جريدة الوطن:
2024-12-28@01:08:04 GMT

انتخابات مجلس الشورى: الأمانة والمسؤولية

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

انتخابات مجلس الشورى: الأمانة والمسؤولية

دعت حاجة المُجتمعات وتطوُّرها وتنامي أعداد أفرادها إلى بروز فكرة التمثيل النيابي، التي مفادها اختيار جماعة الناخبين ـ عموم الشَّعب ـ لمجموعة من الأشخاص؛ لتمثيلِها والدِّفاع عن مصالحها أمام السُّلطة التنفيذيَّة، تطوَّر الأمْرَ بعد ذلك لِيناطَ بممثِّلي الشَّعب مهام دراسة وإقرار القوانين المنظِّمة لعلاقة الأفراد بالسُّلطة وعلاقتهم فيما بَيْنَهم.

والمتأمُّل للدَّوْر المخوَّل لممثِّلي الشَّعب يدرك منذ الوهلة الأولى مدى أهمِّيته الكبرى على كافَّة الأصعدة، وهذا ما يؤكِّد الغاية السَّامية من إقرار نظام الانتخاب بصفة عامَّة التي تكمن في انتقاء الصفوة ـ من قِبَل فئة مستوفية للشروط المقررة قانونًا ـ لتمثيلِها فيما رشَّحتها له، وذلك لَنْ يتأتَّى ما لَمْ تتم الانتخابات بحُريَّة مُطْلَقة وإرادة مستقلَّة ونزاهة وشفافيَّة. وقَدْ يكُونُ عزوف بعض المواطنين في مُجتمع ما عن الانتخاب رضوخًا لأمْرٍ يرونه واقعًا مؤلمًا، مفاده القناعة التامَّة بأنَّ تصويتهم لَنْ يجدِيَ نفعًا في مواجهة الأصوات الأخرى المبنيَّة على التحيُّز بدافع قبَلي أو عشائري أو فئوي، وقَدْ يكُونُ ذاك العزوف وهذا التحيُّز نابعَيْنِ من اختزال المهام الجِسام المُلقاة على عاتق ممثِّليهم نيابيًّا في بعض الخدمات المُجتمعيَّة التي لا تعدو أن تكُونَ خدمات متعلِّقة بإنجاز معاملة شخصيَّة في دائرة حكوميَّة، أو تحريك معاملة متعطِّلة لتحقيق خدمة فئويَّة، أو دعم مادِّي لكيانٍ خاصٍّ، وما هو من قبيل ذلك. وإذا ما اتَّخذنا انتخابات مجلس الشورى بسلطنة عُمان نموذجًا، فإنَّنا نجد ـ بدايةً ـ أنَّ مجلس الشورى أُنشئ بالمرسوم السُّلطاني رقم (94/1991) الصادر بتاريخ12/11/1991؛ لِيحلَّ محلَّ المجلس الاستشاري آنذاك؛ وكان يرمي إلى مشاركة المواطنين ـ من خلال الأعضاء ـ في اتِّخاذ القرارات المحوريَّة الَّتي تهمُّ الوطن والمواطن، وقَدِ اتَّبع المُشرِّع ـ لتحقيقِ تلك الغاية ـ سياسة التدرُّج في منح الاختصاصات وتوسيع الصلاحيَّات، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في الوقت الحاضر. وإيمانًا من لدُن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ بأهمِّية الشورى، وتماشيًا مع نُموِّ سلطنة عُمان المُطَّرد في كافَّة المجالات، التي مِن بَيْنِها ممارسة الحقوق السياسيَّة على نَحْوٍ يتوافق مع أعرق النُّظُم الديمقراطيَّة من جهة، والموروث السِّياسي الثابت المتأصل من جهة أخرى، فقَدْ أرسى الباب الخامس من النظام الأساسي للدَّولة الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (6/2021) بتاريخ 11/1/2021 دعائم القواعد والأُسُس المُنظِّمة لمجلس عُمان ـ مجلسَي الدَّولة والشورى ـ، الَّتي كانت المرجع الذي بُنيت عَلَيْه نصوص قانون مجلس عُمان، الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (7/2021) بتاريخ 11/1/2021 الَّذي خصّص الفصل الخامس مِنْه لأدوار انعقاد