صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-19@05:20:02 GMT

لماذا سينجح التفاوض؟!

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

لماذا سينجح التفاوض؟!

صباح محمد الحسن

بالأمس تحدثنا عن أن مفاوضات جدة هذه المرة ستكون ناجحة بنتائج مثمرة تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار وعودة الديمقراطية وإستعادة الحكم المدني
وثمة عديد من المؤشرات والأدلة تجعل إعلان وقف إطلاق النار ونهاية الحرب أدنى من قاب قوسين
أولها أن الوساطة نجحت فعليا هذه المرة في اقناع المؤسسة العسكرية بإرسال وفد يمثل الجيش السوداني ولايمثل الحكومة الكيزانية وهذا يعني نزع يد الفلول المفسدة من ماعون الطبخة.

ثانيا : يشكل إختيار الفريق الكباشي نقطة تحول جديدة في تصحيح مسار التفاوض فإبعاد البرهان عن هذا الملف أغلق باب المراوغة والهروب ، فالكباشي بعلاته سيحفظ له التاريخ أنه إتخذ أهم قرار وطني تاريخي بإنحيازه لرغبة الشعب والعمل على وقف الحرب عكس البرهان الذي تماطل في هذا القرار وتسبب في موت شعبه وحرق بلاده فقط لأجل إرضاء القيادات الكيزانية.

ثالثا : ذكرنا من قبل أن المفاوضات ليست مساحة (خد وهات) هي مسودة أشبه بمسودة اتفاق نيفاشا فقط تنتظر التوقيع من طرفي الصراع ولهذا سمي بإتفاق جدة قبل جلوس الأطراف على طاولة التفاوض
وإن طرفي الصراع على علم ودراية مسبقة واتفاق على ماتحتوي المسودة فما ينقصها فقط هو التوقيع عليها فالاوراق كُشفت في المرة الماضيه وان مارفضه الجيش وتعلل به في عدم الإستمرار سابقا هو ذاته الذي قبله الآن ليوقع عليه ، إذن لاعودة للوراء لشرح ماتم شرحه.

رابعا : مخطئ من يتحدث عن تلاشى الإتفاق الإطاري فإتفاق جدة لاتختلف بنوده عن الإطاري ، إصلاح أمني وعسكري وإبعاد الجيش عن المشهد السياسي وتسليم السلطة لحكومة مدنية وهذا يعني أن طرفي الصراع سيوقعان الآن على ما وافقا عليه مسبقا في الإطاري.

خامسا : مازالت عصا العقوبات مرفوعه على طاولة التفاوض مع العلم انه لاتوجد جزرة بجانبها هذه المرة.

سادسا : ضرب خيام السرية التامة ومنع الوفود من التواصل مع قياداتهم خارج القاعة يعني أن الوساطة تفرض حصارا مشددا على الوفد وان لاخيار سوى التوقيع لذلك قلنا إن التفاوض هذه المرة لارجعه منه.

سابعا : دخول الاتحاد الإفريقي والإيغاد إلى غرفة التفاوض يعني إنتهاء الفرص أمام الوسطاء الجدد وإن لا منابر أخرى ولا رعاية خارجية وان مايجري الآن في جدة يتم بإجماع كل الواجهات الدولية، لا أحد بالخارج، لكي يتبنى حلا جديدا ً.

ثامنا : لأول مرة لم ترهن الوساطة سير التفاوض بالهدنة ووقف إطلاق النار لأنها تعلم أن هناك طرف ثالث يمكنه أن ينسف الإتفاق حالا لذلك قالت الأطراف الراعية والمتفاوضة إن التفاوض سيستمر بالرغم من إستمرار إطلاق النار ٠

طيف أخير:
كنا من قبل تحدثنا عن أن المجتمع الدولي يرى ضرورة دخول قوات دولية للفصل بين القوتين المتصارعتين لعدم الثقة فيها والآن نكرر أن دخول قوات لحفظ السلام وحماية المدنيين بات أقرب من ذي قبل وان البحر سيكشف عن أسراره قريبا.

نقلاً عن صحيفة الجريدة

الوسومصباح محمد الحسن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: هذه المرة

إقرأ أيضاً:

لماذا أسقطتَ البندقية!

لماذا أسقطتَ #البندقية!

