تقرير: لماذا أعادت أمريكا تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية" مجددا في هذا التوقيت؟
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تقرير يتناول مشروع قرار إعادة تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية" مجددا في هذا التوقيت..
ما دلالة توقيت الإعلان عن إعادة طرح مشروع قرار أمريكي بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية؟
ما مدى إمكانية تنفيذ ذلك في ظل الحديث الذي يجري عن تسوية سياسية في البلاد؟
هل يضيف مشروع القرار في حالة إقراره تعقيدا آخر لمسار السلام والتسوية في اليمن؟
ما مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة الالتزام بهذا التصنيف؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
تسود تساؤلات في الأواسط السياسية اليمنية، وذلك باعتزام إدارة الرئيس الأمريكي بايدن إعادة مشروع قانون أمريكي جديد، يعيد تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية، مما شأنه أن يزيد من تعقيد عملية السلام المتعثرة أصلا في البلاد، التي تعاني من حرب مستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، عندما سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء سبتمبر 2014م.
ويأتي إعادة تصنيف مليشيا الحوثيين منظمة إرهابية، بعد رفع هذا التصنيف من قبل إدارة الرئيس بايدن في 16 فبراير 2021م، إذ قدم مشروع قانون جديد إلى الكونجرس الأمريكي الثلاثاء الماضي، لتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية في الولايات المتحدة، بعد أيام من اعتراض مدمرة أمريكية صواريخ وطائرات مسيّرة للحوثيين يعتقد أنها كانت متجهة إلى إسرائيل.
وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب قد فرضت تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية في آخر يوم لها في السلطة 19 يناير 2022م، على الرغم حينها من التحذيرات من الحكومات الغربية والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الفاعلة، كون هذا القرار قد يدفع البلاد إلى المزيد من توسيع رقعة الحرب في اليمن، والوصول إلى المجاعة واسعة النطاق.
وشمل رفع التصنيف حينها ثلاثة من زعماء المليشيا الحوثية وهم عبد الملك الحوثي وعبد الخالق بدر الدين الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم.
> الحوثيون إرهابيون مجددا
يعيد النائب عن الحزب الجمهوري أندرو كلايد مشروع قانون جديد أطلق عليه مسمى "قانون الوقوف ضد عدوان الحوثيين"، والذي من شأنه أن يعيد فرض العقوبات المفروضة على جماعة الحوثي المسلحة على أنها منظمة إرهابية أجنبية.
ويشير مشروع القانون إلى هجمات الحوثيين العابرة للحدود على حلفاء الولايات المتحدة بما فيها منشآت النفط السعودية.
ويفرض القانون في حال إقراره تصنيف الحوثيين على أنه منظمة إرهابية أجنبية في موعد لا يتجاوز 90 يومًا.
وكانت إدارة الرئيس جو بايدن قد عكست قرار سياسة إدارة سلفه دونالد ترامب، بإزالة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية وقوائم الإرهابيين العالمية.
وينخرط "الحوثيون" بوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في أبريل 2022 بموجب الهدنة الموسعة والذي أدى إلى انخفاض القتال نسبيا في الجبهات.
واستضافت السعودية مؤخرا ممثلين عن الحوثيين لإجراء محادثات استمرت عدة أيام، في أول زيارة رسمية لوفد من الحوثيين إلى المملكة منذ عام 2014.
ويرى مراقبون أن مشروع هذا القرار إذ تم تمريره، من شأنه أن يزيد تعقيد عملية السلام في البلاد التي تعاني من حرب مستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، عندما سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء سبتمبر 2014م.
وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن الثلاثاء الماضي، إنه يخشى أن تهدد الأزمة في غزة ما أسماه "التقدم نحو السلام" بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً، قائلا إن احتمال انجرار البلاد إلى الصراع في غزة هو "أسوأ مخاوفه".
