أردوغان في "خطاب" ناري: إسرائيل "مجرمة حرب" والغرب مسؤول عن "جرائم الإبادة" بغزة
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تجمع جماهيري حاشد لنصرة فلسطين في مدينة إسطنبول، السبت، إن بلاده عازمة على إعلان إسرائيل "مجرمة حرب" للعالم أجمع، مضيفاً أن ما يحدث في غزة ليس "دفاعاً عن النفس" بل مجزرة واضحة ودنيئة.
وتابع أردوغان قائلاً: "إسرائيل سنعلن للعالم برمته أنك مجرمة حرب، ونعمل على ذلك".
وشدد على أن "ما يحدث في غزة ليس دفاعاً (عن النفس) بل مجزرة واضحة ودنيئة، إنهم يسعون للقضاء على سكان غزة بشكل جماعي، عن طريق التجويع والعطش وتدمير خدماتهم الصحية".
Cumhurbaşkanı Recep Tayyip Erdoğan:
"Herkes biliyor ki, İsrail bölgede sadece, günü geldiğinde feda edilecek bir piyondur."#United4Palestine#BüyükFilistinMitingipic.twitter.com/xq5x9dSz3M
وأوضح أن "إسرائيل ليس لديها أدنى اكتراث بشأن قتل الناس، وهم يقولون بكل صراحة ووضوح: نحن نعرف القتل جيداً، لكنكم ستدفعون ثمن ذلك باهظاً".
وقال مخاطباً الإسرائيليين: "ثقوا تماماً أنكم وأطفالكم سوف تحتاجون إلى تركيا في المستقبل مثل أجدادكم"، مضيفاً: "تعالوا واستمعوا لمطالبنا وندائنا بإيصال المساعدات الإنسانية وتأسيس السلام وفتح أبواب الحوار".
كما وصف أردوغان الغرب بأنه "المذنب الرئيسي في مجازر غزة"، وقال أردوغان إن "المذنبين الرئيسيين في مجازر غزة هم الغربيون.. باستثناء بعض الضمائر التي رفعت الصوت، (هذه) المجازر هي بالكامل من صنع الغرب".
???? Erdogan: "Diremos ao mundo inteiro que Israel é um criminoso de guerra. Estamos nos preparando para isso. Declararemos Israel um criminoso de guerra".pic.twitter.com/ocgSEr3vZA
— Mundo News (@Mundo__News) October 28, 2023المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل إسرائيل أردوغان إسطنبول
إقرأ أيضاً:
صـور العـرب والغـرب في وعـيـيـهـما
نـظرتان متبايـنـتان إلى العَـرب داخل الوعـي الغـربيّ، تُـقابِـلـهـما نظـرتان متـبايـنـتان إلى الغـرب داخل الوعي العربيّ. يـفـيـدنا تقـريرُ هذه الواقعـة، أيّـما إفادة، في تبـديـد اعـتـقادٍ شائـع بوجـود نظـرة واحـدة مغـلَـقة يُـلقـيـها على الآخَـر كـلٌّ من العـالميْـن. من البيّـن أنّ مثـل هذا الاعتـقاد لا يكـتفي بأن يُـنكِـر علاقات التّـناقـض وظواهـر التّـعـدُّد في الاجتـماع والفـكـر فحسب، بـل يُـفضي - أكـثـر من هـذا- إلى افـتراض تجـانُسٍ وهـميّ داخـل كـلٍّ من العـالميْـن (العـرب والغـرب) يـدخل، في امتـداده، العالَـمان ذيْـنـاك حالـةً من التّـقاطُـب والتّـقابُـل والتّضادّ يمـتـنع معـها أيُّ تـفاهُـم أو تبادُلٍ للـقيـم الثّـقافـيّـة، بـل تـتـأسّس عليها أسباب النّـزاع والصّـدام بينهما. يَـنْـفُـل عـندنا القـول إنّ الاعـتـقـاد هذا مُـجَافٍ لطبائـع الاجتماع الإنسانيّ، وافـتراضٌ ذهـنيٌّ برّانيّ عن الواقع؛ ذلك أنّ ظـواهـر الاجتماع والفـكـر وما تـقـيمه الجماعاتُ الإنسانـيّـة من صـلاتٍ وتـمـثُّـلات متبادَلـة تُـطْـلِـعـنا على ميـدانٍ واسع من عـلاقات الاخـتـلاف والتّـنـوُّع والتّـنازُع في الرّأي يتـوزّع بـها النّـاس إلى جماعـات متبايـنـة. وحين يكـون مـدارُ النّـظـر على مسائـل الهـويّـات وتحديـدِها وتعريـفِ العلاقة بها: ذاتا وآخَـر/آخَـرين، فإنّ النّـظر إلى تلك المسائـل آيـلٌ -لا محالة- إلى الاخـتـلاف وربّـما التّـضادّ في مثـل هـذه الأحوال.