أيمن يوسف أبولبن

(جئتكم يا سيادة الرئيس وبندقيّة الثّائر في يدي، وفي يدي الأخرى غصن الزّيتون، فلا تُسقطوا الغصن الأخضر من يدي). كانت هذه، خاتمة كلمة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، وما لا يعرفه الكثيرون أن كاتب هذه الكلمة هو الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.

كتب محمود درويش، في ذات الخطاب (إن الجانب الذى يقف فيه حامل السلاح هو الذى يميز بين الثائر والإرهابى، فمن يقف فى جانب قضية عادلة، ومن يقاتل من أجل حرية وطنه واستقلاله ضد الغزو والاحتلال والاستعمار، لا يمكن أن تنطبق عليه بأى شكل من الأشكال صفة إرهابى).

مقالات ذات صلة قراءة من الزاوية الحرجة  للإنتخابات 2024/09/18

ساعد هذا الخطاب التاريخي في تكريس صورة “أبو عمار القائد”، رغم محدودية ثقافته، وعدم إتقانه للّغة العربية وضعف لغته الانجليزية، وضبابية تاريخه النضالي، فكان أن ازداد نفوذه داخل الفصائل الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح الزعيم الأوحد، الذي يمسك بزمام السلطة، والخزينة، والاعلام، والسياسة الداخلية والخارجية، وقد استغل كل تلك السلطات، لخدمة مشروع “تحصيل ما يمكن تحصيله”، مقابل التنازل عن ثوابت الميثاق الفلسطيني، وعلى رأس تلك التنازلات، التنازل عن حق العودة، والقدس، الاعتراف بدولة الاحتلال، ونبذ المقاومة الشرعية، والتخلّي عن سيادة الدولة (لا حدود ولا مطار ولا ميناء ولا جيش)، بل والتخابر لمصلحة جيش الاحتلال!

لقد طالب عرفات المجتمع الدولي ألاّ يُسقط غصن الزيتون من يده، ولكنه قام طوعاً بإلقاء بندقيته وتحويل القضية الفلسطينية من مشروعٍ للتحرير، إلى مشروعٍ للسلطة والزعامة، مما دعا كاتب تلك الكلمات نفسه “محمود درويش” إلى أن يُعبّر عن أساه الداخلي، في قصيدته الشهيرة (لماذا تركتَ الحصانَ وحيداً!).

في عام 1988 تم اغتيال أبو جهاد خليل الوزير ، المسؤؤول الأول عن قيادة الانتفاضة الشعبية الأولى التي انطلقت قبل ذلك بعام، وفي شهر يناير 1991، تم اغتيال أبو إياد صلاح خلف، صاحب العبارة الشهيرة “أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر!”، وفي خريف ذلك العام، توجهت منظمة التحرير تحت قيادة أبو عمار وشريكه أبو مازن -الذي خطى على خطاه بعد ذلك-، إلى مؤتمر مدريد للسلام، الذي اعترفت فيه منظمة التحرير باسرائيل، بعد أن أصبحت الظروف الموضوعية مواتية لاعلان الثورة على النضال المُسلّح، وتصفية مشروع الثورة الفلسطينية!

هذا التسلسل الزمني لا يحدث سوى في أفلام هوليوود أو بوليوود!

تصفية الزعماء الرافضين لفكر الاستسلام والقبول بالشروط االأمريكية الاسرائيلية، كان يجري بوتيرة متصاعدة منذ نشوء دولة الاحتلال، وحده أبو عمار وخليفته أبو مازن، بقيا سالمين إلى حين تحقيق حلمهما وحلم اسرائيل، كان حلمهما كرسي السلطة ولقب رئيس دولة، و كان حلم اسرائيل أكبر من ذلك بكثير، وقف العمليات العسكرية، والتخلّص من الضغوطات الدولية بإعطاء الفلسطينيين دولة على الورق، يكون ولاؤها وتبعيتها لدولة الاحتلال، نَمِرٌ على ورق!

خشية أبو إياد من أن تتحوّل الخيانة إلى وجهة نظر، تحقّقت بصورةٍ أبشعَ من ذلك بكثير، حين أصبحت الخيانة “رؤية وطنية” بينما الثورة “إضرارٌ بالمصالح الوطنيّة!”.
تناقض آخر لا نراه سوى في الأفلام، بين حركة ثورية اتخذت من الكفاح المسلح ميثاقاً لها، ثم تحوّلت قيادتها “الأوليغارشيا الحاكمة” إلى مجلس بلدي، يخدمُ غاصبيه!

