عربي21:
2025-04-10@02:56:01 GMT

هل يستطيع العرب إدخال المساعدات إلى غزة؟

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

يطالب العرب بالإجماع بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، وتعززت تلك المطالب بقرار أممي صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة 27 أكتوبر.

تحيط بقطاع غزة 8 معابر، ستة منها تصل القطاع بالأراضي المحتلة عام 1948، وتسيطر عليها سلطات الاحتلال، التي تغلق أربعة منها بشكل تام، وتفتح معبرين بشكل متقطع هما: "بيت حانون" و"كرم أبو سالم"، بينما تسيطر مصر على معبرين آخرين، هما "رفح" و"بوابة صلاح الدين".



بعد إغلاق الاحتلال كافة المعابر التي يسيطر عليها يبقى معبر وحيد يمكن أن يكون مدخلا للمساعدات وهو معبر رفح، وهو معبر فلسطيني مصري خالص.

ما الذي يمنع فتح معبر رفح؟

المانع سياسي بحت، حيث يعمل المعبر وفق اتفاقية المعابر (عام 2005 التي وقعت عقب الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من القطاع بموافقة السلطة الفلسطينية) بالشراكة بين الإدارتين الفلسطينية والمصرية، وتُشرف عليه من الجانب الفلسطيني هيئة المعابر والحدود التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني، ويتم ذلك تحت رقابة الاتحاد الأوروبي.

وقد عارضت حماس بعد سيطرتها على الجانب الفلسطيني من المعبر عام 2007، مشاركة الاحتلال الإسرائيلي في تشغيل المعبر، كما توقفت الرقابة الأوروبية بسبب غياب قوات السلطة الفلسطينية، ورفض الأوروبيون التعامل مع الموظفين المحسوبين على حماس، الأمر الذي أدى إلى إبقاء المعبر مغلقا.

واعتبرت مصر أن المعبر في ظل غياب السلطة الفلسطينية والرقابة الأوروبية لا تتوافر فيه الشروط الواردة في الاتفاق، ومن ثم اعتبرت نفسها في حل من تشغيله بشكل طبيعي، رغم أن مصر لها القدرة الفعلية على فتح معبر رفح، فهو يقع ضمن سيادتها والمفروض أن لا تسمح لأحد بالتدخل في هذا الشأن السيادي، لكن للأسف فقد شهدنا إغلاقات مستمرة للمعبر.

هل تغير الوضع الآن؟

من المفروض أن الوضع قد تغير الآن بشكل كلي نتيجة الإغلاق التام للمعابر من الجانب الصهيوني الذي كان يعتمد سياسة التقطير للضغط على حماس متى شاء، ومنع الغذاء والدواء والوقود وهو بمثابة عقاب جماعي وجريمة حرب بتوصيفات القانون الدولي. ولذلك من غير المفهوم أن يبقى معبر رفح مغلقا أمام المساعدات الإنسانية والوقود التي تتكدس في مطار العريش قرب رفح. ومصر حاليا مسلحة بإجماع عربي وأممي بل وحتى غربي بضرورة إدخال المساعدات للقطاع.

إذن ما الذي يمنع ذلك؟

مع الإجماع العربي وحتى الغربي وجزء من الرأي الأمريكي وأغلبية دول العالم التي صوتت لصالح قرار الجمعية تطالب بإدخال المساعدات الإنسانية والوقود، فالطرف الوحيد في العالم الذي يرفض ذلك هو الكيان الصهيوني، وهنا تكمن المفارقة، فكيف يرفض الكيان إدخال مساعدات عبر معبر سيادي بين مصر وفلسطين؟

الدول العربية وعلى رأسها مصر دول ذات سيادة، وعليها التزام سياسي وأخلاقي وقومي للوقوف مع أهالي قطاع غزة، وهو ما قاموا به على نحو ما سياسيا، لكنهم عجزوا حتى الآن عن إيقاف العدوان وإدخال المساعدات.بالإضافة إلى الضغط الدبلوماسي والسياسي على القاهرة لمنع فتح المعبر، هناك تهديدات إسرائيلية بقصف المساعدات التي تدخل دون إذنه أو دون التنسيق معه، وقد أكد تلك التهديدات بقصف معبر رفح من الجانب الفلسطيني أكثر مرة.

