بنك قطر الوطني: تدفقات رؤس الأموال للأسواق الناشئة تواجه تحديات كبيرة
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
أكد بنك قطر الوطني "QNB" أن اتجاهات الاقتصاد الكلي العالمي، باتت تشكل في الآونة الأخيرة، تحديات قصيرة المدى بالنسبة للأسواق الناشئة، مما يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال إليها.
وحدد البنك 3 عوامل رئيسة تفسر الخلفية الكلية غير الإيجابية في هذه الأسواق، تشمل التفوق المستمر لأداء الاقتصاد الأمريكي، والاتجاه المحتمل لفوارق أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والأسواق الناشئة الرئيسة، إلى جانب التباطؤ الكبير في تعافي الاقتصاد الصيني.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أنه في نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري، بدأت الأسواق تستفيد من العوامل الداعمة، مدفوعة بإعادة الانفتاح الاقتصادي في الصين، وانخفاض قيمة الدولار، والانحسار الإضافي في معدلات التضخم في العديد من الأسواق الناشئة الرئيسية، لكن في الآونة الأخيرة بدأت اتجاهات الاقتصاد العالمي الكلي تشكل هذه التحديات.
وذكر التقرير أنه وفقا لمعهد التمويل الدولي، شهدت تدفقات محافظ غير المقيمين إلى هذه الأسواق، والتي تمثل استثمارات المستثمرين الأجانب في الأصول العامة المحلية، تحولا كبيرا، فبعد فترة من التدفقات الإيجابية لرؤوس الأموال، والتي وصلت لأعلى مستوى لها مؤخرا، حيث تجاوزت 50 مليار دولار في يناير 2023، أصبحت التدفقات سلبية بشكل لافت منذ أغسطس الماضي.
وأشار إلى أن مثل هذه التدفقات الخارجة تؤدي إلى عمليات بيع تضعف العائدات عبر مختلف فئات الأصول في الأسواق الناشئة، بما في ذلك انخفاض الأسهم بنسبة 12.1% ، مقارنة مع الذروة التي بلغتها أوائل أغسطس 2023، بحسب مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، وانخفاض بنسبة 5.7 % في السندات، وفق مؤشر "جي بي مورغان" العالمي لسندات الأسواق الناشئة، متوقعا أن يستمر هذا الاتجاه خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وتشير موجة المفاجآت في البيانات الاقتصادية السلبية لمعظم الأسواق الناشئة الرئيسة مقابل المفاجآت الإيجابية في الولايات المتحدة إلى أن التوقعات حول فروق النمو ستستمر في التغير لصالح الولايات المتحدة، ويتضح ذلك من خلال الفجوة الواسعة في مؤشر سيتي للمفاجأة الاقتصادية، إذ تشير تقديرات النمو عالية التردد بأمريكا إلى توسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.4 % على أساس سنوي، بالربع الثالث من 2023، أي بأكثر من ضعف الاتجاه السائد لنمو الاقتصاد الأمريكي، والبالغ 2 % .
وفي المقابل، تشير مؤشرات مماثلة إلى نمو أقل من الاتجاه السائد في منطقة اليورو، والصين، والعديد من الأسواق الناشئة الأخرى، لذا من المتوقع أن تتسع فجوة النمو لصالح الولايات المتحدة مقابل الأسواق الناشئة، خلال الأشهر المقبلة.
ورجح تقرير البنك أن تميل الفروق في أسعار الفائدة إلى ترجيح كفة الولايات المتحدة والدولار، على أصول وعملات الأسواق الناشئة، وأن يؤدي التضخم المفرط في الاقتصاد الأمريكي إلى جعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) أكثر تشددا مما تتوقعه السوق حاليا.
ورجح أن يدفع ضعف النشاط في معظم الأسواق الناشئة بنوكها المركزية إلى موقف أكثر تيسيرا، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تغيير في توقعات أسعار الفائدة، مما ينتج عنه سحب لمزيد من رؤوس الأموال العالمية نحو الولايات المتحدة والدولار، وخروج لرؤوس الأموال من بعض الأسواق الناشئة.