وواجه رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب من قبل إدارة الرئيس بايدن في فبراير 2021م حينها، انتقادات من الحكومة اليمنية وحلفائها في دول مجلس التعاون الخليجي، في الوقت الذي بررت إدارة بايدن هذا الإجراء برفع "الحوثيين "من القائمة، بإن تصنيف الجماعة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 5000 فلسطيني، واصلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقديم الدعم العسكري والمالي للاحتلال الإسرائيلي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر نقلت مواقع إخبارية أمريكية وإسرائيلية عن اعتراض المدمرة (يو إس إس كارني)، وهي مدمرة صواريخ موجهة تابعة للبحرية الأمريكية في شمال البحر الأحمر، ثلاثة صواريخ وعدة طائرات مسيرة أطلقتها مليشيا الحوثي من اليمن، قال عنها البنتاغون إنها ربما كانت متجهة نحو إسرائيل.
وقال وزير الخارجية الأمريكية "بلينكن" إن الولايات المتحدة تراقب برامج الحوثيين، وتعكف على تحديد أهداف جديدة للعقوبات، ولا سيما الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر بالتعاون مع السعودية.
ويرى محللون سياسيون، أنه ومنذ صعود الرئيس الأمريكي بايدن بدت الأزمة اليمنية في أجندة الإدارة الأمريكية محورا بارزا، في التقارير والتحليلات ومراكز الدراسات ووسائل الإعلام الإسرائيلية، وحثت تلك التقارير على إعادة تصنيف جماعة الحوثيين المسلحة في قوائم الإرهاب، وإعادة الحرب في اليمن إلى أجندة السياسيين الأمريكيين الذين اهتموا أكثر بالحرب في أوكرانيا، ولاسيما منذ أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر الجاري، وهو الأمر الذي جعل من إعادة تصنيف جماعة الحوثيين مجددا يعود إلى الواجهة.
> ما مدى جدية أمريكا هذه المرة؟
وعقب استهداف مليشيا الحوثي موانئ تصدير النفط في أكتوبر من العام 2022م، دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي ودول العالم وشركاءها في مكافحة الإرهاب، إلى ضرورة تصنيف ميليشيات الحوثي منظمة إرهابية، وحظر الاتصالات معها وتجفيف منابع تمويلها، بسبب استمرارها في إطلاق الهجمات الإرهابية وانتهاج التصعيد.
وقالت الحكومة المعترف بها دوليا إن استكمال إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة الدولة وتنفيذ القرارات الدولية الملزمة، بات الطريق الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة وتأمين الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة وحركة التجارة العالمية.
وأكدت الحكومة اليمنية أن الميليشيات الإرهابية، المدعومة من إيران مصرة على تدشين مرحلة أكثر إجراماً من الحرب، خاصة بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت مينائي الضبة النفطي ورضوم ما يهدد الملاحة الدولية، مشيرة إلى أن الحوثيين يواصلون في التصعيد على الرغم من دعوات السلام والتحركات الأممية والدولية من أجله ومساعي تمديد الهدنة الأممية، وهو ما يكشف حقيقتهم، ويؤكد بصورة واضحة خطأ وخطورة تجاهل الطبيعة الإرهابية للميليشيات الحوثية.
وجددت حكومة اليمن تأكيدها على أهمية الحرص على اتخاذ تدابير عملية تضمن عدم تأثير قرار تصنيف ميليشيات الحوثي منظمة إرهابية في النشاط التجاري والقطاع الخاص الوطني وسلاسة تدفق المواد والسلع الغذائية، للمحافظة على حياة اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الإرهابية.
واليوم ومع إعادة طرح التصنيف مجددا، يشك كثيرون من جدوى هذه الخطوة الأمريكية، كونها تتعارض مع سياسات إدارة الرئيس الأمريكي بايدن تجاه "الحوثيين" منذ صعوده إلى السلطة في البيت الأبيض فبراير 2022م.
وعقب رفع التصنيف الأمريكي في العام 2021م، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية لصحيفة The Hill يتحمل الحوثيون مسؤولية كبيرة عن الكارثة الإنسانية وانعدام الأمن في اليمن، ونعتقد بقوة أنهم بحاجة إلى تغيير سلوكهم.
