يمثل قطع الكهرباء والاتصالات عن قطاع غزة، معضلة جديدة للصحفيين، بعد قيام الاحتلال بتدمير مكاتب عملهم، واستهدافهم وعائلاتهم، لمنعهم من نقل صورة المجازر التي يرتكبتها بحق الفلسطينيين.

وأعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينيين عن انقطاع الاتصال مع أكثر من ألف صحفي في غزة منذ ليلة الجمعة، مطالبة المؤسسات الدولية والاتحاد الدولي للصحفيين باتخاذ مواقف قوية وحازمة لإنقاذ حياة الصحفيين في غزة.

 



كيف يحصل الصحفيون في قطاع غزة على الانترنت؟ 
ونشر الصحفي حسن اصليح من غزة مقطعا مصورا، يوثق فيه التحديات التي تواجهه إلى جانب عدد من زملائه في استئناف عملهم وتغطية الأحداث الجارية في القطاع، حيث تجمع عدد منهم فوق أسطح المنازل المرتفعة في محاولة لالتقاط إشارة إنترنت لنقل الحدث.

ولم يتمكن أحدهم من تحميل و إرسال المواد الصحفية للمؤسسة التي يعمل بها، وكانت قد فقدت عشرات المؤسسات التواصل مع صحفييها نتيجة الانقطاع التام للإنترنت. 

شاهد الحصول على انترنت في غزة pic.twitter.com/9tnzLcNuEn — حسن اصليح | Hassan (@hassaneslayeh) October 28, 2023
وتداول ناشطون وصحفيون فيديو يظهر مجموعة من الصحفيين في غزة يتنقلون عبر عربة للوصول للمكان المقصود في الوقت الذي تعرقل فيه إسرائيل عملهم وقدرتهم على الوصول لأماكن الحدث.

مجموعة من الصحفيين في #غزة يتنقلون عبر عربة يجرها حمار وصولا للمكان المقصود في الوقت الذي تشل فيه "إسرائيل" حياة الناس pic.twitter.com/twLUMKzc6e — Yasser (@Yasser_Gaza) October 28, 2023
لما قطع الأحتلال الانترنت عن الصحفيين  ؟ 

وقال الصحفي الفلسطيني أحمد الحلايقة إن الاحتلال يسعى لإخفاء ما يحدث في قطاع غزة بحق المدنيين ويسعى لتضليل الإعلام، وقطع الإنترنت لكي لا تتمكن الطواقم الصحفية والمواطنين من إيصال الحقيقة ورصد انتهاكاته.  

وأضاف أن: "انقطاع الانترنت جاء  بالتزامن مع أشرس قصف شهده قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وهذه يدل على نية مبيته للاحتلال بإخفاء حقيقة ما يجري في قطاع غزة، ولأن الإعلام يلعب دورا أساسيا في نقل الصورة". 

وأكد أن انقطاع الأنترنت والاتصالات لا يؤثر على الصحفيين الذين توقف عملهم بنسبة 90 بالمئة، وإنما ويؤثر على جميع مناحي الحياة، والجهات الطبية في المقدمة،  لأنها تعتمد بشكل رئيس على الإنترنت في تلقي النداءات من المواطنين المصابين نتيجة القصف.
 
وأشار إلى أن الاحتلال لا يريد أن يظهر للعالم حجم الدمار، بعد أن استطاع عشرات الصحفيين الفلسطينيين من إيصاله بشكل دقيق، أما اليوم فصورة المجازر وجرائم الاحتلال يجري حجبها بفعل قطع الاتصالات.

الصحفي وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة، قال لـ" عربي21" إن إسرائيل تتعمد قطع كل الوسائل على الصحفيين لتعيق مهمتهم في إيصال الحقيقة، لكنها وجدت أن ما فعلته من استهداف مباشر للصحفيين، لم يكن كافيا، بعد أن تمكن المواطن العادي من إيصال الصورة عبر مواقع التواصل، لذلك قطع كل السبل.

وأضاف أن ما فعله الاحتلال هو طمس للحقائق وإسكات للشهود، خاصة أن الفضائع والجرائم كونت رأيا عاما أدى لتشقق التحالف الذي كان يناصره، ومن الممكن أن يدينه لاحقا أمام المحاكم الدولية. 