هل هذا سبب كاف لمنع دخول المساعدات؟

في الواقع لا يبدو سببا كافيا، فالدول العربية وعلى رأسها مصر دول ذات سيادة، وعليها التزام سياسي وأخلاقي وقومي للوقوف مع أهالي قطاع غزة، وهو ما قاموا به على نحو ما سياسيا، لكنهم عجزوا حتى الآن عن إيقاف العدوان وإدخال المساعدات. فهل يمكن إبطال السبب الأخير وهو التهديد الصهيوني؟

يمكن ذلك بقليل من الجرأة والإرادة والإجماع العربي بالتعاون مع الدول الإسلامية، حيث يمكن رفع أعلام مصر والدول العربية والإسلامية على شاحنات المساعدات، ويمكن التنسيق مع الأونروا والصليب الأحمر ووكالات الأمم المتحدة لاستلام المساعدات حين وصولها للمستودعات وذلك حتى لا يتحدث أحد أن المساعدات هي لحماس.

لا يمكن للكيان أن يغامر بقصف شاحنات ترفع علم مصر وأعلام الدول العربية، وإذا ما قصف الطرق الرئيسية لإعاقة وصول المساعدات، فإن الجيش المصري قادر على إعادة إصلاحها بسرعة.

صحيح أن الولايات المتحدة ودول غربية سترفض هذه الخطة وستضغط على مصر والدول العربية لعدم التفكير بها، لكننا شهدنا أمثلة في الآونة الأخيرة على مواقف عربية مستقلة ضد الإرادة الأمريكية، فلماذا هنا يمكن أن يستجيبوا للضغط.

 لكن الوضع الكارثي الذي يعاني منه أهل غزة والصلف الصهيوني لا يترك المجال إلا لمثل هذا الأسلوب، وربما مجرد التلويح به سيؤدي إلى فتح معبر رفح بشكل دائم لإدخال المساعدات، فالواجب السياسي والأخلاقي والقومي يحتم على الدول العربية ذلك..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة مصر معبر رفح فتح مصر غزة فتح معبر رفح رهانات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة معبر رفح فتح معبر

إقرأ أيضاً:

هل يستطيع العلم المعاصر قياس الفقر؟

حظي موضوع الفقر أكثر من غيره من الموضوعات باهتمام متزايد خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين وسنوات الألفية الثالثة، ويمكن الجزم بأنه مثل أبرز الملفات التي استعصى حلُها، على الرغم من الاهتمام المنتظم للدول والحكومات بالظاهرة، تفكيرا، وتخطيطا وممارسة. والواقع أن الفقر من الآفات التي طبعت تاريخ البشرية، وعبرت عن جوانب العتمة في العلاقات الاجتماعية، غير أنه، في المقابل، أصبح خلال الربع الأخير من القرن العشرين موضوعا قابلا للتحليل العلمي، كما دلت على ذلك وفرةُ الأدبيات التي أغنت مختلف مجالات الفكر الاجتماعي الحديث.

فهكذا، نميل إلى الظن بأن تزايد وعي الناس بخطورة الفقر وتداعياته، وإدراك قيمة العدالة الاجتماعية في تأكيد تلاحم المجتمعات، وحماية وحدتها الوطنية والسياسية، وتكاثر موجات الاحتجاج على اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، كلها عوامل أسهمت في تصدر موضوع الفقر دائرة الاهتمام الدولي والوطني. وقد كان طبيعيا تخصيص الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة مكانة بارزة لموضوع الفقر، وحثت أعضاءها على صوغ سياسات عمومية تروم التخفيف من أضرار التفاوت وعدم التكافؤ في أفق ردم الهوة بين مكونات المجتمع الواحد، وتكفي الإشارة إلى انتظامية إصدار تقارير التنمية البشرية منذ العام 1990 من قبل "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" (UNDP).

