لبنان ٢٤:
2024-07-03@17:51:13 GMT

هذا أخطر ما في الحروب

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

هذا أخطر ما في الحروب

أخطر ما في الحروب هو فكرة الاعتياد عليها وما فيها من بشاعات وقذارات، ومآسٍ، وويلات، وكوارث. فكما يعتاد السجين على سجنه، وتنشأ بينه وبين سجّانه علاقة لم يستطع العلم النفسي تفسيرها علميًا، وإن كانت مرتبطة بما يُعرف بـ "متلازمة ستوكهولم"، كذلك الأمر بين المعتدي والمُعتدى عليه، بحيث يصبح هذا الاعتياد نوعًا من أنواع الصمود والدفاع عن النفس.

       ففكرة الاعتياد على الحرب قد تنتقل عدواها من ساحات القتال إلى الساحات الإعلامية، بحيث لا يعود الخبر عنها مع مرور الوقت يحتّل المقام الأول في نشرات الأخبار والتعليقات والتحليلات. وأكبر دليل على ما يحدثه هذا الاعتياد هو ما نلاحظه من تلاشي الاهتمام بما يجري على أرض أوكرانيا، حيث لم يعد أحد يسمع شيئًا عمّا يحصل فيها، بينما كانت أخبارها تتصدّر عناوين الصحف على ما عداها من أخبار أخرى قبل اندلاع الحرب على غزة.     فما يحصل في غزة من مجازر وإبادة جماعية منذ 22 يومًا من دون انقطاع لا يمكن الاعتياد عليه سوى بالنسبة إلى العالم المنغمس حتى أذنيه في ما هو مرسوم لقطاع غزة في الدرجة الأولى، وللضفة الغربية لاحقًا، وربما لما يخطّط له العدو لجنوب لبنان في مراحل متقدمة. فهذا العالم الذي يصمّ آذانه عن أنين الأطفال والنساء والشيوخ في غزة المدمرة، والذي يشيح بنظره عن مشاهد القتل الجماعي والممنهج، مع توالي سقوط الشهداء والمصابين، وقد بلغت أعداهم الآلاف، لا يقيس الأمر بميزان العدالة وحقوق الانسان، وبالأخص حقوق الشعب الفلسطيني، الذي يناضل من أجل أن يكون له وطن يعيش فيه بحرية وأمان وسلام.    وهذا الأمر لن يتحقّق إلا عندما يتوقف صوت المدفع، وتُردع آلة القتل الجماعي، وعندما يقتنع هذا العالم بأن هناك شعبًا يستحق الحياة كسائر شعوب العالم، وعندما يتغّلب منطق العقل على المنطق القائم على التصفية الجسدية، وعندما يعرف الجميع أن الدّم المهدور في غزة يستسقي المزيد من الدماء والجراح، أو عندما تسود العدالة الإنسانية، شمالًا وجنوبًا، بكل ما ترمز إليه.    فالحّل لن يكون بتهجير أهل غزة وأهل الضفة إلى المجهول، بل بالعودة إلى مبادرة السلام، التي أطلقها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز من بيروت، والتي تطالب بسلام عادل وشامل، قوامه "حلّ الدولتين". فمن دون هذا الحلّ، وهو الوحيد، لن يكون سلام لا في فلسطين، ولا في لبنان، ولا في إسرائيل، ولا في أي مكان من العالم. 
وما بدأنا نشهده من هجمات ضد المواقع الأميركية في المنطقة ليس سوى البداية، وإن يكن الحفاظ على الحالة القائمة منذ اندلاع الحرب وحتى اللحظة هو السائد حاليًا، من خلال استهداف "حزب الله" المحدود للمستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، مع الإبقاء على دور داعم للفصائل الفلسطينية في لبنان وتمكينهم من القيام بعمليات ضد إسرائيل سواء بإطلاق الصواريخ أو محاولات التسلل.    فهذا "الستاتيكو" لا يعني بالضرورة انتفاء فكرة اندلاع حرب واسعة على الجبهة الجنوبية، ولكن الاتصالات التي يقوم بها لبنان مع عواصم القرار كشفت بما لا يقبل الشك بأن كلًا من "حزب الله" والعدو الإسرائيلي يحسبان جيدًا ما يمكن أن ينتج عن هذه الحرب من خسائر في البشر قبل الحجر، مع أهمية ما للبشر من قيمة إنسانية سامية أولًا، ومن ثم ما للحجر من قيمة اقتصادية، لأن جميع الأطراف مأزومون، وستكون النتيجة كارثية على الجميع، خصوصًا أن أعداد الشهداء، الذين سقطوا للحزب منذ بداية المناوشات، قد تخطّت المعدلات النسبية قياسًا إلى أعداد لشهداء الذين سقطوا في حرب تموز، ولم تكن مجرد مناوشات. وهذا ما تدركه القيادة العسكرية في المقاومة، وتعمل بكل الإمكانات المتاحة والمتوافرة لتلافي هذا الأمر قبل بدء أي معركة كبرى. فهل تبدأ؟ 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

باسيل مع حزب الله وضده!


