انطلاق فعاليات ملتقى محمود العجان الموسيقي السنوي على مسرح دار الأسد باللاذقية
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
اللاذقية-سانا
شكل ملتقى محمود العجان الموسيقي السنوي منذ انطلاقته في العام 2019 محطة وفسحة تتيح للفرق الموسيقية على اختلاف أنماطها استعراض تجاربها الموسيقية والتعريف بها، ليفسح هذا العام فرصة إضافية للإضاءة على نتاج طلاب المعاهد الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة وجهدهم خلال عام كامل.
الملتقى الذي يمتد على مدى 4 أيام يقدم أمسيات تستحضر ألواناً مختلفة من الموسيقى لفرق من معهدي محمود العجان للموسيقى والمعهد العربي في طرطوس التابعين لوزارة الثقافة.
حفل الافتتاح الذي احتضنه مساء اليوم مسرح دار الأسد للثقافة باللاذقية وجاء بإشراف وقيادة الموسيقي إلياس سمعان بعنوان “أطفالاً كنا وسنبقى” اختار له المنظمون أن يكون بمثابة رسالة محبة وسلام ودعوة لنشر الحب والسلام والعدالة بأصوات 96 طفلاً من الكورال المتعدد الأصوات التابع لمعهد العجان.
وقدموا للجمهور الذي غصت به القاعة، باقة من أجمل وأشهر شارات أفلام كرتون التي طبعت في ذاكرة عدة أجيال، بعد أن افتتحوا الحفل بأداء مميز لنشيد موطني.
المايسترو إلياس سمعان اعتبر في تصريح لمراسلة سانا أن الملتقى أصبح حدثاً منتظراً ويعطينا حافزاً للعمل ودافعاً إضافياً لتقديم الأفضل، ورغم الظروف التي تمر بها المنطقة كان الإصرار على إقامة الملتقى للتأكيد بأن الأمل باق مهما كانت الظروف قاهرة وخاصة أنه يقدم منتجاً ثقافياً وعلمياً وتعليمياً لطلاب المعهد ويحمل الكثير من الرقي والاحترام ورسائل مباشرة بالبعد الوطني والانساني والتي تنادي بانتصار القيم النبيلة على الحقد والظلم وإعادة بناء هذا العالم بالكثير من السلام.
ولفت سمعان إلى أن الحفل تميز بتقديم عدد من الأغاني تم توزيعها من قبل الطلاب، إضافة لتقديمه عدداً من أعضائه المتميزين بالخطابة والذين كان لهم مراتب متقدمة بمسابقات القراءة التي تقيمها وزارة الثقافة، بما يؤكد أنه لدينا جيل واعد يستحق الدعم وأن نفرد له المساحة لإظهار إبداعه.
شذى محمد مديرة معهد محمود العجان للموسيقى رأت أن مشاركة المعهد بالملتقى يأتي كإضاءة على حصيلة عمل عام كامل وهذا العام كان هناك تركيز على أطفال كورالات المعهد في رسالة محبة وسلام، إضافة للتلاقي مع تجارب فرق المعاهد الموسيقية الأخرى بما يغني تجربتنا ويثريها.
من جهته رأى مجد صارم مدير الثقافة في اللاذقية أن الملتقى يقدم بكل الحب نتاج أطفالنا في المعاهد الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة ،الذين رغم كل الظروف الصعبة التي نمر بها والمحيطة بنا، إلا أنهم وعلى مدار العام أثبتوا اجتهادهم ومثابرتهم لتقديم أداء مميز يليق بهذا الجمهور الكبير الذي يواكب عملنا.
فاطمة ناصر
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
ملتقى بسوريا بشأن استخدام نظام الأسد المخدرات أداة للقمع والسيطرة
دمشق- شهد فرع مكافحة المخدرات في مدينة جرمانا شرقي العاصمة دمشق أول أمس الجمعة أولى فعاليات مشروع "دولة فارماكون"، وهو ملتقى فني وثقافي ومشروع مجتمعي وحقوقي برعاية وزارة الثقافة السورية بدعم من منظمات ومؤسسات سورية مختلفة، ويشارك فيه فنانون ومثقفون وخبراء سوريون، لتسليط الضوء على العلاقة المركبة بين المخدرات والحرب في سوريا.
