لجريدة عمان:
2025-01-05@16:59:32 GMT

ليلة النار

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

وكما مرت قبلها إحدى وعشرون ليلة من حرب الإبادة المتواصلة، مرت ليلة البارحة وأصبحنا في تاريخ جديد، تاريخ لن نعثر على عنوانه بعد حتى تنتهي هذه الحرب المفتوحة لشراهة المخيلة.

الصورة المكثفة على غزة تزداد كثافة كل ساعة إلى حد العتمة، فبعد ثلاثة أسابيع من انقطاع الماء والكهرباء والدواء والغذاء، دخلت الحرب منذ ليلة الجمعة الأخيرة مرحلة جديدة بعد أن قطع الاحتلال الإنترنت والاتصالات عن القطاع ليستفرد بالمدنيين العُزَّل في عز الظلام الذي لا يضيئه سوى جحيم الغارات، وفي وحشة الصمت الذي لا تمزقه سوى أصوات الانفجارات.

رعدٌ وبرق على غزة يذكرنا بليلة سقوط بغداد في قبضة المغول الجدد أوائل شهر أبريل عام 2003. والبارحة، ضاعف الاحتلال الحصار على القطاع المعزول واقعيا بعزله افتراضيا بعد قطع الاتصالات عنه. أطفئت عيون الكاميرات وغادر عدد من الشبكات الإعلامية مواقعه خشية من الاستهداف العشوائي أو المتعمد. ولم تبقَ سوى كاميرا وائل الدحدوح وحدها تحرس مربعا صغيرا من القطاع، تنيرُ مشهدا حالكا لا نرى منه شيئا إلا حين يهبط عليه جحيم الطيران أو المدفعية فيتحول إلى ظهيرة برتقالية قبل أن ينطفئ خلال ثوان.

إنها سياسة التعتيم الإعلامي المضاعف التي يحرص عليها جيش الاحتلال قبل وأثناء وبعد كل مرة يقدم فيها على ارتكاب عملية عسكرية من هذا النوع. وهذا ما يُفسر قتله حتى اللحظة لـ29 صحفيًا خلال تأدية عملهم في مختلف مناطق القطاع المنكوب منذ بداية الحرب، وذلك حسب ما أعلنته لجنة حماية الصحفيين CPJ، أي بمعدل أكثر من صحفي في اليوم الواحد. مبلغًا في الوقت نفسه، بكل صفاقة وبرود دم، وكمن يتبرأ من الجريمة استباقيًا، وكالتي رويترز وفرانس برس بأن قواته لا تستطيع ضمان سلامة الصحفيين التابعين لهما. هذا فضلًا عن استهدافه غير المباشر للطواقم الصحفية، سواء بالتهديد المبطن أو الابتزاز أو باستهداف عائلاتهم و«الانتقام منهم في الأولاد» كما حدث مع مراسل قناة الجزيرة الشجاع وائل الدحدوح الذي لم تكسره المجزرة العائلية التي راح ضحيتها عدد من أفراد عائلته، من بينهم زوجته وابنه وابنته وحفيده، فعاد ليطل علينا من شاشة الجزيرة بعد أقل من 24 ساعة على الكارثة، فأي جلد هذا، وأي برج من أبراج غزة الصامدة هو وائل الدحدوح!

يرافق كل هذا التعتيم الممنهج غطاء إعلامي غربي أصبح تبنيه للرواية الصهيونية، بشكل ساذج وببغائي متعمد، فضيحة علنية تُبطل معنى كل تلك الإنجازات المتراكمة التي حققتها مؤسسة الإعلام الغربية فيما يتعلق بالمهنية والموضوعية والاستقلالية. بل أعادت في كثير من الأحيان، منذ اندلاع هذه الحرب، إنتاج تلك اللغة العنصرية المزدوجة في التعاطي مع مآسي الشعوب الأخرى الخارجة عن دائرة الرجل الأبيض، فبعثت من جديد حقبة سابقة من النظرة النمطية الاستشراقية التي ظن البعض أنه تم تجاوزها، إلا أن الدعاية الغربية المحابية لإسرائيل توحي بأن الإعلام العالمي قد عاد إلى أجواء الصحافة والتلفزة التي سادت بعد هجمات 11 سبتمبر. ولا بدَّ من استدعاء إدوارد سعيد كثيرًا في هذه الأيام، فنحن بأمس الحاجة إليه اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى.

