موقع النيلين:
2025-04-25@23:50:14 GMT

194 يوماً من الصمود المستحيل

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

194 يوماً من الصمود المستحيل


194 يوماً من الصمود المستحيل
في ١٥ أبريل عندما بدأ الدعم السريع في حربه، هاجمت قوات الدعم السريع عدة نقاط تأمين تتبع للفرقة ١٦ مشاة التي كانت تنتشر في أطراف ومناطق متعددة في ولاية جنوب دارفور، وقام قادة هذه النقاط بالتصدي للسيول الغائرة عليهم وتجمعوا رويداً رويداً في مركزهم بحامية الفرقة ١٦ مشاة بنيالا التي تواصل عليها الهجوم المستمر.


في ١٩ مايو، أي بعد أكثر من شهر من الهجمات على الحامية وبعد اشتداد الحصار والمعارك واقتراب الدعم السريع من حامية الفرقة ١٦ مشاة، كان قد تقرر وقتها عسكرياً أن صمود الحامية غير ممكن، ولكن وقف عليهم قائدهم آنذاك اللواء الشهيد/ ياسر فضل الله، وقال لهم بأنهم سيواصلون القتال حتى تلامس اناملهم “أفق الحدث” وقد كان! فخرجوا يصدون تقدمات الميليشيا بلا هوادة وظلوا فيها صامدين.
في ٢١ أغسطس، دفعت الميليشيا بأيدي الغدر والخيانة لتغتال قائد الحامية التي كانت عصية عليهم وطالت هذه الأيدي اللواء الشهيد/ياسر فضل الله -عليه رحمة الله- وقد ظنت الميليشيا بأن هذا العمل الدنيء كافٍ لإسقاط الفرقة ١٦ مشاة ولم يعلموا بأن أبناء ياسر هم مثل ياسر، الذي من بعده تسلم اللواء/حسين جودات راية القيادة وسار على منهاج قائده في الصمود المستحيل.
في مساء الخامس والعشرين من أكتوبر، وبعد التصدي لتدفق السيول البشرية الذي لم بتوقف، وجد اللواء جودات قائد الفرقة ١٦ مشاة نفسه قد تجاوز حدود المنطق، فها هم يقاتلون لأسابيع وقد نفذ “الشاش” منهم، والمصابون فيهم يلفون جراحهم بقطعة قماش يقتطعونها من زيّهم ليلفوا جرحهم ويعودوا لخط النار، يأكلون ما تيسّر لهم بما وجدوا ولا يدخرون قطعة سلاح في أواخر المخزن لصد العدو وهم يعلمون أن لا إمداد ولا إسناد يمكن أن يصلهم، فأقرب حاميات الجيش على بعد عشرات الكيلومترات تعيش في الحصار على طول امتداد الطريق التي تسيطر عليه الميليشيات.
أدرك جودات أنه قد نفّذ وصية قائده، فهو الآن قد وصل نقطة اللاعودة، وصار أمامه خياران: إما أن يهلك جنوده في معركة خاسرة كما تفعل الميليشيات، وإما أن يحافظ على جنوده ويتخلى عن معسكره، وقد أتخذ جودات خيار القائد الصحيح ووضع خطة الإنسحاب للحفاظ على أرواح من معه.
في صبيحة ٢٦ أكتوبر، قام أبطال الفرقة ١٦ مشاة بتنفيذ خطة الإنسحاب، وودعوا معسكرهم الذي صمدوا فيه ل194 يوماً بعد أن صار الصمود هلاكاً، وبرغم أن الميليشيا كسبت المعسكر، إلا أن الإنسحاب حرمهم من إشباع لذاتهم البربرية في التمثيل بجثث الشهداء والأسرى، ونسأل الله السلامة للواء جودات ومن معه في الفرقة ١٦ مشاة.
.
.
إلى من يقفون خلف الدولة السودانية وقواتها المسلحة:
من لا يتقبل الهزيمة لن يعرف طعم الإنتصار، سقطت مدينة نيالا في أيدي الميليشيا الإرهابية وهم الآن يعوثون فيها فسادهم المعهود، قد خسرنا المعركة ولكننا لم نخسر الحرب، وعزائنا أن اللواء جودات وجنوده بخير.
.
.
إلى سيوف الغربية، أبطال الفرقة ١٦ مشاة، عَلّي أجد في صفحتي مَن يوصل لكم رسالتي:
قد آتيتمونا ببعض المستحيل!
سطّرتم بدمائكم ملحمة للتاريخ، تحديتم المنطق وصارعتم المستحيل ولم تَهنوا أبداً في مواجهة العدو ورسّختم معنى شرف الجُندية في القتال.
لا تحزنوا، فمعسكركم الذي فقدتموه، ستعودون له محررين بإذن الله.
مع تمنياتي لكم بالسلامة في رحلتكم إلى مستقركم الجديد وأنتم ما زلتم تواصلون القتال.
.
.
نصر الله قوات شعبنا المسلحة ورحم الشهداء وشفى الجرحى والمصابين.
#حرب_السودان