وترى الصحيفة أن من شأن مشروع القانون الجديد أن يتعارض مع تغيير السياسة التي نفذتها إدارة بايدن في فبراير 2022م، بإزالة الحوثيين من قوائم الإرهابيين العالميين والمنظمات الإرهابية الأجنبية المصنفة أمريكيا.
وزعم منتقدو التصنيف الأولي لتصنيف الجماعة مليشيا إرهابية، أنه كان من الممكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، مما يزيد من صعوبة توزيع المساعدات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ومنذ ذلك الحين ماتزال التداعيات الإنسانية نفسها، غير أن الذي تغير هي المستجدات الإقليمية والدولية الأخيرة وموقف الإدارة الأمريكية من مليشيا الحوثي كذراع إيراني في المنطقة العربية وموقفها الأخير بالتهديد بأمن البحر الأحمر ومزاعمها باستهداف إسرائيل بالصواريخ قبل أيام من هذا الشهر.
وفي نفس السياق نقلت فوكس نيوز الأمريكية عن خبراء قولهم إن الشرق الأوسط يدفع ثمن قيام بايدن بإزالة البيت الأبيض للحوثيين من قائمة الإرهاب.
ووفق الصحيفة، فإن النقاد حثوا الولايات المتحدة على النظر في إعادة تصنيف الحوثيين في اليمن كمنظمة إرهابية، حيث شنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد الأصول العسكرية الأمريكية، حد قوله.
وقال بهنام بن طالبلو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "بالقول والفعل، يثبت الحوثيون في اليمن للعالم ارتباطهم بمحور المقاومة الإيراني ولماذا كان ينبغي أن يبقوا على قائمة الإرهاب الأمريكية"، مضيفا "إن توجيه اللكمات والفشل في محاسبة إيران ووكلائها حتى على المستوى الدبلوماسي، يظهر لك إلى أي مدى وصلت الأمور".
وصنفت إدارة ترامب في يناير 2021 "الحوثيين" منظمة إرهابية أجنبية بعد هجوم على مطار عدن، وقال وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو عن التصنيف، إنه إذا لم يتصرف الحوثيون "كمنظمة إرهابية، فلن نصنفهم كمنظمة إرهابية أجنبية".
وفي وقت سابق من هذا العام، وافقت إيران على وقف إرسال الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن كجزء من صفقة لتطبيع العلاقات بين طهران والرياض في صفقة دبلوماسية تاريخية بوساطة صينية.
وقد دعم كلا البلدين جوانب مختلفة من الصراع اليمني، لكن المملكة العربية السعودية، اتهمت إيران منذ فترة طويلة باستخدام الحوثيين لمهاجمة المملكة السعودية مباشرة، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال.
وحذر كثيرون من عواقب السماح للنظام الإيراني، ليس فقط بمواصلة تشغيل أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم مع إغلاق كاميرات المراقبة النووية، ومنع مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المنطقة، ولكن أيضًا بالسماح للنظام بمواصلة "سلوكه السيئ" في الداخل والخارج، حسبما قالت ليزا دفتري، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط ورئيسة تحرير مجلة "فورين ديسك"، لشبكة فوكس نيوز ديجيتال.
