سايس بيكو جديد؟.. قراءة إيرانية في ملامح الشرق الأوسط بعد عملية طوفان الأقصی
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
طهران- طالما تحدثت أطراف غربية خلال العقود الماضية عن "شرق أوسط جديد" وفق مواصفاتها وحليفتها إسرائيل، وأعادت معركة "طوفان الأقصى" الحديث عن هذا المشروع إلى الأوساط الإيرانية انطلاقا من قدرة الحروب على تغيير الجغرافيا والاصطفافات السياسية.
وقد تكون تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتوعده "بتغيير منطقة الشرق الأوسط" بيت القصيد في القراءة الإيرانية التي انقسمت بشأن ما بعد المعركة.
وبينما تجمع الأوساط الإيرانية على أن عمليات طوفان الأقصى قد غيّرت بالفعل قواعد الاشتباك في الأراضي المحتلة، تعتقد شريحة أن المنطقة أمام "سايكس بيكو جديد"، في حين يذهب طيف آخر إلى أن المشاريع الدخيلة لم تعد قادرة على تغيير خارطة المنطقة، وأن أبناءها هم من سيرسمون ملامح المرحلة الجديدة لصالح القضية الفلسطينية.
تغييرات عالمية
في غضون ذلك، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران محسن جليلوند، أن نتائج معركة غزة سوف تفوق تغيير ملامح الشرق الأوسط لتترك بصمة بارزة على خارطة العالم، على شتى المستويات الجيوإستراتيجية والجيوسياسية والجيواقتصادية على غرار مرحلة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، كما يتوقع حدوث تغييرات جيوثقافية على المدى المتوسط.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر الأكاديمي الإيراني أنه لا بد من المعركة البرية على غزة لاستعادة إسرائيل هيبة الردع التي فقدتها، وأن تداعياتها ستكون مفصلية في ترسيم ملامح الشرق الأوسط الجديد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مضيفا أن اليد العليا لن تكون من نصيب الجانب الإسرائيلي في الشرق الأوسط الجديد.
وأضاف جليلوند أن العقلية الإسرائيلية ترى في التطورات الراهنة "هولوكوست ثانية"، وتسعى حثيثا لاستغلالها ذريعة لتثبيت وجودها في المنطقة كما استغلت قبل نحو 8 عقود الهولوكوست الأولى لتأسيس كيانها على الأراضي الفلسطينية.
مكانة إيرانولفت إلى أن إسرائيل تحظى بدعم غربي مطلق في المرحلة الراهنة يحفزها على ارتكاب مجازر لتحييد الخطر الذي يهدد وجود دولة الاحتلال، مستدركا أن إطالة فترة الحرب ستنعكس سلبا على الجانب الإسرائيلي في ملامح الشرق الأوسط الجديد، وذلك لافتقاره العمق الإستراتيجي ومحدودية الموارد والثروات مهما حاول الجانب الغربي أن يجلبها من الخارج.
ورأى جليلوند، أن الكيان الإسرائيلي لن يتمكن من القضاء على حركة حماس باعتبار الأخيرة الحلقة الأولى للأمن القومي الإيراني، مؤكدا أن وقف إطلاق النار في المرحلة الراهنة سيعني نجاح إيران في رسم قواعد اشتباك جديدة والقضاء نهائيا على مشروع نتنياهو السياسي والتطرف الصهيوني بحق الفلسطينيين.
وأوضح الباحث الإيراني، أنه وفق نتائج المعركة البرية على غزة سوف تتفاوت مكانة طهران في الشرق الأوسط الجديد بين طرف يمتلك اليد العليا، ويحسب له الجانب الغربي ألف حساب إذا انتصرت المقاومة، وطرف آخر قد تتفاقم الضغوط الغربية ضده، ويتقوّض نفوذه في القطاع إذا اختلفت النتيجة.
تنافس دولي
وخلص المتحدث ذاته إلى أن العديد من القوى الغربية والشرقية تتنافس على الشرق الأوسط، وتريد تسجيل حضورها وضمان مصالحها في المنطقة خلال فترة ما بعد طوفان الأقصى، واصفا روسيا الرابح الأكبر من معركة غزة، موضحا أن نتائج الحرب الراهنة سوف تؤثر بشكل مباشر على حرب الممرات الدائرة بين القوى الغربية والشرقية، وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة.
وختم بالقول "إن حرب غزة شأنها شأن الحروب الأخرى، إنها استمرار للسياسة بطرق وأدوات أخرى، مؤكدا أن جميع السيناريوهات محتملة وفقا لمدى انخراط الجانبين الأميركي والإيراني في الحرب أو قدرتهما على إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة لتفادي حرب شاملة".
في المقابل، يعتقد علي بيكدلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الشهيد بهشتي، أن المعركة الراهنة لن تحدث تغييرا لافتا على خارطة الشرق الأوسط ما عدا التغييرات المتواصلة منذ أكثر من 7 عقود في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
اصطفافات جديدةواعتبر الباحث الإيراني –في حديث للجزيرة نت- أن معركة طوفان الأقصى منقطعة النظير في تاريخ القضية الفلسطينية، بسبب حجم العنف الإسرائيلي المستخدم ضد أهالي غزة والإنجاز الذي حققه الجانب الفلسطيني فيها حتى الآن، مؤكدا قدرتها على إعادة الاصطفافات وسياسة المحاور بالمنطقة.
ورأى بيكدلي، أن وطأة تداعيات عملية طوفان الأقصى ستكون الأشد على الداخل الإسرائيلي وحزب الليكود أكثر منه من خارطة المنطقة، موضحا أن هناك مساعي إسرائيلية حثيثة لتغيير الواقع القائم في القطاع المحاصر، بيد أن الجانب الأميركي يسعى لهندسة العنف الإسرائيلي لمنع انفلات الأمور.
