لجريدة عمان:
2024-11-05@23:48:08 GMT

متى يعلنون وفاة العرب

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

أستأذن الشاعر الراحل الكبير نزار قباني في استعارة عنوان قصيدته الشهيرة (متى يعلنون وفاة العرب )، وكل بيت فيها يعبر عما آلت إليه أحوالنا من هزائم وانكسارات:

أنا منذ خمسين عاما

أرقبُ حال العرب

وهم يرعدون ولا يُمطرون

وهم يدخلون الحروب ولا يخرجون

وهم يعلكون جلود البلاغة

ولا يهضمون

لعل بعض أبيات هذه القصيدة التي لا يتسع المجال بعرضها كاملة تعبر في مجملها بصدق عن أحوال أمتنا العربية، التي انحدرت إلى هوة سحيقة لم يعد الخروج منها آمنا، ولو كان نزار حيًا بيننا لعبر بحسرة ومرارة أكثر مما قاله في هذه القصيدة.

على الرغم من أهوال الحروب التي حصدت مئات الملايين منذ فترة مبكرة من التاريخ الإنساني، وصولًا إلى أهوال الحرب الدائرة في غزة، والتي تحصد كل يوم أرواح آلاف الأبرياء، ورغم ذلك فان القوى المتحكمة في مصائر العالم لم تستوعب الدرس بعد أن فقدت ضميرها الإنساني في ظل وجود منظمات دولية وإقليمية تأسست بهدف حماية الإنسان من استقواء الأقوياء الذين يرفعون شعارات صباح مساء، دفاعًا عن الحرية والديمقراطيات في العالم، وهي ذات الأهداف التي حارب الحلفاء من أجلها في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولم يلتفت العالم إلى زيف هذه الشعارات، حينما لم يتحقق السلام في العالم منذ أن تأسس مجلس الأمن وغيره من المنظمات الإقليمية، فقد بقي العالم رهنا بسياسات الأقوياء، الذين تحكموا في مصائر العالم، ولم تنجح هذه المنظمات يومًا في رفع الظلم عن المستضعفين في العالم.

فقدت القوى المتحكمة في مصير العالم مصداقيتها، سواء بسبب وقوفها لدعم كل القوى المستعمرة أو في استقوائها بما يُسمى الأمم المتحدة، التي تشكلت منذ نشأتها على أسس غير عادلة يتحكم فيها العالم القوي في مصير الشعوب المستضعفة، ولعل ما يحدث في غزة الآن يعد نموذجًا للقهر والقسوة، لدرجة أنه حينما تقدمت روسيا بمشروع قرار لوقف إطلاق النار على غزة، وهو ما رفضته الولايات المتحدة الامريكية ومن ورائها القوى الأوروبية المتحكمة في مصير العالم، وهي سياسة افتقدت إلى كل القيم الإنسانية، استجابة لمطلب إسرائيل بحجة الدفاع عن نفسها، وهو مشهد بائس ينم عن افتقاد كل قيم العدالة، حيث يواصل الإسرائيليون صباح مساء هدم المنازل على رؤوس ساكنيها وتدمير المستشفيات والمساجد والكنائس، والمضي في سياسة إحراق الأرض على ساكنيها، بينما العالم الذي يسمي نفسه حرًا ماضيًا في غيه وعدوانه وسط صمت الأسرة الدولية، وهو أمر لن يُفضي إلا إلى مزيد من القتل والعنف والدمار.

اللافت للنظر، أن الكثير من صراعات العالم قد توقفت، وخصوصًا الصراع الروسي الأوكراني الذي تراجع إلى الهامش وكأن هناك اتفاق دولي على إرجاء كل الصراعات في العالم لصالح إسرائيل، التي حظيت بدعم هائل من القوى الكبرى، وأصبحت تل أبيب محط أنظار الساسة ورؤساء الدول يزورونها كل يوم، في رسالة واضحة لدعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا وماديًا، لدرجة استقدام حاملات الطائرات والبوارج العسكرية في مشهد ينم عن خلل واضح في منظومة العدالة. كل ذلك في سبيل إعلان الحرب على شعب غزة الذي لا يتجاوز عدده أكثر من المليونين، وعلى مساحة جغرافية لا تتجاوز ٣٥٠ كم، في ظل حصار عسكري مُحكم، وظروف اقتصادية واجتماعية وإنسانية شديدة التعقيد.