احمد خليفة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الفرقة ١٦ مشاة

إقرأ أيضاً:

اليمنُ.. مُخطَّطات الحرب المُركَّبة سيناريو هوليوديٌّ يُداسُ تحتَ نعلِ الصمود

 

هناك حيث الغرف المعتمة في الجناح الغربي للبيت الأبيض مقر تمركز الشر داخل أروقة المكتب البيضاوي تُحاكُ مؤامرات الشيطان بعيداً عن ضجيجِ الكاميرات، وهناك تحديداً تَنسجُ واشنطنُ حروبَها التركيبيّة بخيطانٍ مِن وَهْمٍ.. كأنّها مُخرجةٌ تُعيدُ تصويرَ فيلمِها الفاشلِ بسيناريو أكثرَ تعقيداً.

اليمنُ هنا ليس مجرّدَ موقعٍ جغرافيٍّ، بل “جريمةٌ مثاليّة” تُحاولُ أمريكا حلَّها بمنطقِ أفلامِها البوليسيّة: (حربٌ مُركَّبةٌ) تختلطُ فيها القنابلُ بالفتنِ والتضليل الإعلامي والصواريخُ بالأكاذيبِ، لكنّها تنسى أنّ أبطالَ هذه الروايةِ لا يقرأونَ من نصوصِهم، بل يكتبونَ فصولَ المقاومةِ والثبات والصمود بدماءٍ لا تنضبُ.

أولى المشاهدِ كانتْ (الغاراتُ الجويّة).. رُكامٌ مِن صمتٍ! كأنّ الطائراتَ الأمريكيّةَ تُلقِي وَحياً على صحراءٍ لا تسمعُ إلاّ همسَ التاريخ: “أهلا بكم في مقبرة الغزاة حيث دُفِنَتْ أحلامُ الإمبراطوريّات”. لم تكن السماءُ اليمنيّةُ سوى مرآةٍ عكستْ عجزَ ترامبَ عن فهمِ معادلةٍ بسيطةٍ: اليمني الذي يُولَدُ من رحمِ المُعاناةِ جيلاً بعد جيل لا يمكن أن تروضُهُ القُدُراتُ النوويّة، فتحوّلَ الفشلُ العسكريُّ إلى “كوميديا سوداء” تُعرِي أسطورةَ القوةِ الأمريكيّةِ، بينما تُواصلُ غزّةُ – في الخلفيّة – تلقي ضوءَ القمرِ مِن عيونِ اليمنيّين.

الآن، وبعدَ أن صارتْ (حاملاتُ الطائراتِ) في البحر الأحمرِ أشبهَ بسفن أشباح، تُلقي بظلالِ الهزيمةِ على مياهِ الخليج، تنتقلُ أمريكا إلى الفصلِ الثاني مِن دراما الحربِ المُركَّبة: (مُختبرُ الفوضى)، إنّه السيناريو الأكثرُ خبثاً تفجيرُ الأزماتِ الداخليّةِ، وزرعُ الشكِّ في أوساط المجتمع وتصويرُ الوحدةِ الوطنيّةِ كـ”جريمةٍ مُغلَّفةٍ بالورقِ الوطني”. لكنّهم ينسونَ أنّ اليمنَ – كشخصيّةٍ رئيسةٍ في روايةِ تشيخوف – لا تُطلقُ رصاصةَ الضعفِ إلاّ إذا كانَتْ مُوجَّهةً إلى قلبِ العدوِّ.