ولفت إلى أن الصين تشكل عائقا كبيرا أمام أداء الأسواق الناشئة، فبعد فترة قصيرة من التعافي الاقتصادي بفضل إعادة الانفتاح، بعد جائحة فيروس كورونا في أواخر العام الماضي، بدأ الاستهلاك في الصين يتدهور، في الوقت الذي يستمر فيه تعثر قطاع التصنيع، مما يؤدي إلى ضعف النمو، وقد تؤدي هذه الصورة الكلية السلبية إلى تراجع رغبة الأجانب في الاستثمار في الصين حاليا.
وأضاف التقرير أنه بعد سنوات من ضعف أداء سوق الأسهم في الصين، جراء تباطؤ النمو بأكثر مما هو متوقع، والقيود التنظيمية الصارمة، وعدم اليقين الجيوسياسي، بدأ المستثمرون الغربيون في التشكيك في جاذبية الاستثمار هناك، بالإضافة إلى ذلك، ونظرا لأهمية الاقتصاد الصيني بالنسبة لنمو الأسواق الناشئة من خلال القنوات المباشرة وغير المباشرة، فإن التباطؤ في الصين يعني ضمنا ضعف التوقعات بالنسبة للاستثمارات في الأسواق الناشئة الأخرى أيضا.
وخلص التقرير إلى أنه وبشكل عام، تمثل البيئة الكلية على المدى القصير تحديا لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، سيما وأن أداء الاقتصاد الأمريكي عاد للتسارع مجددا في ظل تباطؤ عالمي، مما يشير إلى أن فروق أسعار الفائدة سترجح كفة الأصول القائمة على الدولار بدلا من استثمارات بهذه الأسواق، علاوة على ذلك، فقد تراجعت التوقعات المرتبطة بأداء الصين، التي تشكل جزءا رئيسيا وداعما لأداء الأسواق الناشئة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: بنك قطر الوطني الاقتصاد الأمریکی الولایات المتحدة الأسواق الناشئة أسعار الفائدة فی الصین إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحديات اقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا
بغداد اليوم - بغداد
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار النفط، تتجه الأنظار إلى الوضع المالي للعراق ومدى استقراره خلال العام الحالي، مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، أكد في تصريحات لـ"بغداد اليوم" أن الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي العراقي "مطمئن"، ولا يوجد تخوف من أزمة سيولة خلال هذا العام.
وأشار إلى أن الطلب العالمي على النفط سيظل مرتفعًا، مما يعزز الاستقرار المالي للعراق، الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، لكن في ظل التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، يطرح السؤال نفسه: هل يمتلك العراق فعلاً استراتيجية مالية متينة تحميه من أي صدمات اقتصادية مفاجئة؟
الاحتياطي النقدي: أرقام مطمئنة ولكن...
يشير مظهر محمد صالح إلى أن البنك المركزي العراقي يدير الاحتياطات النقدية بكفاءة، مما يضمن استقرار السيولة المالية، ويعد الاحتياطي النقدي ركيزة أساسية للحفاظ على استقرار سعر الصرف وضمان القدرة على تلبية الاحتياجات المالية للدولة.
وفقًا لمصادر حكومية، فإن احتياطي البنك المركزي تجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار في الأشهر الأخيرة، وهو رقم يُنظر إليه على أنه "مطمئن" من قبل الخبراء الماليين، لكن الاعتماد الكلي على هذا الاحتياطي قد يكون سلاحًا ذا حدين، خاصة إذا تعرض الاقتصاد لضغوط غير متوقعة، مثل تراجع أسعار النفط أو أزمات سياسية تؤثر على الاستثمارات الداخلية والخارجية.