لم يلتفت الكثيرون في عالمنا العربي إلى أن معظم أزماتنا العربية منذ إنشاء إسرائيل ١٩٤٨، وحتى اليوم، كان من ورائها الولايات المتحدة الامريكية والغرب، مرورًا بكل الأزمات الكبرى في كل أقطارنا العربية، وخصوصًا ما شهدته المنطقة خلال العقود الأخيرة، والتي بدأت بأزمة الكويت وما تبعها تجييش القوى العالمية التي دمرت العراق، والتي تجاوزت التخلص من حكم صدام إلى تفكيك الوطن العراقي وانهيار قواه، وهو ما فتح الباب أمام انتشار ظاهرة العنف والإرهاب، وقد اصطفت بعض أقطارنا العربية لدعم العدوان على العراق دون النظر للعواقب التي تنجم عنه، ورغم مضي أكثر من عقدين فمازال العراق يلعق جراحه، ولم يستعد قواه بعد.

لم تكتف القوى الكبرى بما حل بالعراق، الذي كان سببًا في تفكيك أوصال أمتنا العربية، بل عملت الولايات المتحدة ومن ورائها أتباعها لإشعال فتن وثورات طالت معظم الأقطار العربية، وقد بذلت القوى الغربية في سبيل ذلك أموالًا ودعمًا سياسيًا وإعلاميًا، بحجة دعم الديمقراطيات في العالم العربي، وهو ما أحدث انهيارًا في بعض الأنظمة العربية، التي كانت مستقرة، وما تزال النيران مشتعلة من جراء هذه المؤامرة الكبرى، ولعل ما يحدث في غزة يعد حالة كاشفة عن الوهن والضعف الذي ضرب أوطاننا في مقتل، وخصوصًا وأن الكثير من دولنا العربية تعاملت مع الأزمة من قبيل إبراء الذمة، بيانات، وتصريحات عنترية، ولا بأس أن تخرج بعض المظاهرات دليلًا على الحرية التي تتبناها أنظمتنا العربية دعمًا لقضايانا القومية، ولم تتجاوز المواقف مجرد إصدار البيانات أحيانًا أو الصمت المطبق في كثير من الأحيان.

لقد انكفأ العرب على قطريتهم وأنانيتهم، معتقدين أنهم ناجون من هول هذا الطوفان، بينما أهلنا في غزة المحاصرة يُقصفون بمختلف صنوف الأسلحة الفتاكة، وقد فقدوا حتى مجرد الحصول على العلاج، بعد أن تهدمت مستشفياتهم ومُنع عنهم الماء والدواء والكهرباء، وراح الموت يحصد المرضي والأسوياء على قدم وساق تحت أعين وبصر والعرب، الذين يتابعون المأساة على التلفاز، وهم جالسون في غرفهم يأكلون ويشربون ويتسامرون.

هل آن الأوان لكي نعلن وفاة العروبة، التي لم يبق منها إلا لغة يتحدثون بها وثقافة يتباكون عليها، وتراث من الفخار يودعونه بكل ألم ومرارة ؟ هل نعلن وفاة العروبة التي داهمها الجهل والخوف والحرص الذي أذل أعناق الرجال؟ ألم يحن الوقت بعد كل ما حدث لأوطاننا وشعوبنا من العودة إلى مراجعة النفس، والاعتصام بتاريخنا وثقافتنا وهويتنا؟ اعتمادا علي شعوب حية تتحرق شوقًا نحو الخروج من دائرة الموت.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأقوى في العالم.. تعرف على قاذفات «بي-52» التي أرسلتها أمريكا للشرق الأوسط

أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، اليوم الأحد، عن وصول قاذفات "بي-52" الاستراتيجية إلى الشرق الأوسط.