أخيرا... تظل التساؤلات مشروعة عن مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة التصنيف هذا المرة والشروع في تطبيقه، في ظل التخادم المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ومليشياتها في المنطقة، ولعل الأمر يأتي في نظر كثيرين في سياق تبادل أوراق الضغط بين الطرفين، وتوظيف أحداث سياسية في المنطقة من بينها القضية الفلسطينية العادلة، من أجل الحصول على تقاسم النفوذ السياسي والاقتصادي بينهما.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الرئیس الأمریکی تصنیف الحوثیین ملیشیا الحوثی إدارة الرئیس الحوثیین من إعادة تصنیف الحوثی من فی الیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن والموقف الحازم.. تحديات المنطقة في ظل التهديدات الأمريكية والإسرائيلية
بعد قرابة شهر من الهدوء النسبي، لا تزال المنطقة تتأرجح على شفا انفجار كبير قد يغيّر مجريات الأحداث، وذلك بسبب عدم حسم كثير من الملفات، والسقوف العالية والضغوط الأمريكية والإسرائيلية التي تهدف إلى فرض حلول أحادية لصالح العدو الإسرائيلي، على حساب سيادة الدول العربية وحقوق الشعوب وتطلعاتها، وفي المقدمة الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، يهدد ترامب مجدداً باتخاذ “موقف صارم بشأن قطاع غزة السبت”، ويقول إنه “غير متأكد مما ستفعله إسرائيل”. ويأتي هذا التهديد بعد تعهد الوسطاء لوفد حماس إلى القاهرة بتجاوز العقبات، والضغط على العدو لتنفيذ التزاماته بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وما ترتب عليه من إعلان المقاومة تراجعها عن قرار تأجيل الإفراج عن الأسرى الصهاينة.
تصريحات ترامب الأخيرة تأتي في سياق التهديدات المتكررة، خصوصاً من الرئيس ترامب، بتوسيع نطاق الصراع، وفرض خطط الضم والتهجير القسري على الشعب الفلسطيني، وهو ما يهدد بنسف كل الاتفاقات الموقعة، ونسف جهود ومساعي الدول العربية الوسيطة (إذا افترضنا حسن النية) لمحاولة احتواء الموقف. لكن ما سرب عن الخطة المصرية المدعومة سعودياً وإماراتياً ليس مبشراً، وإن تضمّنت تلك الخطة إعادة إعمار غزة وعدم تهجير أهلها، لكن فكرة إلغاء حماس من المشهد في غزة مرفوضة وغير منطقية ولا واقعية، كما لا يجوز أن تتبنى دول عربية مثل هذه الطروحات.
أمام الوضع والتحديات الراهنة، تبرز التظاهرات والتصريحات اليمنية من مختلف المستويات، لتعكس موقفاً حازماً في التصدي لمخططات التهجير والضم والإلغاء والشطب لأي من حركات المقاومة، وترفض بشكل قاطع أي انتهاك لحقوق الفلسطينيين ووجودهم.
في إطار التصعيد الأخير، قررت المقاومة الفلسطينية الإفراج عن الأسرى الصهاينة، بعد أن قدم الوسطاء تعهدات بتجاوز العقبات الصهيونية، ومهددات الاتفاق من دون تلكؤ ولا مماطلة. لا يبدو العدو جاداً في تنفيذ الاتفاق بشكل كامل وسلس، كما أن الموقف الأمريكي متناقض بشكل صارخ، ففيما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدّعي أنه هو الوسيط الذي يعمل من أجل تحقيق السلام في المنطقة، ويعطي لنفسه الفضل في وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، فإن تصريحاته الأخيرة بخصوص تهجير سكان غزة لا تهدد الاتفاق فحسب، بل تهدد بإشعال حرب جديدة وواسعة في المنطقة، خصوصاً أنه لم يُظهِر تراجعاً عن خطته المرفوضة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، تلك الخطة التي تشمل تهجير سكان غزة وضم الضفة الغربية إلى كيان العدو الإسرائيلي، وتهدف إلى تمرير خطة أحادية الجانب تتجاهل الحقوق الفلسطينية، وتدعم النبوءات التلمودية في توسيع المغتصبات وضم الأراضي الفلسطينية بالقوة. وإن قرر تأجيل خطة التهجير أو حصل على مكاسب مرحلية للعدو، كما تسرب عن الخطة (المصرية _ العربية)، ذات النكهة الأمريكية، فإن مخطط ضم الضفة وما تشهده من أكبر عملية تهجير، يمثل عامل تفجير إضافياً، فالمقاومة الفلسطينية لن تسكت كما أن جبهات الإسناد، وخصوصاً اليمن، لن ترضى بتمرير ذلك، ما قد يدفع نحو تفجير الوضع من جديد.
