حرب غزة تطاول اليمن..شح السيولة وتدهور الريال واشتعال المضاربة
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
عدن الغد / متابعات
يعيش اليمن على وقع أزمة نقدية تزداد تفاقماً مع انخفاض السيولة من الأوراق النقدية على مستوى الريال اليمني والعملات الأجنبية، ملقيةً بتبعات وخيمة تطاول الاقتصاد الوطني وسط تراجع إضافي لقيمة العملة المحلية، وتأثر برامج الإصلاحات الحكومية، وكذا تزايد المشكلات المرتبطة باستيعاب المنح المالية من الدولار وتمويلات المانحين والصناديق والمؤسسات المالية الدولية، ما يغذي المخاوف من المزيد من التناقص في المساعدات الدولية.
وأكد متعاملون مصرفيون في مختلف الأسواق النقدية اليمنية أن هناك أزمة سيولة خانقة زادت حدتها خلال الأيام الماضية بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث يسود قلق واسع في سوق الصرف بمختلف المناطق اليمنية وسط ضبابية الأوضاع في المنطقة ومآلاتها وحجم تأثيراتها على التمويلات والمنح الدولية التي يعتمد عليها اليمن في توفير العملة الصعبة لضبط السوق النقدية وتمويل استيراد السلع والمواد الأساسية.
يأتي ذلك في ظل تفاقم الأزمة النقدية وصعوبة الحصول على العملة المحلية من الفئات الورقية في صنعاء وجزء من مناطق شمال اليمن في ظل تخوف الأسواق من الأحداث المشتعلة في المنطقة نتيجة العدوان الإسرائيلي، وسط توقعات بتبعات سلبية وأضرار بالغة على الأسواق المحلية المصرفية والتجارية، والعملة المحلية والاقتصاد.
يضاف إلى ذلك، تفاقم الأزمة النقدية في عدن ومناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً مع اضطراب سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية وشح الدولار في ظل ما تواجه الجهات المعنية من صعوبات وتعقيدات في الحفاظ على السيولة والموارد النقدية.
يؤكد الخبير الاقتصادي مطهر عبدالله، ، أن الضرورة تقتضي خلال الفترة الراهنة تركيز السلطات الحاكمة في اليمن على الوضع الراهن الذي فرضته الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، وأن الأوضاع بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول لن تكون كما قبلها لذا يجب وضع الخطط اللازمة والطارئة لمواجهة التبعات التي سيتعرض لها اليمن على مستوى الأسواق النقدية وتهاوي العملة المحلية التي تشهد تراجعاً تدريجياً خلال الأيام الماضية.
•تدهور العملة
ورصد "العربي الجديد"، تدهور مقلق لسعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، إذ تجاوز حاجز 1500 ريال للدولار الواحد الخميس 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لأول مرة منذ أكثر من عامين في عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دولياً، في حين ارتفع سعر صرف الدولار إلى 540 ريالاً من 528 ريالاً في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين.
الباحث المصرفي محمود السهمي يحذر في حديثه مع "العربي الجديد"، من تقاعس السلطات اليمنية التي يبدو عليها الارتباك الشديد من تبعات ما يحصل من منطقة وعدم الاستعداد لما قد يطاول اليمن من آثار بدأت تتسلل منذ أيام إلى سوق الصرف التي تخضع لسيطرة المضاربين، إذ يتوقع استغلال هذا الوضع من قبل المضاربين في التلاعب بالعملة المحلية كما بدأ ذلك يظهر في سحب العملة من الدولار ورفض الكثير من الصرافين البيع والاكتفاء بالشراء.
وتركز الحكومة اليمنية منذ أيام على الأزمة الكارثية التي خلفها إعصار "تيج" الذي ضرب المحافظات الشرقية من اليمن، وتجدد تفاقم أزمة الكهرباء والإشكالات الحاصلة في تزويد محطات الوقود بالكهرباء في عدن.