ما يُشبهُ (العدوى) في الرواياتِ البوليسيّة، تُحاولُ أمريكا حقنَ المجتمعِ اليمنيِّ بفيروسِ الفتنة المُعلَّبة، لكنّ الدمَّ اليمنيَّ يَمتلكُ مضاداتٍ حيويّةً مِن نوعٍ خاصّ، إنه الوعيُ الأمنيُّ الذي يقرأُ المؤامرةَ قبلَ اكتمالِ حروفِها، والإنتماء الوطني الذي يتحوّلُ إلى سِترٍ مِن نارٍ ضدَّ مُخطَّطاتِ “التفكيك”، هنا تُصبحُ كلُّ ندبةٍ في جسدِ الوطنِ شاهداً على إخفاقِ الحربِ النفسيّةِ، وكلُّ طلقةٍ صاروخيّةٍ مِن صنعاءَ نحو القطع الأمريكية في البحر الأحمرِ رسالةً مُشفَّرةً، “لا تُوجد حربٌ مُركَّبةٌ تُهزِمُ شعباً مُركَّباً مِن بارود الإرادة”.

في المشهدِ الأخيرِ، حيثُ تتدخّلُ الماكنةُ الإعلاميّةُ الأمريكيّةُ بأبواق ودمى سعودية – إماراتية – قطرية – تركية لِصناعةِ وَهْمِ النصرِ، يعودُ اليمنيُّونَ إلى أسلوبِهم القديمِ في فضحِ الأكاذيب (مدري) هي الصمتُ الذي يُشبهُ تلكَ اللحظةَ في الأفلامِ البوليسيّةِ حيثُ يكتشفُ المحقّقُ أنَّ الجاني الحقيقيَّ هو مَنْ ظنَّ نفسَهُ خارجَ الشبهاتِ.

صمتٌ يختزلُ كلَّ خططِ الحربِ المُركَّبةِ في سؤالٍ وجوديٍّ: كيفَ لِحربٍ أنْ تنتصرَ على أرضٍ تتنفّسُ أسماءَ أبنائِها قبلَ أكسجينِ السماءِ؟

اليمنُ لا يحتاجُ إلى (بطولات خارقة) لإنقاذِهِ.. هو يُدركُ أنَّ انتصار الحربَ التركيبيّةَ، مجرّدُ وهمٍ مِن مخيّلةِ مَنْ اعتادُوا كتابةَ النهاياتِ السعيدةِ لجرائمِهم، أمّا في البلاد السعيدة، فالنهايةُ الوحيدةُ المُمكنةُ هي سقوطُ الأقنعةِ، وتكسيرُ أقلامِ مَنْ ظنّوا أنَّهم يَملِكونَ حبرَ التاريخِ. اليمنُ – ببساطةٍ – يُعيدُ تعريفَ الحربِ: ليستْ معركةَ أسلحةٍ، بل اختبارُ إرادةٍ.. وإرادةُ هذا الشعبِ تُشبهُ جملةً مُقتضبةً في روايةٍ طويلةٍ: (لا تُناقشْ) فنحن قوم (لا نبالي) واجعلوها حرب كبرى عالمية.

 

مقالات مشابهة

  • ياسر إبراهيم: حسبي الله ونعم الوكيل في أي حد بيغلط في أهلي اتقوا الله
  • الشرطة تصدر توضيحا بشأن الحدث الذي وقع في رام الله
  • مسيرة جماهيرية كبرى بالعاصمة صنعاء تأكيدا على استمرار الصمود في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • بالفيديو.. شاهد الدمار الذي أحدثه اللواء “طلال” على برج المليشيا بالخرطوم في الساعات الأولى من الحرب بقرار انفرادي وشجاع منه نجح في قلب الموازين وحسم المعركة لصالح الجيش
  • سلاح الجو النوعي الذي أرعب الحركة الإسلامية
  • اليمنُ.. مُخطَّطات الحرب المُركَّبة سيناريو هوليوديٌّ يُداسُ تحتَ نعلِ الصمود
  • الجيش السوداني يكذب الدعم السريع ويحذر ويكشف حقيقة فيديوهات ويعلن مقتل وإصابة 33 مواطنًا
  • أهالي بلدة المليحة في ريف دمشق يرممون منازلهم، لإزالة آثار الدمار الذي خلفه قصف النظام البائد
  • ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
  • أذكار الصباح اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025.. «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء»