شهادة الوفاة الطبيعية هى الصك الوحيد الآمن الذى يضمن لك خروجًا آمنا من الدنيا «دون أن يتكلم عليك أحد»، إلى آخرة لا يعلم ما يُفعل بك فيها إلا الله عز وجل، وهى آخر ما ستحصل عليه من الشهادات «المعتمدة» فى الدنيا، فلا بأس بالموت إن كان الإنسان قد أدى ما عليه، فهكذا يقول الرجال وكثيرٌ من المرضى البسطاء الذين عشنا معهم آخر أيامهم فى الدنيا، أما غير ذلك فلا رغبة لهم فيه.
شهادة الوفاة هى الشهادة الوحيدة التى لا يعتد بها كثيرٌ من الناس وهى الوحيدة التى لا «تُبروز» ولا «تعلّق» فقلّما يكترث أحدٌ لوجودها ولا أين وُضعت أو احتفظ الناس بها، فأسهل من ذلك أن تستخرج بدل فاقد لموت الميت لا عن وجوده أصلًا.
وقصَّ لنا القرآن عن الوفاة وحذرنا من أن تأتينا بغتة أو لا نكون أعددنا لها شيئا فقال «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِى إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)». وقال فى سورة آل عمران «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ». وقال أيضًا فى سورة العنكبوت «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ»؛ لأنّ الموت لابد أن تعد له عدة لأنّ فيه أشياء لا نعرفها حتى الآن احتار فيها العلماء ومن لفظ «ذائقة الموت» وغيره من الألفاظ التى لا تكون إلا فى الموت كيف تكون ومتى تكون ولمَ تكون؟
أما عن الفناء فحدثنا أيضًا أنّ الكل يفنى ولا يبقى أحد، فقال «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»، حتى لا يظن ظان أن الفيلا والعربية وما جُمع سيبقى، بل الكل يزول وسيزول إلا وجه ربك فالجدران والركبان فإن كانت لا تموت فهى ستزول، أما الأشخاص فكلهم سيموتون ولكن يبقى لبعض منهم ذِكرٌ حسنٌ يذكره الناس به، ومنهم من لا يبقى له أى شىء يترحم الناس به عليه.
وبين الموت والفناء زمن بعيد وخطاب مختلف، فقد ينتهى المطاف بالعبد أنّ كل شىء كان يملكه هذا الشخصُ بعينه يفنى ولا يُبقِى اللهُ له شيئًا كأنّ اللهَ أراد لهذا الإنسان ألا يبقى لك ذِكرٌ من مال أو ولد أو دار فيهوى إلى أسفل سافلين دون شىء معه بعد أن كان شعلة حماس وملهمًا للناس من حوله.
الوفاة غير الطبيعية:
وقد ينتهى المطاف بإنسان أن يزهق روحه فينتحر فى مكتبه أو مستشفاه أو متجره بعد أن استبد به اليأس من الإصلاح حتى بات إصلاح شىء من رابع المستحيلات، فيُنهى حياته بنفسه قبل أن يأتيه أجله وفى ذلك ظلمٌ شديدٌ لنفسه وتضييع لحق الخالق الذى أمره أن يحافظ على هذه النفس، ويختلف الجسدُ كثيرًا فى أثناء التشريح إذا كانت الوفاة طبيعية أو غير ذلك ولا مجال لذكرها فى هذا المقال.
ويقول العارفون بالوفاة إنها النهاية بعد أن بدأت البداية دون نقصان لأجل دون رعاية، فلابد أن تُكمل الغاية، ولو عشت طويلًا على حد الكفاية، ويقول العارفون من الأطباء إنك لا تملك كثيرًا فى هذه الدنيا دون أن تدرى حتى لو ملكت كل شىء، فقد لا تستطيع الحفاظ حتى على اسمك الذى سيؤخذ منك بعد الوفاة.
استشارى القلب - معهد القلب
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شهادة الوفاة الوحيدة
إقرأ أيضاً:
البرهان في القاهرة| زيارة مفصلية في ظل أزمة السودان.. فهل تكون بداية لنهايتها؟
تعد زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني لمصر، ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية، وزيارة هامة جدا خاصة في هذا التوقيت، حيث أنها تهدف إلي تعزيز سبل التعاون الثنائي المشترك بين البلدين الشقيقين.
توقيت زيارة البرهان للقاهرةوتأتي دلالات وتوقيت زيارة البرهان لمصر التي في إطار المساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب بالسودان، كما أن البرهان حريص علي إطلاع الرئيس المصري الداعم للاستقرار والأمن في السودان وإنهاء الحرب القائمة الأن، علي أخر تطورات الأوضاع والأحداث الجارية في دولته.
واللقاء تضمن التشاور بين الجانبين حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة القائمة حفاظا على سلامة وأمن السودان، على النحو الذي يحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية، ويصون مصالح الشعب السوداني الشقيق، والتطرق لجهود القاهرة إقليميا ودوليا وخاصة مع آلية دول الجوار، لوقف الصراع واستعادة الأمن والاستقرار، فضلا عن بحث سبل التنسيق والتعاون لدعم الشعب الأشقاء، لاسيما عن طريق المساعدات الإنسانية والإغاثة، حتى يتجاوز السودان الأزمة الراهنة بسلام.
محاور زيارة البرهان لمصروفي هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، إن الزيارة تميزت بمحورين أساسيين: أولهما تعزيز العلاقات الثنائية، والتي شهدت تطورا ملحوظا في مختلف الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد ركز الجانبان على دفع هذه العلاقات نحو آفاق أوسع، مع التشديد على أهمية استمرار نموها وتكاملها بما يخدم مصالح الشعبين.
وأضاف صلاح حليمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن أما المحور الثاني، فتمثل في الملف الإنساني وجهود إعادة الإعمار، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز الدعم الإنساني للسودان، خاصة في ظل الظروف الحالية، إلى جانب التركيز على مشروعات إعادة البناء، لاسيما ما يتعلق بالبنية التحتية الأساسية التي تمثل عصب التعافي والتنمية في البلاد.
والجدير بالذكر، أن المباحثات الثنائية بين الزعيمين السيسي والبرهان شهدت توافق الرؤي حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لاسيما بحوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الارتباط الوثيق بين الأمن القومي لكل من مصر والسودان، فضلا عن مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين، والاستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة للبلدين وشعبيهما.
وفي توقيت بالغ الحساسية، جاءت زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى جمهورية مصر العربية، لتعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتؤكد أهمية التشاور المشترك في مواجهة التحديات المتسارعة التي تمر بها الساحة السودانية ومنطقة البحر الأحمر.