لافتةً تبدو الجولة التشاورية التي قام بها رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل هذا الأسبوع على مختلف الفرقاء، تحت عنوان "تفادي الحرب"، أو ربما "التحسّب لها"، وتحت لواء ضرورة "إعادة تشكيل السلطة" بدءًا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن ثمّ تأليف حكومة، بما يتيح التصدّي للمخاطر الكبرى التي تحدق بالوطن، في ضوء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتبعاته على جنوب لبنان.


 
وإذا كانت "رمزية"هذه الجولة تكمن في أنّها قادت باسيل لزيارة شخصيّات لطالما "خاصمتها"، كرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فإنّ ما تصدّر الاهتمام تمثّل في لقائه مع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط، الذي خرج منه ليتحدّث عن "قواسم مشتركة كثيرة" بين الجانبين، قد يكون على رأسها الخوف من انجرار البلد إلى أتون الحرب الدائرة في المنطقة، في ضوء الحراك الذي كان "البيك" سبق باسيل إليه.
 
لكنّ الحديث عن "قواسم مشتركة كثيرة" بين جنبلاط وباسيل دفع كثيرين لطرح علامات الاستفهام، عن التبعات على مستوى الاستحقاقات الداخلية، فهل يعني ذلك أنّ الهواجس من الحرب يمكن أن تغيّر في التموضع السياسي لمختلف الأطراف، وربما تفضي في الوصول إلى "تفاهم" بين قوى كانت "متباعدة" حتى الأمس القريب؟ وهل تسهم هذه "القواسم المشتركة" في تقريب الحلّ على مستوى الانتخابات الرئاسية؟!
 
أيّ "قواسم مشتركة"؟!
 
لعلّ حديث جنبلاط عن "قواسم مشتركة كثيرة" بينه وبين "التيار الوطني الحر" فاجأ كثيرين، خصوصًا أنّ العلاقة بين الجانبين لم تكن يومًا "مثالية"، علمًا أنّ رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" كان قد وجّه انتقادات "لاذعة" لباسيل في الآونة الأخيرة، على خلفية الانتخابات الرئاسية، في حين لم يوفّره رئيس "التيار" من جهته من الانتقاد، كما يفعل دائمًا عندما يتحدّث عن "المنظومة" التي يحيّد نفسه عنها.
 
لكنّ العارفين يقولون إنّ ما كان ساريًا قبل السابع من تشرين، في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من تحوّلات في المنطقة، ولبنان في صلبها، لم يعد على حاله بعد هذا التاريخ، ومن ضمن ذلك العلاقات بين مختلف القوى السياسية ، وبينها "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"التيار الوطني الحر"، اللذان أظهرا "تقاطعًا معبّرًا" على الخوف من "الحرب الآتية"، في ضوء "قرع طبولها" على أكثر من خطّ.
 
من هنا، يرى هؤلاء أنّ ما قصده جنبلاط بحديثه عن "القواسم المشتركة الكثيرة" انطلق تحديدًا من هذه النقطة، فالقاسم المشترك الأساسيّ هو الرغبة بتدارك سيناريو "الحرب"، مع التأكيد في الوقت نفسه على الوقوف خلف المقاومة وإلى جانبها في مواجهة أيّ عدوان محتمل، يتفرّع عن ذلك الإصرار على وجوب استغلال المرحلة من أجل "تحريك" الواقع السياسي الداخلي، من دون انتظار انتهاء الحرب التي "قد تطول"، وفق الكثير من التقديرات.
 
الانعكاسات في السياسة
 
يطرح ما تقدّم الباب أمام المزيد من علامات الاستفهام، وربما التكهّنات، حول انعكاسات مثل هذه "القواسم المشتركة" في السياسة، فهل تفضي مثلاً إلى "تفاهم" على مقاربة موحّدة للاستحقاق الرئاسي، وبالتالي ربما تعيد النظر في كلّ المقاربات والتموضعات السابقة، وتفتح الباب بالتالي أمام "الانفراج" ولو من باب "منع الانفجار"؟ وهل تتّسع رقعة هذا التفاهم، فتتمدّد هذه "القواسم المشتركة" إلى سائر القوى والأطراف المعنيّة؟
 
حتى الآن، يقول العارفون إنّ "القواسم المشتركة" تبقى في إطار العناوين والمبادئ والثوابت، فكلٌ من باسيل وجنبلاط يتّفقان على "الخطوط العريضة" للمواجهة، بدءًا من السعي بكل الوسائل المتاحة لتفادي سيناريو الحرب، وتكثيف الضغوط والاتصالات التي يمكن أن تسهم في تحقيق هذا الهدف، كما يتّفقان أيضًا على "خريطة الطريق" للوصول إلى هذا الهدف لا بدّ أن تنطلق من إعادة تشكيل السلطة، وعدم تجميد الاستحقاقات إلى ما لا نهاية.
 
