الخليج الجديد:
2024-09-18@05:55:00 GMT

فلسطين.. في التذكير بما هو بدهي!

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

فلسطين.. في التذكير بما هو بدهي!

فلسطين... في التذكير بما هو بدهي!

الفلسطينيون ذهبوا إلى أوسلو قبل ثلاثين عامًا ليعودوا بوعد لم يتحقق أبدًا.

من اليهود الأصدقاء من يتبنّى الموقف ذاته من الاحتلال الصهيوني والممارسات العنصرية و"الجدار" و"الضم".

لا أمن ولا أمان ولا شرق أوسط مستقرًا بلا إنهاء للاحتلال وعودة الحقوق لأصحابها والامتثال للشرعية الدولية.

استحضر الإسرائيليون خبراتهم في الاستفادة الدعائية من مذابح الهولوكوست، فبدأت آلاتهم الإعلامية في ضخّ الأكاذيب.

"القضية لم تنتهِ"، رغم كل الاتفاقات والتوقيعات ورغم حصار 17 عامًا، ورغم الدماء وعشرات آلاف الضحايا على مدى 75 عامًا.

* * *

مُغتًرًا بقوّته، وصفقاته "الترامبية"، وهيمنته المتَصوّرة، ومحتفيًا بالتطبيع العربي المجاني، ومبشّرًا أو طامعًا بشرق أوسط جديد تكون إسرائيل مركزه، كان نتنياهو واضحًا، حين وقف على منصة الأمم المتحدة في سبتمبر ليقول إنّ "القضية قد انتهت.. وليس للفلسطينيين حق الاعتراض".

بعدها؛ بأسبوعين فقط، وبرسالة بطعم الاستشهاد دفاعًا عن "حق الاعتراض"، كانت رسالة الفلسطينيين أيضًا واضحة لنتنياهو، والذين معه. عنوانها الكبير: "القضية لم تنتهِ"، رغم كل الاتفاقات والتوقيعات (من غير ذوي العلاقة)، ورغم حصار السبعة عشر عامًا، ورغم الدماء وآلاف الضحايا على مدى 75 عامًا. وأن لا أمن ولا أمان ولا شرق أوسط مستقرًا بلا إنهاء للاحتلال وعودة الحقوق لأصحابها والامتثال للشرعية الدولية.

لا جديد في الرسالة الفلسطينية، فمقاومة الاحتلال عرفناها في التاريخ الإنساني كلّه، ليس بداية من المقاومة الأوروبية "المسلحة" للاحتلال النازي، وليس نهاية بمقاومة الأوكرانيين "المسلحة" للغزو السوفياتي.

نفهم أنّ اعتبارات انتخابية، وتحيّزات أيديولوجية، وتوجسات إيرانية حكمت الموقف الأمريكي، فلم يتردد أنتوني بلينكن أن يقول إنه جاء إلى المنطقة "كيهودي"، في استحضار صارخ للعقيدة الدينية في غير موضعها.

ونفهم أنّ موروثًا تاريخيًا يُثقله "الإحساسُ بالذنب" كان وراء التصريحات والمواقف الألمانية. ونفهم أنّ رواسب ثقافة استعمارية حكمت التحركات البريطانية في المتوسط، والتصريحات "الماكرونية" في الإليزيه، ولكن ما بدا من مواقف "وبيانات عربية"؛ متردّدة، أو حتى متواطئة (للأسف) كان صادمًا.

خاصة أنه تسلل من أروقة القصور (ملكية وجمهورية)، والتي نعرف حساباتها (طمعًا أو ضعفًا)، إلى أقلام البعض، وشاشات التلفاز، وساحات التواصل الاجتماعي الواسعة المفتوحة أمام أسراب الذباب الإلكتروني، والمحاولة الصهيونية الممنهجة والمستمرة لغسيل العقل العربي؛ محوًا للذاكرة، ومخاصمةً للمنطق.

استحضر الإسرائيليون خبراتهم القديمة في الاستفادة الدعائية من مذابح الهولوكوست، فبدأت آلاتهم الإعلامية الضخمة، في ضخّ الأكاذيب، بدايةً من القصة الكاذبة لذبح الأطفال الأربعين، التي ردّدها بايدن قبل أن يسارع مكتبه للتراجع عتها، وليس نهايةً بمحاولة الربط بين "حماس" وتنظيم "داعش"، إلى حد ترويج صور مكذوبة لأعلام التنظيم السوداء بزعم أن مقاتلي "حماس" (الذين نعرف اعتزازهم بأعلامهم الخضراء) تركوها وراءهم.