مجلس عُمان واختصاصاته، تلاه الفصل السادس المخصَّص لأدوات المتابعة ـ المراقبة ـ المقرَّرة لمجلس الشورى وآليَّات وإجراءات استعمال كُلِّ أداة من هذه الأدوات. لذلك فإنَّ المطَّلع على اختصاصات مجلس الشورى والصلاحيَّات المنوطة به وفق آخر التعديلات القانونيَّة يعي بوضوح عدم إمكان ممارستها لتحقيقِ الغاية التي تغيّاها المُشرِّع ما لَمْ تتوفَّر في ممارسيها ـ الأعضاء الذين يتمُّ انتخابهم بالاقتراع السِّري المباشر ـ الكفاءة العلميَّة والخبرة العمليَّة والأمانة والنزاهة، وغيرها من الإمكانات والصِّفات التي تُميِّزهم وتجعلهم أهلًا لتمثيل المُجتمع. وقَدْ صدر مؤخرًا قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى بالمرسوم السُّلطاني رقم (54/2023) بتاريخ 27/7/2023 الَّذي فصَّل آليَّات وإجراءات الانتخاب ابتداءً بالسِّجل الانتخابي وحقِّ الترشُّح، وانتهاءً بالعقوبات التي خُصص لها الفصل السابع من هذا القانون. عَلَيْه، إن كانت مسؤوليَّة المُشرِّع ـ في هذا الجانب تحديدًا ـ هي إصدار القوانين المُنظِّمة للعمليَّة الانتخابيَّة وسدُّ الفراغات التشريعيَّة أيْنَما وجدت، وهذا ما تمَّ على أرض الواقع ولله الحمد، فإنَّنا لا ننسى المسؤوليَّة المُلقاة على عاتق المترشِّح والناخب على حدٍّ سواء؛ إذ يتوجب على المترشِّح لعضويَّة مجلس الشورى الوعي التَّام بجسامة المسؤوليَّة الدينيَّة والمُجتمعيَّة المنتظرة، ووجوب رسم نهجه على هذا الأساس، كما يتوجب على الناخب الابتعاد والترفع عن التحيُّز لانتخاب مرشَّح ما؛ لسببٍ غير السبب الذي يدفعه لاختيار الأكفأ بكُلِّ ما تحمله الكلمة من معنى، ولْيعلَمْ أنَّ صوته وإن كان ملكه إلَّا أنَّ تأثيره يعُودُ في نهاية الأمْرِ على مُجتمعه نفعًا أو ضررًا.
صفوة القول إنَّ العزوف عن الانتخاب أو التحيُّز فيه أمْرٌ يتعارض مع المصلحة العامَّة، خصوصًا في ظلِّ تطوُّر النصوص القانونيَّة بصدور قانونَي مجلس عُمان وانتخاب أعضاء مجلس الشورى المشار إليهما، اللذَيْنِ لَمْ يتركا أمرًا إلَّا وقَدْ نظَّماه، ومع ذلك فإنَّ النصوص القانونيَّة تبقى نصوصًا مسطَّرة جامدة لا تُحقِّق غايتها ما لَمْ يتم الالتزام بتنفيذها من قِبَل اللجان المعنيَّة والمرشَّحين والناخبين، لذا يجِبُ توافر الرقابة لضمان التطبيق الأمثل والدَّقيق للنُّصوص. وخير ختام لهذا المقال إنَّ للرقابة الذاتيَّة من قِبل المرشَّح والناخب والقائمين على التنفيذ، بالإضافة إلى الرقابة المصاحبة ـ المتزامنة ـ للتنفيذ من قِبَل الجهة المعنيَّة أهمِّية كبرى في إنجاح انتخابات مجلس الشورى.

جلال بن أحمد الهلالي
كاتب عُماني

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مجلس الشورى

إقرأ أيضاً:

مجلس الشورى يطالب رابطة مجالس الشيوخ بالتحرك دوليا لإيقاف جرائم الكيان الصهيوني بغزة

الوحدة نيوز/ استنكر مجلس الشورى، استمرار حالة الخذلان والصمت العربي والإسلامي والدولي، أمام ما يرتكبه الاحتلال الصهيوني من حرب ابادة جماعية وجرائم نازية واستهداف مباشر للمدارس والمستشفيات والطواقم الصحية في قطاع غزة بضوء من الإدارة الأمريكية منذ نحو 14 شهرا.