وعلى المقلب الآخر، لا يزال المشهد في جنوب لبنان ضبابياً بخصوص استحقاق الثامن عشر من شباط/فبراير وانسحاب قوات العدو الإسرائيلي المحتل، رغم الرفض اللبناني الرسمي والشعبي المعلن لأي تمديد إضافي، ورغم تقديم الفرنسي سلماً للنزول الإسرائيلي من على الشجرة، وتسريع انسحابه من النقاط المتبقية جنوب لبنان.
الموقف الأمريكي يمثّل الوجه الآخر للصهيونية، رغم ادعاء ترامب “الحرص على السلام”، فإن الواقع يفضح هذا الادعاء الزائف ويكشف خطواته المتناقضة تماماً، إذ يقدم الدعم العسكري والسياسي والمالي للمجرمين الصهاينة، ويتبنى طروحاتهم ومشاريعهم التلمودية ويضغط على الدول العربية، مثل مصر والأردن، لتكون جزءاً من هذه المخططات تحت طائلة التهديد بقطع الدعم المالي عنها إذا رفضت إملاءاته وخططه الرعناء. وهذا يكشف نية عدوانية استعلائية حقيقية لتوسيع نطاق الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
الموقف اليمني: موقف حازم ورؤية استراتيجية
في ظل هذا التصعيد، يأتي الموقف اليمني بقيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليشكل رداً قوياً ضد تلك المخططات، إذ أعلن السيد عبد الملك، قبل أيام، بوضوح استعداد اليمن للتدخل العسكري، إذا ما تم تنفيذ خطط تهجير الفلسطينيين بالقوة، أو نكث العدو بالاتفاق وعاد إلى التصعيد مجدداً في غزة أو لبنان. المواقف التي يعلنها السيد عبد الملك ليست مجرد حرب نفسية وتهديدات جوفاء، بل تأتي في إطار التنسيق المستمر مع فصائل المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة، والتشديد على موقف ثابت لا يتغير في مواجهة أي محاولات لفرض حلول أحادية تتجاهل حقوق الشعوب.
في هذا السياق، يمكن فهم الموقف اليمني أنه موجّه ليس فقط ضد العدو الإسرائيلي، بل ضد المنظومة السياسية الأمريكية التي تدير اللعبة بشكل أحادي. ويدرك السيد عبد الملك تماماً أن الاستمرار في تجاهل حقوق الفلسطينيين سيؤدي إلى مزيد من التصعيد، وهذا ما يسعى اليمن إلى تفاديه عبر تأكيد جاهزية اليمن للمشاركة في أي مواجهة عسكرية مقبلة، إذا تطلب الأمر.
التحديات أمام الحلول السياسية
في الوقت الذي تزداد فيه التهديدات من الولايات المتحدة و”إسرائيل”، تظل القضية الفلسطينية في دائرة الضوء. وقد أثبتت المقاومة الفلسطينية في غزة موقفها الثابت في عدم التنازل عن أي من حقوقها، فعلى الرغم من الضغوط والتهديدات الأمريكية، لا يزال الموقف الفلسطيني راسخاً في رفض التنازل عن أي من عناصر القوة، وهو ما يعكس روح التحدي والصمود في مواجهة التهديدات. فيما يظل السؤال الأهم: هل سيصمد الموقف العربي، هل سيعلن (لا) عريضة في وجه ترامب؟ وهل ستنجح الجهود الدولية في إلزام العدو الإسرائيلي بتنفيذ تعهداته في اتفاقات وقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان؟ الأيام والليالي والميدان كفيلة بالإجابة عن كل هذه التساؤلات.
وإلى ذلكم الحين، يبقى الموقف اليمن على قدر كبير من الأهمية والمسؤولية في آن معاً، فهو يمثل صوتاً قوياً ونقطة فاصلة، في وجه مخططات الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ويؤكد ضرورة وحدة الموقف العربي الإسلامي والتمسك بحقوق الشعوب في مواجهة الاعتداءات والتجاوزات، وإلا ستكون المنطقة أمام مشكلة لا تهدد فلسطين وحدها، بل تشكل تهديداً وجودياً للجميع.