هذا العمل فرصة ذهبية لدخول الجنة بغير حساب .. علي جمعة يوضحه
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن بر الوالدين فرصة ذهبية للأبناء لدخول الجنة من غير حساب.
وأوضح جمعة خلال فيديو مسجل له، أن الصبر على بر الوالدين وخصوصًا عند مرضهم وعجزهم هو المكافئ العملى للتوحيد.
. فرصة عظيمة اغتنمها
لرضا الوالدين على أبنائهما أهميةٌ بالغةٌ، تظهر في العديد من الأمور، وفيما يأتي بيان بعضها:
1- نيل البركة في العمر، والسعة في الرزق، وذلك يكون بعدّة صورٍ، منها: البركة في استغلال العمر بالطاعات والعبادات، ونيل التوفيق من الله تعالى، أو يكون بأنّ الملائكة عندما تعلم بأنّ العبد يصل رحمه، فتقوم بتغيير عمره بسبب وصله للرحم، حيث قال الله تعالى: (يَمحُو اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثبِتُ).
2- نيل الدعاء المستجاب من الوالدين، ومما يدل على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاثُ دَعَواتٌ مُستجاباتٌ، لا شكَّ فِيهِنَّ: دَعوةُ الوالِدِ على ولدِهِ، ودعوُةُ المسافِرِ، ودعوةُ المظلُومِ»، وذلك إكرامًا للوالدين من الله تعالى.
3- برّ الوالدين يدل على كمال الإيمان، كما أنّه من حسن إسلام العبد، كما أنّه من الطرق الموصلة إلى الجنة في الحياة الآخرة، وبه يرتفع ذكر العبد في الحياة الدنيا والآخرة.
4- برّ الوالدين يعدّ من أسباب تفريج الهموم والكروب، وكشف الابتلاءات
عقوبة عقوق الوالدينأولًا: من عقوبة عقوق الوالدين استحقاق لعنة الله لمن سب والديه أو لعنهما: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أَبَاهُ، مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ، مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طَرِيقٍ، مَلْعُونٌ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ»، وفي رواية ابن حبان: «وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ».
ثانيًا: من عقوبة عقوق الوالدين تعجيل عقوبة العاق لوالديه في الدنيا قبل الآخرة: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «اثْنَتَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللهُ فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ».
ثالثًا: من عقوبة عقوق الوالدين أنها أسباب دخول النار، فيُحرَم العاقُّ لوالديه من دخول الجنة، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخل الجنة عاقٌّ، ولا منَّانٌ، ولا مُدمن خمر».
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ».
رابعًا: من عقوبة عقوق الوالدين: استجابة دعوة الوالد على ولده العاق، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ».
خامسًا: من عقوبة عقوق الوالدين لا يَسلَمُ عاقّ الوالدين من انتزاع البركة من عمره وحياته، وقلّة الرزق، وعدم استجابة دعائه، وحرمانه من رفع أعماله إلى السماء، وهو مخلوف بعقوق أبنائه وذريّته من بعد عقوقه لوالديه.
سادسًا: منعقوبة عقوق الوالدين يفتح عاق والديه على نفسه بابين من أبواب جهنم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَنْهُ رَاضِيَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَلَيْهِ سَاخِطَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ النَّارِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عقوبة عقوق الوالدين بر الوالدين م ل ع ون الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
"وإن دنت برحيلها فمن أعمارنا تنقص"
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
تعاقب الليل والنهار علينا ونحن فوق هذه الأرض أحياء نرزق، وأعمارنا في عدٍ تنازلي الى نهايتها، ويأتي وقت ويمضي آخر، ونحن كل منَّا في حال وانشغال دائم، إما جله لله تعالى وعلى أهبة الاستعداد لهادم اللذات من خلال استعدادنا له باستقامتنا وصلاحنا ودوام عباداتنا وطاعاتنا، أو غافلون في الدنيا وبجمع المال عليها، والانشغال بما حف ذلك من شهوات ورغبات وملذات.
