لجريدة عمان:
2024-11-08@22:43:18 GMT

ليلة النار

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

وكما مرت قبلها إحدى وعشرون ليلة من حرب الإبادة المتواصلة، مرت ليلة البارحة وأصبحنا في تاريخ جديد، تاريخ لن نعثر على عنوانه بعد حتى تنتهي هذه الحرب المفتوحة لشراهة المخيلة.

الصورة المكثفة على غزة تزداد كثافة كل ساعة إلى حد العتمة، فبعد ثلاثة أسابيع من انقطاع الماء والكهرباء والدواء والغذاء، دخلت الحرب منذ ليلة الجمعة الأخيرة مرحلة جديدة بعد أن قطع الاحتلال الإنترنت والاتصالات عن القطاع ليستفرد بالمدنيين العُزَّل في عز الظلام الذي لا يضيئه سوى جحيم الغارات، وفي وحشة الصمت الذي لا تمزقه سوى أصوات الانفجارات.

رعدٌ وبرق على غزة يذكرنا بليلة سقوط بغداد في قبضة المغول الجدد أوائل شهر أبريل عام 2003. والبارحة، ضاعف الاحتلال الحصار على القطاع المعزول واقعيا بعزله افتراضيا بعد قطع الاتصالات عنه. أطفئت عيون الكاميرات وغادر عدد من الشبكات الإعلامية مواقعه خشية من الاستهداف العشوائي أو المتعمد. ولم تبقَ سوى كاميرا وائل الدحدوح وحدها تحرس مربعا صغيرا من القطاع، تنيرُ مشهدا حالكا لا نرى منه شيئا إلا حين يهبط عليه جحيم الطيران أو المدفعية فيتحول إلى ظهيرة برتقالية قبل أن ينطفئ خلال ثوان.

إنها سياسة التعتيم الإعلامي المضاعف التي يحرص عليها جيش الاحتلال قبل وأثناء وبعد كل مرة يقدم فيها على ارتكاب عملية عسكرية من هذا النوع. وهذا ما يُفسر قتله حتى اللحظة لـ29 صحفيًا خلال تأدية عملهم في مختلف مناطق القطاع المنكوب منذ بداية الحرب، وذلك حسب ما أعلنته لجنة حماية الصحفيين CPJ، أي بمعدل أكثر من صحفي في اليوم الواحد. مبلغًا في الوقت نفسه، بكل صفاقة وبرود دم، وكمن يتبرأ من الجريمة استباقيًا، وكالتي رويترز وفرانس برس بأن قواته لا تستطيع ضمان سلامة الصحفيين التابعين لهما. هذا فضلًا عن استهدافه غير المباشر للطواقم الصحفية، سواء بالتهديد المبطن أو الابتزاز أو باستهداف عائلاتهم و«الانتقام منهم في الأولاد» كما حدث مع مراسل قناة الجزيرة الشجاع وائل الدحدوح الذي لم تكسره المجزرة العائلية التي راح ضحيتها عدد من أفراد عائلته، من بينهم زوجته وابنه وابنته وحفيده، فعاد ليطل علينا من شاشة الجزيرة بعد أقل من 24 ساعة على الكارثة، فأي جلد هذا، وأي برج من أبراج غزة الصامدة هو وائل الدحدوح!

يرافق كل هذا التعتيم الممنهج غطاء إعلامي غربي أصبح تبنيه للرواية الصهيونية، بشكل ساذج وببغائي متعمد، فضيحة علنية تُبطل معنى كل تلك الإنجازات المتراكمة التي حققتها مؤسسة الإعلام الغربية فيما يتعلق بالمهنية والموضوعية والاستقلالية. بل أعادت في كثير من الأحيان، منذ اندلاع هذه الحرب، إنتاج تلك اللغة العنصرية المزدوجة في التعاطي مع مآسي الشعوب الأخرى الخارجة عن دائرة الرجل الأبيض، فبعثت من جديد حقبة سابقة من النظرة النمطية الاستشراقية التي ظن البعض أنه تم تجاوزها، إلا أن الدعاية الغربية المحابية لإسرائيل توحي بأن الإعلام العالمي قد عاد إلى أجواء الصحافة والتلفزة التي سادت بعد هجمات 11 سبتمبر. ولا بدَّ من استدعاء إدوارد سعيد كثيرًا في هذه الأيام، فنحن بأمس الحاجة إليه اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى.

ليلة النار، جمعة السابع والعشرين من أكتوبر- الكارثة التي لم يوقفها مجلس الأمن لن توقفها الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي صادف اجتماعها ذات الليلة الجحيمية، حيث قدمت 120 دولة خطابات تتوسل إسرائيل تأجيل قتل من تبقى من المدنيين إلى جولة أخرى ووقفَ إطلاق النار، لكن إسرائيل كعادتها لا ترعوي ولا تعبأ بالتوسلات، ماضية في البطش الهائج والمجنون لعلها تداوي نرجسية القوة التي جرحها الفلسطينيون يوم السابع من أكتوبر، حين باغتوا القوة بالحيلة ودقوا جدار الخزان وأعادوا اهتمام العالم، كل العالم، إلى قضيتهم فاحتلوا من جديد مكانتهم كشهداء أو أبطال في الخبر العاجل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إنهاء الحرب.. سمير فرج يكشف عن مبادرة مصرية لوقف إطلاق النار في غزة

كشف الدكتور سمير فرج، المفكر السياسي والخبير الاستراتيجي والعسكري، تفاصيل المبادرة التي أطلقتها مصر لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنهاء الحرب بين حركة حماس وجيش الاحتلال.

وقال الدكتور سمير فرج،  في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إن مصر تستهدف وقف الحرب لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى الفلسطينيين، موضحا أن حضور رئيس الموساد ووفد الشاباك  إلى القاهرة يشير إلى أن نتنياهو أبدى موافقته على الدخول في مفاوضات لوقف الحرب في غزة خاصة أنه تخلص من يحيى السنوار وإسماعيل هنية وحسن نصر الله.

الرهائن المحتجزين

وأوضح الخبير الاستراتيجي والعسكري، أن الرهائن المحتجزين في غزة مشكلة كبيرة تواجه نتنياهو وتسبب له قلقا شديدا، موضحا أنه يستهدف الدخول في هدنة قصيرة يتم خلالها استعادة الرهائن لتهدئة الرأي العام في إسرائيل، ولكن مصر وضعت شرطا لتنفيذ الهدنة وهو فتح معبر رفح لإدخال المساعدات وانسحاب قوات الاحتلال من المعبر.

مقالات مشابهة

  • بيان صادر عن القطاع النسائي في العمل الإسلامي حول الانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات في سجون الاحـتلال
  • سمير فرج يكشف عن تفاصيل مبادرة مصرية لوقف إطلاق النار في غزة
  • إنهاء الحرب.. سمير فرج يكشف عن مبادرة مصرية لوقف إطلاق النار في غزة
  • الكرملين: ترامب بالغ حينما قال إنه سينهي الحرب في أوكرانيا بين ليلة وضحاها
  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • ما هي فرصة وقف النار في لبنان خلال الفترة الانتقاليّة للحكم الأميركي؟
  • مرحلة ثانية من الاتصالات الديبلوماسية لوقف اطلاق النار
  • أمين عام "حزب الله" يحدد شرطين لمفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل
  • 7 شهداء في ليلة الأربعاء بقطاع غزة
  • دعوة ميقاتي إلى قمة التضامن.. ووقف الحرب على لبنان على جدول الأعمال