لكن، أبعد من هذه الخطوط العريضة، تبقى "التفاصيل" عائقًا أساسيًا أمام اكتمال فصول "التفاهم" الذي يتطلّع إليه جنبلاط وباسيل، أولاً لأنّ مثل هذا التفاهم يتطلب "إجماع" سائر القوى السياسية، التي تبقى بمعظمها متمسّكة بانقسامها العمودي من دون اعتبار للمتغيّرات الطارئة على المشهد، وثانيًا لوجود "شكوك" حول الأهداف الحقيقية التي يتوخّاها كلّ طرف، وخصوصًا حول ما إذا كان باسيل مستعدًا فعلاً لـ"تليين" موقفه الرئاسي، و"الفيتوات" التي يرفعها بحق أكثر من مرشح.
 
صحيح أنّ باسيل وجنبلاط اتفقا بعد اللقاء الذي عقده على "التقاطع" ولو المرحليّ في السياسة، فتحدّث الأول عن "الكثير من نقاط التفاهم"، فيما أشار الثاني إلى "قواسم مشتركة كثيرة". لكن خلف هذه العناوين، تبقى "التباينات" برأي البعض على الأجندة، "تباينات" يراهن كثيرون على أن تنجح "الوحدة الوطنية" المطلوبة لمواجهة المرحلة الدقيقة الحالية، في تبديدها، ولو أنّ ذلك يتطلّب دخول كل الأطراف على الخط، وهنا بيت القصيد! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: القواسم المشترکة فی السیاسة

إقرأ أيضاً:

باحث: موقف الشباب الأمريكي ضد السياسة المنحازة بشكل أعمى لإسرائيل

قال نهاد أبو غوش، الباحث في الشؤون الإسرائيلية، إن هناك فجوة في الآراء في أمريكا، ما بين الطلاب والحزب الديمقراطي والوسط اليهودي والمؤسسات المركزية وأصحاب القرار، لافتًا إلى أن الشباب الأمريكي ضد السياسة الأمريكية المنحازة بشكل أعمى لإسرائيل، لكن مراكز القرار والتأثير والكونجرس الأمريكي ومراكز القرار في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تميل لإسرائيل.

تأييد الجامعات الأمريكية للفلسطينيين

وأضاف «أبو غوش»، خلال مداخلة مع الإعلامية فيروز مكي، ببرنامج «مطروح للنقاش»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية»، أن بعض إدارات الجامعات الأمريكية مثل هارفارد اتخذت مواقف مؤيدة للفلسطينيين، أو على الأقل تغض الطرف عن تأييد الطلاب الفلسطينيين، وسارع عدد كبير من المتبرعين للجامعات بسحب التبرعات.

سياسات نتنياهو تضر بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية

وأردف: «هناك قلق جدي في أوساط إسرائيلية واسعة، من سياسة نتنياهو التي أضرت بأهم أركان القوة لدولة إسرائيل وهي العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، بسبب انحيازه الأعمى للحزب الجمهوري وترامب والإضرار بالعلاقة مع القيادة الديمقراطية والحزب الديمقراطي، ومعظم يهود الولايات المتحدة من مؤيدي الحزب الديمقراطي، والخوف الإسرائيلي من تصرفات نتنياهو التي ستضر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية».

مقالات مشابهة

  • درغام: زيارة باسيل إلى عكار كانت ناجحة
  • رسالة جوابية من ماكرون إلى جنبلاط.. هذا ما تضمنته
  • زياد العناني.. شمس كثيرة في سماء قصيدة النثر
  • سفير مصر الأسبق في إسرائيل: تصريحات نتنياهو كثيرة ومتناقضة لبعضها
  • السياسة والعقيدة: بؤس الأيديولوجيا أم بؤس غيابها؟
  • بعيداً عن السياسة
  • باحث: موقف الشباب الأمريكي ضد السياسة المنحازة بشكل أعمى لإسرائيل
  • يعقوب التقى باسيل: الرهان على الحرب خاطئ
  • نحن ضد ربط جبهة لبنان بغزة.. باسيل: لا نريد حربا لم نقررها
  • ناشونال إنترست: هل تشعل واشنطن حربا ثالثة في الكونغو الديمقراطية؟