شهدت السنوات الثلاثون الأخيرة من القرن العشرين ومستهل الألفية الجديدة، فيضا من الأدبيات في أكثر الدول تقدما في العالم، ركزت في مجملها على "براديغم" (Paradugme) توزيع الدخل لتحليل مسببات الفقر وآليات تجاوزه، والحال أن هذه المنهجية ظلت مُغرية إلى وقت قريب، غير أن الممارسة بينت عدم صلاحيتها المطلقة في الكشف عن طبيعة الفقر، من حيث هو آفة اجتماعية مهددة للأمن والسلم والتلاحم الوطني
فمن اللافت للانتباه أن دولا صغيرة الحجم مثل فنلندا، والسويد، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، أو متوسطة نسبيا مثل ماليزيا وإندونيسيا، حققت قفزات نوعية في سلم التنمية وقهر الفقر، بالاعتماد على الإنسان وقدراته الخلّاقة، حيث استثمرت في صقل مهاراته بالتربية والتعليم والتكوين الجيد، ووفرت له شروط الارتقاء والعطاء والاجتهاد، وبثت في روحه قيمة العدالة الاجتماعية والإحساس بعدم التفاوت والتكافؤ بين بني جلدته. وبالموازاة، نرى بلدانا أكثر أهمية من حيث الموارد المادية والبشرية، ومع ذلك تحظى بمراتب متدنية أو متواضعة، استنادا إلى الدراسات المسحية التي شكلت أكثر من قطر عربي في مجالات ذات قيمة محورية بالنسبة للتنمية، كالمعرفة والحرية وتمكين المرأة، وهو ما أبانته وكشفته بجلاء تقارير التنمية الإنسانية العربية الصادرة ما بين 2002 و2005.

ففي سياق السعي إلى مقاربة ظاهرة الفقر علميا، وفهم مصادرها الموضوعية، شهدت السنوات الثلاثون الأخيرة من القرن العشرين ومستهل الألفية الجديدة، فيضا من الأدبيات في أكثر الدول تقدما في العالم، ركزت في مجملها على "براديغم" (Paradugme) توزيع الدخل لتحليل مسببات الفقر وآليات تجاوزه، والحال أن هذه المنهجية ظلت مُغرية إلى وقت قريب، غير أن الممارسة بينت عدم صلاحيتها المطلقة في الكشف عن طبيعة الفقر، من حيث هو آفة اجتماعية مهددة للأمن والسلم والتلاحم الوطني.. فهكذا، لعب تغير البيئة السياسية في دول وسط وشرق أوروبا بعد العام 1989، وتوسع الفضاء الأوروبي، دورا مفصليا في تطوير أسس مقاربة الفقر، حيث أصبح مفهوم الفقر محددا من منظور الإقصاء الاجتماعي (Exclusion sociale)، ويشمل أكثر معايير الفقر والتفاوتات التقليدية القائمة على الدخل لوحده.