لسنا بحاجة إلى تذكيرنا ببدهية أن لا منطق في الدفاع عن استهداف "المدنيين العزّل"، ولكن وحتى بعيدًا عن إشكالية التعريف في الواقع الإسرائيلي الذي يحمل المستوطنون/المستعمرون "المدنيون" فيه السلاح، ويستخدمونه؛ ترهيبًا وقتلًا، وحرقًا للبيوت والمزارع (قبل يومين فقط أطلقوا النار على جنازة في نابلس المحتلّة فقتلوا فلسطينيين بين المشيّعين)، وبعيدًا عن ضرورة العودة إلى القرارات الدولية للتمييز بين "دولة الاحتلال"، والمواطنين تحت الاحتلال، وبين الضوابط القانونية لسلوك "الجيش النظامي" مقابل "جماعات المقاومة المسلّحة".

فلا منطق أيضًا في السكوت عن حقيقة أنّ "جيش الاحتلال" قتل في حربه على غزة 2014 بصواريخه "دقيقة التصويب" ما يربو على 2200 من المدنيين، بينهم 548 من الأطفال والرضّع و360 من النساء والشيوخ (الأرقام لمنظمة بتسيلم الإسرائيلية)، ناهيك عن القتل اليومي في الأشهر الأخيرة في غزة، والضفة الغربية (المحتلّة - وفق مقررات القانون الدولي).

كما لا منطق في أن ننسى السجل الطويل من المذابح، وجرائم الحرب بحق المدنيين الفلسطينيين على مدى ثمانية عقود، والتي وثّقها الإسرائيليون أنفسهم، من ذلك تسميمهم لآبار القرى العربية عام 1948 وهو ما كشفت عنه بالوثائق، الصحافة الإسرائيلية (Haaretz)، ومنها ما جرى في كفر قاسم 1956 وكشف عنه العراقي اليهودي لطيف دوري تحت عنوان "حصاد الدم".

كما لا منطق في أن ننسى ما يُذكّرنا به كتّابٌ إسرائيليون مثل جدعون ليفي، وعميرة هاس في "هآرتس" الإسرائيلية، عن ما يقوم به جيش الاحتلال، والمستوطنون المسلّحون "المدنيون" من عمليات التطهير العرقي، ومصادرة الأراضي، واقتلاع العيون وتهشيم الوجوه، فضلًا عن الإذلال اليومي للفلسطينيين المدنيين، وعن الأبارتاهيد، والسجون المكتظة بالآلاف بلا محاكمة (نُذكّر بأنّ هؤلاء مواطنون تحت الاحتلال، فهل يحق لدولة الاحتلال محاكمتهم هكذا).

رغم كل ذلك، وتفصيله ممل، تذهب الآلة الإعلامية الإسرائيلية، ومعها المغَيبون، والمغِيبون إلى القول بأن "لا فائدة لأعمال المقاومة تلك… والتي لا نتيجة لها غير قتل مزيد من الفلسطينيين وتدمير بيوتهم". ونسي هؤلاء الناصحون أنّ الجزائر لم تتحرّر إلا بعد أن قدّمت مليونًا من الشهداء.

وكذلك الحال في المدن والقرى الأوروبية التي واجهت النازي. كما غفل هؤلاء الناصحون عن حقيقة أنّ الفلسطينيين ذهبوا إلى أوسلو قبل ثلاثين عامًا ليعودوا بوعد لم يتحقق أبدًا "حل نهائي خلال خمسة أعوام يسفر عن دولة مستقلة قابلة للحياة".

وأنّ العرب اختاروا السلام في بيروت عام 2002 (مبادرة الملك عبد الله) التي لم يرد عليها الإسرائيليون إلا بتغيير الواقع على الأرض إستيطانًا، وتهجيرًا قسريًا، وجدرانًا عازلة، وتطبيعًا مجانيًا مع "الأشقاء"… ثم بإعلان نتنياهو الأخير عن "نهاية القضية".

يقول البعض، في مصر وغيرها: "ما لنا وما للفلسطينيين. هذه ليست قضيتنا.. بيننا وبين الإسرائيليين معاهدة سلام". ولهم أقول: بل قضيتنا، إذا أدركنا المعايير الحقيقية للأمن "القومي"، وإذا استمعنا لخطاب بنيامين نتنياهو جيدًا، وإذا أمعنا النظر في خطة شيمون بيريز للشرق الأوسط الجديد.

