نشر مركز أبحاث روسي تقريرا يقارن بين الحرب الحالية على غزة، وحرب 1973، وقال، إن العديد من الخبراء قدّموا "تصورات" مروعة لتطور الوضع تستند إلى حقيقة أن العالم الإسلامي، والدول العربية جزء لا يتجزأ منه، تمتلك إمكانات بشرية واقتصادية وعسكرية متكاملة لا تترك مجالا لإسرائيل لخوض حرب واسعة النطاق، غير أن الشيطان يكمن في التفاصيل.

وفي المقال الذي نشره موقع "المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات"، يشرح الكاتب أنطون فيسيلوف بأن العرب اتفقوا خلال الدورة 26 لقمة جامعة الدول العربية في 29 مارس/آذار 2015، على إنشاء قوات مسلحة إقليمية موحّدة لمواجهة التهديدات الأمنية بشكل مشترك، لكن هذا الاتفاق ظل مجرد حبر على ورق.

وأكد أنه على الرغم من اتخاذ العرب في العديد من المناسبات خطوات للتوحد وتنسيق التحرك وتكوين جبهة موحدة، غير أن خاصية "اتفق العرب على أن لا يتفقوا" طغت على ذلك، والتاريخ يؤكد ذلك.

أقطار مشتتة

وقد ألهمت أفكار الوحدة العربية كثيرين وأدّت إلى إنشاء الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا)، التي استمر وجودها 3 سنوات فقط ما بين 1958 و1961، في حين باءت جميع محاولات إنشاء الاتحادات المختلفة التي ضمت: مصر وسوريا والسودان والعراق وتونس وليبيا بالإخفاق.

ونتيجة لذلك نشأت "قيادات إقليمية"، ولم تعُد العلاقات بين الدول العربية المتجاورة مثالا لحسن الجوار.

وأوضح الكاتب بأن الانشقاق داخل الوسط العربي يعزز ثقة إسرائيل في نفسها، إضافة إلى ذلك، ولّدت سياسة الإفلات من العقاب تساهلا لافتا مع إسرائيل، مما جعل سلاح الجو الإسرائيلي يستهين بلبنان ويستخدم مجاله الجوي لشن هجمات على سوريا.

وفي الوقت الحالي، بينما ينشغل ملايين العرب بتنظيم مسيرات واحتجاجات حول العالم، يواصل الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي تحويل ما تبقى من قطاع غزة إلى رماد.


تنديد فقط

وقال الكاتب، إنه بعد مقتل مئات الفلسطينيين في أحد مستشفيات غزة في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أغلبهم من النساء والأطفال، عقد زعماء الدول العربية عشرات المشاورات والاجتماعات الطارئة، أدانوا خلالها عمليات القصف، وناشدوا الدول الرائدة بالتدخل لوقف المذبحة.

وبعد 4 أيام من المفاوضات المكثفة، سُمح لـ20 شاحنة تحمل الضروريات الأساسية بالدخول إلى جنوب غزة. وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، انعقدت في القاهرة "قمة السلام حول غزة" بمشاركة ممثلين عن أكثر من 30 دولة، لم يتمخض عنها أي نتائج.

وكشف الكاتب بأنه خلال ذلك، زار قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا القاهرة، حيث كان في استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأكد الطرفان خلال اللقاء اهتمامهما بتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة الأميركية. وقد شدد السيسي على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي لاحتواء الأزمة في قطاع غزة ووقف تصعيدها.

ويشير خبراء عسكريون -حسب تقرير المركز الروسي- إلى أن الأمر يتعلق بالدعم "اللوجستي" من مصر لوحدات البحرية الأميركية القريبة من مسرح الحرب.

وأكد الكاتب أن احتمال دخول إيران في الصراع يقضّ مضجع إسرائيل والغرب، غير أن الخوف تبدد عندما قال المندوب الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، إن "القوات المسلحة الإيرانية لن تشارك في القتال في حال قيام إسرائيل بعملية برية في قطاع غزة، إلا إذا هاجمت تل أبيب الأراضي الإيرانية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدول العربیة

إقرأ أيضاً:

دعم شعبي ثابت في الدول العربية للفلسطينيين من دون تأثير على الحكومات

بعد سنة على اندلاع الحرب في قطاع غزة، لم يخفت الدعم الشعبي الثابت للفلسطينيين في البلدان العربية، لكن من دون أن يقترن بقرارات أو بخطوات موازية من جانب حكومات هذه الدول التي يطالبها المتضامنون بقطع علاقاتها مع إسرائيل.

قبيل تظاهرة في المنامة منتصف سبتمبر، قال الشاب البحريني أحمد (27 عاما)، مفضلا عدم ذكر اسمه كاملا، « تتجاهل حكومتنا مثل بقية الحكومات العربية مطالب شعوبها، بما فيها قطع العلاقات مع الكيان (الإسرائيلي) الغاصب وطرد سفيره ».

على المستوى الرسمي، تجمع الدول العربية على إدانة الرد الإسرائيلي على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023.

لكن الحرب المستمرة في غزة والمتمددة إلى لبنان لم تسفر عما هو أبعد من الانتقادات العلنية، باستثناء قرار السعودية رفض أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل من دون إقامة الدولة الفلسطينية.

كذلك، لا يشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة سوى الوسيطين التقليديين مصر وقطر.

وجاء الرد الأقوى في المنطقة، الثلاثاء، من طرف إيران التي شنت هجوما صاروخيا على إسرائيل.

