جريدة الوطن:
2024-09-30@11:18:19 GMT

انتخابات مجلس الشورى: الأمانة والمسؤولية

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

انتخابات مجلس الشورى: الأمانة والمسؤولية

دعت حاجة المُجتمعات وتطوُّرها وتنامي أعداد أفرادها إلى بروز فكرة التمثيل النيابي، التي مفادها اختيار جماعة الناخبين ـ عموم الشَّعب ـ لمجموعة من الأشخاص؛ لتمثيلِها والدِّفاع عن مصالحها أمام السُّلطة التنفيذيَّة، تطوَّر الأمْرَ بعد ذلك لِيناطَ بممثِّلي الشَّعب مهام دراسة وإقرار القوانين المنظِّمة لعلاقة الأفراد بالسُّلطة وعلاقتهم فيما بَيْنَهم.

والمتأمُّل للدَّوْر المخوَّل لممثِّلي الشَّعب يدرك منذ الوهلة الأولى مدى أهمِّيته الكبرى على كافَّة الأصعدة، وهذا ما يؤكِّد الغاية السَّامية من إقرار نظام الانتخاب بصفة عامَّة التي تكمن في انتقاء الصفوة ـ من قِبَل فئة مستوفية للشروط المقررة قانونًا ـ لتمثيلِها فيما رشَّحتها له، وذلك لَنْ يتأتَّى ما لَمْ تتم الانتخابات بحُريَّة مُطْلَقة وإرادة مستقلَّة ونزاهة وشفافيَّة. وقَدْ يكُونُ عزوف بعض المواطنين في مُجتمع ما عن الانتخاب رضوخًا لأمْرٍ يرونه واقعًا مؤلمًا، مفاده القناعة التامَّة بأنَّ تصويتهم لَنْ يجدِيَ نفعًا في مواجهة الأصوات الأخرى المبنيَّة على التحيُّز بدافع قبَلي أو عشائري أو فئوي، وقَدْ يكُونُ ذاك العزوف وهذا التحيُّز نابعَيْنِ من اختزال المهام الجِسام المُلقاة على عاتق ممثِّليهم نيابيًّا في بعض الخدمات المُجتمعيَّة التي لا تعدو أن تكُونَ خدمات متعلِّقة بإنجاز معاملة شخصيَّة في دائرة حكوميَّة، أو تحريك معاملة متعطِّلة لتحقيق خدمة فئويَّة، أو دعم مادِّي لكيانٍ خاصٍّ، وما هو من قبيل ذلك. وإذا ما اتَّخذنا انتخابات مجلس الشورى بسلطنة عُمان نموذجًا، فإنَّنا نجد ـ بدايةً ـ أنَّ مجلس الشورى أُنشئ بالمرسوم السُّلطاني رقم (94/1991) الصادر بتاريخ12/11/1991؛ لِيحلَّ محلَّ المجلس الاستشاري آنذاك؛ وكان يرمي إلى مشاركة المواطنين ـ من خلال الأعضاء ـ في اتِّخاذ القرارات المحوريَّة الَّتي تهمُّ الوطن والمواطن، وقَدِ اتَّبع المُشرِّع ـ لتحقيقِ تلك الغاية ـ سياسة التدرُّج في منح الاختصاصات وتوسيع الصلاحيَّات، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في الوقت الحاضر. وإيمانًا من لدُن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ بأهمِّية الشورى، وتماشيًا مع نُموِّ سلطنة عُمان المُطَّرد في كافَّة المجالات، التي مِن بَيْنِها ممارسة الحقوق السياسيَّة على نَحْوٍ يتوافق مع أعرق النُّظُم الديمقراطيَّة من جهة، والموروث السِّياسي الثابت المتأصل من جهة أخرى، فقَدْ أرسى الباب الخامس من النظام الأساسي للدَّولة الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (6/2021) بتاريخ 11/1/2021 دعائم القواعد والأُسُس المُنظِّمة