نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لمراسلتها في البيت ‏الأبيض كاتي روجرز قالت فيه إن جيك سوليفان، مستشار ‏الأمن القومي للرئيس بايدن، قام بتلخيص حالة الشرق ‏الأوسط في مقال من 7000 كلمة لمجلة فورين أفيرز. ‏

وكتب في النسخة الأصلية من المقال: "على الرغم من أن ‏الشرق الأوسط لا يزال يعاني من تحديات دائمة، إلا أن ‏المنطقة أصبحت أكثر هدوءا مما كانت عليه منذ عقود".



وفي حين أشار إلى أن التحديات لا تزال قائمة، بما في ذلك ‏الوضع المتوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتهديد من ‏إيران، إلا أنه كتب أنه في مواجهة الاحتكاكات "الخطيرة"، ‏‏"لقد نجحنا في تهدئة الأزمات في غزة".‏

وبعد خمسة أيام فقط من إرسال مقالته للطباعة في 2 تشرين ‏الأول/ أكتوبر، شنت حماس هجوما ..  مدمرا داخل ‏إسرائيل، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي ‏واحتجاز مئات الأشخاص كرهائن. وأدت الغارات الجوية ‏الإسرائيلية الانتقامية ضد غزة، التي تسيطر عليها حماس، ‏إلى مقتل آلاف الأشخاص وأدت إلى أزمة إنسانية.‏

لا يمكن لأحد أن يتوقع المستقبل، لكن المقال يقدم نظرة نادرة ‏حول كيفية إساءة الولايات المتحدة قراءة الوضع المتفجر في ‏الشرق الأوسط. وفي النهاية، كل الجهود الدبلوماسية وتبادل ‏المعلومات الاستخبارية وعمليات التفتيش والزيارات لم ‏تتوقع أسوأ خرق للدفاعات الإسرائيلية منذ نصف قرن.‏

وقبل نشر المقال على الإنترنت، طلبت وزارة الخارجية من ‏سوليفان تحديثه ليعكس هجوم حماس. حذفت النسخة ‏الإلكترونية جملة "الأكثر هدوءا" التي قالها سوليفان، ‏بالإضافة إلى تأكيده على أن إدارة بايدن قامت "بتهدئة" ‏الأزمات في غزة.

وكان سوليفان قد أدلى بتعليقات عامة مماثلة لتلك الواردة في ‏مقالته‎.‎

وفي 29 أيلول/ سبتمبر، شارك تقييمه مع بعض دوائر ‏السياسة الخارجية والدوائر السياسية والإعلامية في البلاد: ‏‏"إن منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءا اليوم مما كانت عليه ‏خلال عقدين من الزمن"، كما قال سوليفان للحاضرين في ‏مهرجان أقامته مؤسسة‎ ‎ذي أتلانتك، من خلال قائمة من ‏الأمثلة التي شملت هدنة طويلة في اليمن ووقف الهجمات ‏على القوات الأمريكية من قبل الميليشيات المدعومة من ‏إيران. ووقع هجوم حماس بعد ذلك عدة أيام.‏

وقد انقض منتقدو الرئيس. انتقدت رسالة بريد إلكتروني ‏لجمع التبرعات أرسلتها حملة ترامب يوم الأربعاء إلى ‏المؤيدين "مستشار بايدن المتوهم للأمن القومي" مع رابط ‏لتقرير حول تعليقات  سوليفان. وحذت حذوها المنشورات ‏الإعلامية المحافظة.‏

وقال بريت بروين، الذي شغل منصب مدير المشاركة ‏العالمية في البيت الأبيض في عهد أوباما، إن سوليفان كان ‏مدفوعا بـ "تركيز قصير النظر على بعض الإنجازات ‏الدبلوماسية بدلا من استراتيجية حقيقية".‏

قال  بروين، الذي دعا إلى إقالة  سوليفان بعد الانسحاب ‏الأمريكي من أفغانستان في عام 2021، عندما قتل 13 من ‏أفراد الخدمة الأمريكية وعشرات الأفغان: "إن جيك رائع، ‏لكنه لم يقضي أي قدر كبير من الوقت في أي من هذه ‏الأماكن". ‏



ومع ذلك، فقد أشاد ب سوليفان، أحد خريجي إدارة أوباما ‏والمستشار المقرب السابق لهيلاري كلينتون، باعتباره ‏موهوبا في السياسة الخارجية ساعد في قيادة رد فعل أمريكي ‏‏"مثير للإعجاب" على الهجوم على المدنيين الإسرائيليين.‏

أما بالنسبة لتجربة  بايدن في المنطقة، فقال  بروين: "يمكن ‏أن تكون التجربة أيضا عائقا عندما تنظر إلى العالم بالطريقة ‏التي كان عليها قبل عقدين من الزمن، وليس كما هو الآن".‏