اذ إن منازلنا في هذه الحياة ليست متساوية، أما قبورنا فمتشابهة وليست مختلفة، فقبر الفقير هو نفسه قبر الغني، فلا فرق بيننا هنا إطلاقًا.
لقد مضت العشرة أيام الأولى من هذا الشهر الفضيل وكان لنا أصحاب وأصدقاء ومعارف وأهل فارقونا فيها، وودعونا إلى تلك البيوت التي يرقدون فيها الآن مجبرين، بعدما توفاهم الله تعالى بأسباب عدة.
نعم انتهت العشرة أيام الأولى من هذا الشهر المبارك، وستنتهي الأيام الباقية منه كلها، ولا نعلم إن كنَّا اللاحقين في الرحيل، فاللهم نسألك أن تبارك لنا في أعمارنا وأيامنا المقبلة، وتحسن خاتمتنا يا الله بما يسرنا معك ويجعلك راضياً عنَّا.
يقول أبو العتاهية "نأتي إلى الدنيا ونحن سواسية طفلُ الملوك هنا، كطفل الحاشية!! ونُغادر الدنيا ونحن كما ترى متشابهون على قبور حافية!! أعمالنا تُعلي وتَخفض شأننا، وحسابُنا بالحق يوم الغاشية!! حور وأنهار، قصور عالية، وجهنمٌ تُصلى، ونار حامية!! فاختر لنفسك ما تُحب وتبتغي، ما دام يومُك والليالي باقية!! وغدًا مصيرك لا تراجع بعده، إما جنان الخلد وإما الهاوية!! أجارنا الله منها.
نعم إن شهر رمضان هو شهر الخير والجود والإحسان والبركات، هو شهر الروحانيات والقرآن الكريم وشهر تنزل الرحمات والعتق من النار، فكيف بالإمكان أن يُغير هذا الشهر من تفكيرنا وطباعنا وأخلاقنا، لنكون رحماء لطفاء دعاة سلام ومحبة وتعايش سلمي ووئام.
كيف نكون أنقياء أتقياء أسخياء حلماء كرماء، بالتفكر في أنفسنا وبمن ولينا أمره ومسؤولياتهم، وبمن لهم حق علينا وبمن هم في محيطنا ومجتمعاتنا ويعيشون بيننا.
نعم كيف ندرك أهمية حسن الخلق والذكرى العطرة الحسنة، التي يُمكن أن نخلفها ونتركها بعد رحيلنا، كيف لنا في هذه الأيام وبعدها، أن نرحم الضعفاء وأن نحب لغيرنا ما نُحبه لأنفسنا، ونبتعد عن الشحناء والبغضاء والغيبة والنميمة، والحقد والغل والغيرة التي تقتل صاحبها قبل أن يقتله الموت.
إن بقاءنا أحياءً حتى اليوم هو فرصة عظيمة لتصحيح أوضاعنا وعلاقتنا مع الله تعالى، فرصة لمراجعة النفس ومحاسبتها على تقصيرها في حقه جل جلاله وسائر عباده.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل استشعرنا بصدق ساعة رحيلنا وتوديعنا وتركنا لكل شيء، هل تأملنا هذه الساعة وهذه اللحظات بأن كل شيء نملكه سنتركه لغيرنا، ولن نأخذ منه شيئًا.
إذن والأمر كذلك، علينا أن نفعل الخير ما حيينا كثيرا، ونعمل أعمالا صالحات ما تبقى من أعمارنا كثيرًا، ونعقد العزم على ترك خلاف ذلك، فلربما لن تكون هنالك فرصة أخرى بعد هذه لنصلح كل شيء.
هذا ولو يعلم العباد ما في رمضان لتمنوا أن يكون سنةً، وقيل إن الجنة لتتزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فكيف بنا لا نتزين ولا نتجمل بالأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة، ونكون خيرين جميلين طيبين محبين.