واستبعد الباحث نفسه، تدحرج كرة الحرب إلى خارج حدود غزة، موضحا أنه رغم التنافس الحقيقي بين طهران وواشنطن في الشرق الأوسط، فإن الجانبين لا يرغبان في توسعة رقعة الحرب، واصفا النزاع الجاري بالمنطقة بأنه صراع أميركي روسي بالأساس، وأنه يصب في مصلحة الأخيرة.
نظرية الردع
من ناحيته، يعتقد علي سقائيان، الدبلوماسي الإيراني سفير طهران السابق في أرمينيا والبرازيل، أن خارطة الشرق الأوسط قد بدأت بالتغيير فعلا مع عملية طوفان الأقصى، وأن "وجه المنطقة بعد العملية التي كسرت هيبة الاحتلال وأسطورة جيشه الذي يقهر" لن يكون كما قبلها.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقرأ الدبلوماسي الإيراني الدعم الغربي لإسرائيل في سياق "رفع المعنويات المنهارة لكيان الاحتلال وجنوده الذين ذاقوا طعم الهزيمة والانكسار بعد أن تجرعوها لأول مرة خلال العدوان على جنوب لبنان عام 2006″، على حد تعبيره.
ورأى سقائيان، أن الموجات الارتدادية لعملية طوفان الأقصى سوف تلاحق الاحتلال بعد أن أسقطت نظرية الردع الإسرائيلية، وأفرزت مشهدا جديدا بالشرق الأوسط من خلال حصر المعركة في الجبهة الداخلية للعدو الإسرائيلي وتحقيقها مكاسب عسكرية وإعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأجندة الدولية.
وخلص الدبلوماسي ذاته إلى أن ملامح الشرق سوف تتغير بعد أن غيّرت عملية طوفان الأقصى قواعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي استمرت على مدى أكثر من سبعة عقود، مما سينعكس إيجابا على "إنهاء الاحتلال" وتغيير خارطة المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الجدید ملامح الشرق الأوسط عملیة طوفان الأقصى إلى أن
إقرأ أيضاً:
العراق يواجه تحديات كبيرة وخطيرة مع بداية سنة 2025
بغداد اليوم - بغداد
أكد المختص في الشؤون الاستراتيجية مجاشع التميمي، اليوم السبت (21 كانون الأول 2024)، ان العراق يواجه تحديات كبيرة وخطيرة مع بداية السنة الجديدة 2025.
وقال التميمي، لـ"بغداد اليوم"، انه "بالتأكيد الأوضاع في المنطقة متوترة والعراق جزءاً من هذه المنطقة التي تشهد اضطرابات وقلق من المرحلة الحالية التي تسببت بدمار غزة وانكفاء حزب الله وسقوط نظام بشار الأسد، واليوم الحديث يدور عن المرحلة المقبلة التي يخشى ان يكون العراق جزءا من هذا التوتر".
وأضاف ان "المطمئن أن الحكومة العراقية تحاول قدر المستطاع تجنيب العراق أي توتر وتصعيد في المواقف لذلك يحاول رئيس الوزراء أن ينأى بالعراق في الدخول بهذا التوتر لكن تبقى التحديات التي تواجه العراق صعبة جدا".
وبين ان "العراق سيكون مع بداية العام الجديد مع تحديات كبيرة مع وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي هدد اكثر من مرة ايران وأذرعها في المنطقة ومنها العراق لذلك سيواجه البلاد ضغطا دوليا كبيرا وسيحمل الجميع الحكومة مسؤوليات كبيرة وفي مقدمتها السلاح خارج سلطة الدولة والتدخل الايراني والفساد والتعديل الوزاري الذي باتت مطالب عراقية داخلية اكدت عليه المرجعية الدينية العليا".
وتابع المختص في الشؤون الاستراتيجية انه "فضلا عن عوامل داخلية تتعلق بقرب إجراء الانتخابات وما قد يؤدي إلى توتر سياسي ومحاولات إجهاض أي دور يقوم به رئيس الوزراء لذلك اعتقد ان السوداني سيكون له معركة مسبقة في قضيتي تعديل قانون الانتخابات واختيار مجلس جديد للمفوضية العليا للانتخابات التي تريد الاحزاب السيطرة عليها".
هذا وحذر المختص في شؤون العلاقات الدولية مصطفى الطائي، يوم الخميس (19 كانون الأول 2024)، من خطورة مخالفة العراق للإرادة الدولية الساعية للتغيير في منطقة الشرق الأوسط.
وقال الطائي لـ"بغداد اليوم"، إن: "الصورة أصبحت واضحة جداً بأن التغيير واقع حال في الشرق الأوسط بعد غزة ولبنان ثم سوريا، والأمور تتجه نحو العراق وحتى ايران" مشدداً "يجب على العراق عدم الوقوف بالضد من تلك الإرادة فهي دولية مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب وحتى دول الخليج والمنطقة".
وأضاف، أن "خارطة التغيير في منطقة الشرق الأوسط تعتمد بشكل كلي على القضاء على النفوذ الإيراني وقطع ما يسمى بـ(الأذرع العسكرية) لطهران في المنطقة، والعراق ُطلب منه بشكل رسمي بأن يقطع تلك الأذرع عبر الحكومة العراقية" حسب قوله.
واختتم الطائي تصريحه بالإشارة الى، أن "اخفاق الحكومة بهذا الملف سيدفع نحو تحرك دولي ضد تلك الفصائل وربما يكون عسكرياً أو عقوبات مالية واقتصادية، وهذا من شأنه زعزعة الاستقرار الحاصل في العراق".