رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله أن "ما يرتكبه العدو في غزة من جرائم ضد الانسانية لم يصل إليه أحد في هذا الزمن، يقتل للابادة، ويدمر للتدمير، وهذه هي هويته الدموية، ولكنه لم يستطع أن يصل إلى قتل إرادة أهل غزة، وإن قتل الأجساد، لأننا أمام شعب مظلوم وصابر وصامد ومقاوم وثابت في أرضه، ولن يسمح بتكرار التهجير إلى الشتات حتى لو بقي أشلاء، وأمام مقاومة وفق كل معطياتنا تمسك بالميدان ولم يتمكن العدو من النيل منها، ومحل الألم هو استهداف الناس والبيوت والحصار، وإلا لو بقيت الحرب محصورة في الميدان العسكري، لرأينا النتائج الحقيقية التي فيها اليد العليا للمقاومة".



كلام فضل الله جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه "حزب الله" ل"الشهيد على طريق القدس" حسن بديع عاشور في حسينية بلدة شقرا الجنوبية، بحضور علماء وفاعليات وعوائل الشهداء وحشد من الاهالي.

وقال فضل الله: "أيا تكن الآلام الإنسانية، ومستوى التدمير الذي يمارسه الاحتلال بهدف استعادة الهيبة والردع والطمأنينة للمستوطنين، فإن ذلك لن يتحقق، فالذي انكسر قد انكسر، ولن يبقى راسخا في الذهن سوى الحقيقة الواحدة، بأن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، وهي مهزومة ومرتبكة وغير قادرة على حسم الحرب، وحكومتها وجنرالاتها يحاولون استنفاذ أنفسهم ومستقبلهم السياسي، وقد استقدمت لهم الأساطيل والبوارج والقوات الأميركية الخاصة لنجدتهم وإدارة الحرب، لأن الراعي الأميركي لم يعد واثقا من حكومة "نتنياهو" وقادة جيش الاحتلال على اتخاذ القرارات التي تعيد لهذا الكيان بعض توازنه".

وأشار إلى أن "القلق الأميركي الطاغي اليوم هو في كيفية ترميم صورة هذا الكيان، وما يحيرهم هو هذا الصمود الأسطوري للشعب في غزة للأمهات والأطفال والشيوخ والمقاومين البواسل، وما يزيد من حيرتهم هو مآل التطورات في المنطقة على ضوء هذا العدوان على غزة، ويحاولون معرفة خيارات المقاومة في لبنان، ولم يتركوا وسيلة إلا ولجأوا إليها لمعرفة نوايا المقاومة أو الحصول على أدنى معلومة يريدون جوابا، وجواب المقاومة لن يكون إلا في الميدان، وعليهم أن لا يبنوا خياراتهم على ضجيج من هنا أو هدير بوارج من هناك، وقد قالها قائد المقاومة يوما، "سنكون حيث يجب أن نكون"، وسنفعل اليوم ما يجب علينا فعله، وهذه المعركة لا مكان فيها لأي نقاش جانبي، فالصوت الوحيد المسموع هو صوت طفل من غزة وصوت امرأة تودع أبناءها الشهداء بالتمسك بالمقاومة".

وشدد على أنه "في هذه المعركة لا مكان للجبناء والمتخاذلين والمثبطين الذين لا شغل لهم سوى التهويل ومحاولة إخافة الناس، وهذه معركة الشجعان والأبطال، وإرادة الثابتين في غزة والمضحين من عوائل الشهداء، مؤكدا أن بلدنا ليس بمنأى عما يجري، بل هو في قلب الحدث، ونحن من سنكون المؤثرين في هذا الحدث وصناع المستقبل".

وختم فضل الله: "إن المعركة على الحدود اللبنانية الفلسطينية هي اليوم معركة دفاعية عن لبنان، وشهداؤها على طريق القدس يضحون من أجل بلدهم وشعبهم ومستقبل أمتهم، وما يتحقق من نتائج له تأثيراته الكبيرة على المجريات الميدانية في غزة، ويفرض معادلات جديدة سواء داخل فلسطين أو في لبنان، وما يحصل هو أمر غير مسبوق في تاريخ الصراع مع العدو الذي رغم كل إجراءاته، يقف على "إجر ونص"، بينما المقاومون يمتلكون زمام المبادرة".

