غياب السياح يخنق محال بيع الأنتيكة في دمشق
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
أغلقت عشرات المحال التجارية في العاصمة السورية دمشق المتخصصة ببيع التحف والمقتنيات التراثية "الأنتيكة" أبوابها بسبب غياب السياح القادمين من خارج البلاد، بسبب الأزمة التي تعيشها سوريا منذ أكثر من 13 عاما.
وتكثر محال بيع الأنتيكة في الأسواق المشهورة في العاصمة دمشق، وخاصة أحياء دمشق القديمة التي تعد أبرز الوجهات السياحية، ومنها سوق الحميدية وسوق باب شرقي، إلا أن غياب السياح -وتحديدا الأوروبيين- أفقد تلك المحال التجارية أهم زبائنها مما دفع بالكثير من أصحاب تلك المحال إلى إغلاقها أو التحول إلى تجارة أخرى.
في سوق الحميدية الشهير وسط دمشق القديمة، يصر أحمد سبيني أبو فراس (80 عاما)، ورغم اعتلال صحته على الحضور اليومي إلى محله في مدخل سوق الحميدية قائلا "قطع الأنتيكة من خشب ونحاس وصدف وفخار وغيرها هي جزء من شخصيتي وعندما تباع قطعة أفرح وأحزن بذات الوقت، لأنها تذهب لشخص قد دفع بها مبلغا جيدا فهو يقدر قيمتها".
ويحبس أبو فراس في صدره حزنا على ما آلت إليه هذه المهنة بعد إغلاق وتحول عدد كبير من المحال التي كانت مخصصة لبيع الأنتيكة إلى مهن أخرى.
وعمل بيع قطع الأنتيكة يحتاج لشخص عاشق لهذه المهنة، الكثيرون مروا مرور العابرين، مستغلين طفرة السياحة قبل سنوات الحرب ولكنهم اليوم غيروا مهنتهم إلى عمل آخر، يقول أبو فراس بحزن في حديثه لوكالة الأنباء الألمانية.
قبل الحرب كان في سوق الحميدية أكثر من 25 محلا لبيع الأنتيكة والقطع التراثية، أما الآن فهي 3 محال فقط، وباقي المحال تحولت إلى مهن أخرى تبيع ألبسة وأحذية وغيرها.
ويبرر عيسى محمد ترك هذه المهنة وتحوله إلى مهنة بيع الألبسة بقوله "المحل الذي أشغله هو استثمار، وقيمة بدل الإيجار في تصاعد مستمر، انتظرت عدة سنوات على أمل تحسن الأوضاع ولكن كانت الأمور في تراجع، لذلك قمت ببيع ما لدي من قطع تراثية، والآن أبيع ملابس أطفال".
ويستذكر عيسى سنوات ما قبل الحرب كيف كان العمل في محله "عندما يزورنا سياح يشترون بالجملة ويدفعون مبالغ كبيرة، لأنهم يفتقدون إلى القِطع النحاسية والخزفية والخشبية المشغولة يدويا.. وكانت أفواج السياح على مدار العام خلال فصل الصيف – الخليجية والعربية- وباقي الفصول من دول أوروبية وأميركية وغيرها".
ويحمل مازن لطفي التطور التقني دورا في تراجع عدد المحال التجارية خاصة لجهة العرض "هناك عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تنشر قطع الأنتيكة، وأصبح التفاوض والبيع يتم بين البائع والشاري مباشرة دون وجود وسيط".
من جهته يجلس أبو نادر لطفي أمام محله وسط سوق باب شرقي، ويقضي معظم وقته يلعب طاولة الزهر مع جاره ولا يكترثون لحركة المارة، ويقول "كما ترى نحن أصحاب 5 محال لبيع الأنتيكة، لم يبق سوى محلي فقط، أما الأربعة الآخرون فقد أغلقوا أول محل قبل 5 سنوات، وآخرهم مطلع العام الحالي، نجلس أغلب اليوم لا يدخل إلى المحل أحيانا أي زبون، ولكن يبقى الجلوس في المحل أرحم من الجلوس في المنزل".
ولم تقتصر حركة الإغلاق على المحال التجارية، بل وصلت لورش التصنيع، فقد أغلقت الكثير من الورش بسبب انقطاع التيار الكهربائي أكثر ساعات اليوم، وغلاء المواد الأولية، وأغلبها مستوردة، وهجرة الكثير من الشباب.
نقص الورش الفنية في تصنيع الأنتيكة قابلته زيادة في العرض من قبل السكان المحليين، حيث يكشف لطفي عن عرض الكثير من القطع التي لها قيمة كبيرة من قبل أصحابها "يمرّ علينا سيدات ورجال يحملون قطعا زجاجية وخزفية ونحاسية وخشبية وغيرها، يريدون بيعها بسبب الأوضاع الاقتصادية، وآخرون بدافع الهجرة، البعض منهم لا يقدر قيمتها ربما ورثها من عائلته".
