واشنطن- لم تمثّل الهجمات التي نفذتها القوات الأميركية -فجر اليوم الجمعة على منشأتين في شرق سوريا، وادعى البنتاغون أن الحرس الثوري الإيراني والجماعات التابعة له استخدمتها- مفاجأة لمراقبين كُثر داخل العاصمة الأميركية.

وبعد إطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وما تبعها من عدوان إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة، بدأت دوائر أميركية كثيرة، ولا سيما المعروفة بقربها الشديد من إسرائيل، بتحميل إيران مسؤولية هجمات حماس وحزب الله اللبناني على شمال إسرائيل.

وتقول مصادر أميركية إن هذه الضربات الدقيقة جاءت "للدفاع عن النفس" بعد سلسلة من الهجمات المستمرة وغير الناجحة ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق وسوريا خلال الأيام الماضية، والتي أسفرت عن إصابة 21 جنديا أميركيا ووفاة متعاقد أميركي بذبحة قلبية أثناء احتمائه من الهجمات.

واشنطن لديها 900 جندي في شمال سوريا و2500 جندي بالعراق (غيتي) مهمة

وللولايات المتحدة 900 جندي في شمال سوريا و2500 داخل العراق في مهمة "لتقديم المشورة وتدريب الجيش العراقي".

وكانت إدارة الرئيس جو بايدن قد أرسلت مجموعة حاملة الطائرات "دوايت أيزنهاور" إلى الشرق الأوسط، لتنضم إلى مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد" في شرق البحر المتوسط. وتتكون كل مجموعة من 12 قطعة بحرية.

كما نشرت واشنطن بطاريات نظم دفاع جوي من طرازي "باتريوت" و"ثاد"، وكلاهما يمكنه اعتراض الصواريخ. وتحمل كل حاملة طائرات قرابة 70 طائرة مقاتلة على متنها، إضافة إلى ذلك، وضع بايدن آلاف القوات الأميركية على أتم الاستعداد للانتقال إلى المنطقة إذا لزم الأمر.

وقال جودت بهجت، الأستاذ بمركز "الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية" في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، إنه حتى قبل حرب غزة الجارية، كانت الولايات المتحدة وإيران منخرطتين في "حرب منخفضة الحدة".

وأضاف بهجت للجزيرة نت، أنه على مدى عقود، كانت طهران مصممة على إخراج القوات الأميركية من الشرق الأوسط، وكانت واشنطن تقاوم ذلك. وكانت الجهات الفاعلة غير الحكومية (حزب الله، والحشد الشعبي في العراق)، بدعم من إيران، تشتبك مع القوات الأميركية في عمليات عسكرية صغيرة تستخدم إلى حد كبير طائرات دون طيار وصواريخ.

مراقبون يرون أن إيران مصممة على إخراج القوات الأميركية من الشرق الأوسط (رويترز) ردود محدودة

وبحسب بهجت، كان الهدف هو رفع ثمن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة دون تصعيد إلى حرب واسعة النطاق. وهو توازن دقيق للغاية، لذلك تتخذ واشنطن ردودا محدودة، وهي وإيران لا تريدان التصعيد والحرب الشاملة.

ولكن من شبه المؤكد، يضيف بهجت، أن تستمر هذه العمليات منخفضة الحدة والمستوى. والتحدي هو ارتكاب أخطاء أو سوء تقدير في الحسابات بما يمكن أن يؤدي إلى عواقب خطيرة غير مقصودة.

ورغم ادعاء صحيفة "وول ستريت جورنال" -نقلا عن مصادر داخل حماس- أن إيران ساعدت في التخطيط للهجوم، لا يوجد إجماع تحليلي ولا أدلة عامة ثابتة تؤكد صحة هذا التقرير.

وأشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي حماس تلقوا مؤخرا بعض التدريب المتخصص في إيران، وإن لم يتم ربط ذلك على وجه التحديد بهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وزير الدفاع الأميركي: الضربات تهدف لحماية الأفراد الأميركيين في العراق وسوريا (الأناضول) تزايد حدة الهجمات

وقال تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية والخبير حاليا بمعهد الشرق الأوسط والمحاضر بجامعة جورج واشنطن، إن تصاعد الهجمات في جميع أنحاء المنطقة مترابط ولا يمكن فصله عن الصراع الحالي في فلسطين وإسرائيل.

وأضاف دان للجزيرة نت، "مع احتدام الوضع، أتوقع أن تزداد حدة الهجمات على القوات الأميركية، وسيزداد الرد الأميركي سخونة".

وفي حين أن إيران تشترك في أجندة معادية لإسرائيل مع حماس، لكن العديد من الخبراء يقدرون أن طهران لم تكن لديها القدرة على السيطرة على حماس، ولا تنتظر إذنا مسبقا لأنشطتها.

ويعتبر تشارلز دان "أنه من المعقول أن نفترض، كما قالت الولايات المتحدة، أن إيران فوجئت، وإن كانت سعيدة، بعمليات 7 أكتوبر/تشرين الأول".

بدورها، ترى الخبيرة بالشؤون الإيرانية في معهد ستيمسون بواشنطن باربرا سلافين أن ما يحدث "مشابه لتصاعد الهجمات بعد انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الصفقة النووية الإيرانية وإعادة فرض العقوبات الكاملة".

وتضيف للجزيرة نت "كان هناك العديد من هذه الحوادث عامي 2019 و2020 بعد أن اغتالت الولايات المتحدة قاسم سليماني".

ولدى واشنطن وطهران بعض الخطوط الحمراء في صراعهما شبه العسكري المستمر منذ سنوات. ويمثل تهديد المليشيات المدعومة إيرانيا في العراق أو جماعة الحوثيين في اليمن، بشن هجمات على أهداف أميركية إذا تدخلت الولايات المتحدة في نزاع غزة، تطورا هاما.

وتحذر إيران من أي ضربات إسرائيلية لأراضيها، كما ألمح حزب الله إلى أن أي محاولة من جانب إسرائيل للقضاء على حماس ستقابل برد كبير.

وتكرر واشنطن أنها لا تسعى إلى الدخول في صراع مع إيران، وليس لديها نية أو رغبة في الانخراط في مزيد من الأعمال العدائية، وحذرت طهران من مغبة المشاركة في الحرب الدائرة في قطاع غزة.


حسابات خاطئة

ويمكن أن تؤدي الحسابات الخاطئة -من إيران أو إسرائيل أو حزب الله أو الولايات المتحدة- بسرعة إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات لا يريدها أحد من الأطراف الرئيسية.

ولا تتوقع سلافين أن تردع هذه الهجمات حلفاء إيران في المنطقة عن شن المزيد من الهجمات ضد الوجود الأميركي في سوريا والعراق.

وقالت "ستواصل إيران إعطاء الضوء الأخضر لوكلائها، بينما تواصل إسرائيل ضرب غزة بدعم من واشنطن. يدور القتال في المقام الأول في سوريا، وهي دولة لا تسيطر على أراضيها. حتى الآن، لم يتصاعد إلى ما هو أبعد من النمط المعتاد".

ويؤكد دان أن الضربات الأميركية على أهداف ومواقع "المليشيات التابعة لإيران" تهدف إلى أن تكون تحذيرا ورادعا، لكنها لن تنجح، على الأرجح، في منع مزيد من الهجمات مع تصاعد التوترات.

ويتابع "ومع ذلك، ليس لدى الولايات المتحدة سوى خيارات قليلة غير الرد، ويمكن أن تنجح هجماتها في إلحاق أضرار جسيمة بقوات المليشيات وحتى ببناها التحتية، وهو ما يحد من قدراتها".

