اليوم 24:
2025-04-29@21:54:37 GMT

هذا الوقت سوف يمر

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

“هذا الوقت سوف يمر ” هي عبارة وشعار وحكمة عظيمة قد تعلمنا قوة الثبات والراحة عندما ندرك معناها الحقيقي، فالفكرة الأساسية هي أنه بغض النظر عما تمر به، فهو مؤقت وفي النهاية سيمضي ويزول، وذلك لأن كل تجاربنا مؤقتة، وأن لا شيء يبدو أنه سيبقى أو يدوم إلى الأبد.

كما أنها درس من الدروس الصريحة لتعليم الثبات، وقصة هذه المقولة تعود لروايتين الأولى: لوزير هندي، حيث تحكي القصة عن ملكا طلب من وزيره الحكيم صنع خاتم له وكتابة عبارة تكون محزنة إذا نظر إليها وهو سعيد، وأن تكون أيضا مفرحة إذا نظر إليها وهو حزين، فقام الوزير بصنع الخاتم وكتب عليه هذا الوقت سوف يمر ” سيمضي”، ومن هنا جاءت هذه المقولة المؤثرة.

كما أن هناك قصة ثانية تعود لملك فارسي حسب البعض، وحسب البعض الاخر فإنها تعود للملك والنبي سليمان، حيث يحكى ” ذات يوم قرر الملك أن يطلب من شعرائه الصوفيين المتمكنين وهما فريد الدين العطار وجلال الدين الرومي وأبو المجد سنائي وهناك من يقول بنياهو بن يهوياداع عند الملك سليمان، فأخبرهم أن يحضروا له خاتما معينا خلال ستة أشهر له قوى سحرية به كلمة دقيقة ومتناسبة مع جميع الأوقات وفي جميع المواقف ” حيث إذا نظر إليه شخص سعيد فإنه يصبح حزينًا، وإذا نظر إليه شخص حزين فإنه يصبح سعيدًا”، مع العلم بأن الملك ونظرا لحكمته الربانية يعلم بأنه لا يوجد هذا الخاتم في العالم، لكنه أراد من ذلك أن يقيس فكرهم وخبرتهم. فمر الربيع ثم الصيف، لم يكن لديهم أي فكرة عن مكان العثور على الخاتم، ولكن في الليلة التي سبقت الموعد المحدد، قرروا أن يتجولوا في أحد أفقر أحياء المدينة، فشهدوا تاجر بيع التحف النادرة فسـألوه، هل سمعت عن خاتم سحري به كلمة تجعل من يرتديه السعيد ينسى فرحته، وأيضا ينسى مرتديه المكسور أحزانه؟ فجلب الرجل خاتمًا ذهبيًا عاديًا نقش عليه عبارة ما، وعندما قرأوها ظهرت على محياهم ابتسامة عريضة، وفي تلك الليلة المحددة قال الملك: حسنًا يا أصدقاء، هل وجدتم ما أرسلتكم له؟ فضحك جميع من كان حاضرا بمجلس الملك ربما استهزاء بهم، وفي دهشة من الحضور، حمل الاشخاص المكلفين بالبحث عن الخاتم المصنوع من الذهب وقالوا للملك: “ها هو ! ” وبمجرد أن قرأ الملك النقش، اختفت الابتسامة عن وجهه، حيث كتب الصائغ ثلاثة أحرف على الشريط الذهبي للخاتم وهما،” gimel ، zayin ، yud ، ” والتي كونت جملة  مفادها ” Cela aussi passera” بمعنى “هذا أيضًا سوف يمر” ، في تلك اللحظة أدرك الملك أن كل حكمته وثروته وقوته كانت مجرد أشياء عابرة.

