الجحيم الذى صبته إسرائيل على الشعب الفلسطينى المغلوب على أمره، والذى باعه أبناء جلدته قبل الغرباء تقرباً وتودداً إليها أسقط ورقة التوت الأخيرة عن شعوب وحكومات تدعى زوراً وبهتاناً أنهم دعاة التحضر والإنسانية العمياء، فتحالفوا مع الشيطان الأعظم وصموا آذانهم عن استغاثات أطفال فى عمر الزهور فقدوا المأوى والأهل والملاذ والحماية، وأغمضوا أعينهم عمداً عن كم المآسى والأهوال التى يتعرضون لها على يد آلة عسكرية غاشمة تتغذى على دم الأبرياء وبلعوا ألسنتهم الطويلة، التى طالما تغنت بحقوق الإنسان ولم ينطقوا بكلمة لوقف المجازر الوحشية التى ترتكب فى حق شعب كل جريمته أنه يحلم باسترداد وطن مسروق بمؤامرة دولية دنيئة تأبى إلا أن تجرده من كل شىء أمام صمت مطبق، فلكم الله يا شعب فلسطين ضحية شعارات الإنسانية الجوفاء.

لقد مات ضمير العالم وتم تشييعه إلى مثواه الأخير غير مأسوف عليه.. فالدول التى تتشدق بالإنسانية وصدعتنا بها ليلاً ونهاراً تجردت منها قطعة قطعة كراقصة استربتيز فى حانات السياسة العالمية، ومن يحملون رايات الإنسانية الخفاقة داسوها بأقدامهم فى وحل الانحياز الأعمى ضد شعب أعزل يناضل منذ 75 عاماً من أجل استرداد وطنه المسلوب برعاية ومباركة دعاة الإنسانية.

فالزعماء والدول والحكومات ووسائل الإعلام العالمية الراكعة فى محراب الصهيونية لا تترك فرصة لإلصاق تهمة الإرهاب بكل عربى أو مسلم عند وقوع حادث فردى من شخص موتور يرتكب جريمة عنيفة أو يقوم بتفجير انتقامى رداً على ما يرتكب فى حقه، لكنهم يصبحون صماً بكماً عمياً أمام جرائم ومجازر الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى التى حولت غزة إلى مقبرة جماعية ولم يجرؤ أحدهم على النطق ببنت شفه أو إدانة أو تجريم ما يحدث إلا القليل منهم، فدعاة الإنسانية العمياء لم يحركوا ساكناً لقصف مبانى المدنيين ودفنهم أحياء تحت الركام ولا لقصف المستشفيات وقتل المرضى ولا لقطع المياه والكهرباء عن المنكوبين فى جريمة يندى لها جبين الإنسانية السوية.

أين كانت إنسانية أصحاب الشعارات الجوفاء من تدمير واحتلال العراق وأفغانستان والصومال على يد القوات الأمريكية ومن حالفها وناصرها؟ وأين كانت من تدمير سوريا واليمن وليبيا؟ وأين كانت من تجييش الإرهابيين وحشدهم فى سيناء لإضعاف مصر الدولة الوحيدة التى نجت من فخ الربيع العربى وخرجت منتصرة على الجميع بفضل تلاحم شعبها مع رئيسها وجيشها ولقنت كل المتآمرين درساً لن ينسوه أبداً؟

حتى منصات التواصل الاجتماعى، التى دُشنت من أجل الحرية وتقريب المسافات فى زمن التكنولوجيا الرهيبة التى حولت العالم إلى قرية صغيرة، تصر على المشاركة فى الجريمة بتقييد الوصول للمنشورات من أجل الدعم وتقوم بحذف الفيديوهات التى تدعم قضية شعب فلسطين العادلة، ويصر القائمون عليها على مناصرة المعتدى ودعمه وتأييده بعد أن خلعوا رداء الإنسانية وتجردوا منه وركنوه على قارعة الطريق، فبدت سواءتهم للقاصى والدانى وطفقوا يخصفون عليها من أوراق دولارات تمويل دولة الاحتلال فى محاولة لستر أنفسهم، لكن هيهات أن ينالوا الستر وهم ومن فضحوا أنفسهم.