العـرب في الوعـي الغربيّ يرمزون إلى عالَـميْـن على طـرفـيْ نـقيـض؛ فهُـمْ، مـن جهـة، رمـزٌ للبربريّـة، والبـداوة، والتّـخـلّـف، والتّواكـل، والعـيش على الرَّيْـع، وغِـلظة الأخلاق، واضطهاد المرأة، والتّـعصّـب، وكراهـيّـة الآخَـر، والعـنف، والإرهـاب...إلخ؛ وهُـمْ رمـزٌ، في المقابـل، للمدنيّـة، والتّحضّـر، والإنتاج الفـكـريّ والأدبـيّ، والعـمل، والمروءة، والتّسامـح، والحوار والتّـفاهـم، والاعتـدال في الحياة والسّـلوك، والسّلام...إلخ. لكـلِّ غـربٍ عَـربُـه إذن؛ وإذا كان العـرب قـد بَـدَوْا فريـقـيْـن متـناقـضيـن، فلأنّ الرّائيّ إليهـم (= الغـرب) فريـقان. الفـارق بين الوعَـيـيْـن أنّ أوّلهما يحاول أن يؤسِّـس نفسَـه وأحكامَـه على مبانٍ علميّـة وثـقافـيّـة يـشـدُّهـا هـدف واحـد: معرفة هـؤلاء العـرب: تاريخـا وتراثـا وحاضـرا، بـغـية تبـديـد الأحكـام المسبـقة أو حالة الجهـل بهـم؛ فيما ينصرف الوعـي الثّـاني إلى اصطنـاع الصّـورة المرغوبـة عنـهم لتسخيـرها في عـمليّـة التّـعبئـة ضـدّهم والتّحريض عليهم. يـتولّـد النّمـط الأوّل من الوعـي الغـربيّ، في الغـالب، في بعض البيئـات الفـكـريّة العـلميّـة والأكاديميّـة، المتجـرّدة من نـزعـة التّـعصّب الغـربيّ والتّـمركـز على الذّات، كما يـتـبدّى في تـأليف المؤرّخيـن ودارسي الأديان والحضارات والفلاسفة وعلماء الأنـثروبـولوجيا، فيما ينـشأ النّـمط الثّـاني في بيئـات إيـديولوجيّـة وصِـحـفـيّـة وإعـلاميّـة غـربـيّـة مرتبطـة بالمؤسّسـة (الخارجيّـة، الجيـش، الاستخبارات)، أو بقـوى المال والأعمال وقـوى الضّـغط الصّـهـيونيّ فيها المـدعومـة من مراكـز القرار في دول الغـرب.
في المقابـل، لا يـعني الغـربُ معـنًـى واحـدا في الوعـي العـربيّ؛ إذْ هـو، من وجْـهٍ، رمـزٌ للشّـرّ المطلق، تجـتـمع فيـه المنـكَـرَاتُ السّياسيّـة والثّـقافـيّـة جميـعُـها وهـو مَـوْطِـنُـها والمصدر: الاستعـمار؛ النّـهبُ والاستـغلال؛ الهيـمـنةُ والتّسـلّـط؛ الحروبُ الظّالمـة؛ اهتـضـامُ الحـقوق؛ هندسةُ التّـجزئـة والتّـقسيـم؛ رعاية المشروع الصّـهيـونيّ ودعـمُـه؛ العـنصريّـة وادّعـاء التّـفـوّق العِـرقيّ والحضاريّ والدّيـنيّ؛ الكيْـد الدّائـم للعـرب والمسلميـن وتحـقيـرُ قـيـمهـم... إلخ؛ في المقابـل، هـو رمـزٌ- لـدى قسـم ثـانٍ - للمـدنـيّـة، والعـقـلانـيّـة، والعـلم، والإنـتاج، والنّـظام السّـياسيّ الحـديـث، والتّسامح الدّيـنيّ، وحـريّـة الفـكـر، والمساواة، والعـدالة، والحريّـة، والدّيـمـقـراطيّـة، وحقـوق الإنسان، وحـقـوق المرأة... إلخ. لـكـلٍّ غـربُـه من العـرب ونُـخبِـهـم الثّـقافـيّـة والسّياسيّـة؛ وهُـم إذْ ينـقـسمـون عليـه، فلأنّ كـلّ فـريـقٍ يـمتـح نـظـرتَـه إلى ذلك الغـرب من منـاهـلَ متـبايـنـة ويـحـدِّد لنـفسـه المـوقـعَ الذي منـه ينـظـر إليه. يـقـدّم المـوقـف الأوّل نـفسَـه بوصـفـه تمـثيـلاً أصيـلاً للهـويّـة والذّاتـيّـة الحضاريّـة العربيّـة؛ وهـي، بحسبـه، تـنـتصـب نقـيضا للآخَـر ولنـموذجـه الحضاريّ والقـيمـيّ؛ فيما يـقـدّم المـوقـف الثّاني نـفسَـه بما هـو تعـبيـر عـن إرادة التّـقـدّم: الإرادة التي تـقـضي بالاعـتـراف بعظيـم عـوائـد فتـوحات الغـرب العـلميّـة والفـكـريّـة والصّـناعيّـة والسّياسيّـة على الإنسـانيّـة جمـعاء، وتـقـضي بالحاجـة إلى استـلهـام دروس منجزاتـه. يـزدهـر المـوقـف الأوّل في بيـئات القُـوى الأصاليّـة والسّـلـفـيّـة المعاديـة للحـداثـة، فيما يـفـشو الثّـاني في بـيئـات النّخـب المنـفـتحـة على الحـداثـة.
