لجريدة عمان:
2024-12-23@18:49:07 GMT

المشروع الصهيوني وحلم إسرائيل الكبرى

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

حافظ إدوخراز

وأنا أتابع التطورات الأخيرة للقضية الفلسطينية في الصحف والقنوات الإخبارية مثلي مثل الكثيرين من المتعاطفين عبر العالم من العرب وغير العرب، أسمع من جديد رواية أن الهواجس الأمنية هي التي تقود السياسة الإسرائيلية منذ سنوات وتفسر ازدهار اليمين المتطرف داخل إسرائيل ورفضه لحل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص.

ينمّ هذا الرأي في اعتقادي عن قصور كبير في فهم حقيقة المشروع الصهيوني من حيث أساساته الإديولوجية واللاهوتية أو طموحاته السياسية. قادة الحركة الصهيونية لم يبنوا إسرائيل من أجل أن تكون دولة أخرى من دول العالم وفقط، تحقق هدف إنشاء وطن لليهود (كما تقول السردية السائدة) كيفما كان هذا الوطن. ولو كانت القضية قضية أمن فقط لتكفلت به الولايات المتحدة وأوروبا (بما في ذلك روسيا التي يعيش مئات الآلاف من حاملي جنسيتها داخل إسرائيل)، أو ربما لكفاها امتلاكها للسلاح النووي رادعا يحميها من كل متربّص. ولم يعد خافيا على أحد أن إسرائيل قوة نووية على الرغم من كل التستّر الذي يلف هذا الموضوع، فإسرائيل لم تؤكد ولم تنفِ يوما امتلاكها للسلاح النووي.

المشروع الصهيوني منذ بداياته الأولى كان يطمح إلى أن يعيد إقامة مملكة داوود وسليمان (التي لا وجود لها إلا في الأساطير) على أرض ادّعى الصهاينة أنها من دون شعب، ويشيّدوا فوقها دولة ذات شأن كبير على مستوى العلاقات الدولية، ولا يتحقق ذلك إلا إذا تحقق مشروع إسرائيل الكبرى وأصبحت إسرائيل القوة المهيمنة في الإقليم. فرواد الصهيونية (الذين كانوا من الأوروبيين) قد تعرّفوا قبلنا على نظرية المجال الحيوي في الجغرافيا السياسية. والقادة في إسرائيل لم يتنازلوا يوما عن هذا المشروع، مهما اختلفوا حول السبل التي يتوسّلونها أو حول الوتيرة التي يسيرون بها من أجل إنجاحه وتحويل الحلم إلى حقيقة. فبين من يتبنى استعمال القوة والاستيطان والتهجير، وبين من يتبنى سياسة المفاوضات والإغراء الاقتصادي، يبقى الثابت في سياسة إسرائيل هو السير قدما نحو إنجاز المشروع الذي وضع الآباء المؤسسون لبناته الأولى، وهم في ذلك يستلهمون مشروعا استيطانيا آخر قام على جثة شعب آخر (الأمريكيون الأصليون) وأفضى إلى بناء القوة الأولى في العالم هي الولايات المتحدة. أفبعد هذا ينكر عليهم القادة الأمريكيون ما فعله أجدادهم، وهم مجرد تلاميذ ينهلون من علم العم سام ويسيرون على خطاه!

هذا لا ينفي طبعا وجود تيار سياسي وجزء من المجتمع الإسرائيلي لا يريد إلا أن ينعم بالسلام ويعيش مثل بقية الشعوب يتوق نحو الرفاهية والازدهار، لكن وزنه في الحياة السياسية الإسرائيلية لا يرقى إلى مستوى إحداث فرق كبير على مستوى صناعة القرار، خاصة وأن حلفاء إسرائيل من الغرب لم يضغطوا عليها يوما من أجل أن تتخلى عن تلك الأوهام والأساطير التي تأسست عليها، بسبب الوزن السياسي للوبي الصهيوني العالمي (الذي يتجاوز اللوبي اليهودي، ويعدّ المكون المسيحي في نسخته البروتستانتية الجزء الأكبر منه) في هذه البلدان، والذي يحمل نفس المشروع ويتوق إلى نفس الحلم من أجل اعتبارات لاهوتية/إسكاتولوجية أخرى (إعادة المسيح على الأرض !).