ويوم الخميس، رفض العديد من المسؤولين في إدارة بايدن ‏فكرة أن  سوليفان كان يقدم رؤية ثابتة لأفكاره حول الشرق ‏الأوسط. وبدلا من ذلك، قالوا إن سوليفان كان يقدم لمحة ‏سريعة عن منطقة بدت هادئة بعد سنوات من الحرب ‏وتغيرات الأنظمة وأزمات اللاجئين‎.‎

وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة، الذي تحدث شريطة ‏عدم الكشف عن هويته لوصف عملية الإدارة في أعقاب ‏الهجمات، إنه لم يكن بإمكان أي خبير أن يتنبأ بأن حماس ‏سوف تغزو إسرائيل، وتتغلب على قوات الدفاع، وتقتل ‏المدنيين وتأخذ المئات من الرهائن.‏



قالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، ‏في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن انتقادات وسائل التواصل ‏الاجتماعي التي تدور حول جملة واحدة نطق بها أو كتبها  ‏سوليفان ترقى إلى مستوى "تشكيل الرأي الكسول".‏

وأشارت إلى أن  سوليفان قضى ساعات لا تحصى في هذه ‏القضية، بما في ذلك الاجتماع مع رون ديرمر، وزير ‏الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، قبل أسبوعين من تقديم ‏مقال لمجلة فورين أفيرز. وأشارت هي ومسؤولون آخرون ‏إلى أن  سوليفان سافر إلى إسرائيل والضفة الغربية في وقت ‏سابق من هذا العام للعمل على "مكون فلسطيني رئيسي" في ‏عملية التطبيع، وهو ما كان أيضا محورا لسفره إلى ‏السعودية في آب/ أغسطس‎.‎

وكتبت واتسون: "في حين أن العالم تغير - كما هو الحال في ‏كثير من الأحيان - فإن الأسبوعين الماضيين أكدا فقط على ‏أهمية البناء على النهج الذي اتبعناه بالفعل تجاه المنطقة، مثل ‏بناء العلاقات التي يمكن الاعتماد عليها لحل هذه الأزمة أو ‏الأزمة التالية".‏

لكن مؤيديه لاحظوا تحذيرا مهما في نهاية كلا النسختين من ‏مقالته، والتي تحمل عنوان "مصادر القوة الأمريكية" - على ‏ما يبدو إشارة إلى مقال في مجلة فورين أفيرز يُستشهد به ‏كثيرا بعنوان "مصادر السلوك السوفييتي"، والذي كان قد ‏كتب عام 1947 في بداية الحرب الباردة.‏

وكتب سوليفان: "لقد فوجئت الولايات المتحدة في الماضي"، ‏مشيرا إلى أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 وغزو ‏العراق للكويت في عام 1990. وأضاف: "من المرجح أن ‏تتفاجأ في المستقبل، مهما حاولت الحكومة جاهدة لتوقع ما ‏هو قادم".‏

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة سوليفان غزة امريكا غزة سوليفان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

2024.. العام الذي أعاد تشكيل خريطة الشرق الأوسط

رأى إميل حكيم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أنه إذا كان المزيج الضخم من الحلقات المأساوية والمذهلة والاستراتيجية التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سيستغرق وقتاً ليستقر، فإن ما حصل سيترك بلا شك آثاراً بعيدة المدى.

أظهرت الإدارة الجديدة في دمشق ضبط نفس وبعض الحكمة

وفي مقال له بصحيفة فايننشال تايمز، أشار حكيم إلى أن المجتمعات المشرقية المتنوعة والهشة تمر بتحولات تاريخية جذرية. لكنه يرى أن هذه المجتمعات، في ظل هذا المسار، من المستبعد أن تجد دعماً خارجياً كبيراً بالنظر إلى التردد المحلي والإرهاق العالمي. ويصاحب إعادة ترتيب المنطقة عنف كبير ومنافسة متجددة.

معاناة الفلسطينيين

يختبر الفلسطينيون في غزة من معاناة غير مسبوقة على أيدي الجيش الإسرائيلي، ويرى حكيم أن الرهان الدموي الفاشل لحماس، مع عجز شركائها عن إنقاذ الوضع، يشكل تذكيراً واضحاً بأن المسار الوحيد لتحقيق الدولة الفلسطينية هو تدويل القضية والتوصل إلى حل متفاوض عليه.

وبرز التحالف الذي نظمته السعودية ودول عربية وأوروبية أخرى لدعم حل الدولتين كأكثر الوسائل ترجيحاً لتحقيق هذا الهدف. 

How 2024 reordered the Middle East https://t.co/KV3fyeIVVu pic.twitter.com/NDwyn9yaS7

— Mtro. Sergio J. González Muñoz (@ElConsultor2) December 22, 2024

ويتعين على الفلسطينيين أن يقتنعوا بأن هذا الحل أكثر من مجرد رقصة دبلوماسية رمزية، بل يتعين عليهم أيضاً أن يظهروا ملكيتهم للمسار  من خلال إصلاح طال انتظاره للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك، تظل مثل هذه التطلعات عُرضة للتعنت الإسرائيلي والغضب المحتمل من جانب دونالد ترامب.

