نجاة عبد الرحمن تكتب : نصر أكتوبر ملهم لطوفان الأقصى
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
إن نصر 6 أكتوبر 1973 كان الطريق لطوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، ومن الواضح أن حركات المقاومة الفلسطينية بدأت بدراسة نموذج حرب أكتوبر عام 1973، الذي لا يزال مصدرًا ملهمًا لكثير من الجيوش، سواء في التخطيط والخداع الاستراتيجي، أو التنفيذ على أرض الواقع على المستوى السياسي والعسكري.
قدم نصر أكتوبر نموذجًا للخداع الاستراتيجي بشكل متفرد لا يقل أهمية عن نماذج الخداع الاستراتيجي المعروفة والموثقة في التاريخ العسكري كنموذج "بيرل هاربر" والهجوم الألماني على الاتحاد السوفييتي سابقًا خلال الحرب العالمية الثانية، ويزال النموذج المصري ملهما لكل محارب في شتى بقاع الأرض من حيث التوقيت والزمان والمكان، وحرف انتباه العدو عن حقيقة ما تم الإعداد العملي له على الجبهة المصرية والسورية؛ في الجانب الدبلوماسي كانت التوجهات الدبلوماسية لمصر لسفرائها وممثليها في الخارج التركيز على أن مصر تريد استعادة سيناء بواسطة الحل السلمى، وأن إسرائيل ترفض قرارات مجلس الأمن الذي صدرت عنه بعد عدوان 1967، وكذلك ترفض المبادرات المصرية التي تقدمت بها مصر قبل حرب أكتوبر، ثم أن دور الإعلام المصري حينها كان متميزا لإنجاز ذات المهمة، لتضليل العدو عن موعد نشوب الحرب.
النموذج المصري في الخداع الاستراتيجي خلال حرب أكتوبر، قامت حركات المقاومة الفلسطينية بدراسته واستخلاص الدروس منه وظهر ذلك خلال تكتيكات الهجوم على إسرائيل، التي تتمثل في الإرادة والسرية والتكتم والتخطيط والتمهيد لإحداث المفاجأة الاستراتيجية.
من السابق لأوانه أن تعلن المقاومة الفلسطينية وفى مقدمتها حركة حماس، أنها من قامت وفق كافة الدلائل والتصريحات المعلنة بالعبء الأكبر، في التخطيط والتنفيذ لعملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر عام 2023، نقلة استراتيجية في المواجهة مع إسرائيل عن أسرار التخطيط لطوفان الأقصى.
عدم الكشف عن ذلك احتياط مهم في مواجهة العدو، لعدم الالتفات لنقاط ضعفه والثغرات الأمنية التي أدت إلى تنفيذ تلك العملية المعقدة والمتعددة الأبعاد من الناحية الاستراتيجية والسياسية، والإبقاء على الغموض والإبهام الذي أحاط بالتخطيط والتنفيذ، وهو الغموض الذي يثير البلبلة في صفوف إسرائيل، ويثير حفيظة المؤسسة الأمنية والعسكرية التي بالغت –فيما يبدو- في تقدير منعتها وحصانتها في مواجهة الشعب الفلسطيني والمقاومة.
وأعتقد أن الكشف تدريجيًا عن كواليس التخطيط والتنفيذ والأسس الاستراتيجية، التي تقف وراءها، يرتهن بمصير المواجهة الراهنة والنتائج التي قد تسفر عنها.
وسيكون الكشف عن كيفية عدم تسريب أي معلومات بالرغم من العيون الإسرائيلية المقصود بها شبكات الاستخبارات العسكرية والداخلية والخارجية؛ "أمان" الخاصة بالاستخبارات العسكرية و"الموساد" الخاص بالاستخبارات الخارجية و"الشاباك" الخاص بالاستخبارات الداخلية، فضلاً، عن الوحدة 8200 التي يقال عنها إنها بمقدورها أن ترصد الذبابة عندما تقترب من الجدار الذي يفصل غزة عن أراضى 1948 والمستوطنات القائمة في ما يسمى بغلاف غزة"، فضلاً عن طرق ووسائل تدبير المُعِدَّات والأسلحة وأجهزة الرصد والمعلومات والإسناد الصاروخي والبري؛ لاستمرار عملية طوفان الأقصى لعدة أيام متواصلة في ظل توحش الجيش الإسرائيلي الذي استخدم الوحشية البربرية لإبادة شعب غزة الأعزل.