توسيع دائرة النظر إلى الفقر، باعتباره نقيضا للرفاه، وتعداد المؤشرات ذات الصلة بكرامة الإنسان في قياس مراتب التنمية ودرجاتها، لذلك، ومنذ ظهور أعماله الرائدة ذات الصلة، تغيرت منظورات العالم لمفهوم التنمية وآفة الفقر، وأصبح الفقراء لا يحدَدون من منطلق ما يعانون من عوز مادي فحسب، بل مما يعيشون من شنك وعسر في قدرتهم على المشاركة في تدبير شؤونهم بقدر متكافئ وشفاف ومسؤول
تنهض المقاربة الجديدة لظاهرة الفقر على مصفوفة من المعايير والمؤشرات التي تصلح قاعدة للمعالجة والتحليل، وتساعد أكثر من ذلك، على جعل الفقر معطى موضوعيا قابلا للقياس. فوفق هذه المقاربة متعددة الأبعاد، لا يعني الفقر مجرد الافتقار إلى ما يكفي من المال، ولا يعني فيها التفاوت مجرد اختلاف في الدخل المادي. فعلى سبيل المثال، شهدت دول الاتحاد الأوروبي نقاشا مستفيضا حول "الإقصاء الاجتماعي"، قبل أن تهتدي إلى التوافق حول فحص الفقر من منظور الحرمان من عدد من البضائع أو الخدمات، لا من منظور نقص الدخل في حد ذاته، ما ساعد على صياغة مجموعة من المؤشرات، عوض الاقتصار على "براديغم" توزيع الدخل، وما تترتب عته من الإسقاطات والآثار. والأكثر من ذلك، فتحت المقاربة المتعددة فرصا نوعية لمراجعة المفاهيم الأصولية للفقر والتفاوت، وتم التشجيع عليها في أعمال "أمارتيا سن"، الحائز على جائزة نوبل، وفي صدارتها تلازم "التنمية والحرية"، وضرورة الربط بين التنمية والقدرة على المشاركة بمختلف أنواعها ومستوياتها، وهو ما أوضحه بقوله: "الاهتمام بالحريات الإيجابية يؤدي مباشرة إلى تثمين قدرات الأشخاص، وتثمين ما من شأنها تنمية هذه القدرات، وترتبط بفكرة القدرات ارتباطا وثيقا بأداء الشخص، وهذا يتناقض مع ملكية البضائع وصفات البضائع المملوكة، وما يتولد عنها من نفع..".

إن روح منهجية "أمارتيا سن" في تأصيل مفهوم التنمية تكمن في قدرتها على توسيع دائرة النظر إلى الفقر، باعتباره نقيضا للرفاه، وتعداد المؤشرات ذات الصلة بكرامة الإنسان في قياس مراتب التنمية ودرجاتها، لذلك، ومنذ ظهور أعماله الرائدة ذات الصلة، تغيرت منظورات العالم لمفهوم التنمية وآفة الفقر، وأصبح الفقراء لا يحدَدون من منطلق ما يعانون من عوز مادي فحسب، بل مما يعيشون من شنك وعسر في قدرتهم على المشاركة في تدبير شؤونهم بقدر متكافئ وشفاف ومسؤول، سواء في توزيع الثروة والاستفادة من الخيرات، أو في التداول على السلطة والتعاقب على ممارستها.

مقالات مشابهة

  • الأمين العام للأمم المتحدة: لا يمكن إدخال أي مساعدات إنسانية إلى غزة حاليًا
  • تحقيق أمريكي: اتفاق ستوكهولم الفاشل.. الصفقة الأممية التي أنقذت الحوثيين من الانهيار
  • السفير حسين هريدي: إدخال المساعدات لغزة يعد واحدا من الملفات الملحة على لائحة أولويات مصر
  • ماكرون يصل العريش بالقرب من معبر رفح لتقديم "الدعم الإنساني" لسكان غزة
  • الخارجية الأمريكية: لا يمكن لحماس الاستمرار في لعب أي دور بغزة
  • دبلوماسي سوداني يتفقد العالقين بـ”معبر أرقين”
  • هل يستطيع العلم المعاصر قياس الفقر؟
  • جيش الاحتلال يقترح إدخال المساعدات لغزة دون انتظار صفقة
  • إسرائيل تستعد لاستئناف إدخال المساعدات إلى غزة بطريقة جديدة
  • محمد حجازي: فرنسا تدعم الخطة العربية وموقف مصر الداعي لعقد مؤتمر دولي لإعمار غزة