العقلية الخطيرة لإسرائيل

وأتاح الدعم غير المشروط الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لها تجاهل الحاجة إلى تحقيق سلام عادل يضمن الأمن للجميع.

لكن هذه العقلية التي ترتكز على الأمن فقط لها عواقب عكسية؛ فهي مكلفة، وتعزز الاعتماد على الولايات المتحدة، وتنفر الشركاء الحاليين والمحتملين في المنطقة الذين يخشون توسع الصراع ليشمل إيران أو منشآتها النووية. 

لكن لهذه العقلية القائمة على الأمن وحسب عواقب عكسية. فهي مكلفة وتزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة وتنفّر الشركاء الحاليين والمحتملين في الجوار والذين يخشون أن توسع إسرائيل الصراع من خلال ضرب القيادة الإيرانية والمنشآت النووية. كما أن خسائر السمعة بنتيجة حرب غزة هائلة، وتلوح في الأفق مسؤوليات قانونية.

ويبدو أن سلطة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وأتباعه المتطرفين أصبحت مضمونة في وقت تتزايد الانقسامات الداخلية حول طبيعة الدولة الإسرائيلية.

قوتان متعارضتان

أما اللبنانيون، فيواجهون دينامية معاكسة. إذ يتعين على حزب الله الاعتراف بانهيار استراتيجيته العسكرية وروايته الأيديولوجية، إلى جانب تراجع صدقيته. في ظل هذه الظروف، يبدو إحياء روح القتال التي يتبناها حزب الله مهمة صعبة، خاصة في ضوء الجراح العميقة التي أصيب بها، وخسارته المفاجئة لسوريا، وأوضاع أنصاره المتدهورة.
والعديد من اللبنانيين يرون فرصة لإصلاح دولتهم، لكنهم يدركون أيضاً خطر استفزاز حزب الله الجريح، ما قد يؤدي إلى صراع داخلي. 

How 2024 reordered the Middle East https://t.co/OwLrFZSzBJ

— FT World News (@ftworldnews) December 22, 2024 المفارقة السورية وفي سوريا، تذوق السوريون طعم الحرية لأول مرة بعد عقود من القمع. ويرى حكيم أن انهيار نظام الأسد حدث دون مشاهد عنف طائفي جماعي مخيفة، بينما أظهرت الإدارة الجديدة في دمشق ضبط نفس وحكمة نسبية.
ويتطلب تأمين السلام في سوريا جهوداً ضخمة من الكرم والتفاني في إدارة الحكم الشامل، في ظل وجود مفسدين داخليين وخارجيين. ويبدو أن السوريين كشفوا عيوب السياسة الواقعية، رغم أنهم الآن بحاجة إلى حسن نية أجنبية.
ولتحقيق مصالحة عربية كردية، يتطلب الأمر اعتدالاً تركياً ودبلوماسية أمريكية، مع احتمال أن تسهم الوساطة الروسية في طمأنة المجتمع العلوي.
حذار الرضا عن النفس

ختاماً، أكد حكيم أن إيران خسرت الكثير نتيجة الأحداث الأخيرة. فبينما كانت تسعى لتعزيز نفوذها في دول منهارة ومجتمعات منقسمة، وجدت نفسها منخرطة في حروب أضعفتها.

في المقابل، استغلت تركيا هذا الوضع لتتفوق على إيران في الساحة الجيوسياسية المركزية للمنطقة، وهي سوريا.

ورغم هذه التحولات التاريخية، لم يشهد العالم أزمة هجرة ضخمة، أو حرباً مطولة بين دول، أو هجوماً إرهابياً كبيراً خارج المنطقة، أو تأثيراً مستداماً على أسعار النفط والتجارة العالمية. لكن حكيم يحذر من أن هذا الشعور بالرضا عن النفس قد يكون مقدمة لمفاجآت غير مرغوب فيها.

مقالات مشابهة

  • تحديات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. المشكلات الهيكلية
  • 2024.. العام الذي أعاد تشكيل خريطة الشرق الأوسط
  • ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب بأوكرانيا
  • نظام إسرائيلي في الشرق الأوسط
  • قمة فوربس الشرق الأوسط للمرأة تكرّم داليا خورشيد
  • مستشار الرئيس التركي يقترح اسم جديد للشرق الأوسط
  • باحثة سياسية: نتنياهو يخطط لنصر مطلق في الشرق الأوسط وليس غزة فقط
  • فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط
  • الشرع: أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء
  • WP: نظام جديد بدأ بالتشكل في الشرق الأوسط.. هؤلاء الرابحون