 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فضل الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

لبنان... و«اليوم التالي»

شاءتِ المهنةُ أن أكونَ في دمشقَ يوم اغتيالِ الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005. راودني خلالَ الليل شعورٌ بأنَّ زلزالاً عنيفاً ضربَ العلاقات اللبنانية - السورية. وزمن الزلازلِ يحتاج إلى حكماء لا إلى أقوياء.

في طريق العودة في اليوم التالي، توقَّفت في بلدة شتورة لتناول فنجان قهوةٍ مع صديق. استوقفني كلامُه، قال: «بعض ممارسات المخابراتِ السورية مزعجة، وأنا لست من مؤيدي وجودهم الدائم، لكنَّني لا أخفي عليك أنَّني أخاف من انسحابِهم بسبب معرفتي باللبنانيين وانقساماتهم».
عدت إلى بيروتَ وكانت تغلي. شعرتْ غالبيةُ اللبنانيين أنَّ العمودَ الفقري قد انكسر. خرجت أصواتٌ كثيرة غاضبة تطالب بانسحاب القوات السورية وتحمّلُها مسؤوليةَ اغتيال الحريري. كانتِ الأيام عنيفةً ومقلقة. غلبني الفضولُ الصحافي فدخلت في آخر ذلك الشَّهر مكتبَ الرئيس بشار الأسد. لم يكنِ الحديث للنشر. سألت الأسدَ إن كانت قوات بلادِه ستنسحب من لبنان، فردّ مشيراً إلى رأي لدى العسكريين يعتبر أنَّ وجودها في شريط داخل البقاع اللبناني يسهّل الدفاعَ عن دمشق في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي. استفسرت عن القرار الذي سيتخذُه في حال تصاعد الضغوط الدولية عليه لسحب قواتِه، فردّ بأنَّه سيصدر أمرَ الانسحاب إلى الحدود الدولية.
كانَ الأسد قاطعاً في قوله أنْ لا علاقة لسوريا باغتيال الحريري. قلت له: لماذا الجزم إلى هذا الحدّ، ولماذا لا تترك على الأقل احتمالاً أنَّ جهازاً غريباً اخترق أجهزتكم لتنفيذ الاغتيال؟ فرد قائلاً: «نحن دولة وليست لدينا دكاكين من هذا النوع. لا علاقة لنا، وستُظهر لك الأيام ذلك». سألته أيضاً عن لقائه القصير والأخير مع الحريري وأشياءَ أخرى، ولا مكان لذلك في هذا السياق.
في مرحلة الوجود العسكري السوري في لبنان كان مركز المخابرات السوريةِ في عنجر البقاعية صانعَ الأحكام والأختام والأحجام. ترك انسحاب «المرشد» السوري فراغاً هائلاً لم تنجحِ القوى السياسية اللبنانية في ملئِه تحت خيار الدولة وسقف اتفاق الطائف. وتعمّق الانقسام حين أشارت أجهزة الأمن اللبنانية إلى ملامح تورط عناصر من «حزب الله» في اغتيال الحريري. وتدافعتِ الأحداث وأدَّت حرب 2006 إلى ترسيخ موقع لبنان في حلف الممانعة الذي تقوده إيران. ضاعت فرصةُ العودة إلى الدولة، وتكرّس لبنان ساحةً لصراعات إقليمية أكبر منه.
يتعرّض لبنان حالياً لعدوان إسرائيلي مدمّر ينذر استمرارُه بتحوّله نكبةً للبلد الصغير. شطبت آلة القتلِ الإسرائيلية قرى كاملةً من الخريطة، وأنزلت ببيئة «حزب الله» خسائرَ هائلة. وحظيَ انطلاق هذا العدوان بتعاطف أو تفهّم غربي بذريعة أن «حزب الله» اختار أصلاً الذهاب إلى الحرب عبر إعلان «جبهة الإسناد» غداة انطلاق «طوفان الأقصى». واضح أنَّ الحزب كان يأمل بتبادلٍ محدود للضربات تحت ما سُمي «قواعد الاشتباك». لم تكنِ الحسابات دقيقةً، خصوصاً حين تم الإصرار على «وحدة الساحات» رغم تمكّن بنيامين نتانياهو من تحويل الحرب «حرباً وجودية» تستحق، في نظره، تحمّل خسائرَ بشرية واقتصادية كانت إسرائيل سابقاً تحرص على تفاديها.