فمن منا يا إخوان قد ينكر بأن الوقت سوف يمر بسرعة عندما نعيش أوقاتا سعيدة؟ وماذا لو أن شخص يعيش حالة حزن بسبب فقد أو فراق، أو قلق، بالتأكيد سيمر الوقت بالنسبة له ببطء شديد؟ ومن منا لا يرى بأن الوقت غير عادل في حياتنا، فهو يُسرع عندما نشتهيه أن يُبطئ، ويُبطئ عندما نريده أن يمر سريعا؟، ومن منا لا يصف الوقت بأنه ظالم؟، كلها تساؤلات سبق وأن طرحناها في اذهاننا وتفكيرنا، ولكن في الحقيقة السبب ليس في الوقت، بل في طبيعتنا النفسية البشرية، فهي بفطرتها تجعل الأمور تسير بهذا الشكل، ربما هي حكمة ربانية تجعلنا لا نسترسل كثيرا في مشاعرنا السعيدة أو الحزينة، وحتى نفكر بطريقة أكثر تمهلا عندما يحتاج الأمر لهذا.

لأن من رحمة الله تعالى على عباده أن ينسى لكي يستطيع التعايش مع الكثير من الأزمات والمواقف الصعبة التي يمر بها في الحياة، ولكن ينفي الله تعالى عن ذاته صفة النسيان: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) مريم 64.

حقيقة أن هذا الوقت سيمضي، وكذا جميع أوقاتنا المقبلة، حتى هذه الدقائق هي ماضية أيضا، ستمضي كما مضى الذي من قبلها وكما ستمضي التي تعقبها، ففي عزّ أزماتنا كأزمة فيروس كورونا ومشاكلها كان وقتها لا يسعنا غير الأمل بأنها ستمضي، لكي نخطو نحو مستقبل أفضل. كما أن هناك فكرة أخرى علينا جميعا أن نتعلمها وهي أن الحياة لا تؤتمن دواهيها، فكم من مسؤول أزيلت سلطته ما بين ليلة وضحاها بعد أن كانت المؤسسة وعمالها رهن إشارته، فكم من مباني شيدت بكد اليد وعرق الجبين وسهر الليالي وعمل العمال ثم أتى بعد ذلك ضرف طارئ كارثي فأزال ما كان يتوقع أهلها أنها لن تزول، وأصبحت تلك الأماكن منسية وكأنها لم تكن كزلزال الحوز واكادير مثلا، وكم من المشاكل والصراعات والحروب التي شُنت كالحربين العالميتين الأولى والثانية؟ وكم من اللحظات السعيدة التي عيشت وتنعم أصحابها خلالها بالفرح كإنجازات المغرب بطولة كأس العالم بقطر الذي عشناه؟ وكم من اللحظات المُرة والسعيدة التي جرت مع كل أولئك الذين عاشوا قبلنا؟ أين هي كل تلك الحوادث بما حملت من تفاصيل؟ لذا اعلم أن الحياة مراحل تتوالى، ولا بد لمرحلة ما من المراحل أن تنتهي يوما، سينقضي وقتها وتنتهي صلاحيتها.

فالسعادة والحزن أوقات وستمر، لا نستطيع إيقافها أو تغييرها وكل ما علينا فعله أن نتعامل معها بحكمه، فلا تغرنا الأوقات السعيدة فنطمئن لها ونظن أنها مستمرة، ولا الأوقات الحزينة فنظنها دائمة، لكل منهما وقت وسيذهب، فلماذا نعيش دائماً في أحد الأوقات متناسين الوقت القادم؟ على الرغم من أن الله تعالى بشرنا بأن القادم سوف يكون أفضل، وأختم قولي بأن يجعل الله عاقبتنا في الدنيا خير من أولها مصدقا لقوله تعالى” وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى”.

                         

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: هذا الوقت

إقرأ أيضاً:

أن تأتي متأخرا..

عندما كنتُ على مقاعد الدراسة الجامعية، في قسم علم النفس بكلية التربية، درسنا عن المجيدين والموهوبين، وعن صعوبات التعلم وأنواعها، والصعوبات الدراسية لدى الأطفال، واختبارات الذكاء المختلفة التي انبهرنا بها، ودرسنا عن جاردنر ونظريته للذكاءات المتعددة.

