبياء والمرسلين، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أُنزِلَت صحُفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من رمضانَ، وأُنزلَت التوراةُ لستٍّ مَضَين من رمضانَ، وأُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثِ عشرةَ ليلةً خلَتْ من رمضانَ، وأُنزلَ الزَّبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزِلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرين خلَتْ من رمضانَ».
5- أن في آخره فرحة لا تعدلها فرحة، وهي فرحة الصائم بتمام صيامه واستحقاق ثواب ربه تبارك وتعالى.
6- أنه شهر الدعاء المستجاب، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة - يعني في رمضان - وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة».
7- الصيام فيه يُعَدُّ سببًا للمباعدة عن النار: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض».
8- شهر التدريب على ضبط النفس طوال العام، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قال اللهُ عزَّ وجلَّ: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلَّا الصِّيامُ. فإنَّه لي وأنا أجْزِي به. والصِّيام جُنَّةٌ. فإذا كانَ يومُ صوْمِ أحدِكُم فلا يَرفُثْ يومئذٍ ولا يَسخَبْ. فإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتلَهُ، فليقلْ: إنِّي امرؤٌ صائمٌ.. .».
9- أجر الصيام فيه مضاعف، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «صِيامُ شهْرِ رمضانَ بِعشْرَةِ أشْهُرٍ، وصِيامُ سِتَّةِ أيَّامٍ بَعدَهُ - أي: من شوال- بِشهْرَيْنِ، فذلِكَ صِيامُ السَّنةِ».
10- الصيام فيه يجعل الإنسان في منزلة الصديقين والشهداء، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فممن أنا؟ قال: «من الصديقين والشهداء».
11- الله يوفي عباده أجر أعمالهم فيه، ويدخر لهم الأجر الجزيل يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيَتْ أُمَّتي في شَهْرِ رمضان خَمْساً لم يُعْطَهُنَّ من قبلي» وذكر منها: «إذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعًا»، قال أحد الصحابة: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: «لا، ألم ترَ إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم»!
12- خير الشهور، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَظَلَّكُمْ شَهْرُكُمْ هَذَا،.. .مَا مَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ قَطُّ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُ».
13- فيه البشرى بالجنة، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لو أذن الله للسموات والأَرضِ أَنْ تَتكلَّما لبَشَّرَتَا مَنْ صَامَ رمضانَ بالجنَّةِ».
14- الصيام فيه يحمي صاحبه من عذاب الله، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الصومُ جُنَّةٌ مِنْ عذابِ الله» أي: سبب في نجاة العبد يوم القيامة.
15- الصيام فيه يُعَدُّ سببًا لدخول الجنة، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم»، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت».
16- شهر الخير العميم والثواب الجزيل للناس جميعًا، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللهُ عليكم صِيَامَهُ، تُفَتَّحُ فيه أبوابُ الجَنَّةِ وَتغلَّقُ فيه أبوابُ النَّارِ فيه لَيْلَةُ خَيْرٌ من ألفِ شَهْرٍ، مَن حُرِمَ خَيْرَها فقد حُرِمَ».
17- شهر القيام ومغفرة الذنوب فمن لم يقم الشهر حق قيامه فقد ضيع فرصة عظيمة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قالَ جبريل عليه السلام: «يا مُحَمَّدُ. قُلْتُ: لَبَيَّكَ وَسَعْدَيْكَ قالَ: مَنْ أدْرَكَ شَهْرَ رمضانَ فصَامَ نَهَارَهُ وقَام لَيْلَهُ ثُمَّ مَاتَ ولم يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ الله قُلْ آمين قُلْتُ: آمين.. .».
18- محل نظر الله تعالى للصائمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيَتْ أُمَّتي في شَهْرِ رمضان خَمْساً لم يُعْطَهُنَّ من قبلي» وذكر منها: «أنه إذا كان أولُ ليلةِ نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يُعَذِّبْهُ أبداً».
19- الملائكة تستغفر فيه للصائمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيَتْ أُمَّتي في شَهْرِ رمضان خَمْساً لم يُعْطَهُنَّ من قبلي» وذكر منها: «أن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة».
20- العمل فيه فرصة لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيَتْ أُمَّتي في شَهْرِ رمضان خَمْساً لم يُعْطَهُنَّ من قبلي» وذكر منها: «أن الله عز وجل يأمر جنَّته يقول: استعدِّي وتزيَّني لعبادي أوشك أن يستريحوا من نصب الدنيا وأذاها إلى داري وكرامتي»
21- تفتح فيه أبواب الرحمات، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ».
22- تغلق فيه أبواب النيران، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كَانَ رَمَضَانُ غُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّم».
23- أنه تسلسل فيه الشياطين، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كَانَ رَمَضَانُ سُلْسِلَتْ الشَّياطينُ».
24- أنه شهر لأهل الخير والبر والطاعة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كَانَ أَوَّلُ ليلة من رَمَضَانَ يُنادي مُنَادٍ: يا باغِي الخَيْرِ أَقْبِلْ ويَا بَاغِيَ الشَّرِّ أقْصِرْ».
25- أنه شهر العتق من النيران، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لله في رمضان عُتَقَاء من النَّارِ وذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ لَيْلَةٍ».
اقرأ أيضاًمتفكرش كتير.. أجمل عبارات تهنئة رمضان 2025
كيف يتم استطلاع هلال رمضان؟
أدعية اليوم الجمعة لجلب الرزق والتأهب لصوم رمضان