عادت مصر مجددا إلى التفاوض مع بعض الدول الخليجية بشأن ودائع جديدة بمليارات الدولارات رغم سياستها المتشددة تجاه منح المزيد من الودائع بعد نحو عقد من الدعم السخي لخزائن البنك المركزي المصري، والتي قدرتها بعض الصحف الخليجية بأكثر من 100 مليار دولار، ولم تظهر آثارها على إنعاش أو إصلاح الاقتصاد المصري.

وكشفت صحيفة "البورصة" المصرية المحلية أن القاهرة توشك على الحصول على ودائع جديدة بقيمة 5 مليارات دولارات من دولتي الإمارات العربية المتحدة والسعودية لدعم احتياطيات البنك المركزي لدفع مفاوضات برنامج صندوق النقد الدولي المعلقة.



وكشفت المصادر التي تحدثت إلى الصحيفة، فإن قيمة الودائع الجديدة سوف يجرى تحويلها فيما بعد إلى استثمارات على مدار عدة أعوام، حيث تشهد مصر أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود تهدد الاستقرار المجتمعي الهش في بلد يضم أكثر من 105 ملايين نسمة.


ودائع دول الخليج بين التمديد والتأجيل
يبلغ حجم ودائع الدول العربية بالبنك المركزي المصري نحو 29.9 مليار دولار، تتوزع بين 15 مليار دولار ودائع دول الخليج متوسطة وطويلة الأجل، و14.9 مليار دولار ودائع لدول الخليج وليبيا قصيرة الأجل.

تستحوذ دولة الإمارات على نحو 10.7 مليار دولار، ما بين ودائع طويلة الأجل وأخرى قصيرة الأجل، ثم السعودية بنحو 10.3 مليار دولار فيما سجلت ودائع الكويت 4 مليارات دولار وقطر نحو 4 مليارات دولار، وليبيا 900 مليون دولار.

إلى جانب طلب المزيد من الودائع، تطلب مصر باستمرار تمديد أجل الودائع وتأجيل سدادها لعدم قدرتها على ردها في موعدها، إذ يبلغ صافي الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي 34.97 مليار دولار في نهاية أيلول/ سبتمبر 2023.

في غضون ذلك عقدت مصر اتفاقيات مبادلة ديون مع عدة دول دائنة من أجل تنفيذ مشروعات تنموية كان آخرها الصين بهدف تخفيف أعباء الديون الخارجية للحكومة، وذلك من خلال استخدام شرائح من الديون الصينية لتنفيذ مشروعات تنموية يتفق عليها الجانبان.

"برنامج الطروحات لا يسعف مصر"
تعهدت الحكومة المصرية بالإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لزيادة حصيلة الدولة من موارد النقد الأجنبي، تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي برفع نسبة المساهمة الاقتصادية للقطاع الخاص، وتحديد أو تحييد دور الدولة في النشاط الاقتصادي.

وتخطط الحكومة لطرح 35 شركة مملوكة للدولة، وتم تحديد 32 شركة وأصلًا لطرحها بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي في شباط/ فبراير 2023، ثم تم إضافة 3 شركات أخرى وهي: شركة الشرقية-إيسترن كومباني، وعز الدخيلة للصلب، والمصرية للاتصالات.

بدأت المرحلة الأولى من جدول الطروحات خلال الفترة من آذار/ مارس إلى آب/ أغسطس 2022، والثانية من آب/ أغسطس 2022 حتى تموز/ يوليو 2023 بإجمالي 5 مليارات دولار بنسبة 50% من المستهدف بحلول حزيران/ يونيو لعام 2024.

خلال الفترة من تشرين أول/ أكتوبر الجاري حتى حزيران/ يونيو 2024 تعتزم الحكومة المصرية جمع 5 مليارات دولار من خلال طرح 6 شركات حكومية على القطاع الخاص، وفقًا للتقرير الأول لمتابعة تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة للأصول.

"إجراءات غير كافية"
اعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعات الأمريكية، مصطفى شاهين، أن "عودة مصر للتفاوض بشأن ودائع جديدة يؤشر على فشل جميع الإجراءات أو عدم كفايتها في توفير موارد دولارية بما فيها برنامج الطروحات والسندات الدولية في ظل ارتفاع العائد عليها وزيادة تكلفة التأمين".