تدخل محل لطفي أم جورج تحمل قطعة زجاجية تريد بيعها، وهي عبارة عن خزف صيني، هذه القطعة عمرها أكثر من 40 عاما كما تقول "اشتريتها وكانت قيمتها تعادل 5 غرامات من الذهب، والآن أبيعها بسبب ضيق ذات اليد، ولا تساوي ثمن أقل من غرامين".
وتضيف أم جورج "ما زلنا نعيش بفضل خيرات الزمن الجميل، لقد بعت الكثير من مقتنيات المنزل ومصاغي الذهبي، حتى تدبرت تكاليف سفر ولدي إلى أوروبا، وأنتظر أن يباشر عمله حتى يساعدني على تدبر أموري المعيشية".
قلة المحال التي تعمل بالأنتيكة أوجدت سوقا موازيا بواسطة صاحب محل، يقول علي التدمري "تُعرض علينا الكثير من قطع الأنتيكة، وهي ذات قيمة كبيرة ولكن نقص السيولة لدينا لا يمكننا من شرائها من عارضها، لذلك نحصل على صورها ورقم هاتفه، وعندما يطلب أحد منا قطعة تشبه مواصفاتها نتواصل مع البائع ليحضرها وتتم عملية البيع".
وتتحدث مارو سهيل -وهي مقيمة في الولايات المتحدة الأميركية- بأنها وجدت مشقة في تأمين عدد من الهدايا لأصدقائها في الولايات المتحدة لقلة المحال التي اعتادت على زيارتها كل عام "أزور سوريا كل عام، وأحمل معي الكثير من الهدايا من علب صدف أو موزاييك أو نحاسيات وغيرها.. هذه الأشياء لها قيمة كبيرة لدى الأجنبي باعتبارها قطعا مشغولة يدويا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحال التجاریة الکثیر من
إقرأ أيضاً:
ظاهرة غياب الطلاب والطالبات في رمضان
تشهد المدارس والجامعات في جميع مناطق المملكة ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات غياب الطلاب والطالبات خلال شهر رمضان المبارك، ممايثير قلق الجهات التعليمية حول تأثير هذه الظاهرة على العملية التعليمية، وقدأكدت وزارة التعليم أن الغياب المتكرر دون عذر يعد مخالفة تستوجب اجراءات وعقوبات سواء بالحرمان من التعليم كما في الجامعات ، حيث أن غياب مانسبته 25%، يحرم الطالب أو الطالبه من دخول الامتحان النهاني، أما في التعليم، فيعاقب الطالب أو الطالبه بتخفيض من درجة السلوك والمواظبة،وفي الحقيقة فان المشكلة ليست في فرض الأنظمة، بل في أسباب الغياب نفسها، وقد أشارت عضو مجلس الشورى السابق الدكتوره لطيفه الشعلان إلى أننا أمام أضخم ظاهرة غياب جماعي في تاريخ التعليم بالمملكة، والسبب في ذلك نظام الفصول الثلاثة والاجازات المطوله، حيث يؤدي الغياب المتكرر للطلاب والطالبات الى تقصير دراسي يؤثر على تحصيلهم العلمي.
وتشير العديد من الدراسات والابحاث الاكاديمية، إلى أن الغياب المتكرر للطلاب، لايقتصر تأثيره على التحصيل العلمي فحسب ، بل يمتد ليشمل جوانب متعددة من حياتهم التعليمية والمهنية المستقبلية، وفي هذا الصدد، أظهرت دراسة حديثه نشرت عام 2024م تحت عنوان ( العواقب طويلة المدى للغياب المدرسي المبكر على التحصيل العلمي ونتائج سوق العمل). واتضح ن غياب الطلاب حتى مرحلة الطفوله المتأخرة قد يؤدي الى تداعيات سلبية طويلة الأمد بمافي ذلك تراجع فرصهم في تحقيق النجاح التعليمي والمهني.
وأسباب الغياب في شهر رمضان الكريم هو السهر إلى آذان الفجر، ثم النوم بعد صلاة الفجر ، ممَّا يصعب على الطالب أو الطالبة القيام والذهاب إلى المدرسة أو الجامعة، لذا يمكن القول ،أنه من الافضل أن يكون رمضان اجازة للطلاب والطالبات ، وتعويض فترة الدراسة في رمضان بأسبوعين وهما إجازة نهاية الفصل الدراسي، أو إجازة منتصف الفصل الدراسي بالنسبة للذين يدرسون على نظام الفصلين في الجامعات ، كما فعلته إحدى الجامعات الأهلية في المملكة.
drsalem30267810@