لجريدة عمان:
2025-04-29@21:54:38 GMT

الدفاع عن النفس وأخلاقيات الحرب في غزة

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

بدأت المقاومة الفلسطينية عمليتها العسكرية لأسر أكبر عدد ممكن من الجنود الإسرائيليين من المستوطنات المحاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر الجاري، معتمدة على عنصر المباغتة، والصدمة، الأمر الذي ترك العدو، والصديق حتى سكان قطاع غزة بحالة ذهول، في الوهلة الأولى اعتقد الكثيرون بمن فيهم المحللين السياسيين أن كثافة إطلاق الصواريخ من قطاع غزة سببها عملية اغتيال لشخصية قيادية كبيرة في حركة حماس، نفذتها أذرع إسرائيل الأمنية، إلا أن ساعة بعد الحدث بدأت تتكشف الحقيقة خاصة مع ظهور القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وإعلانه بشكل واضح أن عملية اقتحام سديروت، وباقي مستوطنات غلاف غزة، الهدف منها أسر جنود من العدو وتحقيق عملية تبادل أسرى للإفراج عن أسرى فلسطينيين يقضون محكوميات عالية في المعتقلات الإسرائيلية.

الذي لاحق الحدث بعد اقتحام المدنيين للسلك الفاصل بين قطاع غزة، والمستوطنات الإسرائيلية، يجب أن يفصل بينهم وبين العملية العسكرية التي تنفذها كتائب المقاومة، وربما تم التركيز الإعلامي على المتاح من ما يجري والذي يقوم به مدنيون، الأمر الذي حشد كاميرات الصحافة، بما فيها الصحافة الشعبية، والتصوير الفردي لكل مقتحم مدني لتأُخذ هذه المشاهد، من قبل كبريات وسائل الإعلام الدولية، وتقوم بنشرها وكأنّها عملية منظمة تقوم بها كتائب المقاومة الفلسطينية، ليحدث اللغط الكبير في السلوك والتصرف، الذي نسبه قادة الاحتلال لرجال المقاومة.

المشاهد التي التقطت للمقتحمين المدنيين لا تنسجم وأخلاقيات العمل العسكري التي وضعت خطتها الكتائب الفلسطينية، كمشهد جر عجائز بعربات بدائية، ودرجات نارية، وأحيانًا شدهم سيرًا على الأقدام، و بدا وكأنّ المشاهد فيلم هوليودي بإمتياز، في ذات اللحظات كانت كتائب المقاومة تشتبك وتأسر جنود الاحتلال، وتأخذ الأسرى بطريقة مخطط لها وبعيدة كل البعد عن وسائل الإعلام، بدليل أن العالم تفاجأ بوجود ما لايقل عن 150 جنديا وضابطا ومجندة بيد المقاومة، وأمّا المدنيين الإسرائيليين المخطوفين ومنهم المستوطنين فتلك حسبة أخرى استطاع رجال المقاومة جمعها داخل قطاع غزة من الخاطفين المدنيين، الذين اقتحموا الغلاف باندفاعة عاطفية وعشوائية غير مدروسة.

من اللقطات التي وردتنا عن طريقة تعامل رجال المقاومة مع سكان غلاف قطاع غزة، أن رجلاً مقاومًا طرق باب أحد المنازل في سديروت، وعندما دخل عليهم أمنّهم على أنفسهم، وطلب منهم الهدوء، وعدم الخوف على حياتهم، و زيادة بالإطمئنان استئذنهم لأخذ موزة من صحن الفواكه على الطاولة، مع عبارة تفيد إن لم يكن هناك إذن فلن يأخذ الموزة، وخرج بكل هدوء تاركًا سكان المنزل بعد تفتيشه بحثًا عن جنود عسكريين.

ولكن الرد الإسرائيلي بعد انكشاف هشاشة أمنه وجيشه، أخذ منحى الثأر والانتقام، دون الاعتبار للأخلاقيات الإنسانية حتى في زمن النزاعات والصراعات المسلحة التي نصت عليها القوانين الدولية، إسرائيل وضعت كل الأخلاقيات في سلة القمامة من اللحظة التي صنعتها بالتحريف، والتزوير، والخديعة، والكل كشف قصة كذب قطع رؤوس الأطفال من قبل رجال المقاومة، كما انفضحت الصور الفوتشوبية المزيفة التي مررتها قيادة الحرب في إسرائيل على الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية الكبرى، والتي أعطت إسرائيل حق الدفاع عن نفسها دون شروط ولا ضوابط أخلاقية.