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "مبلغ الوديعة البالغ 5 مليارات دولار التي تسعى مصر للحصول عليه لا يغني ولا يسمن من جوع، ولا يشكل أكثر من 10% من احتياجاتها في السنة الواحدة، وبالتالي لن يفيد في استقرار وضع العملة المحلية، والموضوع متروك برمته للسوق الموازي الذي يحدد قيمة الجنيه الذي هبط لأدنى مستوى تاريخي لا نعلم قراره".

ورأى شاهين "أن عدم استقرار سعر صرف الجنيه أم الدولار سوف يؤثر على كل الأنشطة الاقتصادية في مصر؛ لأنها تعتمد على الخامات المستوردة بنسبة 80% في الصناعات المحلية المحدودة، وسوف تصبح التكلفة مرتفعة والبضائع غير متوفرة، وتلقي بثقلها على المواطنين في نهاية المطاف الذي لن يستطيع مواجهة الزيادة الكبيرة في الأسعار".


"معالجات مؤقتة"
يقول الباحث الاقتصادي حافظ الصاوي إن "كل هذه المعالجات سواء الحصول على ودائع البنك لدى البنك المركزي، أو الحصول على قروض جديدة، أو عمليات خصخصة شركات الدولة هي بمثابة مسكنات للمشكلة الاقتصادية الأساسية في مصر".

وأضاف لـ"عربي21": "الأزمة الاقتصادية في مصر تتمثل في 3 نقاط، الأولى؛ تستهلك أكثر مما تنتج، وتدخر أقل من متطلبات الاستثمار، وتستورد أكثر مما تصدر، بالتالي سوف تستمر مشكلات كثيرة تتعلق بميزان المدفوعات والميزان التجاري والموازنة العامة للدولة والمديونية العامة سواء الداخلية أو الخارجية".

في تصوره للخروج من الأزمة رأى الصاوي أن على مصر أن "تتجه إلى بناء قاعدة إنتاجية في قطاعي الصناعة والتجارة، وأن تهتم بالتعليم لتحسين قطاع الخدمات بشكل كبير وكذلك لإنتاج التكنولوجيا وربط التعليم باحتياجات السوق العامة واحتياجات القطاعات الإنتاجية من أجل إنتاج تكنولوجيا متقدمة، بدون ذلك ستظل مصر عاما تلو الآخر في زيادة سعر الفائدة والاقتراض من الخارج وخفض قيمة العملة المحلية لمستويات جديدة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر ودائع ديون مصر ديون ودائع اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البنک المرکزی ملیارات دولار ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

خبير اقتصادي يحذر: ودائع المودعين في خطر

شمسان بوست / خاص:

اوضح الخبير النفطي والاقتصادي الدكتور علي المسبحي ان الوضع المصرفي اليوم أصبح يعاني الكثير من المشاكل النقدية وتعثرات المحافظ الاستثمارية نتيجة الوضع العام للبلاد وعدم القدرة على الوفاء بالتزامات البنوك تجاة المودعين وتعثر سداد المقرضين ، الأمر الذي اصبحت معه البنوك تعاني من نقص شديد في السيولة ، كما ان استمرار انهيار العملة أضر كثيراً بالعملية المصرفية من خلال عزوف الكثير من الجمهور عن إيداع أموالهم بينما يطالب المودعين بسحب ودائعهم .

وأضاف الدكتور علي المسبحي في منشور له على صفحته في الفيس بوك رصدة محرر الأخبار أن البنوك التجارية والإسلامية على حد سواء اصبحت اليوم مصيدة لاموال صغار المودعين في ظل إعتماد نسبة ضئيلة من الفوائد على الودائع والتي تبلغ في البنوك التجارية 15% سنوياً ، بينما لا تتجاوز في البنوك الاسلامية عن 9 % وهي تقل بنسبة كبيرة عن نسبة التضخم البالغة 45 % نتيجة لاستمرار إرتفاع اسعار الصرف سنويا ، وبالتالي حصول المودعين على فوائد سالبة وفق المعادلة التالية : ( الفائدة الحقيقية = الفائدة الاسمية — التضخم ) وبالتالي ستكون النتيجة : ( - ) 30 % = 15 % — 45 % حيث تبين ان المودع تحصل على نسبة فائدة سالبة بمقدار — 30% ، أي أن المودع يخسر القيمة الحقيقية لامواله بمقدار 30 % بشكل مستمر وسنوي نتيجة التضخم وكلما ارتفعت اسعار الصرف .

