تنطلق غدا "الأحد" في سلطنة عمان انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة بمشاركة 753 ألفا و690 ناخبا سيصوتون لاختيار 90 ممثلا لهم من ضمن 843 مرشحا بينهم 32 امرأة.

وكان الناخبون العمانيون الموجودون خارج السلطنة قد أدلوا بأصواتهم في الانتخابات "الأحد" الماضي عبر التطبيق الإلكتروني "أنتخب"، وبلغ عدد المصوتين 13 ألفا و843 ناخبا.

وتأتي الانتخابات هذا العام في ظل صدور المرسوم السّلطاني رقم 54 لسنة 2023 الخاص بقانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى الذي جاء في 8 فصول تتضمن 63 مادة أبرزها التصويت الإلكتروني لأول مرة في تاريخ انتخابات أعضاء مجلس الشورى داخل سلطنة عمان وخارجها.

ويضمن القانون الجديد إضافة اختصاصات اللجنة الرئيسية للانتخابات وتعديلها بما يتناسب مع الأنظمة الإلكترونية المعتمدة للعملية الانتخابية، وإضافة لجنة للتظلمات الانتخابية تأكيدا على الالتزام والحرص على سير العملية الانتخابية وفق أفضل المعايير من حيث الدقة والمسؤولية.

ونص القانون على إلزام الناخبين الذين لم يدلوا بأصواتهم لفترتين انتخابيتين بتقييد طلب قيد جديد في السجل الانتخابي وذلك بهدف دفع عملية المشاركة الفاعلة وتعزيز ممارسة الحقوق والواجبات الوطنية.

من جانبها أعلنت وزارة الداخلية العمانية في وقت سابق عن جاهزية جميع اللجان العاملة في انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة، والاستعداد الكامل للعملية الانتخابية، مشيرة إلى تخصيص مركز للاتصالات للإجابة عن كل الاستفسارات والتساؤلات وتقديم كافة خدمات الدعم اللازمة.

وأوضحت الوزارة أن النسخة الثانية من تطبيق "انتخب" المستخدم في الانتخابات الحالية أدخلت عليه تحسينات وتحديثات جديدة كميزة القراءة السمعية لذوي الإعاقة السمعية من المكفوفين، ولغة الإشارة التي ستكون متاحة بشكل اختياري لذوي الإعاقة من الصم والبكم.

بدورها أكدت اللجنة الإعلامية للانتخاب على اكتمال كافة الإجراءات والتجهيزات لتسهيل عمل وسائل الإعلام العربية والدولية التي تمت دعوتها لتغطية العملية الانتخابية.

ومجلس الشورى هو مجلس منتخب من قبل الشعب، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويمثل أحد جناحي مجلس عمان الذي يضطلع بصلاحيات تشريعية وممارسة اختصاصه باستعمال أدوات المتابعة، بما يخدم الصالح العام للوطن والمواطنين، ويدعم تطوير مسيرة الشورى في البلاد، ويعزز مشاركة المجتمع في صنع القرار، ويساهم في تحقيق التنمية الشاملة.

ويتكون مجلس الشورى العماني من أعضاء منتخبين يمثلون جميع ولايات السلطنة، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، ويتحدد عدد أعضائه بحيث يمثل كل ولاية عضو واحد، إذا كان عدد سكانها لا يتجاوز ثلاثين ألفا في تاريخ فتح باب الترشح، وعضوان متى تجاوز عدد سكان الولاية هذا الحد في التاريخ ذاته.

وتكون فترة المجلس أربع سنوات ميلادية، وينتخب المجلس من بين أعضائه رئيسا له ونائبين للرئيس لمثل فترته.

 

المصدر: قناة اليمن اليوم

كلمات دلالية: أعضاء مجلس الشورى

إقرأ أيضاً:

«الحماية الاجتماعية» سلطنة عمان .. فصاحة سياسية وجماليات المواطنة

فـي عام 1791م صدر «قانون لو شابيلييه» والذي يحظر عمل التجمعات المهنية النشطة من أجل توفـير الحقوق الاجتماعية للعمال، لكن رغم ذلك وبعيدا عن أعين السلطات نشأ ما يسمى بجمعيات المساعدة المتبادلة والتي كان غرضها مساندة من يفقدون وظائفهم أو يتعرضون لإصابة عمل، وهكذا ظل الأمر فـي توتر بين القوى المهنية والسلطات، ما اضطر عُمَّال فرنسا الانتظار حتى 1898م حيث صدر «ميثاق التعاونية». والجمهورية رائدة فـي مجال الحماية الاجتماعية وقد صاغت تصورا فلسفـيا فـي 1945م، تصورٌ يستجيب للخصائص الثقافـية، ما جعل مظلتها الاجتماعية مُشبعة بالكثير من الالتزامات الأخلاقية تجاه الشرائح الأضعف.