لمجلس عُمان ـ مجلسَي الدَّولة والشورى ـ، الَّتي كانت المرجع الذي بُنيت عَلَيْه نصوص قانون مجلس عُمان، الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (7/2021) بتاريخ 11/1/2021 الَّذي خصّص الفصل الخامس مِنْه لأدوار انعقاد مجلس عُمان واختصاصاته، تلاه الفصل السادس المخصَّص لأدوات المتابعة ـ المراقبة ـ المقرَّرة لمجلس الشورى وآليَّات وإجراءات استعمال كُلِّ أداة من هذه الأدوات. لذلك فإنَّ المطَّلع على اختصاصات مجلس الشورى والصلاحيَّات المنوطة به وفق آخر التعديلات القانونيَّة يعي بوضوح عدم إمكان ممارستها لتحقيقِ الغاية التي تغيّاها المُشرِّع ما لَمْ تتوفَّر في ممارسيها ـ الأعضاء الذين يتمُّ انتخابهم بالاقتراع السِّري المباشر ـ الكفاءة العلميَّة والخبرة العمليَّة والأمانة والنزاهة، وغيرها من الإمكانات والصِّفات التي تُميِّزهم وتجعلهم أهلًا لتمثيل المُجتمع. وقَدْ صدر مؤخرًا قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى بالمرسوم السُّلطاني رقم (54/2023) بتاريخ 27/7/2023 الَّذي فصَّل آليَّات وإجراءات الانتخاب ابتداءً بالسِّجل الانتخابي وحقِّ الترشُّح، وانتهاءً بالعقوبات التي خُصص لها الفصل السابع من هذا القانون. عَلَيْه، إن كانت مسؤوليَّة المُشرِّع ـ في هذا الجانب تحديدًا ـ هي إصدار القوانين المُنظِّمة للعمليَّة الانتخابيَّة وسدُّ الفراغات التشريعيَّة أيْنَما وجدت، وهذا ما تمَّ على أرض الواقع ولله الحمد، فإنَّنا لا ننسى المسؤوليَّة المُلقاة على عاتق المترشِّح والناخب على حدٍّ سواء؛ إذ يتوجب على المترشِّح لعضويَّة مجلس الشورى الوعي التَّام بجسامة المسؤوليَّة الدينيَّة والمُجتمعيَّة المنتظرة، ووجوب رسم نهجه على هذا الأساس، كما يتوجب على الناخب الابتعاد والترفع عن التحيُّز لانتخاب مرشَّح ما؛ لسببٍ غير السبب الذي يدفعه لاختيار الأكفأ بكُلِّ ما تحمله الكلمة من معنى، ولْيعلَمْ أنَّ صوته وإن كان ملكه إلَّا أنَّ تأثيره يعُودُ في نهاية الأمْرِ على مُجتمعه نفعًا أو ضررًا.
صفوة القول إنَّ العزوف عن الانتخاب أو التحيُّز فيه أمْرٌ يتعارض مع المصلحة العامَّة، خصوصًا في ظلِّ تطوُّر النصوص القانونيَّة بصدور قانونَي مجلس عُمان وانتخاب أعضاء مجلس الشورى المشار إليهما، اللذَيْنِ لَمْ يتركا أمرًا إلَّا وقَدْ نظَّماه، ومع ذلك فإنَّ النصوص القانونيَّة تبقى نصوصًا مسطَّرة جامدة لا تُحقِّق غايتها ما لَمْ يتم الالتزام بتنفيذها من قِبَل اللجان المعنيَّة والمرشَّحين والناخبين، لذا يجِبُ توافر الرقابة لضمان التطبيق الأمثل والدَّقيق للنُّصوص. وخير ختام لهذا المقال إنَّ للرقابة الذاتيَّة من قِبل المرشَّح والناخب والقائمين على التنفيذ، بالإضافة إلى الرقابة المصاحبة ـ المتزامنة ـ للتنفيذ من قِبَل الجهة المعنيَّة أهمِّية كبرى في إنجاح انتخابات مجلس الشورى.