الذي نعيشه اليوم خارج الوصف والتصديق لأن الحاصل جريمة كبرى تنفذ بحق أكثر من 2.3 مليون إنسان أعزل، ونعلم أن إسرائيل بكل وسائلها القتالية الفتاكة الجوية منها والبحرية والمدفعية "تدافع عن نفسها" ولكن بطرق وحشية ودموية يدفع ثمنها المدنيين، فالدفاع عن النفس بقصف الأبراج السكنية على رؤوس سكانها، والأحياء المكتظة، والمستشفيات التي تحولت إلى مراكز إيواء، منها مستشفى الأهلي المعمداني، إنما هو

إجرام خارج التحمل ومنطق البشرية.

دفاع إسرائيل عن نفسها بضوء أخضر دولي اطلق يدها من جحيم لتطال الأطفال، والنساء، والشيوخ، حتى شطبت أسر، وعائلات بأكملها، دون الاعتبار لمعايير حقوق المدنيين في زمن الحرب، كفاية إنعدام أخلاق العدو في هذه الحرب بدأت بقطع المياه والوقود، والدواء وتدمير معبر رفح البري لتعطيل دخول المساعدات الإنسانية، حتى المخابز والأفران لم تسلم من القصف، وباقي الحديث عن أخلاقيات إسرائيل في هذه الجولة الدموية يبقى كلامًا لا لزوم له.

يبقى القول أن لا أخلاق لجيش سلاح جوي يغتال رغيف خبز جائع وإن كان لمريض سرطان، ويدمر صيدليات بأكملها حتى لا يجد جريح ضمادًا لجرحه، وينسف جامعة تعليمية حتى لا يجد طالب مقعدًا للدرسة، جيش يغتال الحياة انتقامًا لفشله في حماية نفسه لا أخلاق له، بل هو عدو كل خلق إنساني يحمي الحياة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

السعودية أمام العدل الدولية: إسرائيل فوق القانون وتستخدم الذكاء الاصطناعي لقتل المدنيين

عواصم - الوكالات

في كلمة قوية ألقاها أمام محكمة العدل الدولية، وجّه محمد سعود الناصر، ممثل المملكة العربية السعودية، اتهامات مباشرة لإسرائيل بتجاهل القانون الدولي، واستمرارها في انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في قطاع غزة.

وقال الناصر إن إسرائيل "تتصرف كدولة فوق القانون، وترفض الالتزام بالرأي الاستشاري الصادر عن المحكمة الذي طالبها بوقف عدوانها على غزة". وأضاف أن "حصار إسرائيل لغزة لا يستند إلى أي مبرر قانوني أو إنساني، ويعبّر عن نهج وحشي تجاه المدنيين".

وأشار الناصر إلى أن إسرائيل تجاهلت التدابير المؤقتة الصادرة عن المحكمة، بل وذهبت إلى أبعد من ذلك بتسخير الذكاء الاصطناعي لاستهداف المدنيين، مما أدى إلى تحويل القطاع إلى كومة من الركام.

وأكد أن على إسرائيل، باعتبارها دولة احتلال، الامتثال لواجباتها القانونية، وعلى رأسها تسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وضمان حقوق الفلسطينيين الأساسية في الصحة والتعليم.

وجاءت كلمة السعودية خلال جلسات محكمة العدل الدولية المنعقدة من 28 أبريل إلى 2 مايو، والتي تناقش رأيًا استشاريًا بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة حول قانونية ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بمشاركة 44 دولة وأربع منظمات دولية، من بينها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وتستند الجلسات إلى رأي استشاري سابق للمحكمة صدر في يوليو 2024، أعلن أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ 1967 غير قانوني، وطالب بإنهائه الفوري وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم.

مقالات مشابهة

  • الهند وباكستان على شفا الحرب.. تعرف على أبرز ردود الفعل الدولية
  • الأونروا: "إسرائيل" اعتقلت أكثر من 50 موظفًا من الوكالة منذ بداية الحرب
  • السعودية أمام العدل الدولية: إسرائيل فوق القانون وتستخدم الذكاء الاصطناعي لقتل المدنيين
  • ممثل السعودية أمام العدل الدولية: إسرائيل وظّفت الذكاء الاصطناعي لقتل المدنيين الفلسطينيين في غزة
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • اوقفوا استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية
  • بدء العد التنازلي لنتنياهو
  • غزة بين فكي التصعيد والمراوغة.. إسرائيل توسع عدوانها والتهدئة معلقة
  • خبير عسكري: عملية الشجاعية تكشف تفوق المقاومة في الاشتباكات المباشرة
  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