ولكن يظل تساؤل يطرح نفسه كيف غفلت إسرائيل عن نفس الدرس مرتين على الرغْم مما تشيعه عن نفسها بأنها الجيش الذي لا يقهر وأنها تمتلك منظومة أسلحة وأجهزة استخبارات متطورة للغاية بخلاف مساندة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية لها ؟!
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
روني كاسريلز.. حان الوقت لتغيير حق الفيتو الذي يحمي إسرائيل
أوضح القيادي في حركة تحرير جنوب أفريقيا روني كاسريلز -يهودي الديانة وينتمي لبيض جنوب أفريقيا– أن إسرائيل تنشر الخراب في المنطقة، ليس فقط بارتكابها جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، ولكن بهجومها على لبنان ودخول أراضيه، والاعتداءات المتكررة على سوريا والعراق واليمن، وأن السبيل الوحيد لوقف هذا الخراب هو حرمان الآلة العسكرية لإسرائيل من الأسلحة التي تقدمها لها الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى تساعد إسرائيل على ارتكاب هذه الجرائم.
وزير دفاع جنوب أفريقيا جو موديز (وسط)، ورئيس مجلس إدارة شركة أرمسكور رون هايوود (يسار) وروني كاسريلز (رويترز)وأضاف أن السبيل لوقف تدفق الأسلحة على إسرائيل يمر عبر الأمم المتحدة التي تتعامل معها واشنطن وتل أبيب بشكل مهين، مشيرا إلى أن تلك الخطوة هي مسؤولية المجتمع الدولي بأسره لانتهاك هذه الدول للقانون الدولي وحقوق الإنسان والقرارات الدولية كافة.
وبشأن فرص فرض عقوبات ملزمة على إسرائيل لجرائمها في ضوء الحصانة والحماية التي تحظى بها من الدول الغربية، أكد كاسريلز أنها مسألة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، مشيرا إلى ما وصفه بنفاق الدول الغربية التي تحتشد لدعم أوكرانيا، في حين تدعم دولة عدوانية مثل إسرائيل.
روني كاسريلز وناليدي باندور (وزير العلاقات الدولية والتعاون) في المحاضرة التذكارية السنوية الثانية لشيرين أبو عاقلة (غيتي)وردا على سؤال افتراضي عما إذا كان له أن يعود بالزمن لكي يختار محاربة أي النظامين العنصريين في جنوب أفريقيا أم ذلك الذي في إسرائيل، قال كاسريلز "أنا جنوب أفريقي من أصل يهودي ولكني لست صهيونيا، وأرفض تلك الوصفة الصهيونية من أن معاداة السامية هي أمر متأصل في الإنسانية، كما أن طريقة التعامل مع أي شكل من أشكال العنصرية تتلخص في النضال ضده، مثلما فعلت أنا بانضمامي لحركة التحرر الوطني من أجل الديمقراطية في جنوب أفريقيا، وهو ما يفعله اليهود الصالحون المناهضون للصهيونية الذين يرفضون الذهاب إلى مستوطنة استعمارية صهيونية أقيمت على أرض انتزعت من شعبها الأصلي"، وأوضح أن ذلك هو الذي يدفعه -مع كثير من اليهود- إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأن الأمر لا يتعلق باختيار أي النظامين كان سيختاره للتصدي له.
إعلانوأعرب كاسريلز عن امتنانه لأجداده الذين اختاروا الهجرة من ليتوانيا في أوروبا إلى جنوب أفريقيا، وليس إلى فلسطين كي يحلوا محل أهلها. وقال كاسريلز أن أبويه ربياه على احترام الآخر حتى وإن كان مختلفا عنهم، وهو الذي ساعده على التمرد على نظام الفصل العنصري في العشرين من عمره، وعلى انضمامه إلى حركة المؤتمر الوطني الأفريقي للتحرر والحزب الشيوعي، وجعله مؤيدا للحقوق المطلقة للشعب الفلسطيني.