يُـطْـلِـعـنا انـقـسامُ الغـرب على العَـرب وانـقسـامُ العَـرب على الغـرب على حـقـيـقـتـيْـن متـلازمتـيْـن: أنّ الانـقـسام هـذا ذاتـيّ، مـن وجـه، ومـوضوعيّ من وجـهٍ ثـان بحيث لا يَـقْـبـل اختـزالَـه إلى واحـدٍ منهـما حصـريّـا. فأمّـا أنّـه انـقـسامٌ ذاتـيّ فـيُـسـتَـدلّ عليه بـما بين الفـريـقيـن من تـبايُـنٍ يفـسّـره الاصطـفـاف الاجتماعيّ والسّياسيّ وما يتولّـد منه من تعـبـيـرات إيـديـولوجيّـة في كـلّ مجتـمع، ويكـاد الانـقـسامُ هذا (على تعـريف الآخَـر) يشـبـه الانـقـسام الدّاخـليّ على مسائـل السّلطـة والثّـروة والسّيـاسات: الانـقسـام الذي لا يَـعْـرَى مجـتـمـعٌ منـه. وأمّـا أنّـه انـقـسامٌ موضوعيّ فـدليلُـه ما يـنـطوي عليه الموضوعُ نـفـسُـه (العـرب، الغـرب) من تعـدُّدٍ وازدواجيّـة وتناقـض؛ إذْ مَـن ذا الذي يمكنه أن يُـنْـكِـر ذلك التّـقابُـل، الذي لا ينـي يعيـد إنتـاجَ نـفسـه، بيـن المـدنيّـة العربيّـة (الماضيـة) والانحطـاط الحاضر؛ بين صنـاعـة التّاريخ والعيـش عالـة على التّاريخ؛ بين قيـم الإنتاج وقيـم الرّيـع؛ بين الاجتهاد العـقليّ والانـغلاق النّصّـيّ؛ بين الوسـطيّـة والاعتـدال... والتّـطرّف؛ بين الأمّـة والجماعـة... والطّائـفة والقبيلـة والمـذهـب؛ بين الدّولة الإمـبراطوريّـة ودويـلات التّـجزئـة الميـكروسـكوبـيّـة... إلخ؟ ثـمّ مَـن ذا الذي يَـقْـوى على إنكـار حقيـقـة أنّ الغـرب لا يـَني يُـسْـفِـر، في الوقـت عـيـنِـه، عـن وجـهـيْـه النّـقيـضيـن: الأنـواريّ والاسـتعـماريّ؛ الإنسـانـويّ والعـنصـريّ؛ الدّيـمـقراطيّ والدّيـكـتـاتـوريّ؛ التّـحرّريّ والاستـعـبـاديّ؛ المُـشـرِق والظّـلامـيّ... إلخ؟
يـؤدّيـنـا التّـشـخيـصُ السّابـق إلى الاستـنـتـاج أنّ واحـدةً من أَظْـهـر معـضـلات تلك التّـمـثُّـلات المتبادَلَـة بين العـرب والغـرب هيـمنـة نـزعـةٍ انـتـقـائـيّـة فيها؛ بيـانُ ذلك أنّ كـلّ فـريـقٍ يـنـتـقي لـه مـن آخَـرِه سمـاتٍ بـعيـنـها مـن دون أخـرى، سلـبيّـة أو إيـجابيّـة، ويَـطَّـرح أخـرى أو يسـكـت عنـها. هـكـذا يـقـدِّم عـن آخَـره نـصـفَ الحـقيـقة ويحـجـب الثّـاني؛ ولـيس هـذا من المعـرفـة - بمعـناهـا الدّقـيـق - بـل هـو أقـرب إلى التّـمـثّـل الإيـديـولوجيّ والافـتـراضيّ منـه إلى المعـرفة: التّـمـثُّـل الذي يُـنْـتِـج صُـوَراً نَـمَـطيّـة لا مـعارف!