محمود عباس كان أول من اخترق الصف الفلسطيني بإجراء لقاءات – تحوّلت فيما بعد إلى مفاوضات – مع قوى اسرائيلية في سبعينيات القرن الماضي، بحجة الانفتاح على اليساريين المؤمنين بحقوق الفلسطينيين، وشجّعه على ذلك أبو عمار نفسه.
وقد ساهمت هذه اللقاءات في تبلور الأفكار حول إتفاق يرضي الطرفين، تم تتويجه باتفاقية أوسلو سيئة الذكر، التي هندسها أبو مازن وأشرف على الفريق المُفاوض فيها. تلا ذلك ما يُعرف بتفاهم عبّاس – بيلين 1995، الذي يُعدّ الحروف الأولى لصفقة القرن التي يجري الحديث عنها مؤخراً.

في سلسة وثائقية عن اتفاقية أوسلو، قال أحد المسؤولين الفلسطينيين، أنه في بداية الثمانينات حين كانت منظمة التحرير تسيطر عسكرياً على جنوب لبنان، احتاجت القوات النرويجية العاملة ضمن قوات حفظ السلام، إلى ضمان أمن جنودها، وضمان العبور الآمن من مناطق نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية، وقد وافق أبو عمار على إعطائهم الأمان، ولكنه اشترط شرطاً غريباً، لم يدرك كنهه أحدٌ في ذلك الوقت، قال لمسؤول الخارجية النرويجي، ستأتي لحظة تاريخية لتسوية القضية الفلسطينية على طاولة المفاوضات مع الاسرائيليين، حين تحين تلك اللحظة، أريدكم أن ترعوا هذه المفاوضات وتساعدونا على إتمامها.

بعد نحو خمسة عشر عاماً، وقّعت منظمة التحرير على اتفاقية السلام برعاية النرويج.

هذا دليلٌ على رؤية القائد أبو عمار التاريخية لحل القضية الفلسطينية عن طريق التفاوض – التنازل، وهو ما حقّقه على أرض الواقع، دون مرجعية شرعية من الشعب الفلسطيني، ودون تصويت أو انتخابات أو أي صفة شرعية، سوى شرعية “القائد الرمز!”

يقول إبراهام لينكولن يمكنك أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت، ولكن لا يمكنك ان تخدع كل الناس طوال الوقت!
لقد استطاعت هذه الزمرة الحاكمة من ترسيخ مكانتهما وزعامتها على خارطة كبار الشخصيات وأصحاب النفوذ، عن طريق استغلال نُبل ونزاهة القضية الفلسطينية، وقد تمكنوا من الوصول إلى مفاصل الحكم، واستغلال الثروات والثورات، على حساب المناضلين والفدائيين الشرفاء من شعبنا، الذين بذلوا أرواحهم خدمة للقضية الأسمى في العالم المعاصر، قضية فلسطين، على مدار عقود من الزمان.

ولكني كلي إيمان بأن التاريخ سيضع هؤلاء في مكانهم المناسب، وأن هذا الشعب الواعي قادرٌ على إدراك أن الخطوة الأولى نحو التحرير، هي التحرّر من تقديس الرموز ، وإعادة فهم التاريخ، كي نتمكن من صنع المستقبل!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
13-9-2024

مقالات مشابهة

  • لماذا أسقطتَ البندقية!
  • بعد افتتاح مصنع «بيكو».. رئيس الوزراء يكشف عن كواليس التفاوض مع الشركات العالمية
  • التوقيع على اتفاقيتين استثماريتين بالبريمي
  • بعد أنباء عن التفاوض وقبول الدية.. شقيق زوجة ضحية أحمد فتوح يفجر مفاجأة
  • شقيق زوجة ضحية أحمد فتوح يكشف مستجدات التفاوض بقبول الدية
  • مستشار قانوني يوضح عقوبة استخدام الأطفال لغرض التسول.. فيديو
  • عماد السالمي : لماذا تعادل النصر؟
  • الرئيس الإيراني يضع شرطا لإجراء محادثات مع أميركا
  • لماذا نحتفلُ بالمولد النبوي الشريف؟
  • أميرة الفاضل تؤيد التفاوض وحزبها يدعو لإستمرار الحرب !