والواقع أن تعبير «حماية» يحمل دلالات واسعة تستند على مفهوم أنْسنَة أساليب الحكم والإدارة، كَوْن الحماية الاجتماعية شكلٌ من أشكال التَّضَامُن يبني قيما مشتركة فـي المجتمعات، ويكرس مفاهيم المساواة والحرية.

ويقف ضد مفهوم « السِّعْر» كمعنى اقتصادي متجذر فـي الدولة الحديثة يحدد علاقتها بمواطنيها، وهنا فالقيمة المركزية المُحَرِّكة للسلطة قيمة أخلاقية متعددة الجوانب، فـ «الخير والعدالة» بل حتى جماليات القانون، وهذه كلها سيعاد ترتيبها فـي سياق أكثر إنسانية يرتفع بفكرة الدولة من مجرد آلية تنفـيذية إلى فضاء سياسي يعتمد فـي أشغاله توفـير الحقوق وتسنيدها إلى جملة مظاهر التمثيلات الاجتماعية للفردي والجماعي فـي المجال العام. وفـي لغتنا تكتسب لفظة «حماية» معنى أكثر بلاغة، فالحماية هي «الوقاية» وحمَى الشَّيءَ من النَّاس: منعه عنهم، والحقيقة أنه جَرَتِ العادة أن تقوم الدول بصياغة قوانين لحماية مجالها الاقتصادي ما يدفعها أحيانا إلى التدخل فـي توجيهه لتحقيق أهداف ربحية من الأساس، ومن ذلك تشجيعها الصناعات المحلية وفرض رسوم جمركية على بعض الواردات، كل هذا مفهوم ومعلوم، لكن تتجلى إنسانية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه، فـي رؤية عميقة للسياق الاجتماعي لشعبه فإصداره المرسوم السلطاني الخاص بالحماية الاجتماعية فـي عام 2023م، يكشف عن امتلاكه فلسفة اجتماعية متقدمة بمعايير وطننا العربي، فلسفة قِيَم أهمها قيِّم المواطنة والتَّضمين الإيجابي، وهو اعتراف بليغ بأن المجتمع يشكل مرجعية وأنه مرآة ترى فـيها السلطة نفسها أكثر. فالشرائح التي يخدمها هذا القانون هي: (كبار السن، الأطفال، ذوو الإعاقة، الأيتام والأرامل، الأسر المتعففة).

ويكشف هذا التقسيم استناده إلى نظرية اجتماعية مرتبطة بأبعاد أخلاقية، أما ومن هذه الشرائح كبار السِّن وهي فئة مهملة فـي منطقتنا العربية، ومن مظاهر هذا الإهمال أنهم وبعد حياة حافلة بالعطاء والنشاط يُحْتَبَسُونَ فـي فضاء محدود، ليعيشوا حالات من العزلة الشعورية بسبب تباين نشاطهم الاجتماعي وبقية الشرائح الأخرى، وما زلت أذكر جَدَّي وهو يُودّع حياته المهنية وكيف تبدلت أحواله النفسية وتغيرت طبائع سلوكه، فالرجل اختار مكانا خاصا فـي الدار كإعلان عن عزلة إجبارية مظهرها الأجلى فقدانه دوره القديم فـي رعاية الأسرة، ما انتهى إلى ابتعاده تدريجيا عن الجميع، والمُشرق فعلا فـي هذا القانون أنه يشمل النساء ممن بلغن الستين، والحق أنها التفاتة مشبعة بقيمة العدالة الاجتماعية، فهذه الشريحة من أمهاتنا وجدَّاتنَا يعيشون على الهامش الاجتماعي، ليأتي هذا القانون حماية لهن وبموجبه لن يكون من المحتمل أصلاً التفكير فـي مؤسسات لرعايتهن فـي حال تسربت مستقبلا فكرة دار للعجزة، فالتعبير السابق «عَجزة» يرتبط أكثر بعدم القدرة على الإنتاج فـي نواح عديدة، ولابد من إشارة أن هذا الفعل يضع سجال النسوية فـي مأزق، ويُغَيِّر فـي طبيعته بجعله نابعا من سياقه الخاص وليس مجرد صدى لما يبيعه لنا الوعي الغربي، وهنا تكمن صلاحية هذا الفعل بصورة لا مثيل لها، وبالتالي يعالج جملة مشكلات بطريقة استشرافـية متينة التركيب لأن إيلاء الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع يعزز عمليات التضمين فـيها هذا خلاف أنه اعتراف وتكريم مستحق ويمدها بالقدرة على الإسهام فـي العطاء ويُحَسّن من سلامها النفسي، ومن المكاسب الخفـية أن ديمومة القدرة المالية لهذه الفئة يشكل حافزا لها للانخراط أكثر فـي المجال الأسري والعام ما يُقْوِي من عمليات التمثيل الاجتماعي المتوازن.