لم يستجب لبنانُ باكراً لنصائح المبعوث الأمريكي آموس هوكستين. استجاب بعد وقوع الفأس في الرأس. خسائر هائلة في بلد يقف على شفير هاوية أعمق. لا دواء لدى هوكستين غير القرار الأممي 1701 الذي وُلد من حرب 2006. قرار انتهكته إسرائيلُ باستمرار، وتولّى «حزب الله» تجويفه، خصوصاً بعدما تحوّل «قوة إقليمية» ترسل مقاتلين ومستشارين إلى خرائطَ قريبة وبعيدة. هل كان لبنان ليواجه المأساة الحالية لو تمَّ تطبيق القرار منذ صدوره؟ هذا السؤال تخطاه الوقت ولا بدَّ من تطبيق القرار الآن في البلاد التي تتقلَّب على الجمر وسط بحر من الركام. أحياناً لا بدَّ للمريض من تناول الدواء المرّ لتفادي ما هو أدهَى، أي تفكّك لبنان وضياعه.
الخروج الحقيقي من الحرب الحالية وأكلافِها الباهظة يضع القوى اللبنانيةَ أمام مسؤولية تاريخية، بعيداً عن سياسات الإنكار وعدم استخلاص الدروس أو التشفي وتعميق الجروح. لا بدَّ من تطبيق القرار 1701 كاملاً لاستعادة ثقة المجتمع الدولي، وتشجيعه على الانخراط في عملية إعادة الإعمار. وهذا يعني طيّ صفحةِ لبنان كساحةٍ، وبدءَ رحلة العودة إلى لبنانَ الدولة الطبيعية. ومفتاح العودة إلى الدولة هو تطبيق اتفاق الطائف من دون التشاطر على نصه وروحه والالتفاف عليهما. لا بدَّ من قراءةٍ عميقة في أهوال الحرب وسبل الخروج منها وضمان عدم تكرارها.
التطبيق الجدي للقرار 1701 يُدخل تعديلاً كبيراً على دور «حزب الله» الإقليمي. وعلى حضور إيران على خط التماس مع إسرائيل في جنوب لبنان. هذا يعني عملياً خروج لبنان من «وحدة الساحات» التي يحاول العراق حالياً تفادي الانخراط في الشق العسكري منها. هذا التغيير ليس بسيطاً، لكن لا بدَّ منه كي يستطيعَ اللبنانيون اللقاء مجدداً تحت سقف الدولة والقانون.
استحقاقات «اليوم التالي» لوقف النار في لبنان ليست بسيطة، لكن القوى السياسية على اختلافها مدعوة للارتفاع إلى مستوى التحدي. لا بدَّ من إعادة ترميم الجسورِ بين اللبنانيين رغم مراراتِ السنوات السابقة. لا بدَّ من الاعتراف المتبادل وتفهّم الهواجس والعودة إلى سياسات تناسب طبيعة لبنان. لا قهر ولا ثأر ولا تحجيم مكونات ولا تهميش مكونات. لا يحق للبنانيين إضاعة اليوم التالي لوقف النار، كما أضاعوا اليوم التالي في مناسبات كثيرة.

مقالات مشابهة

  • أسامة حمدان: أمس كان من أيام الله المجيدة ورسالة واضحة للعدو
  • المفتي قبلان: حركة أمل وحزب الله ثنائي وطني بوزن ثقيل
  • غارة الحدث تابع: هذا هو صاحب الخزنات
  • لبنان... و«اليوم التالي»
  • هل تصمُد جبهة لبنان؟
  • من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟
  • كاتب أمريكي: العراق ركيزة أساسية في محور المقاومة الذي تقوده إيران
  • بعد مجزرة بيروت.. من هو الشبح الذي تزعم إسرائيل اغتياله؟
  • أستاذ اقتصاد: مبادرة «سوق اليوم الواحد» رسالة طمأنة للمستهلك
  • لبنان.. جيش الاحتلال يطلب إخلاء منطقتي الحدث وشويفات العمروسية بالضاحية الجنوبية