الدفاع عن النفس وأخلاقيات الحرب في غزة
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
بدأت المقاومة الفلسطينية عمليتها العسكرية لأسر أكبر عدد ممكن من الجنود الإسرائيليين من المستوطنات المحاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر الجاري، معتمدة على عنصر المباغتة، والصدمة، الأمر الذي ترك العدو، والصديق حتى سكان قطاع غزة بحالة ذهول، في الوهلة الأولى اعتقد الكثيرون بمن فيهم المحللين السياسيين أن كثافة إطلاق الصواريخ من قطاع غزة سببها عملية اغتيال لشخصية قيادية كبيرة في حركة حماس، نفذتها أذرع إسرائيل الأمنية، إلا أن ساعة بعد الحدث بدأت تتكشف الحقيقة خاصة مع ظهور القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وإعلانه بشكل واضح أن عملية اقتحام سديروت، وباقي مستوطنات غلاف غزة، الهدف منها أسر جنود من العدو وتحقيق عملية تبادل أسرى للإفراج عن أسرى فلسطينيين يقضون محكوميات عالية في المعتقلات الإسرائيلية.
الذي لاحق الحدث بعد اقتحام المدنيين للسلك الفاصل بين قطاع غزة، والمستوطنات الإسرائيلية، يجب أن يفصل بينهم وبين العملية العسكرية التي تنفذها كتائب المقاومة، وربما تم التركيز الإعلامي على المتاح من ما يجري والذي يقوم به مدنيون، الأمر الذي حشد كاميرات الصحافة، بما فيها الصحافة الشعبية، والتصوير الفردي لكل مقتحم مدني لتأُخذ هذه المشاهد، من قبل كبريات وسائل الإعلام الدولية، وتقوم بنشرها وكأنّها عملية منظمة تقوم بها كتائب المقاومة الفلسطينية، ليحدث اللغط الكبير في السلوك والتصرف، الذي نسبه قادة الاحتلال لرجال المقاومة.
المشاهد التي التقطت للمقتحمين المدنيين لا تنسجم وأخلاقيات العمل العسكري التي وضعت خطتها الكتائب الفلسطينية، كمشهد جر عجائز بعربات بدائية، ودرجات نارية، وأحيانًا شدهم سيرًا على الأقدام، و بدا وكأنّ المشاهد فيلم هوليودي بإمتياز، في ذات اللحظات كانت كتائب المقاومة تشتبك وتأسر جنود الاحتلال، وتأخذ الأسرى بطريقة مخطط لها وبعيدة كل البعد عن وسائل الإعلام، بدليل أن العالم تفاجأ بوجود ما لايقل عن 150 جنديا وضابطا ومجندة بيد المقاومة، وأمّا المدنيين الإسرائيليين المخطوفين ومنهم المستوطنين فتلك حسبة أخرى استطاع رجال المقاومة جمعها داخل قطاع غزة من الخاطفين المدنيين، الذين اقتحموا الغلاف باندفاعة عاطفية وعشوائية غير مدروسة.
من اللقطات التي وردتنا عن طريقة تعامل رجال المقاومة مع سكان غلاف قطاع غزة، أن رجلاً مقاومًا طرق باب أحد المنازل في سديروت، وعندما دخل عليهم أمنّهم على أنفسهم، وطلب منهم الهدوء، وعدم الخوف على حياتهم، و زيادة بالإطمئنان استئذنهم لأخذ موزة من صحن الفواكه على الطاولة، مع عبارة تفيد إن لم يكن هناك إذن فلن يأخذ الموزة، وخرج بكل هدوء تاركًا سكان المنزل بعد تفتيشه بحثًا عن جنود عسكريين.
ولكن الرد الإسرائيلي بعد انكشاف هشاشة أمنه وجيشه، أخذ منحى الثأر والانتقام، دون الاعتبار للأخلاقيات الإنسانية حتى في زمن النزاعات والصراعات المسلحة التي نصت عليها القوانين الدولية، إسرائيل وضعت كل الأخلاقيات في سلة القمامة من اللحظة التي صنعتها بالتحريف، والتزوير، والخديعة، والكل كشف قصة كذب قطع رؤوس الأطفال من قبل رجال المقاومة، كما انفضحت الصور الفوتشوبية المزيفة التي مررتها قيادة الحرب في إسرائيل على الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية الكبرى، والتي أعطت إسرائيل حق الدفاع عن نفسها دون شروط ولا ضوابط أخلاقية.
الذي نعيشه اليوم خارج الوصف والتصديق لأن الحاصل جريمة كبرى تنفذ بحق أكثر من 2.3 مليون إنسان أعزل، ونعلم أن إسرائيل بكل وسائلها القتالية الفتاكة الجوية منها والبحرية والمدفعية "تدافع عن نفسها" ولكن بطرق وحشية ودموية يدفع ثمنها المدنيين، فالدفاع عن النفس بقصف الأبراج السكنية على رؤوس سكانها، والأحياء المكتظة، والمستشفيات التي تحولت إلى مراكز إيواء، منها مستشفى الأهلي المعمداني، إنما هو
إجرام خارج التحمل ومنطق البشرية.