وأشار الدكتور المسبحي أنه في عام 2015م كان سعر صرف الدولار الواحد 220 ريال ارتفع اليوم في عام 2025م الى 2200 ريال أي بنسبة زيادة 1000% أي زادت القيمة عشرة أضعاف , فمثلا مبلغ أثنين مليون ومائتين الف 2200000 ريال الذي كان يساوي في عام 2015م 10000 دولار أصبح اليوم يساوي 1000 دولار , اما 10000 دولار فتساوي اليوم 22 مليون ريال , فإذا كان المبلغ 2200000 ريال مودع في البنك في عام 2015م وبعد احتساب فائدة مركبة سنويا عليه بنسبة 15% أي أنه خلال 10 سنوات أصبح إجمالي الفوائد 150% بفائدة تراكمية فيصبح إجمالي الوديعة مع الفوائد في عام 2025م حوالي 9 مليون ريال وهو ما يعادل اليوم 4000 دولار , أي أن المودع خسر من قيمة أمواله بمقدار 6000 دولار والتي كانت تعادل 10000 دولار في عام 2015م وبنسبة خسارة 60 % من القيمة الحقيقية لامواله خلال 10 سنوات .

وأفاد الخبير الاقتصادي أنه في الوقت الذي يخسر فيه المودع القيمة الحقيقية لامواله تستفيد البنوك من أموال المودعين بثلاث طرق الطريقة الأولى يقوم البنك بتحويل أموال المودع من العملة المحلية إلى العملة الصعبة مباشرة وبالتالي يستفيد من فارق اسعار الصرف مع مرور الوقت والطريقة الثانية يقوم باستثمار أموال المودع في محافظ استثمارية مختلفة يتحصل فيها على أرباح والطريقة الثالثة أنه في الأخير يدفع للمودع قيمة أقل عن أمواله المودعه .

واختتم الخبير النفطي والاقتصادي الدكتور علي المسبحي أنه يتوقع ان تستمر اسعار الصرف في إلارتفاع خلال الفترة القادمة طالما لا توجد حلول اقتصادية شاملة وكل ما في الامر استجداء للخارج للحصول على تمويلات مالية لسداد عجز الموازنة العامة ، وبالتالي اصبحت أموال المودعين في خطر حقيقي نتيجة لاستمرار إرتفاع اسعار الصرف وارتفاع نسبة التضخم ، لذلك ينصح الجمهور بتحويل أموالهم من العملة المحلية إلى العملة الصعبة أو شراء الذهب الذي من المتوقع أن يرتفع سعره مع نهاية عام 2025م الى حوالي 20 % كما انه يعتبر أحد الملاذات الآمنة.

مقالات مشابهة

  • حرب تجارية جديدة: كندا تفرض رسوما على سلع أمريكية بقيمة 155 مليار دولار
  • البنك المركزي يطرح أذون خزانة بالدولار الأمريكي غدا الإثنين
  • مليار دولار أرباح البنك العربي خلال عام 2024
  • أكثر من مليار دولار مبيعات البنك المركزي إلى مصارف أحزاب الفساد خلال الأيام الأربعة الماضية
  • خبير اقتصادي يحذر: ودائع المودعين في خطر
  • مجموعة ضخمة تقدم عرضا بقيمة 20 مليار دولار لشراء تيك توك
  • الغرياني: المصرف المركزي يستنزف ثروة ليبيا ببيعه 5 مليارات دولار للمواطنين والشركات
  • بقيمة تتجاوز مليار دولار.. المغرب يطلق 20 مشروعاً استثمارياً
  • المغرب يطلق 20 مشروعا استثماريا بقيمة 1.7 مليار دولار
  • احتياطي البنك المركزي التركي يواصل تسجيل مستويات قياسية