وقالت "سنتكوم" في بيان عبر منصة "إكس"، إن "قاذفة بي-52 الاستراتيجية من طراز ستراتوفورتريس من الجناح الخامس غادرت قاعدة مينوت الجوية إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية".

ووفق بيان لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أمر الوزير لويد أوستن بنشر مدمرات دفاع صاروخي باليستي إضافية، وسرب مقاتلات وطائرات ناقلة، وعدة قاذفات قنابل طويلة المدى من طراز "بي-52" تابعة للقوات الجوية الأمريكية في المنطقة، وذلك "تماشيًا مع التزاماتنا بحماية المواطنين والقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، والدفاع عن إسرائيل، وخفض التصعيد من خلال الردع والدبلوماسية".

أمريكا تعلن وصول قاذفات بي -52 الاستراتيجية إلى الشرق الأوسط البنتاجون يعلن نشر مدمرات وأسراب مقاتلات وقاذفات بعيدة المدى في الشرق الأوسط ما هي قافات "بي - 52"؟

تعد قاذفة بي-52 من القطع الاستراتيجية الأساسية في الحروب الأمريكية، وتمكنت من تثبيت مكانتها عبر الحرب الباردة وحرب العراق، ومن المقرر أن تستمر في الخدمة حتى منتصف القرن الحادي والعشرين.

بدأ تشغيل القاذفة منذ القرن الماضي، عندما بدأت الولايات المتحدة بالتفكير بقاذفة استراتيجية ثقيلة بعد الحرب العالمية الثانية، وسرعان ما قدمت شركة بوينج، إلى جانب العديد من الشركات المنافسة، عروضا لسلاح الجو لتصميم الطائرة، ونجحت الشركة العملاقة بالحصول على عقد التصميم.

وبمقدور قاذفة بي-52 الطيران بحمولة تصل إلى 31500 كيلوجرام، وتمتلك مدى تشغيلي مذهل يزيد عن 14 ألف كيلومتر، بدون إعادة التزود بالوقود الجوي.

القاذفة لديها قدرة على حمل الأسلحة النووية على رأس اثني عشر صاروخ كروز متقدم من نوع AGM-129، وعشرين صاروخ كروز من نوع AGM-86A.  كما تدعم القاذفة الضخمة قائمة شاملة من الأسلحة لتنفيذ مجموعة واسعة من المهام التقليدية: من بينها صواريخ AGM-84 Harpoon، وذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM)، وصواريخ AGM-142 Raptor و AGM-86C الجوية التقليدية، وصواريخ كروز (CALCM).

وبالإضافة إلى الأسلحة الجديدة، من المقرر أن يتلقى أسطول القوات الجوية المكون من 76 قاذفة بي-52 مجموعة كبيرة من إلكترونيات الطيران وتحديثات الاستهداف لإبقائها محدثة.

بدمج هيكل الطائرة المرن بشكل ملحوظ، مع نهج التصميم المعياري الجديد، ستكون القاذفة "الشاملة" من بين الطائرات الأميركية الأطول خدمة عبر التاريخ، عندما يتم الاستغناء عنها في نهاية المطاف في خمسينيات القرن الحالي.

مقالات مشابهة

  • الانتخابات الأمريكية.. البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الأعظم
  • مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية
  • هذا هو الرجل الذي التقط أول صورة في العالم لشبح
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. تفتت في أصوات الجالية العربية بولاية ميتشجان
  • البرهان: نفخر بالنهضة التي حققتها مصر في جميع الخدمات الإنسانية
  • الأكثر رعبا في العالم .. تعرف على بي-52 التي أرسلتها أميركا للشرق الأوسط
  • اليوم| انطلاق البطولة العربية للدارتس.. ومصر تسعى لاستضافة كأس العالم 2027
  • رابطة العلماء العرب تبحث بالدوحة العلاج المر لنزيف العقول العربية
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. لمن ستصوت الجالية العربية؟
  • الأقوى في العالم.. تعرف على قاذفات «بي-52» التي أرسلتها أمريكا للشرق الأوسط