وانطلق المشروع بمجموعة من المعارض الفنية لأعضاء بتجمع الفنانين التشكيليين في جرمانا "تراكم"، واشتملت المعارض على مجموعة واسعة من اللوحات الزيتية والأعمال الفنية المعاصرة والمنحوتات المستوحاة من تجارب إدمان المخدرات والسبل الخاطئة لمكافحتها في عهد النظام السابق.
وأشار خالد بركة صاحب فكرة المشروع وأحد المنظمين في حديث للجزيرة نت إلى أن مشروع "دولة فارماكون" هو محاولة لتفكيك العلاقة المعقدة بين الحروب وتجارة المخدرات اجتماعيا وبصريا، وتسليط الضوء على كيفية استخدام النظام السابق الإدمان أداة للقمع والسيطرة.
وذلك إلى جانب تسليط الضوء على عدد من القضايا الحقوقية المرتبطة بالمدمنين كتغيير قانون المخدرات القائم ليصبح قانونا عصريا يتناسب مع الواقع الذي تشهده سوريا من انتشار كبير لظاهرة الإدمان، يضيف بركة.
وأوضح بركة أن سوريا قد تحولت تحت حكم دكتاتورية الأسد إلى إمبراطورية مخدرات عالمية تستخدم الكبتاغون عملة منشطة لاقتصادات الحرب ومصدرا لتمويل المليشيات ووسيلة لتخدير الجنود وإطالة قدرتهم على القتال.
إعلانوأضاف أنه في الوقت الذي كانت فيه الشحنات الضخمة المحملة بالمخدرات تهرّب من سوريا عبر الحدود كان النظام المخلوع يجرّم استخدام تلك المواد داخل البلاد ويعتقل المواطنين في السجون ويخضعهم للتعذيب الوحشي بتهمة استهلاك المادة نفسها التي كان يصدّرها بالملايين.
وقالت الفنانة التشكيلية رؤى بريك الهنيدي إن فكرة المعرض تفهم من خلال الاسم "فارماكون"، والذي يعني اسما طبيا يشير إلى معنيين متناقضين، أولهما يحيل إلى مادة الكبتاغون ومعناه في هذا السياق هو السم، وثانيهما يحيل إلى معنى "العلاج" باللغة اليونانية، وهكذا يمكن فهم المعرض بوصفه خطوة باتجاه التعافي من هذا السم.
وتضيف الهنيدي في حديث للجزيرة نت أن "اللوحات التي شاركت بها هدفها تغيير النظرة النمطية عن مدمني المخدرات والتنويه إلى ضرورة استبدال العقاب بالعلاج".
وأوضحت أن علاج الظاهرة يجب أن يكون من الجذور عبر معالجة المدمن بطريقة صحيحة بالتعاون مع الجهات المختصة ومعالجة أسباب إدمانه، سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو مادية أو غيرها، معتبرة أن المعرض أقيم لتغيير مفهوم المدمن الذي لا يعد مجرما بل إنسانا وضحية.
أما عن دلالة إقامة هذا المعرض في مبنى فرع مكافحة المخدرات (سابقا) فتقول الهنيدي إنه يعكس الرغبة في أن يتحول هذا المكان الذي كان شاهدا على العقاب الهمجي للمدمنين إلى مكان لعلاجهم من إدمانهم.
وإلى جانب اللوحات الزيتية اشتملت المعارض على منحوتات وتشكيلات فنية تنقل جانبا من تجربة السجناء من المدمنين في فرع المخدرات، ومن بينها كانت أعمال الفنان سليمان عبيد الذي شارك بمجموعة من التشكيلات المصنوعة من مادة "الأبوكسي"، والتي تم عرضها في إحدى المنفردات (زنزانة لشخص واحد)، لتجسيد حالة السقوط والعذاب التي كان يعيشها المدمن في سجون نظام الأسد.
إعلانويقول سليمان للجزيرة نت "لطالما كان هذا المكان بمثابة الصندوق الأسود للنظام البائد، والعرض فيه تحديدا هو تأكيد على دور الفنان في التعافي من الصراع وإثبات إرادة شعب ما زال يقاوم الذل والهوان."