أما الأكثر بلاغة فـي هذا القانون اهتمامه بشريحة الأطفال، والواقع أن هذا أمر غير مسبوق، ولكن ما يلفت أكثر، ليس فقط الجانب المادي من المنفعة، بل الفصاحة السياسية المؤنسِنة لِقيم الحداثة، ويضيف هذا القانون بعدا جديدا فـي مفهوم المواطنة، ذلك أنه قد استقر مفهوم «الحقوق والواجبات» كثنائية جوهرية فـيها، لكن هذا القانون يخترق الإطار بحيث يقدم الحق على الواجب بهدف تمكين الأطفال من بناء هويتهم المالية، ولا يكفـي النظر إلى هذه المسألة كآلية من آليات تحسين دخل الأسرة فقط، بل إن الجانب الأقوى فـيها تعميره الرابطة التي ستنشأ بين أجيال من الأطفال ووطنهم الأم، فهذه المنفعة تقدم دعما ماليا شهريا لهم من الولادة وحتى سن 18 عاما، وهذه رؤية واعية بأهمية ربط السياسة بالاجتماعي قبل الإجرائي، وما تعالجه هذه المنفعة شيء آخر شديد الأهمية وهو زيادة الوعي بالسياسة المالية للطفل، فللأسف يتأخر أطفالنا فـي تقدير جهد معيليهم وتنمو حاستهم تجاه هذه الرعاية بصورة اعتمادية ما يكرس فـيهم أبوية خالدة تنتقل من الأسرة إلى الدولة، أما الآن فإنهم يزدادون وعيا بأهمية الثقافة الادخارية، وسبل كسب العيش ما يقف بقوة ضد أي تفلتات اجتماعية قد يتسبب فـيها الفقر، وفـي هذا وعي عظيم بضرورة ترابط البنى وأهمية الحفاظ على التوازن الخادم لفكرة السلام الاجتماعي، هذا من جانب، والجانب الآخر أن فكرة الوطن ستتعمق فـي وعيهم بقوة، ما يحفز فـيهم الانتماء الفَعَّال ليس فقط لحصولهم على المال بل الأمر يتعلق بتوطيد الصلة العقلية والوجدانية مع وطنٍ يَعتبر أطفاله مواطنين كاملي الأهلية حتى وإن لم ينخرطوا بَعْد فـي السياقات التقليدية لخدمة أوطانهم.

ينبغي الكشف أكثر عن الجوانب الاجتماعية فـي قانون الحماية الاجتماعية، وضرورة قياس الأثر والعمل على تأسيس «مختبر» يعمل على مراقبة هذه العلاقات التي تقوم بين عناصر التكوين الاجتماعي طمعا فـي تطويرها وتلافـي أي قصور قد يعتريها، وستظل الفائدة الأكبر هي الحفاظ على التماسك الجمعي للشعب، وحماية أفراده من أي توترات قد تتغذى على عناصر غير مراقبة فـي الظاهرة، وما يُسْتَخلص من قانون الحماية الاجتماعية فـي سلطنة عمان أنه يؤسس لمعنى جديد فـي الحكم والسلطة، معنى يستند على المواطنة الجمالية فـي أكثر تجلياتها إنسانية.

غسان علي عثمان كاتب سوداني

مقالات مشابهة

  • وزير الصناعة التقى سفير سلطنة عمان.. هذا ما تمّ بحثه
  • العراق.. انتخابات على وقع قلق العقوبات والتدخلات الخارجية
  • المهرجانات.. رافد اقتصادي وسياحي يدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
  • «السايح» يبحث مع المبعوثة الأممية دعم المجتمع الدولي لـ«لعملية الانتخابية
  • «الحماية الاجتماعية» سلطنة عمان .. فصاحة سياسية وجماليات المواطنة
  • النويري والدعوة لإجراء انتخابات برلمانية في ليبيا
  • سلطنة عمان تشارك في اجتماعات مجلس الايسيسكو بتونس
  • قانونية الشورى: نشاط تشريعي مرتقب لمواكبة حركة التنمية
  • زهيو: إجراء انتخابات تشريعية فقط يعزز الانقسام السياسي
  • القطاع العقاري في سلطنة عمان يتوقع المزيد من التحفيز العام الجاري