أعضاء لجنة التحقيق الدولية (آي في سي) كريس ماكابي (يسار)، وروني كاسريلس (وسط)، ورام مانيكالينغام (يمين) -المحكمة العليا مدريد في 23 فبراير/شباط 2014- (رويترز)وبخصوص خطاب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في مجلس الشيوخ -عندما كان عضوا فيه عام 1986- الذي انتقد فيه بعنف حكومته بسبب تقاعسها بشأن ما وصفه بالنظام العنصري الأبيض المثير للاشمئزاز في جنوب أفريقيا، كما وصف حكومته بأنها تفتقر إلى العمود الفقري الأخلاقي، وأكد ضرورة أن تنحاز واشنطن للسود المقموعين، ثم بعد 38 عاما، يقف بايدن رئيسا وهو يدعم بشكل مطلق الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وصف كاسريلز الرئيس الأميركي بالانتهازية والنفاق حتى عندما كان يتحدث مدافعا عن السود في جنوب أفريقيا.
بايدن انتهازي مطلق وطالما تنفس كذباوكشف كاسريلز عن واقعة سبقت خطابه عام 1986، إذ كذب خلالها بايدن كذبا واضحا عندما ادعى أنه في زيارة سابقة لجنوب أفريقيا تم القبض عليه بسبب أنشطته المناهضة للفصل العنصري، وقد ثبت لنا فيما بعد أن تلك الحادثة لم تقع قط، وإنما كانت كذبة لتعزيز مكانته بدافع من انتهازيته، وهو ما تكرر على مدار مسيرته المهنية، واصفا الرئيس الأميركي بأنه عار مطلق على البشرية هو ونخبته الذين يحكمون الولايات المتحدة. وأضاف أن الإبادة الجماعية ترتكبها إسرائيل بذخائر الموت والأموال التي توفرها الولايات المتحدة، مؤكدا أنه يحتقر هذا الرجل الذي يضر بالشعب الأميركي وبالإنسانية.
إعلانوحول إمكانية التوصل إلى حل تفاوضي بشأن وطن للفلسطينيين على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا بالرغم من خطورة جرائم إسرائيل، قال كاسريلز "لقد كنا نناضل من أجل دولة ديمقراطية موحدة، وليس للوصول إلى تسوية تفاوضية مع قوة استعمارية حاكمة، وكان هذا يعني إنهاء سيطرتها السياسية على البلاد والقبول بدولة واحدة ديمقراطية يتساوى فيها الجميع، وهو السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية لتكون فلسطين دولة من النهر إلى البحر لجميع مواطنيها، بغض النظر عن كونهم يهودا أو عربا أو مسيحيين أو مسلمين، وأن من يرفض هذا الحل من اليهود عليه الرحيل".
وزير المخابرات الجنوب أفريقي السابق، روني كاسريلز، يخاطب الحضور في المؤتمر العالمي الأول لمكافحة الفصل العنصري في ساندتون (الفرنسية)وأكد الرجل أن الجميع في جنوب أفريقيا، حكومة وحزبا، على مستوى القيادات والقواعد داعمون لمقاومة إسرائيل الصهيونية والولايات المتحدة.
وفي ما يتعلق بقواعد الحرب واتفاقية جنيف للأمم المتحدة، أكد كاسريلز أنه منذ القرن السابع "سنجد أن الإسلام ونبيه محمد الزعيم والقائد العسكري ورجل الدولة قد وضع تعاليم صارمة حول كيفية التعامل مع العدو من تحريم قتل النساء والأطفال والجرحى وحرمة الأماكن الدينية، مشيرا إلى الاختلاف المذهل عند مقارنة تلك التعاليم بقانون إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا النازية وبريطانيا للحرب، وهو ما يفسر لماذا لا يرون ما ترتكبه إسرائيل الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة كلها من جرائم، مخلفة بذلك الخراب والحرب.