في هذا السياق، في تصوري، يجب فهم مرور إسرائيل في المدة الأخيرة إلى السرعة القصوى من أجل تصفية القضية الفلسطينية بتهجير الفلسطينيين نحو مصر والأردن، ويحثون الخطى قبل أن تضطر الولايات المتحدة توجيه كامل تركيزها إلى منطقة المحيط الهادي في صراعها/تنافسها مع الصين. السؤال الذي يبقى في الذهن هو: إذا ما نجحت إسرائيل في طرد بقية الفلسطينيين من غزة ومما تبقّى من الضفة الغربية وتصفية القضية الفلسطينية على نحو غير رجعي، فعلى من يأتي الدور بعد ذلك: لبنان (حيث يوجد حزب الله) أم الأردن أم مصر (سيناء) أم سوريا أم شمال الجزيرة العربية؟

على الدول العربية في المنطقة أن تفهم أن الخطر الإسرائيلي هو تحدّ كبير للأمن القومي العربي. ولا يمكن الاستمرار في التعويل على المظلة الأمنية الأمريكية وعلى العلاقات مع صينٍ لم تستطع بعدُ أن تعالج ملفاتها الإقليمية (وعلى رأسها تايوان)، أو مع روسيا التي لا يستطيع اقتصادها المدني أن يتحمل جهدا حربيا كبيرا. لا يمكن التعويل إلا على الذات وعلى الإيمان بالمصير المشترك وتجاوز كل الخلافات والصعوبات في سبيل ذلك، والسير في اتجاه عمل عربي مشترك يتجاوز اتفاقيات التبادل الحر ويؤسس للحظة تاريخية جديدة تشكّل انعطافة من الناحية الإستراتيجية، وتجبّ كل ما قبلها من تخبّط ومزاجية وخلافات فردية بين القادة.

أدعو دول الخليج العربي إلى السير في اتجاه اتفاقية دفاع مشترك تشمل كل هذه الدول على غرار حلف الناتو، والعمل على إقامة صناعة دفاعية مشتركة قادرة على توطين التكنولوجيا العسكرية وأن تزوّد هذه الدول بجزء لا بأس به من حاجياتها. وليس ذلك بالصعب، فها هي تركيا وإيران غير بعيد لنتأمل تجربتهما وسوف نقف على إنجازات كانت بضعة عقود من الزمن كافية لتصبح واقعا بعد أن كانت مجرد أحلام.

أن تكره الحرب وتؤثر السلام لا ينبغي أن يعني الخضوع الكامل لإرادة الآخرين، والإصرار على إضعاف الذات واستنزاف القدرات، إذ لا يمكنك أن ترهن أمنك القومي بحسن نية الآخرين ومدى استعدادهم للوفاء بالمعاهدات التي تربطك بهم، ولا التعويل على نظام دولي يتآكل يوما بعد يوم، ويعرف حركة تكتونية لا ندري أين تمضي بنا. هذا العالم لا يؤمن مع الأسف إلا بالقوة، ومتى لمس الآخرون منك ضعفا وجدوها فرصة لوضع اليد على ما تملك. وبلدان المنطقة تملك الكثير من الثروات التي تزخر بها جغرافيتها. وأخيرا، كما يقول المثل الروماني القديم: "إذا أردت السلام فلتعدّ نفسك للحرب" (Si vis pacem, para bellum). إذا أردت أن تتجنب الحرب، فعليك أن تملك من قوة الردع ما يكفي لتجعل خصومك يفكرون مرتين قبل الإقدام على إثارة غضبك.

• حافظ إدوخراز كاتب ومترجم

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من أجل

إقرأ أيضاً:

خلال 8 سنوات فقط.. قصة نجاح شركة العاصمة التي أبهرت العالم بالقصر الرئاسي

شركة العاصمة الإدارية، تصدرت محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعدما أبهر القصر الرئاسي بالعاصمة العالم كله وذلك أثناء قمة الثامنة.