قبل فترة قصيرة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي « السؤال المطروح هو هل إلغاء اتفاقية السلام يخدم فلسطين ويخدم الأردن، نحن لا نعتقد ذلك »، رغم إقراره أن الاتفاقية الموقعة العام 1994 « باتت وثيقة يملؤها الغبار ».

في المقابل، ترتفع الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية في الشارع في البلدان التي يسمح فيها بالتظاهر.

وتجمع التظاهرات على اعتبار « التطبيع خيانة » و »فلسطين أمانة »، كما يردد المتظاهرون في البحرين والمغرب اللذان طبعا على غرار الإمارات والسودان العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل منذ أواخر العام 2020 برعاية أمريكية.

في الرباط، يوضح عضو مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، رشيد فلولي، أن المغرب شهد منذ بدء الحرب في غزة حوالى 5 آلاف تظاهرة، إضافة إلى عدة مسيرات وطنية للتضامن مع فلسطين والمطالبة بإسقاط اتفاق التطبيع.

يعتبر فلولي الذي يتظاهر مرتين في الأسبوع بالرباط، أن المكسب الأهم يتمثل في حشد « جيل جديد » مؤيد للقضية الفلسطينية. لكن ذلك لم يؤثر على الحكومة المغربية، علما أن اتفاق التطبيع يتضمن أيضا اعتراف واشنطن بسيادة المملكة على الصحراء.

يقول الباحث في معهد دول الخليج العربية بواشنطن حسين إبيش، إن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل « كانت لديها أسباب لذلك، وهذه الأسباب لا تزال قائمة ».

من جهته، يؤكد مدير منطقة شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابياني وجود الكثير من المصالح التي تحول دون تغيير الوضع، مثل اتفاقيات التعاون الأمني والدعم الدبلوماسي، ونقل التكنولوجيا العسكرية فضلا عن الاستفادة من الدعم الأمريكي.

ويتابع « هناك أيضا مسألة عدم التراجع أمام الضغوط الشعبية، الذي قد يشكل سابقة خطرة بالنسبة لجزء غير يسير من تلك البلدان ».

ويرى حسين إبيش أن « كابوس » المنطقة يتمثل « بعودة ظهور كل المطالب التي رفعت خلال الربيع العربي والتي لم تتم الاستجابة لها ».

ويوضح « المعادلة هي أن قمع (الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين) سيعطي الكلمة لأولئك الذين يمكن أن يطرحوا قضايا سوء الإدارة والمعاملة القاسية وغياب دولة القانون والبطالة… ».

ويعتبر أن ثمة انفصالا إلى حد كبير بين الشعوب ومسارات صنع القرار التي تظل مغلقة من طرف القادة، بحيث لا يبقى أمامها سوى التعبير عن « عواطفها » إزاء الحرب، رافضا في الوقت نفسه فكرة وجود « شارع عربي » موحد.

ويخلص إلى أن السلطات « قررت أن السماح بالتظاهرات يتيح تنفيس الضغط ويعد أكثر أمانا ».

في البلدان التي يمنع فيها التعبير في الشوارع، يتخذ التضامن مع الفلسطينيين أشكالا أخرى.

في مصر، وهي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل في العام 1979، يعبر عن هذا التضامن من خلال حملة لمقاطعة الشركات التي تعتبر داعمة لإسرائيل، بينما تم تفريق تظاهرات في الشارع بسرعة العام الماضي.

في هذا الصدد، طرح مؤيدون للقضية الفلسطينية تطبيقا يحمل على الهاتف لكشف ما إذا كانت السلع من إنتاج إحدى الشركات التي يجب مقاطعتها. ويوضح مصممو التطبيق المسمى « قضيتي » أن « فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم ».

يرى فابياني « من الواضح برأيي أن هذا ليس له تأثير ».

لكنه يستطرد « هناك أجيال نشأت بعد الربيع العربي ولم تعرف بالتالي إمكانية التعبير بحرية عن آرائها، واليوم يتشكل لديها وعي سياسي من خلال القضية الفلسطينية ».

ويضيف « السؤال المطروح هو ما إذا كنا سنرى بروز أجيال جديدة من السياسيين في غضون خمسة أو عشرة أعوام في تلك البلدان ».

في انتظار ذلك تتيح مواقع التواصل الاجتماعي حرية أكبر للتعبير، حيث لا يزال هاشتاغ « لا ننسى » متداولا منذ عام.

 

فرانس برس

كلمات دلالية احتاجاجات العرب المغرب حرب فلسطين لبنان

مقالات مشابهة

  • تضامن عربي واسع مع لبنان والجامعة العربية تحذر من مخاطر حرب إقليمية
  • الكاتب الأمريكي جوناثان فرانزين: زيارة المملكة تجربة ثرية والعيش فيها حلم المملكة العربية السعودية
  • خبير سياحي: إقبال كبير من الزوار العرب على المقاصد المصرية خلال 2024
  • الاتحاد الأوروبي في حالة انقسام.. الدول تتباين في مواقفها بشأن الرسوم على السيارات الصينية
  • كلّف العرب كثيرًا.. أنور قرقاش يثير تفاعلًا بتدوينة عن زمن الميليشيات في الدول العربية والمنطقة
  • ???? على السودان الإنسحاب من الإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية
  • إمدادات النفط الإيراني على المحك وسط تصاعد الصراع مع إسرائيل (خريطة)
  • ناشطون يهاجمون مقر جامعة الدول العربية في تونس احتجاجا على موقفها من الحرب على فلسطين ولبنان
  • مجلس جامعة الدول العربية يدين العدوان الاسرائيلي على لبنان ويصفه بـالهمجي
  • دعم شعبي ثابت في الدول العربية للفلسطينيين من دون تأثير على الحكومات