ليلة النار، جمعة السابع والعشرين من أكتوبر- الكارثة التي لم يوقفها مجلس الأمن لن توقفها الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي صادف اجتماعها ذات الليلة الجحيمية، حيث قدمت 120 دولة خطابات تتوسل إسرائيل تأجيل قتل من تبقى من المدنيين إلى جولة أخرى ووقفَ إطلاق النار، لكن إسرائيل كعادتها لا ترعوي ولا تعبأ بالتوسلات، ماضية في البطش الهائج والمجنون لعلها تداوي نرجسية القوة التي جرحها الفلسطينيون يوم السابع من أكتوبر، حين باغتوا القوة بالحيلة ودقوا جدار الخزان وأعادوا اهتمام العالم، كل العالم، إلى قضيتهم فاحتلوا من جديد مكانتهم كشهداء أو أبطال في الخبر العاجل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: جوتيريش دعا مرارا وتكرارا إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة

أكدت نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن أنطونيو  جوتيريش دعا مرارا وتكرارا إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

 

الأمم المتحدة: : إسرائيل شنت هجمات ضد مستشفيات قطاع غزة حماس: الاحتلال يرتكب أبشع الجرائم في حربه على غزة ويستهدف المنشآت الطبية

وقال “نائب المتحدث” خلال تصريحاته عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”، اليوم الجمعة، إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ضروري ومحوري لتعزيز السلام بالمنطقة.

 

وتابع نائب  أنه يجب وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان

 

وفي إطار آخر، أدانت حركة حماس بشدة ما وصفته بـ"أبشع جرائم الاحتلال الإسرائيلي" في حرب الابادة المستمرة ضد قطاع غزة، متمثلة في استهداف المنشآت الطبية وقتل طواقم المستشفيات، وقالت حماس في بيان لها، إن الاحتلال يسعى إلى تدمير القطاع الصحي بشكل كامل في محاولة لإبادة السكان المدنيين.

 

وأكدت حماس أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل الإبادة الجماعية ضد شعب غزة للعام الـ455 على التوالي، مستهدفا كافة جوانب الحياة في القطاع، وأضاف البيان أن الاحتلال يهدف إلى القضاء على ما تبقى من مستشفيات ومنشآت طبية في غزة في إطار سياسة ممنهجة لإبادة سكان القطاع بالكامل.

 

وأشارت حماس إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يكذب بوقاحة بشأن الوضع الصحي في غزة بهدف تبرير استهداف المستشفيات والمرافق الطبية، وأوضحت الحركة أن هذه الاستهدافات تأتي في وقت يحتاج فيه القطاع إلى كل الإمكانيات الطبية لمواجهة الأضرار الكبيرة الناتجة عن الهجمات المتواصلة.

 

وفي السياق ذاته، أكدت حماس أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ أكثر من 24 جريمة في قطاع غزة خلال 24 ساعة فقط، ما أسفر عن استشهاد 105 فلسطينيين من أبناء الشعب الفلسطيني، وشددت الحركة على أن هذه الجرائم تأتي في إطار الحملة المستمرة ضد الفلسطينيين في غزة، بهدف تدمير القطاع وتجريده من أي مقومات للحياة.

 

قالت حماس إنها تواصل تقديم القادة والمؤسسين شهداء في المعركة ضد الاحتلال، وأنهم يشاركون مع أبناء الشعب الفلسطيني في صمودهم ضد الهجمات المستمرة، وأكدت الحركة أن هذه التضحيات ستكون دافعًا للاستمرار في مقاومة الاحتلال.

 

 


 

مقالات مشابهة

  • ‏السوداني: الحكومة العراقية استطاعت تجنيب العراق امتداد النار التي اشتعلت في المنطقة
  • منذ 7 أكتوبر 2023..45805 قتيلاً في الحرب على غزة
  • رغم المساعي لوقف إطلاق النار..إسرائيل تقتل العشرات في غزة
  • مستقبل الحرب على غزة في 2025.. احتمالات التصعيد وفرص وقف إطلاق النار
  • حماس تنشر مقطع لمحتجزة إسرائيلية تبكي بعد 450 يومًا من الحرب (شاهد)
  • لبنان وإسرائيل على حافة المجهول: هل يصمد وقف إطلاق النار أم يشعل اليوم الـ61 شرارة الحرب من جديد؟
  • بلينكن: يجب استعادة المحتجزين ووقف إطلاق النار بقطاع غزة
  • المرحلة الأولى من اتفاق غزة المرتقب..ووقف الحرب 7 إلى 9 أسابيع – ما الجديد؟| تفاصيل
  • الأمم المتحدة: جوتيريش دعا مرارا وتكرارا إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • 70 قتيلاً بغارات على غزة