الباحث في شؤون الاتصال الصحفي حسين الصرايرة قال لـ"عربي21" إن عالم الاتصال اليوم ينظر إليه ليس على أنه أداة وإنما كمورد مثل الماء والكهرباء والحرمان منه يعني حرماناً من سلسلة حقوق أساسية أهمها الحق في الاتصال والمعرفة كحقين متلازمين في العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية في المادتين 19 و20 وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والشرعة الدولية.

وأضاف الصرايرة، أن الاتصال والإنترنت بصورة أساسية ضمانة لمنع الانتهاكات الواردة في القانون الدولي الإنساني وهذا ما يعتبر من القواعد الفقهية المحصنة للإطار القانوني، فبمجرد وقوع حجب لخدمة الانترنت يعني أن هناك انتهاكا يحدث في مكان ما، وإن لم يكن للاحتلال دور مباشر، فقطع الانترنت والاتصالات عن قطاع غزة يعني عدم قدرة المرضى من الاتصال بالاسعاف ولنفرض أنهم لم يمسهم القصف، كيف ستصلهم الخدمات الطبية؟. 

وشدد على أن هذا يؤكد أن الاحتلال هدفه ليس القضاء على حماس كخصم سياسي أو عسكري، والهدف هو إبادة الفلسطينيين الغزيين لأن الاحتلال يدرك أن قطع الاتصالات يعني موتا بطيئا لهم، وإبادة جماعية أو تهجيرا قسريا وهذه انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، لأن المقاومة لا تستخدم الإنترنت، وإسرائيل تعلم بذلك، فإذا المستهدف هم المدنيين. 



وأصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أ قرارا عام 2016 يدين بشكل لا لبس فيه التدابير الرامية إلى المنع المتعمد أو عرقلة نشر المعلومات والوصول إليها على شبكات الإنترنت، مما يعتبر انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، داعيا جميع الدول إلى وقف أي تدابير من هذا النوع والامتناع عنها.

ويرى الصرايرة أن قطع الانترنت يشكل انتهاكاً لقانون حقوق الإنسان وإن لم يرد نصاً وصراحة في القانون الدولي الإنساني إلا أن مبدأ الاتصال أساسي في الحماية من انتهاك الحقوق ويشكل الإنترنت وسيلة الاتصال الوحيدة في هذه الحالة.

و يعتبر القانون الدولي انقطاع الإنترنت عن المدنيين في مناطق النزاع أمرًا غير مقبول. الإنترنت هو وسيلة حيوية للتواصل والوصول إلى المعلومات، ويجب أن يُتاح للمدنيين الوصول إليها دون قيود غير مبررة.

كما ويعتبر الصحفيون مدنيين ويجب أن تحترم حقوقهم في التواصل ونقل الأخبار. وانقطاع الإنترنت عنهم يعيق قدرتهم على أداء واجبهم المهني بكفاءة ويشكل انتهاكًا لحرية الصحافة وحق المعلومات.
 
وأعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنها لا تستطيع ضمان سلامة الصحفيين في غزة، ويعلق الصرايرة على ذلك أن حماية حياة الصحفيين ضمانة تقع على عاتق الاحتلال، إذ يجب عدم استهدافهم بشكل مباشر وضمان سلامتهم خلال تغطيتهم للأحداث، ويتوجب على الأطراف المتحاربة احترام حرية الصحافة وعدم فرض قيود غير مبررة على تغطية الأحداث.

ووفق اتفاقية جنيف الثالثة المادة الرابعة، إلى جانب المادة 79 من البروتوكول الأول لها، خصوصاً وإن الصحفيين يتمتعون بالحماية العامة الممنوحة للمدنيين بصورة أساسية وفقًا لاتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 والبرتوكولين الإضافيين الملحقين بها لعام 1977، وتمثل هذه الاتفاقيات أفضل وسيلة عمومية لحماية الصحفيين الذين يعملون في مناطق الخطر، و بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية نظام روما الأساسي لسنة 1998 فإن استهداف الصحافيين يعد جريمة حرب. 