جلال بن أحمد الهلالي
كاتب عُماني

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مجلس الشورى

إقرأ أيضاً:

مجلس الشورى يدين القصف الصهيوني على الضاحية الجنوبية في لبنان

الثورة نت|

اعتبر مجلس الشورى استمرار الكيان الصهيوني في ارتكاب المجازر الوحشية في فلسطين ولبنان يمثل وصمة عار في جبين الإنسانية وخزي وعار سيسجل في صفحات تاريخ الأمة العربية والإسلامية لخضوعها وصمتها المعيب إزاء جرائم العصابات الصهيونية.

وندد المجلس في بيان له اليوم، بالقصف الصهيوني الوحشي والهستيري على الضاحية الجنوبية في لبنان بقنابل شديدة الانفجار دمرت مربعات سكنية بشكل كامل واسفرت عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى من المدنيين.

واستهجن البيان لغة المغالطة التي باتت تعتمدها الإدارة الأمريكية إطلاقها بعد كل جريمة للكيان الصهيوني للتنصل من مسؤولية ما يقوم به الصهاينة من جرائم نازية في لبنان وفلسطين.

وأكد أن أمريكا هي الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني بالمال والسلاح والمواقف السياسية وأن محاولتها إظهار غير ذلك ما هو إلا ذر الرماد على العيون لمنحه المجال لارتكاب المزيد من المجازر في فلسطين ولبنان.

وندد مجلس الشورى بحالة الشلل التام للأنظمة العربية والإسلامية إزاء المشاهد الدموية للمجازر الصهيونية التي ما كان سيتجرأ على ارتكابها لولا الخذلان والصمت المعيب للنظام الرسمي العربي والإسلامي.

ولفت البيان إلى أن مجريات الاحداث اثبتت وبشكل قطعي أن لا سبيل لأنهاء الصلف الصهيوني إلا القوة، والتي لا يمكن أن تتحقق إلا بوحدة الصف العربي والإسلامي ووحدة الموقف عسكريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا.

ودعا المجلس، شعوب الأمة وأحرار العالم إلى وقفة جادة والتحرك العاجل لوقف ما يجري في غزة من إجرام صهيوني منذ قرابة العام وتوسعة دائرة جرائمه لتشمل لبنان في تصعيد خطير قد يقود المنطقة إلى حرب شاملة.

وحمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والهيئات الأممية التابعة لهما مسؤولية تجاهل ما يجري وعدم التحرك بجدية ومسؤولية لوقف الجرائم والانتهاكات الصهيونية في فلسطين ولبنان، وكان آخرها التصعيد الغاشم والقصف بأكثر من 40 غارة جنوب لبنان بقنابل تزن أكثر من 2000 رطل ولأول مرة يستخدمها الكيان الصهيوني في الوقت الذي كان المجرم نتن ياهو يخطب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • مجلس الشورى يدين العدوان الصهيوني على الأعيان المدنية في الحديدة
  • الحوار الوطني يستعرض أوجه الدعم المباشر التي تقدمها الدولة لمواطنيها
  • انتخابات اللجان الأربعاء.. ننشر تفاصيل أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب
  • مجلس الشورى ينعي استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله
  • مجلس الشورى ينعى استشهاد المجاهد الكبير سماحة السيد حسن نصر الله
  • حزب الله من الداخل.. تعرف إلى أكبر تنظيم شيعي مسلح في لبنان؟
  • مجلس الشورى يدين القصف الصهيوني على الضاحية الجنوبية في لبنان
  • تعرف على الأحزاب الجديدة التي ستشارك لأول مرة في انتخابات كوردستان
  • رئيس مجلس الشورى الإيراني: سنقف جانب حزب الله
  • جلسة حاسمة بالبرلمان التونسي لتعديل قانون انتخابات جدلي