#نقطة_أول_السطر “د. #هاشم_غرايبه”
الاجتماع الباهت الذي عقد قبل أيام في القاهرة تحت مسمى قمة السلام، لم يلفت انتباه أحد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يكن مؤتمر قمة عربية؟.
الإجابة على ذلك تستحضر واقعا مؤلما على صعيد قيادات الأمة، فلم يكن في يوم طوال التاريخ أكثر هزالا مخزيا مما هو عليه اليوم.
ففي حين تجد قيادات دول العالم تتبارى في إظهار الدعم والتأييد للكيان اللقيط والتحيز الفاقع للتعاطف مع خسائره البشرية، بالرغم من عدم وجود أي رابط معه سواء كان قوميا أو عرقيا أو دينيا، بل ولا حتى لا يشكل هذا الكيان لضآلته أية أهمية له استراتيجية أو اقتصادية، بمقابل أن هنالك ارتباط وثيق للأقطار العربية بفلسطين وشعبها، بحكم الانتماء الى الأمة ذاتها، ووحدة القومية واللغة والدين، مما يبرر تعاطف الأمة مع نضال الشعب الفلسطيني المهجر من أرضه التي لم يغتصبها من أحد، بل هي أرض أجداده طوال التاريخ، ويفترض بالأنظمة الشقيقة دعم صمود من بقي فيها، وأن يدفع عنهم الظلم وعسف قوات الاحتلال، التي أقرت كل التشريعات الأممية ببطلان كل إجراءاته القمعية ومخالفتها للقانون الدولي.
رغم كل هذا الغطاء الأخلاقي وما اتفقت عليه الأعراف وما أقره القانون، الذي يبرر لهذه القيادات وقوفها مع هذا الشعب، ولا يمكن أن يلومها لائم لموقفها هذا، إلا أننا لم نجد مسؤولا عربيا واحد جرؤ على تأييد ها النضال المشروع، بل اكتفوا بإعلان رفضهم العنف واستهداف المدنيين، أي ساووا بين من يقاتل دفعا للحصار الخانق عن شعبه بما يملك من اسلحة بسيطة، وبين من يملك أحدث الأسلحة الفتاكة ويستعملها ضد مدنيين ومنشآت مدنية، وليس ضد قوات عسكرية أو آليات قتالية ولا استحكامات.
هذه هي المهانة بأجلى صورها، ليس العجز فقط عن الصدع بالواجب الملح بنصرة الشقيق المظلوم ومساعدته في محنته، ولا عن تقديم الدعم والمدد العسكري، بل وصل الأمر بها بسقوطها فى الحضيض بالسكوت عما يحصل له، والجبن عن استنكار التدمير الهمجي بحقه.
وأعلى ما يطالب به هؤلاء هو استجداء انسانية الغرب الكاذبة بوقف الفريقين عن القتال لإتاحة الفرصة لفرق الإغاثة لإسعاف عشرات الآلاف من الجرحى الذين يسقطون كل يوم، ليس بفعل كارثة طبيعية، بل بالقصف الجبان لبيوتهم من ارتفاعات عالية، ليس من قدرة للمدنيين المحاصرين على صدها ولا الهرب منها.
الأصل أن لا ينتظر ممن أدمن نهب الشعوب واحتلال ديارهم أصلا غير ذلك، لكن مما لمع صورتهم في أذهاننا هم العلمانيون العرب الممانعون لعقيدتنا، وبهدف تركها والالتحاق بهم، مع أنه لم تعتد شعوبنا الحياة الطبيعية للبشر، منذ أن اتبعناهم، ولم تر منهم غير الدمار، فلا تمر عليها عشر سنوات من غير شن حرب عليها تبقيها مشغولة بلملمة جراحها، حتى لا تملك ما تملكه الأمم الأخرى من ناصية العلم والتقدم والرخاء، فتستقل عن هيمنة المستعمرين.
ولا ينتظر ممن تسلم السلطة بالقوة أو بانقلاب عسكري أبطل ارادة شعبه، فرهن سياسته وفق ما يرضي من جاءوا به، أن ينتظر منه تجاوز السقف الذي حددوه له.
لذلك لم ينتظر من هذه القمة شيئا ذا قيمة، لكننا نؤمن يقينا بصدق وعد الله: “كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي” [المجادلة:21]، “وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا” [النساء:141]، لذا فالنصر حتمي، لا علاقة له بموازين القوى، لكنه لن ينجز بأيدي ممانعين لمنهج الله، ولا بجهود مطبعين استسلاميين، بل على يد فئة مؤمنة صابرة مرابطة: “لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ..” [صحيحي الخاري ومسلم].
لكنه لن يتحقق بغير الابتلاء، وبعد أن تستحكم حلقات الشدة، بدليل أنه في كل المرات التي تحققت هذه الحتمية، ما جاء النصر الا بعد ان انكشف المنافقون من ناحية، وبلغت القلوب الحناجر من شدة ضيق المؤمنين وخوفهم جراء ميل موازين القوى لصالح الأعداء بشكل ساحق من ناحية أخرى.
فعلينا التجهز وإعداد أنفسنا لنكون (عبادا لله ذوي بأس شديد) ليستعملنا في طاعته في (الوعد الثاني)، فلعل ساعة الفرج تكون قريبا، وأن نحظى بما نحلم به وما اعتدنا أن نحدث أنفسنا به، وهو المشاركة في الجـهـاد في سبيل الله.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
اقرأ غدًا في «البوابة».. ترامب يُكرر تهديداته: الجحيم ينتظر الشرق الأوسط إذا لم يُطلق سراح الرهائن الإسرائيليين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تقرأ غدًا في العدد الجديد من جريدة «البوابة» الصادر بتاريخ الخميس 9 يناير 2025، مجموعة من الموضوعات والانفرادات المهمة، ومنها:
التعاون في مجال الطاقة عنصر محوري.. السيسي: القمة المصرية اليونانية القبرصية شراكة راسخة لتعزيز الاستقرار بالمنطقة
ترامب يُكرر تهديداته: الجحيم ينتظر الشرق الأوسط إذا لم يُطلق سراح الرهائن الإسرائيليين
.. وحماس تشترط إنهاء الحرب في غزة مقابل الصفقة
13 محاولة.. لبنان.. محاولة جديدة لانتخاب الرئيس اليوم
وزير الخارجية الفرنسي: رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا بسرعة