شركة العاصمة الإدارية

وتعد شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية واحدة من أبرز الشركات القابضة الحكومية المصرية التي تقود مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، والذي يُعد من أهم المشروعات التنموية في البلاد.

تأسست الشركة عام 2016 برأس مال مدفوع قدره 6 مليارات جنيه مصري، وتعمل تحت مظلة قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997.

أهداف الشركة ودورها

تُعنى الشركة بتخطيط وإدارة وتنفيذ وتشغيل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وتملك محفظة أراضٍ شاسعة بلغت 174 ألف فدان حتى يناير 2022.

يقع مقرها الرئيسي في الحي الحكومي داخل العاصمة الإدارية الجديدة، وتعمل في مجال الاستثمار العقاري وتطوير البنية التحتية الحديثة.

الأداء الاقتصادي للشركة

حققت الشركة أداءً اقتصاديًا قويًا، حيث بلغت عائداتها في عام 2022 نحو 19.8 مليار جنيه مصري، بينما وصل صافي أرباحها إلى 16.1 مليار جنيه. وقدرت أصول الشركة بنحو 4 تريليونات جنيه في عام 2016، مع رأس مال بلغ 80 مليار جنيه.

أما حجم استثمارات شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية يعكس دورها المحوري في تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات تنموية أخرى، وجاء على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لأكاديمية الشرطة أن الشركة تتمتع بقدرات مالية واستثمارية ضخمة كالآتي:

تمتلك الشركة حسابًا بنكيًا بقيمة 80 مليار جنيه.

لديها أموال مستحقة لدى المطورين العقاريين تُقدر بـ 150 مليار جنيه.

أنشأت العديد من المشروعات الضخمة مثل:
المباني الحكومية.

مدينة الثقافة والعلوم.

مسجد مصر والكاتدرائية.

حي المال والأعمال.

مقر الرئاسة.

آلية التمويل والإيرادات للمشروعات

جميع المنشآت الحكومية بالعاصمة تم تمويلها بالكامل من قبل الشركة.
تقوم الشركة بتأجير المباني الحكومية للحكومة، ما يحقق لها إيرادات سنوية تتراوح بين سبعة إلى عشرة مليارات جنيه.

مشروعات أخرى للشركة

وأشار الرئيس إلى أن الشركة تنتهج النهج ذاته في تطوير مشروعات المدن الجديدة مثل:

المنيا الجديدة.

العلمين الجديدة.

بني سويف الجديدة.

المنصورة الجديدة.


مجلس إدارة الشركة

يتكون مجلس إدارة الشركة من 13 عضوًا، يشملون ممثلين عن:

هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بنسبة 49%.

جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بنسبة 21.6%.

جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة بنسبة 29.4%.


قيادات الشركة

ترأس الشركة مجموعة من الكفاءات البارزة، منهم:

خالد عباس (الرئيس الحالي).

أحمد زكي عابدين.

أيمن إسماعيل (أول رئيس لمجلس الإدارة).

مقالات مشابهة

  • لاعبو كرة القدم: تعبنا من كثرة المباريات.. وبطولة الفيفا الجديدة هي القشة التي قصمت ظهر البعير
  • اليمن.. أسطورة الردع التي هزمت المشروع الأمريكي
  • خلال 8 سنوات فقط.. قصة نجاح شركة العاصمة التي أبهرت العالم بالقصر الرئاسي
  • حماس: نشكر القوات المسلحة اليمنية وأنصار الله على دعمهم المستمر رغم العدوان الأمريكي البريطاني الصهيوني
  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • تعرف على الدول التي تضم أطول الرجال والنساء في العالم
  • فريق الأمم المتحدة يزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الصهيوني بميناء الحديدة
  • جماعة نداء السلام تدين العدوان الصهيوني على اليمن
  • إعلام العدو الصهيوني يعترف: اليمن أطلق أكثر من 370 صاروخ وطائرة مسيرة على “إسرائيل”