لقد حول المتشدقون بالإنسانية هذا المصطلح إلى كلمة سيئة السمعة، وفرغوها من هويتها ومضمونها بانحيازهم الأعمى للمحتل الغاشم بدلاً من الوقوف إلى جانب الطرف الأضعف صاحب الحق وصاحب الأرض، وتفرغوا للترويج للمثلية الجنسية والدفاع عنها باستماتة غريبة مع أن ذلك ضد الفطرة الإنسانية السوية.

ورغم حالة السواد الحالك التى وضعوها حول الشعب الفلسطينى كانت مصر كعادتها هى طاقة النور وطوق النجاة لهذا الشعب الضحية، وناشدت العالم ضرورة العمل على وقف حرب الإبادة الجماعية التى يتعرض لها، وطلبت ضرورة توفير المساعدات اللوجيستية العاجلة من طعام ومياه وأدوية ومستلزمات طبية لإنقاذه من آلة البطش العنصرية الغاشمة، وخيراً فعلت حينما خصصت مطار العريش القريب من غزة لاستقبال المساعدة لضمان سرعة التوصيل، وأصر الرئيس عبدالفتاح السيسى بكل حزم على ضرورة فتح معبر رفح لإدخال المساعدة ورفض خروج الأجانب من المعبر إلا بعد دخول المساعدات لإنقاذ الشعب الفلسطينى المحاصر براً وبحراً وجواً.

وهكذا كانت مصر وستبقى الداعم الأول والأكبر للشعب الفلسطينى على مدار التاريخ منذ نكبة 1948، وهى من تحملت بقوة وعزيمة تبعات هذا الدعم، وخاضت 4 حروب من أجل هذا الدعم اللامحدود، كل هذا لأنها مصر كنانة الله فى أرضه بقيادتها وشعبها وجيشها خير أجناد الأرض.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر فلسطين إسرائيل غزة الشعب الفلسطینى من أجل

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: 30 يونيو.. والحفاظ على الهوية المصرية من التآكل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مصر قلب الأرض كما قال المقريزي؛ وثورتهم الحديثة هي قلب الثورات كما علق المواطن المصري البسيط، ولذلك كانت هذه الثورة ملهمة لكل الثورات في كل دول العالم وبخاصة العالم العربي.
ثورة 30 يونيو عبرت عن خصائص وسمات الشخصية المصرية؛ فعلى قدر ما نجحت الثورة في تجسيد هذه السمات، على قدر ما نجحت هذه السمات أيضًا في صناعة ثورة المصريين الملهمة.
شخصية مصر تبدو أكثر وضوحًا في أبناء الوطن، صحيح الوطن ليس مجرد أحجار مرتبة في مبني فخم، وليست شوارع تاريخية مهما ارتبط النّاس بها، ولكنّ هذه الروح تسير بداخلها روح وليدة يُمثلها عرق ودماء أبناء هذا الوطن.
هؤلاء هم الذين دافعوا عنه قبل سبعة آلاف عام، هي عمر التاريخ المصري في مراحله السابقة، وهم الذين دافعوا عن الوطن أيضًا ضد مغتصبيه قبل أحد عشر عامًا، هي عمر الثورة المصرية ضد جماعات العنف والتطرف.
ثورة المصريين جاءت بعد صبر وجلد وقوة وقدرة على التحمل، وكلها ملامح تميز الشخصية المصرية، التي حطمت القيود والأغلال عندما أرادت التحرر في لحظة حبس الجميع فيها أنفاسهم، فأخرج المصريون أفضل ما لديهم.