أسعار النفط: عامل استقرار أم تهديد؟
أكد صالح بأن أسعار النفط لن تنخفض إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، معتبرًا ذلك أمرًا إيجابيًا للعراق الذي يعتمد على الإيرادات النفطية لتمويل موازنته العامة، لكن مراقبين اقتصاديين يحذرون من أن الأسواق النفطية تتسم بعدم الاستقرار، خاصة مع تصاعد التوترات السياسية في المنطقة واحتمالية تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وتاريخيًا، شهد العراق أزمات اقتصادية حادة عند انخفاض أسعار النفط، كما حدث في 2014 و2020، مما أجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات تقشفية واللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي لسد العجز في الموازنة، لذا، فإن أي هبوط مفاجئ في أسعار النفط قد يعيد العراق إلى سيناريوهات مماثلة.
الإيرادات غير النفطية: هل تسير في الاتجاه الصحيح؟
أشار المستشار المالي إلى أن الإيرادات غير النفطية "تسير بشكل صحيح"، في إشارة إلى محاولات الحكومة تعزيز مصادر الدخل الأخرى، مثل الضرائب، والجمارك، والاستثمارات في القطاعات غير النفطية.
ومع ذلك، فإن الإيرادات غير النفطية لا تزال تشكل نسبة صغيرة من إجمالي الدخل الوطني، ما يثير تساؤلات حول جدية الحكومة في تحقيق التنويع الاقتصادي، ويرى بعض المحللين أن العراق بحاجة إلى إصلاحات هيكلية جادة في قطاعي الصناعة والزراعة، بالإضافة إلى تعزيز مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وهو ما لم يتحقق بشكل ملموس حتى الآن.
التحديات الاقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟
في تصريحاته، أوضح صالح أن العراق تجاوز أزمات كبرى مثل الإرهاب وجائحة كوفيد-19، مما يجعله أكثر قدرة على مواجهة أي تحديات مستقبلية، لكنه أقر في الوقت ذاته بأن "انهيار الاقتصاد العالمي أو انخفاض أسعار النفط خارج إرادتنا"، وهو اعتراف ضمني بأن العراق لا يزال عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية.
وتكمن التحديات التي قد تؤثر على الاقتصاد العراقي في المرحلة المقبلة، في التوترات السياسية والأمنية، فإن أي تصعيد في المنطقة قد يؤدي إلى تذبذب الأسواق النفطية ويؤثر سلبًا على التدفقات المالية.
وأيضا، الفساد الإداري والمالي، حيث لا يزال العراق يواجه تحديات كبيرة في مكافحة الفساد، وهو عامل رئيسي يعيق التنمية الاقتصادية، إضافة الى البطالة وضعف القطاع الخاص، فما لم يتم تعزيز بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات، سيظل القطاع العام هو المشغل الرئيسي، مما يزيد الضغط على الموازنة العامة، مع عاملي سعر الصرف والتضخم، حيث أنه رغم استقرار الدينار العراقي، فإن أي اضطرابات في الأسواق العالمية قد تؤدي إلى تقلبات في سعر الصرف وزيادة التضخم.
هل العراق يسير نحو اقتصاد متطور؟
تصريحات الحكومة العراقية تعكس تفاؤلًا بقدرة البلاد على الحفاظ على استقرارها المالي، لكنها لا تخفي حقيقة أن الاقتصاد لا يزال هشًا أمام المتغيرات الخارجية، فرغم الاحتياطي النقدي الجيد والأسعار المستقرة للنفط حاليًا، فإن غياب استراتيجية اقتصادية واضحة لتنويع مصادر الدخل يجعل العراق في موقف غير مضمون على المدى البعيد.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع الحكومة تنفيذ إصلاحات حقيقية تضمن استقرارًا طويل الأمد، أم أن التفاؤل الحالي قد يكون مجرد فترة هدوء قبل مواجهة تحديات جديدة؟
المصدر: "بغداد اليوم"+ وكالات