الباحث المالي والمصرفي نشوان سلام يوضح أن هناك أمرا واقعا تستمر السلطات المنقسمة بتكريسه في مناطق نفوذها والذي يضاعف أعباء وتكلفة معالجته مستقبلاً، إذ تسبب كل ذلك في هذا الوضع السيئ الذي يمر به اليمن في ظل تبعات مكلفة خلفها الصراع وانقسام السياسة النقدية وتدفقات النقد الأجنبي وتسييل العجز المالي.
ويتطرق سلام إلى استغلال بعض الأطراف للأحداث الجارية المشتعلة في المنطقة في تنفيذ مخططاتها في سوق الصرف ونهب السيولة المتوافرة أو سحبها من الأسواق، وكذا فرض قوانين إلزامية لرفع الأوعية الجبائية كما هو حاصل في صنعاء.
•شكاوى المواطنين
وتبحث الحكومة اليمنية العديد من الخيارات للحفاظ على السيولة النقدية كصرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق إدارتها عبر البنوك والمصارف المؤهلة. وذكر مصدر حكومي مسؤول، ، أن ذلك لا يأتي فقط لمعالجة الاختلالات والمشكلة القائمة في السوق النقدية واستعادة الدورة النقدية واستدامة قنوات تدفق السيولة بصورة مناسبة، بل أيضاً لتنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة والهادفة لمكافحة الفساد في المؤسسات العامة وتعزيز موارد الدولة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
في السياق، يشكو مواطنون ومتعاملون في سوق الصرف من النهب الذي يتعرضون له نتيجة مصارفتهم للدولار أو استلام الحوالات ومختلف المعاملات النقدية اليومية ووضعية النقود المتداولة، والاستغلال وانخفاض المبالغ المالية التي يتم تحويلها نتيجة تداول أوراق ممزقة يتم التخلص منها لعدم قبولها في التعاملات اليومية، ناهيك عن عملية التداول النقدي بين المناطق اليمنية التي تتداول تسعيرتين ونظامين مصرفيين مختلفين.
المواطن جبران سعيد، يوضح، أن البنوك في صنعاء قلصت بنسبة كبيرة عملية التداول من الأوراق النقدية المحلية إذ لا يستطيع عملاؤها سحب احتياجاتهم واستخدام ودائعهم بسبب ما تقول هذه المصارف إنها أزمة سيولة تواجهها، إضافة وفق حديث مسؤول في أحد المصارف ، إلى ما تواجهه المصارف من إجراءات تعسفية تهدد مراكزها المالية من قبل سلطة صنعاء.
•مطالبات بإيجاد الحلول
بدوره، يشرح المحلل المصرفي اليمني علي التويتي،، أن هناك توسعا لمشكلة السيولة في الأسواق اليمنية وسط تضخم تدريجي لتبعاتها، ما يتطلب ضرورة البحث عن الأدوات والوسائل والحلول المناسبة لمواجهتها بما فيها تفعيل المحافظ الإلكترونية التي يرى أنها أصبحت ضرورة ملحة في ظل تفاقم هذه المشكلة النقدية خلال الفترة الماضية.
ويؤكد التويتي أن هناك نقصا في السيولة على مستوى الريال اليمني، والدولار والريال السعودي حيث يتم استغلال المواطن اليمني بطرق عدة في ظل تعدد أنواع سعر الصرف في الأسواق؛ من أهمها سعر النقد، والسعر بالحساب، إضافة إلى أن هناك أسعار المقابل، وهو ما يعتبره استغلالا بشعاً مع تمدد هذه الحالة، كالقيام بمصارفة سعر صرف الريال السعودي مقابل دولار نقدي، وكذا على مستوى الحسابات المالية.