الثورة والهوية المصرية
صحيح تعرضت الشخصية المصرية لمحاولات التآكل والتلاشي ولكنها ظلت محتفظة بقوتها؛ فرغم حجم التعدي عليها من الهكسوس والمغول والتتار والصليبيين والعثمانيين والنزاع العربي الفارسي والمصري الإسرائيلي ونهاية بمحور أهل الشر في العصر الحديث، لكن ذهب هؤلاء إلى الجحيم وبقيت الشخصية المصرية بكل ثرائها دون أنّ تتغير أو تتبدل كما بقيت الذاكرة المصرية تحتفظ بكل هذا.
عظمة الثورة المصرية في أنه لا يمكن حصر دورها في التخلص من نظام سياسي كان تابعًا لجماعة الإخوان المسلمين بكل ما يحمله من أفكار تحض على الكراهية وتدعو إلى ممارسة العنف بكل صوره وأشكاله، ولا لسلوكها الداعم لهذا التوجه، على مدار عام كامل.
ولكن عظمة الثورة الحقيقية في أنها حافظت على الهوية المصرية والتي تمثل الرديف الحقيقي للشخصية المصرية من الانجراف والذوبان؛ واجه الشعب المصري عندما استشعر الخطر، فتحرك المصريون بدون دعوة  أو طلب، ولم يعودوا إلى منازلهم إلا بعد أنّ أطمأنوا على وطنهم، وإنّ شئنا أنّ نقول: بعد أنّ استردوا هذا الوطن.
لم ينخدع الشعب المصري يومًا في الإخوان ولا غيرها من جماعات العنف والتطرف، بل انخدعت هذه التنظيمات في هذا الشعب، واعتقدوا خطأءً بأنهم قادرون على احتلاله ومحو هويته الوطنية، فكان الرد سريعًا ومفاجئًا، وبدا صاعقًا للتنظيم.
وهنا أعادت الثورة الوطن إلى حضن مواطنيه، كما أنها عززت دور وأهمية الهوية في وجدان المصريين؛ فالهوية المصرية التي يُحاول أهل الشر الاعتداء عليها هي سر الثورة الحقيقي!

حقيقة الثورة على أعداء الوطن
وفي الحقيقة ثورة المصريين لم تكن ضد جماعة الإخوان في مصر، وإّنّ كانت كذلك، ولكن كانت ضد الحركة في كل مكان، فمصر كانت بلد المنشأ ومركز قيادة التنظيم على مدار أكثر من تسعين عامًا، ولذلك اختارت الثورة أنّ تتخلص من هذه الأفكار أو إنّ شئنا أنّ نقول تفكيكها.
ودلالة ذلك يظهر في تعاقب سقوط الإخوان في عدد من الدول العربية بعد إسقاط الثورة الجماعة في مصر، بدأت بالمغرب وانتهت بتونس وما بينهما، وما زالت انتكاسات التنظيم وهزائمه قائمة وحاضرة.
ثورة المصريين لم يكن هدفها إسقاط التنظيم وفقط، ولكنها أسقطت الأفكار المؤسسة وفككتها أيضًا، وهنا تبدو عظمة وقوة وحكمة هذه الثورة والذين قاموا بها، فكل الذين واجهوا التنظيم من قبل لم يلتفتوا ولم يروا أهمية في تفكيك أفكاره رغم أنها الأهم والأخطر.
صحيح تحرك الثوار ضد حكم الإخوان والذي استمر عامًا كاملًا، ولكن الهدف كان تفكيك الأفكار المؤسسة لهذا التنظيم، وهو ما بدا واضحًا فيما آل إليه الوضع التنظيمي، فنحن لم نعد نتحدث عن تنظيم واحد وإنما عن عدة تنظيمات، كل تنظيم له مرشد ومكتب إرشاد!
مر أحد عشر عامًا على الثورة وما زال ظلها يعيش في وجدان الشعب المصري، لأنها ثورة وطنية، لم يكن هدفها التخلص من الحكم الفاسد فقط، ولكن التخلص من الأفكار الفاسدة أيضًا، فالأفكار تبدو أخطر من الوجود التنظيمي، ولذلك كان هدف المصريين واضحًا وكانت إرادتهم في التخلص من الجماعة واجبة.
المصريون لا يتهاونون في هوية بلادهم، ولذلك يقفون دائمًا ضد المحتل سواء كان محتلًا خارجيًا أو داخليًا؛ فرغم محاولات الاحتلال وكسر إرادة الوطن والعنف أو التهديد به الذي مارسه كل المحتلين على مر العصور، إلا أنّ الكلمة بقيت في النهاية للشعب المصري وإرادته القوية.
هوية المصريين خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ولا يُفرطون فيه، ويُضحون من أجله بالغالي والثمين، ذهب الإخوان وبقي الشعب المصري بهويته الثقافية والوطنية وتاريخه الذي كتبه الأجداد وخطه الواقع عندما قرر الأبناء التخلص من كل الأفكار المتطرفة التي تحض على الكراهية.
كان هدفهم في أنّ يصلوا إلى الحكم، ولأن الفشل حليفهم فإنّ الواقع والمستقبل رسما سيناريو هذا السقوط سريعًا؛ وهذا ما يُترجم فكرة أنّ الثورة لم تكن على حكم الجماعة فقط ولكن كانت على أفكارها المؤسسة كما أشرنا من قبل.
وهو ما يُفسر مصرية الثورة وعربية التوجه الذي حملته عندما وضعت المسمار الأول في نعش أهل الشر، الثورة رغم أنها مصرية ولكنها أسقطت التنظيم بكل فروعه في كثير من دول العالم، وحتى التي ما زالت متشبثة ببعض الحكم، فإنها غير فاعلة، وهذا معنى سقوط الفكرة وتفكيكها.