دفاع إسرائيل عن نفسها بضوء أخضر دولي اطلق يدها من جحيم لتطال الأطفال، والنساء، والشيوخ، حتى شطبت أسر، وعائلات بأكملها، دون الاعتبار لمعايير حقوق المدنيين في زمن الحرب، كفاية إنعدام أخلاق العدو في هذه الحرب بدأت بقطع المياه والوقود، والدواء وتدمير معبر رفح البري لتعطيل دخول المساعدات الإنسانية، حتى المخابز والأفران لم تسلم من القصف، وباقي الحديث عن أخلاقيات إسرائيل في هذه الجولة الدموية يبقى كلامًا لا لزوم له.
يبقى القول أن لا أخلاق لجيش سلاح جوي يغتال رغيف خبز جائع وإن كان لمريض سرطان، ويدمر صيدليات بأكملها حتى لا يجد جريح ضمادًا لجرحه، وينسف جامعة تعليمية حتى لا يجد طالب مقعدًا للدرسة، جيش يغتال الحياة انتقامًا لفشله في حماية نفسه لا أخلاق له، بل هو عدو كل خلق إنساني يحمي الحياة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ، اليوم الخميس 30 يناير 2025 ، عن ضابط كبير في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي ، قوله إن المسألة ليست غزة فقط وليست حماس فقط"، في الحرب على غزة التي وسعتها إسرائيل إلى الضفة الغربية، وأن "التحدي الحقيقي" موجود في الضفة.
وألمح الضابط إلى مخططات إسرائيلية لاجتياح واسع للضفة الغربية، وقال إن "يهودا والسامرة هي الحدث الذي أمامنا، وهذا حدث ضخم ونحن ندرك هذا جيدا".
وأعلن وزير الأمن، يسرائيل كاتس، من داخل مخيم جنين أن "إسرائيل أعلنت الحرب على مخيمات اللاجئين" في الضفة الغربية، بادعاء القضاء على المجموعات المسلحة.
وتابع الضابط أنه "نعمل بقوة شديدة في طولكرم وجنين، وسنستمر بهذا الشكل. وهذه المنطقة معقدة أكثر بأضعاف، وأصبحنا نعمل هناك بشكل مختلف. وعموما، أعتقد أنه بعد 7 أكتوبر ينبغي تقويض المفاهيم التي كانت لدينا، ولديّ أيضا".
وأضاف "نحن نقول إن حماس هي العدو في يهودا والسامرة، وأن أجهزة الأمن (الفلسطينية) تساعدنا. من قال أن هذا الوضع سيستمر؟ ومن قرر أن حماس تعني الحرب و فتح تعني السلام؟ لقد واجهنا مفاجأة إستراتيجية واحدة في 7 أكتوبر في غزة، وليس بإمكاننا السماح بتكرارها في يهودا والسامرة. وكنا عالقين في مفهوم وقد انهار، ويحظر أن ينهار مفهوم آخر في يهودا والسامرة".
ووصف الضابط أقوال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول تهجير سكان من قطاع غزة، من خلال "نقل" أكثر من مليون فلسطيني من غزة إلى دول مجاورة، بأنها "فكرة ممتازة".
واعترف بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أن إسرائيل لم تحقق هدف الحرب بالقضاء على حماس، مشيرا إلى أنه "نتواجد في وضع معقد للغاية، لم يُهزم فيه الذراع العسكري لحماس بعد، وكذلك الذراع السلطوي. واقتراح ترامب إيجابي".
ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ، صرحوا مرارا وتكرارا حول تهجير سكان القطاع، إلا أن الضابط زعم أنه "حتى تحدث ترامب عن ذلك، في إسرائيل خافوا من التحدث عن فصل سكان عن المنطقة".
وحسب الصحيفة، فإن الانطباع في إسرائيل هو أن "الأميركيين جديون في هذا الموضوع، وأقوال ترامب لم تكن عفوية". ويبدو أن إسرائيل تتجاهل رفض مصر والأردن لأقوال ترامب.
وقال الضابط إنه "نعمل في غزة بشدة بالغة، لكن القضية الإنسانية، الأسرى والمفقودين وتقييدات المساعدات الأميركية تطلبت منا تعديلات صعبة. وعلينا أن نسأل أنفسنا إلى أين نستمر من هنا".
المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية الاحتلال يستعد لتضييق الخناق لمنع الاحتفالات بتحرير الأسرى الجيش الإسرائيلي يقرّ بتنفيذه خروقات في غزة مبعوث ترامب بحث في إسرائيل مخططات ترحيل سكان غزة الأكثر قراءة قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في الضفة بالفيديو: قوات الاحتلال تُجبر أهالي مخيم جنين على النزوح قسرا تفاصيل أول مكالمة بين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي الجديد المجدلاوي: العمل على إنشاء مستشفيات ومراكز صحية جديدة في قطاع غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025