وبشأن رمزية أعماله يضيف سليمان "هذه الأعمال هي شكل من أشكال الألم والوجع الذي كان يعاني منه المدمن في الزنزانة، وللمفارقة فإن النظام الذي كان يصنع المواد المخدرة ويروجها هو ذاته الذي كان يعتقل ويحاسب متعاطيها، ومن هنا كان اختيار الثيمة السريالية لتشكيلاتي".
بدورها، ترى الفنانة التشكيلية دنيا أيوب أن أهم رسالة يمكن أن ينقلها هذا المشروع هي "تأكيد حقيقة التعامل والتعذيب القاسي الذي كان يتعرض له المدمنون في فرع مكافحة المخدرات، إلى جانب العمل على تحويل مفهوم المكافحة إلى مفهوم المعالجة والمساهمة في إعادة تأهيل المدمن ودفعه إلى المجتمع مجددا ليكون فيه فردا فاعلا ومتمكنا".
وعبّرت أيوب في لوحة "الفراشة" -وهي لوحة من الخرز الماسي والأبيض تصور فراشة وهي تسقط في شبكة- عن حالة ما قبل الإدمان عندما ينظر الشباب إلى المخدرات التي يظنون أنها مغرية (الشبكة الماسية)، لكنهم يكتشفون بعد حين أن ما وقعوا فيه لم يكن إلا فخ الإدمان المميت.
من جهته، أشار الفنان بسام الحجلي إلى أهمية تسليط الضوء على حقيقة ترويج "النظام البائد" المواد المخدرة لأغراض سياسية خلال سنوات الحرب، مما أدى إلى تغييب الإنسان الحر عن واقعه وأهميته وحقوقه في وطنه.
وأضاف الحجلي في حديث للجزيرة نت إلى أن المخدرات هي "قتل بطيء للذات البشرية وانهيار لقيم المجتمع، ويكون السوريون بخير عندما ينتهي مجتمعنا من المخدرات، ولا سيما جيل الحرب الذي انجر إلى هذه المواد، سواء على جبهات القتال أو داخل المجتمع".
واعتبر أن المخدرات كانت استثمارا سياسيا في عهد النظام البائد لضرب البلد والإنسان، مؤكدا على دور الفن في المراحل الانتقالية من حياة الشعوب بوصفه "عين الحقيقة".
وشهد المعرض اهتماما رسميا وأهليا محليا، إذ زاره وفد من محافظة ريف دمشق، على رأسه مسؤول منطقة الغوطة الشرقية الدكتور محمد علي عامر، إلى جانب عدد من مشايخ الطائفة الدرزية ووجهاء مدينة جرمانا.
إعلانوعن أهمية المعرض في هذا التوقيت، قال عامر إنه يمثل فكرة جديدة قام بها مجموعة من الفنانين والفنانات سموا أنفسهم "تراكم" تعبيرا عن تراكم الأفكار والتجارب والمعلومات التي يمكن أن تقترح حلولا لمرض الإدمان الخطير "الذي أصّله النظام البائد في المجتمع وروّج له بدلا من محاربته ليصل أثره بذلك إلى كل دول العالم".
ويرى المسؤول في حديث للجزيرة نت أنه "من خلال مثل هذه التجمعات والمشاريع وغيرها يمكن من وضع خطة بالتعاون بين المجتمع المحلي والدولة لتحويل المدمنين من أشخاص ينظر لهم المجتمع كمجرمين إلى أشخاص لهم واقع أفضل".
بدوره، قال خالد بركة إن التجربة كانت مهمة ومميزة وغنية وتسهم في تغيير الصورة النمطية عن مدينة جرمانا التي كانت توصم بأنها مركز للمخدرات.
وبشأن أهداف المشروع الممتد إلى 15 يوما، يرى بركة أنها متمثلة في إعطاء مساحة للفنانين لمشاركة أعمالهم، وتحويل الفن من فن صالونات ومعارض إلى فن مجتمعي وسياسي يعطي صوتا للفنانين.
ويعتبر مشروع "دولة فارماكون" الفني والمجتمعي الأول من نوعه في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو استجابة مدنية وأهلية لظاهرة إدمان المخدرات التي تفشت بشكل غير مسبوق في سوريا التي حوّلها نظام الأسد إلى "إمبراطورية للمخدرات"، وفقا لتقارير صحفية عديدة.