المصدر/العربي الجديد
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: العملة المحلیة سوق الصرف على مستوى فی صنعاء أن هناک سعر صرف
إقرأ أيضاً:
سياسات الحوثيين النقدية.. عبث اقتصادي يفاقم أزمات اليمنيين
تواصل مليشيا الحوثي العبث بالسياسة النقدية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ضاربة بعرض الحائط التداعيات الكارثية لقراراتها العشوائية التي تزيد من معاناة المواطنين.
ففي خطوة تكشف التخبط وسوء الإدارة، أعلن البنك المركزي في صنعاء المختطف من المليشيا رفع سقف السحب النقدي لصغار المودعين، تزامنًا مع إتلاف كميات ضخمة من العملة التالفة، في إجراءات وصفها خبراء اقتصاديون بأنها تهدف إلى تضليل الشارع والتغطية على الفشل الذريع في إدارة الاقتصاد.
عمّقت المليشيا الانقسام النقدي عبر فرض سياسات مالية انعزالية قطعت صنعاء عن الدورة المالية لبقية المحافظات، مما أدى إلى شح السيولة وارتفاع تكاليف المعاملات المالية.
وأكد خبراء اقتصاديون أن قرار رفع سقف السحب النقدي من 100 ألف إلى 200 ألف ريال شهريًا ليس سوى محاولة يائسة لامتصاص الغضب الشعبي، بينما الحقيقة أن البنوك عاجزة عن تلبية الطلبات بسبب القيود المفروضة عليها من قبل سلطة الحوثيين.
واعتبروا أن الجماعة تحاول خداع المواطنين بإجراءات شكلية، بينما هي في الواقع تواصل مصادرة الأموال والاستحواذ على موارد النقد لصالح قياداتها والمجهود الحربي.
عمد الحوثيون إلى إتلاف 13 مليار ريال من العملة التالفة دون طباعة بدائل، في خطوة تعكس مدى العجز المالي الذي يواجهونه.
وأوضح خبراء أن هذه الخطوة ليست سوى محاولة أخرى لتبرير سرقة السيولة النقدية وإخفاء فشلهم في إدارة القطاع المصرفي، حيث يدرك الحوثيون أن قدرتهم على طباعة عملة جديدة شبه معدومة بسبب العقوبات الدولية، وهو ما يجعلهم يلجؤون إلى إجراءات تزيد من خنق الاقتصاد المحلي.
يتحمل الحوثيون المسؤولية الكاملة عن خلق أزمة نقدية خانقة من خلال سياساتهم العبثية التي دمرت المنظومة المصرفية في صنعاء. فبدلًا من البحث عن حلول حقيقية لتخفيف معاناة اليمنيين، تواصل الجماعة نهب الاحتياطي النقدي وإغلاق أبواب البنوك أمام المودعين، ما يدفع المواطنين والشركات إلى اللجوء للسوق السوداء، حيث يتحكم تجار الحرب التابعون لها بأسعار العملات والفوائد المالية.
يتجه الوضع نحو مزيد من الانهيار، مع استمرار الحوثيين في فرض إجراءات غير مدروسة تزيد من عزلة صنعاء المالية وتفاقم أزمة السيولة.
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن هذه السياسات لن تؤدي إلا إلى مزيد من الإفقار والتجويع، حيث تفقد العملة المحلية قيمتها، وتزداد تكلفة المعاملات المالية، ويعاني المواطن من أزمة سيولة خانقة دون أي حلول تلوح في الأفق.
لقد أصبح واضحًا أن الحوثيين لا يديرون السياسة النقدية لخدمة الاقتصاد أو حماية مصالح المواطنين، بل يستخدمونها كأداة للابتزاز والسيطرة ونهب الأموال.
ومع استمرار هذا النهج الكارثي، يواجه اليمنيون في مناطق سيطرة الجماعة مستقبلاً مظلمًا، حيث يتفاقم الانقسام النقدي، وتغيب أي مؤشرات على إصلاح اقتصادي، بينما تتكدس ثروات قيادات الحوثي على حساب معاناة الملايين.