وتنص قواعد الحرب على ضرورة احترام حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة و منع استهداف المدنيين والممتلكات المدنية بدون تمييز و حماية المرافق الإنسانية والممتلكات الثقافية والدينية و تقديم العناية الإنسانية للجرحى والمرضى ومنع استخدام الأسرى كرهائن وضمان معاملتهم بإنسانية. 

دفع 34 صحفيا فلسطينيا حياتهم ثمنا لنقل الصورة في غزة وهم على الخطوط الأولى في الحرب، وخسر آخرون عائلاتهم وفق استهداف مباشر،  أما من بقي منهم اليوم وبعد انقطاع الإنترنت فقدوا موردا أساسيا ويشكل وسيلة وحيدة لنقل جرائم الاحتلال الممنهجة ضد المدنيين والصحفيين في قطاع غزة. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الاحتلال الصحفيين غزة الاحتلال الصحفيين عدوان سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حقوق الإنسان الصحفیین فی فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

استشهاد 158 صحفيا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة

أفادت مصادر ميدانية في قطاع غزة -اليوم السبت- باستشهاد 5 صحفيين في قصف إسرائيلي لمناطق مختلفة من القطاع خلال الساعات الـ12 الأخيرة.

قالت المصادر إن الشهداء الصحفيين هم: سعدي مدوخ، وأديب سكر، وأمجد جحجوح وزوجته وفاء أبو ضبعان، ورزق أبو اشكيان.

ويرتفع بذلك عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهدوا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 158.

وقد ندد مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين بقتل الاحتلال الصحفيين في قطاع غزة، وقال -في بيان- إن الجرائم المستمرة بحق الصحفيين الفلسطينيين نتيجة قرار اتُخذ على أعلى مستوى في إسرائيل بهدف حجب الحقائق ومنع كشف المجازر التي ترتكبها ضد المدنيين.

وأشار البيان إلى أن حصيلة استهداف الصحفيين الفلسطينيين في غزة هي الأكثر دموية في التاريخ الحديث، مطالبا بفتح تحقيق دولي مستقل وشامل في الجرائم الإسرائيلية بحق الصحفيين.

ومنذ بداية العدوان على غزة، واجه الصحفيون في القطاع هجمات إسرائيلية متواصلة تستهدفهم بشكل مباشر وتطال منازلهم وعائلاتهم ومقرات مؤسساتهم الإعلامية.

ويتعمّد الاحتلال الإسرائيلي قتل الصحفيين بهدف تغييب الرواية الفلسطينية، ومحاولة طمس الحقيقة وعرقلة إيصال الأخبار والمعلومات إلى الرأي العام الإقليمي والعالمي.

وتظهر البيانات والإحصاءات -بحسب لجنة حماية الصحفيين التي تعمل على التحقيق في جميع التقارير المتعلقة بمقتل وإصابة وفقدان الصحفيين والعاملين بمجال الإعلام- أن هذه الحرب أصبحت الأكثر دموية للصحفيين منذ بدء عمل اللجنة عام 1992.

وأعلن المركز الدولي للصحفيين في فبراير/شباط الماضي أن الحرب على غزة شهدت أعلى مستويات العنف ضد الصحفيين منذ 30 عاما، ودعا إسرائيل إلى وقف قتل الصحفيين والتحقيق في حوادث قتلهم على يد قواتها.

مقالات مشابهة

  • غزة.. قصف الاحتلال يقتل 6 شرطيين و4 صحفيين و3 مواطنين داخل عزاء
  • مديرية الشرطة بغزة: استهداف عناصرنا جريمة مخالفة للقانون
  • عدد الصحفيين الفلسطينيين الشهداء يرتفع إلى 158 منذ بداية الإبادة
  • "حماية الصحفيين" يطالب بتدخل عاجل لوقف التصعيد الإسرائيلي الأخطر ضد الصحفيين بغزة
  • استشهاد خمسة صحفيين في قطاع غزة
  • استشهاد 158 صحفيا في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي
  • استشهاد 158 صحفيا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • تحت أنقاض المباني المدمرة آلاف الشهود الضحايا المفقودين دون تحرك إنساني دولي
  • "حماية الصحفيين" يدين إمعان الاحتلال في استهداف وقتل الصحفيين بغزة
  • فتح: إسرائيل استخدمت كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا للسيطرة على غزة (فيديو)