أسرار نجاح الثورة
الهوية المصرية هي سر قوة المصريين وسر نجاح ثورتهم، كما أنها سر هذه الثورة التي كسرت إرادة أعتى التنظيمات المتطرفة، ولذلك الثورة كانت نتيجة الوعي الذي اكتسبه المصريون على مدار عقود وقرون مضت، وقد ورثوه عن الأجداد، وهنا يحتار النّاس أيهما كان الأسبق من الآخر، وعي المصريين أم هويتهم التي دفعتهم للثورة على المحتل الداخلي؟
الثورة كانت حركة تصحيحية بعدما استهدف الإخوان وباقي جماعات العنف والتطرف قلب هذا الوطن، ولذلك كتب المصريون النجاح لثورتهم بوعي وإدراك بخطورة من تصدروا المشهد، فالقرار كان نهائيًا والتغيير كان حتميًا والمواجهة كانت واجبة، ولذلك انتصرت الثورة وبقيت هوية الوطن بينما اندثرت أفكار التنظيم وتلاشت بالأقل على الأرض المصرية.
انكسر التنظيم وانهزمت إرادته ولكنه ما زال موجودًا، فالمواجهة لم تنته بعد ولن تنتهي وسوف تظل حتى لا يبقى من التنظيم شيء، وإذا بقي فسوف يكون عبارة عن سطر في كتب التاريخ يحكي تاريخ فرقة ضالة لا تختلف كثيرًا عن فرق ضالة عبر التاريخ مثل الخوارج أو غيرها من الفرق الضالة الأخرى.
ما زالت الثورة تبحث لها عن مكان في قلوب وعقول أبنائها، فهي تُدرك أهمية نفسها، فلا يمكن أنّ تُبنى الأوطان بدون ماضٍ يدفع للمستقبل، ولا يمكن أنّ يكون هناك حاضر دون أنّ نحكي عن ثورة لم تكن في الماضي البعيد ولكنها كانت قريبة إلى المصريين في بُعدها الزمني والبنيوي.

مقالات مشابهة

  • وائل سعد يكتب: حكومة تغيير الواقع
  • محمد احمد فؤاد امين الخبير العقاري يحتفل بعيد زواجه التاسع وبتلك المناسبة يكتب لزوجته
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي
  • صابر الرباعي لـ«الوطن» : الشعب الفلسطينى يواجه معركة ظالمة (فيديو)
  • إكرام بدر الدين يكتب: ثورة الضرورة
  • رضا فرحات يكتب: الحكومة الجديدة.. رؤية واضحة وتحديات ملحة
  • إسلام الكتاتني يكتب: ثلاث ضربات في الرأس توجع
  • هشام عبدالعزيز يكتب: تغيير نحو مستقبل مستدام
  • النائب أحمد عبدالجواد: رضا الشعب والملف الاقتصادي أبرز التحديات أمام الحكومة
  • منير أديب يكتب: 30 يونيو.. والحفاظ على الهوية المصرية من التآكل