وعندما تم تعييني كأخصائية اجتماعية، كنتُ أشعر بالعجز الشديد، فليست لدي أدوات لقياس الذكاء أو اختبارات أو أدوات وطرق لقياس صعوبات التعلم لدى الأطفال وتصنيفها.

وإن كنتُ سعيتُ لتوفيرها بطريقتي الخاصة، فلم أكن أدري أين أذهب بالتلميذ الذي يعاني صعوبات التعلم الحسابية أو اللغوية أو المختلطة، فهناك صف دراسي واحد لجميع التلاميذ.

كان رسوب هذا النوع من الأطفال يسبب لي ألمًا كبيرًا، حيث كان يذهب إلى منزله في النهاية.

وقد أخذ الأمر سنوات طويلة إلى أن شهدنا برامج صعوبات التعلم تدخل المدارس بعد تأخر طويل غير مبرر، وإلى الآن لم أدرِ ولم أفهم لم كل هذا التأخير الذي دفع ثمنه أجيال من الأطفال.

تخرجتُ أخصائية نفسية، لكني كنتُ أمارس مهام الأخصائي الاجتماعي، فلم يكن يوجد تصنيف للأخصائيين النفسيين أو أدوارهم، وانتظرنا طويلًا لسنوات إلى أن صار هناك ما يعرف بالأخصائي النفسي ومهامه، رغم حاجة أطفال المدارس للأخصائيين النفسيين.

بالنسبة للموهوبين، كانت توجد مدرسة يتيمة للبنات في مسقط، ثم أُغلقت، والتحقت مخرجاتها بالثانوية مثلهم مثل بقية الطلبة، وبقي فرز المبدعين والموهوبين حلمًا يراوح مكانه.

وقد تحرك الحلم منذ حوالي خمس سنوات ليصبح حقيقة؛ فهذه الثروة البشرية بقيت مهدورة لسنوات طويلة، بينما العالم سبقنا بعقود طويلة.

عندما أعود بذاكرتي لتلك الأيام، وأحاول فهم هذا القصور والتأخر، لا أجد أن المبرر المالي هو السبب، قدر ما هو البون الشاسع بين صاحب القرار في الوزارة والعاملين في الميدان، الذين كانوا يدركون القصور والنقص الحاصل، لكن لا يستطيعون توصيل صوتهم إلى صاحب القرار في الوزارة، كي يصار إلى تغطية هذا النقص ببرامج وأنشطة.

فكلمة السر هي انفتاح المسؤول على العاملين في الميدان، واستماعه إليهم، الذين تخرجوا من أفضل الجامعات، ودرسوا أفضل دراسة، واحتكوا بالعالم الخارجي وأين وصل، وعاصروا في جامعاتهم كل جديد في الشأن التربوي أو في أي تخصص آخر.

ربما الشأن التربوي والصحي هما أكثر مجالين مهمين نحتاج فيهما إلى مواكبة كل جديد بأسرع ما يمكن، حتى لا تهدر الطاقات والإمكانيات والقدرات وأرواح البشر، فالذي يأتي متأخرًا قد يبقى متأخرًا.

مقالات مشابهة

  • برج الثور.. حظك اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025: استغل هذا الوقت
  • خاص| مصدر بـ الأهلي يكشف آخر مستجدات صفقة ديريك كوتيسا
  • بوقرة: “لم يكُن لدي وقت كافٍ وهذا تحدٍ بالنسبة لي”
  • عندما تكون أقصي الطموحات هي إيقاف الحرب !!..
  • عندما يرسم الكاتب
  • أن تأتي متأخرا..
  • قناة الأمة
  • أَخاكَ أَخاكَ إِنَّ من لا أَخاً لَه
  • القائد وفهم سيكلوجيا الجماهير
  • هل يجوز أداء الصلاة فور سماع الله أكبر .. الإفتاء تجيب