يذكر أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قال في بيان له فجر اليوم الجمعة "إن الهدف من هذه الضربات المصممة خصيصا للدفاع عن النفس، حماية الأفراد الأميركيين في العراق وسوريا والدفاع عنهم، وهي ضربات منفصلة ومتميزة عن الصراع الدائر بين إسرائيل وحماس، ولا تشكل تحولا في نهجنا تجاه ذلك الصراع".

وأضاف "نواصل حث كافة الكيانات الحكومية وغير الحكومية على عدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن توسع رقعة الصراع ليصبح صراعا إقليميا أوسع نطاقا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القوات الأمیرکیة الولایات المتحدة الشرق الأوسط من الهجمات فی العراق أن إیران

إقرأ أيضاً:

واشنطن تطالب تركيا بالحياد في الأجواء السورية حال التصعيد مع إيران

ذكرت وسائل إعلام تركية، أن واشنطن قد تطالب تركيا بالحياد في الأجواء السورية حال التصعيد مع إيران.
وقالت وسائل الإعلام التركية، نقلا عن مصادر إن الولايات المتحدة قد تطلب من تركيا عدم التدخل في استخدام المجال الجوي السوري في حال نشوب صراع مع إيران والبقاء على الحياد.

وجاء في منشور صحيفة “حريت” التركية التي نقلت الخبر: “إذا لم تكلل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بالنجاح، فستكون إيران أحد بنود جدول أعمال اللقاء بين أردوغان وترامب. أردوغان، بالطبع، يعارض هجوم إسرائيل على إيران، ويعتبره خطرًا على منطقتنا. لكن قد يُطلب من تركيا البقاء على الحياد في هذه الحرب وعدم التدخل في استخدام المجال الجوي السوري”.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب قد يزور تركيا في إطار جولته في الشرق الأوسط في مايو/أيار المقبل. ونوّهت الصحيفة إلى أنه “من المحتمل أن يزور ترامب تركيا بعد زيارته للسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة. وإذا لم يحدث ذلك، فمن المقرر أن يقوم الرئيس أردوغان بزيارة الولايات المتحدة في يونيو/حزيران المقبل”.

وعُقدت الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في عُمان يوم 12 أبريل/ نيسان الجاري. ووفقًا للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، كانت المحادثات إيجابية وبناءة. ووصف وزير الخارجية الإيراني أجواء هذه المحادثات بأنها بناءة وهادئة، وشكر وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، على جهوده في تبادل وجهات النظر بين الوفدين الإيراني والأمريكي.

وأرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في أوائل مارس/آذار الماضي، يقترح فيها اتفاقا نوويا جديدا، مهددا بالعمل العسكري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية. وفي المقابل، استبعدت قيادة الجمهورية الإسلامية إمكانية إجراء مفاوضات مباشرة مع القيادة في واشنطن، ولم تترك الباب مفتوحا إلا للحوار بوساطة دول ثالثة.

وكالة سبوتنيك

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • واشنطن تطالب تركيا بالحياد في الأجواء السورية حال التصعيد مع إيران
  • ايران: تأجيل مباحثات الخبراء بين واشنطن وطهران إلى السبت المقبل
  • تأجيل مباحثات الخبراء بين واشنطن وطهران إلى السبت المقبل
  • المحادثات النووية بين واشنطن وطهران.. إيران تخطط لمد أمد المفاوضات.. والانقسامات الداخلية داخل إدارة ترامب تحسم مصير الصفقة
  • تقدير إسرائيلي باستبعاد مهاجمة إيران مع استمرار المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • إيران تحدد طلباتها الأساسية من المفاوضات.. هل تستجيب واشنطن؟  
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط
  • إيران تتهم إسرائيل بالسعي لتقويض المباحثات النووية مع الولايات المتحدة
  • موسكو في قلب "مفاوضات النووي".. ماذا تفعل بين واشنطن وطهران؟
  • احتجاجات جديدة بأنحاء الولايات المتحدة ضد سياسات ترامب