وجدد المجلس في بيان له اليوم، مطالبة رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في افريقيا والعالم العربي وكل احرار العالم للتحرك والضغط في المحافل الدولية لإيقاف جرائم العدو الاسرائيلي في فلسطين، والتدخل العاجل لإنقاذ المحاصرين من المرضى والأطفال الخدج والطواقم الطبية في مستشفى كمال عدوان.

ودعا البيان أعضاء رابطة مجالس الشيوخ والشورى واحرار العالم والمنظمات الحقوقية والإنسانية بتبني مظلومية الشعب الفلسطيني ورصد جرائم الكيان الصهيوني وتقديمها كأدلة لمحكمة الجنايات الدولية والمطالبة بمحاكمة قياداته كمجرمي حرب لارتكاب أبشع المجازر بحق المدنيين واستهداف المستشفيات بالصواريخ والقنابل المحرمة دوليا.

واستهجن البيان سياسة الكيل بمكيالين للمجتمع الدولي إزاء جرائم الكيان الغاصب في غزة وعجز الأمم المتحدة ومجلس الأمن نتيجة الخضوع للهيمنة الامريكية من تفعيل القانون الدولي لوقف الجرائم الصهيونية في فلسطين، ومنع انتهاكات الكيان وتهديده المستمر للأمن والسلم الدوليين في المنطقة.

وادان المجلس تماهي السلطة الفلسطينية واجهزتها الامنية مع سياسة القمع والاعتقالات التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والمدن المحتلة، في الوقت الذي كان يجب ان تقف فيه بجانب المقاومة في تصديها للكيان الغاصب.

وأشاد مجلس الشورى بالعملية النوعية لأجهزة الأمن والمخابرات التي أحبطت مخططات الخلايا الجاسوسية التابعة للعدو الأمريكي والإسرائيلي وكشفت عن حجم المؤامرات التي يسعى العدو من خلالها إلى استهداف امن واستقرار الوطن.

وأكد على حق اليمن في الدفاع عن وحدته وأمنه واستقرار وسيادة أراضيه، والتصدي لأي عدوان غاشم او حماقات يرتكبها ثلاثي الشر أمريكا وبريطانيا وإسرائيل نتيجة مواقف اليمن الدينية والإنسانية والأخلاقية الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

وأهاب المجلس بجميع أبناء واحرار الوطن للتمسك بوحدة الصف ورفع حالة الوعي واليقظة لمواجهة كل التحركات المشبوهة والالتفاف حول القيادة الثورية والسياسية لإفشال مخططات العدو الأمريكي الإسرائيلي وتحركاته المشبوهة التي تستهدف الشعب اليمني ارضا وانسانا.

مقالات مشابهة

  • نادى الفيوم يكرم 10 من أبناء المحافظة الفائزين فى انتخابات الاتحادات الرياضية
  • نادي الفيوم الرياضى يكرم الفائزين في انتخابات الاتحادات الرياضية.. صور
  • مجلس الشورى يدين العدوان الإسرائيلي على اليمن
  • مجلس الشورى يطالب رابطة مجالس الشيوخ بالتحرك دوليا لإيقاف جرائم الكيان الصهيوني بغزة
  • رئيس مجلس الشورى الشعبي بجمهورية إندونيسيا يزور رابطة العالم الإسلامي
  • نائب رئيس "الشورى" يستعرض مع وفد تركي العلاقات التاريخية
  • "خدمات الشورى" تناقش مع المختصين مشروعي قانوني "الاتصالات" و"التنظيم العقاري"
  • تتويج الفائزين في ختام "كروية الشورى"
  • "البيجيدي" يدعو الحكومة إلى توخي الأمانة والدقة أثناء بلورة تعديلات مدونة الأسرة وصياغتها في مشروع قانون
  • "خدمات الشورى" تواصل دراسة "مشروع قانون الاتصالات"