ذهب رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل بعيداً في الحديث عن دعم المقاومة خلال الايام الماضية، واعاد تبنّي خطابه السياسي الذي كان سائداً في المراحل السابقة، وتحديداً قبل معركة طوفان الاقصى الذي بدل رأي العونيين بسلاح الحزب لعدة اشهر، رفضاً منهم لمشاركة الحزب بالدعم العسكري لقطاع غزة ولمبدأ وحدة الساحات الذي بدأه الحزب وباقي حلفائه في مختلف دول "محور المقاومة". عاد باسيل الى دعم المقاومة من دون شروط لكنه في الوقت نفسه عمل على تظهير التمايز في القضايا الداخلية كما كان يقوم به في السابق.
 
أزمة باسيل ليست مع "حزب الله"، إذ إن الحزب جاهز لتحسين علاقته مع خصومه ومع حلفائه، ومن بينهم "التيار" فور ان يعدلوا موقفهم من سلاحه ومن حراكه العسكري، وهذا ما يدركه باسيل جيداً، لكن الازمة الفعلية تكمن في كيفية اقناع الرجل لجمهوره بخطابه القديم الجديد. فجزء كبير من الجمهور العوني بات معادياً لسلاح الحزب ولا يفصل بين المعركة الشاملة مع لبنان وبين معركة الدعم لغزة. ففي الحالتين سلاح الحزب بات خصماً سياسياً لرئيس تيارهم ويرشح زعيماً مارونياً غيره لرئاسة الجمهورية.
 
في كل الاحوال، قرر باسيل لسبب ما، تعديل خطابه السياسي الموجه للحزب، وقد يكون هذا الامر عائداً لشعوره بأن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي بدأ يتراجع عن ترشيح فرنجية، في ظل علاقة ايجابية، باتت تربطه بعين التينة التي يعمل باسيل من اجل انجاح حوارها. يظن باسيل أن مرحلة سليمان فرنجية قد انتهت، وهو يسّر بذلك للمقربين منه، وعليه لم يعد هناك اي داعٍ للضغط على الحزب مخافة خسارته، لا بل يجب التقرب من حارة حريك بغية الوصول الى تسوية مشتركة توصل شخصية مقبولة الى قصر بعبدا.
 
لكن باسيل الذي يرغب بشكل دائم في المشاركة بالمحاصصة الادارية والسياسية، بات امام ازمة الخطابات المتناقضة. فتارة يعادي رئيس المجلس من اجل الرؤية المختلفة حول ادارة البلد، وطوراً يسوق له لحواره الذي يظن المسيحيون أنه يحجم دور رئاسة الجمهورية ويرثها، وتارة يدعم سلاح الحزب ويسوق له ويهلل لانجازاته، وطوراً يعمل بشكل لافت على رفع الغطاء المسيحي بالكامل عنه ويخوض معركة اعلامية ضده في عزّ الحرب المندلعة في جنوب لبنان ما يوصل العلاقة بينه وبين حليفه السابق الى حافة الهاوية فعلاً.
 
لم يحسم باسيل خياره السياسي بعد، اذ انه يشعر بأن الخطاب اليميني يقدم له الكثير من الفرص للتقدم الشعبي ولا يمكنه بسهولة العودة للخطاب المتماهي مع قوى الثامن من اذار، لكن في الوقت نفسه فإن التقارب الحاسم مع الحزب والحصول على مكاسب سلطوية بعد التسوية لا يمكن الاستغناء عنه لان التيار سيصبح عندها حزباً ضعيفاً ليس لديه القدرة على التأثير في المشهد العام، خصوصا بعد الانتخابات النيابية المقبلة التي من المتوقع ان يخسر فيها باسيل عددا كبيرا من النواب من كتلته.
 
خلال المرحلة المقبلة سيظهر خيط باسيل الابيض من خيطه الاسود، وسيدرك الرجل نجاح خطته بالانفتاح على بري وتالياً على الثنائي الشيعي بالتوازي مع تراجع حظوظ فرنجية، وفي الوقت نفسه سيتأكد من امكانية ان يكون لديه علاقات واسعة مع قوى المعارضة التي قد تتقبل مع الوقت التقارب مع باسيل، وإن بالحد الادنى. باسيل اليوم لديه تحدٍ اساسي في ظل ازمات داخلية حزبية، وسياسية وتحالفية، فهل يتمكن من تحقيق اتزان جدي في المرحلة المقبلة تمهيداً لكي يكون له دور في التسوية؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • أضف لمعلوماتك..أكثر الحيوانات والطيور التي شاركت في الحروب العالمية
  • ما الذي يُطَمْئِن حزب الله؟
  • عوراء وكبش فداء
  • حتمية السلام وهزيمة دعاة الحرب
  • باسيل مع حزب الله وضده!
  • كيف نظر العالم لثورة 30 يونيو فى مصر؟.. الدول العربية أيدت الأمر لمعرفتها بخطر الجماعات الظلامية
  • حول الأوضاع في السودان ونقد موقف حكومة الأمر الواقع
  • بعد هدية الكويت .. مسؤول حكومي: العالم يثق بالرئيس العليمي ولن يقتصر الأمر على ثلاث طائرات
  • حروب 2023 تضع الأمن الغذائي العالمي على المحك.. ما علاقة المناخ؟
  • أميركا ترصد مكافأة 5 ملايين دولار للوصول إلى أخطر امرأة في العالم