أخطر ما في الحروب هو فكرة الاعتياد عليها وما فيها من بشاعات وقذارات، ومآسٍ، وويلات، وكوارث. فكما يعتاد السجين على سجنه، وتنشأ بينه وبين سجّانه علاقة لم يستطع العلم النفسي تفسيرها علميًا، وإن كانت مرتبطة بما يُعرف بـ "متلازمة ستوكهولم"، كذلك الأمر بين المعتدي والمُعتدى عليه، بحيث يصبح هذا الاعتياد نوعًا من أنواع الصمود والدفاع عن النفس.
ففكرة الاعتياد على الحرب قد تنتقل عدواها من ساحات القتال إلى الساحات الإعلامية، بحيث لا يعود الخبر عنها مع مرور الوقت يحتّل المقام الأول في نشرات الأخبار والتعليقات والتحليلات. وأكبر دليل على ما يحدثه هذا الاعتياد هو ما نلاحظه من تلاشي الاهتمام بما يجري على أرض أوكرانيا، حيث لم يعد أحد يسمع شيئًا عمّا يحصل فيها، بينما كانت أخبارها تتصدّر عناوين الصحف على ما عداها من أخبار أخرى قبل اندلاع الحرب على غزة. فما يحصل في غزة من مجازر وإبادة جماعية منذ 22 يومًا من دون انقطاع لا يمكن الاعتياد عليه سوى بالنسبة إلى العالم المنغمس حتى أذنيه في ما هو مرسوم لقطاع غزة في الدرجة الأولى، وللضفة الغربية لاحقًا، وربما لما يخطّط له العدو لجنوب لبنان في مراحل متقدمة. فهذا العالم الذي يصمّ آذانه عن أنين الأطفال والنساء والشيوخ في غزة المدمرة، والذي يشيح بنظره عن مشاهد القتل الجماعي والممنهج، مع توالي سقوط الشهداء والمصابين، وقد بلغت أعداهم الآلاف، لا يقيس الأمر بميزان العدالة وحقوق الانسان، وبالأخص حقوق الشعب الفلسطيني، الذي يناضل من أجل أن يكون له وطن يعيش فيه بحرية وأمان وسلام. وهذا الأمر لن يتحقّق إلا عندما يتوقف صوت المدفع، وتُردع آلة القتل الجماعي، وعندما يقتنع هذا العالم بأن هناك شعبًا يستحق الحياة كسائر شعوب العالم، وعندما يتغّلب منطق العقل على المنطق القائم على التصفية الجسدية، وعندما يعرف الجميع أن الدّم المهدور في غزة يستسقي المزيد من الدماء والجراح، أو عندما تسود العدالة الإنسانية، شمالًا وجنوبًا، بكل ما ترمز إليه. فالحّل لن يكون بتهجير أهل غزة وأهل الضفة إلى المجهول، بل بالعودة إلى مبادرة السلام، التي أطلقها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز من بيروت، والتي تطالب بسلام عادل وشامل، قوامه "حلّ الدولتين". فمن دون هذا الحلّ، وهو الوحيد، لن يكون سلام لا في فلسطين، ولا في لبنان، ولا في إسرائيل، ولا في أي مكان من العالم.
وما بدأنا نشهده من هجمات ضد المواقع الأميركية في المنطقة ليس سوى البداية، وإن يكن الحفاظ على الحالة القائمة منذ اندلاع الحرب وحتى اللحظة هو السائد حاليًا، من خلال استهداف "حزب الله" المحدود للمستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، مع الإبقاء على دور داعم للفصائل الفلسطينية في لبنان وتمكينهم من القيام بعمليات ضد إسرائيل سواء بإطلاق الصواريخ أو محاولات التسلل. فهذا "الستاتيكو" لا يعني بالضرورة انتفاء فكرة اندلاع حرب واسعة على الجبهة الجنوبية، ولكن الاتصالات التي يقوم بها لبنان مع عواصم القرار كشفت بما لا يقبل الشك بأن كلًا من "حزب الله" والعدو الإسرائيلي يحسبان جيدًا ما يمكن أن ينتج عن هذه الحرب من خسائر في البشر قبل الحجر، مع أهمية ما للبشر من قيمة إنسانية سامية أولًا، ومن ثم ما للحجر من قيمة اقتصادية، لأن جميع الأطراف مأزومون، وستكون النتيجة كارثية على الجميع، خصوصًا أن أعداد الشهداء، الذين سقطوا للحزب منذ بداية المناوشات، قد تخطّت المعدلات النسبية قياسًا إلى أعداد لشهداء الذين سقطوا في حرب تموز، ولم تكن مجرد مناوشات. وهذا ما تدركه القيادة العسكرية في المقاومة، وتعمل بكل الإمكانات المتاحة والمتوافرة لتلافي هذا الأمر قبل بدء أي معركة كبرى. فهل تبدأ؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
صنعاء ترفع حالة التأهب القصوى استعداداً لتنفيذ هذا الأمر.. هذا ما سيحدث خلال الساعات القادمة
الجديد برس|
كشفت اليمن، الاثنين، حالة تأهب قصوى لتصعيد عسكري محتمل ..
يتزامن ذلك مع عودة الحصار على غزة.
وقال نصر الدين عامر، رئيس وكالة سبأ الرسمية في صنعاء، إن كافة الوحدات العسكرية على أهبة الاستعداد ، مشيرا إلى أن العين ترقب غزة تحسبا لأي طارئ .. واشار أيضا إلى أن اليد على “الزناد” في إشارة إلى استعداد اليمن لتوجيه ضربة عسكرية في حال عادت الحرب على غزة.
واعتبر بن عامر توجيهات قائد حركة انصار الله الأخيرة عبدالملك الحوثي بانها كانت واضحة.
وكان قائد انصار الله اكد في اخر خطاباته بالعودة بقوة لإسناد غزة في حال عاد الحرب والحصار.
وبدا الاحتلال الإسرائيلي منذ الاحد تصعيد جديد على القطاع مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق غزة.
وفرض الاحتلال حصار جديد بمنعه دخول المساعدات في حين هددت قياداته على راسها وزير المالية اليميني المتطرف سموترتش باستعدادات لقطع الماء والكهرباء عن القطاع مع العودة للحرب مجددا.
ويتوقع ان يدفع التصعيد الجديد جبهات الاسناد في المنطقة على راسها اليمن للعودة بقوة خصوصا وان صنعاء سبق وان ربطت قرارها وقف العمليات المساندة لغزة بمدى التزام الاحتلال وحلفائه باتفاق وق اطلاق النار ورفع الحصار.
ونجحت اليمن على مدى اكثر من عام من فرض حصار بحري على الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر وصولا إلى المتوسط رغم محاولات اطراف أمريكية – بريطانية لفك الحصار بالقوة .. كما صعدت القوات اليمنية عملياتها باستهداف عاصمة الاحتلال مع دخول المرحلة الخامسة من التصعيد حيز التنفيذ.
واستعرضت اليمن خلال مراحل المواجهة المختلفة أسلحة متطورة منها صواريخ فرط صوتية وطائرات مسرة قطعت اكثر من الفي ونصف كليومتر ونجحت باختراق الدفاعات الصهيونية والغربية المتطورة.
ويتوقع ان تدشن اليمن أسلحة جديدة في حال عادت الحرب .