وإذا قرأنا جمال حمدان، ومحمد حسنين هيكل، وطارق البشري. وقبل ذلك كلّه، تذكّرنا أنّ المذابح الإسرائيلية للفلسطينيين سبقها مذابح إسرائيلية للمصريين تُعد جرائم حرب كشفت عنها الوثائق والصحف الإسرائيلية لا غيرها، منها ما جرى من قتل للأسرى المصريين الأحياء في 1967. (راجع ما فعله الإسرائيليون بالأسرى المصريين في حرب 1967)

لم تترك آلة البروباجندا الإسرائيلية ركنًا إلا وذهبت إليه، ولم تألو جهدًا في أن تستخفّ بعقولنا إلى درجة أنّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لم يتردّد فى أن يعلّق (على صفحته الرسمية) على الضربات الصاروخية التي استهدفت المدنيين في غزة بالآية القرآنية الكريمة: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ الأنفال 17.

الاستخدام الديني، أو قل "الافتراء الديني" في حرب غسيل العقول تلك، بدأه الإسرائيليون منذ أشهر طويلة، فوجدنا من يخلط عمدًا (وبينهم نخب عربية للأسف) بين "إسرائيل"؛ الكيان الصهيوني المحتل بحكم القانون الدولي، وبين "بني إسرائيل"؛ الذين ورد ذكرهم في القرآن.

ووجدنا من يروّج لحقّ الصهاينة المزعوم في أرض فلسطين، بالخلط المتعمد بين "إسرائيل/ يعقوب"؛ النبي، و"إسرائيل"؛ الكيان المحتل. رغبة في أن تنحرف البوصلة عن اتجاهها الصحيح ناسين أنّ مشكلتنا لم تكن يومًا مع اليهود؛ أتباع موسى عليه السلام، وإنما مع مع "دولة الاحتلال"؛ التوسّعية العنصرية، التي تهدّد أمننا القومي.

*أيمن الصياد كاتب صحفي، ومستشار رئاسي «سابق» (2012). مدير ورئيس تحرير «وجهات نظر»، منذ 2000.

المصدر | عروبة22

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل الاحتلال اليهود حماس داعش الكيان الصهيوني لا منطق

إقرأ أيضاً:

قراءة في ملف الاغتيالات الإسرائيلية

برغم أن ملف الاغتيال والقتل خارج القانون والاستهداف الانتقائي كلها من أساليب نظام الاحتلال، إلا أن بعض حالات القتل تتميز بفظاعتها من جهة وردود فعل بعض الجهات أو الدول من جهة ثانية.
وقد أصبح واضحا أن عيون العالم لا تذرف دموعها للقتل اليومي الذي يحصد أرواح المدنيين بشكل مكشوف خصوصا خلال العام الأخير. مع ذلك تحدث ضجة حين يكون الاستهداف وقحًا وفظًّا ويحمل سمات التحدي للجهات أو الدول التي ينتمي إليها الضحية. وقد جاء قتل الناشطة التركية الأمريكية، عائشة نور إزجي البالغة من العمر 26 عاما ليحرّك مشاعر الحكومة التركية نظرا لما فيه من تحدٍّ واستهتار.

ولكن السؤال: هل ستفعل تركيا شيئا؟ لم تكن الضحية عنصرا قياديا في مقاومة الاحتلال، ولكن مشاعرها الإنسانية دفعتها للمشاركة في احتجاج ضد التوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية.

واعتبرت وزارة الخارجية التركية أن عائشة «استُهدفت وقُتلت عمدا على يد جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية تضامنا مع الفلسطينيين».

الواضح أن القتل كان عملية اغتيال ميدانية، ولذلك فهي جريمة تقع ضمن «القتل خارج القانون».
والسؤال هنا: هل تمارس سلطات الاحتلال سياساتها ضمن القانون الدولي؟ أم أن الاحتلال نفسه ليس له صفة قانونية؟ ألا تعتبر الأمم المتحدة أن الوجود الإسرائيلي في الأراضي التي احتلت في العام 1967 غير قانوني؟ ولكن في عالم ليس فيه من يحمي القانون استمر احتلال تلك الأراضي قرابة العقود الستة ولا يلوح في الأفق احتمال إنهاء «إسرائيل» احتلال الضفة الغربية وغزة.

القتل أقسى ما يمكن أن يمارسه إنسان بحق آخر. ومنذ القدم كان البشر يتحدثون عن أن الإعدام هو عقوبة القتل. وجاء في شرائع الأمم السابقة «العين بالعين، والسن بالسن» حسب التعبير القرآني. والهدف من التشدد في العقوبة الردع عن إزهاق الأرواح وقتل الأنفس البريئة. ولكن التجربة البشرية تشير إلى أن الشر لا تردعه العقوبة حتى لو كانت الإعدام. هذا يؤكد قوة الشر وهيمنته على النفس الإنسانية، وضعف إرادة البعض أمام ما تعتبره «استفزازا» أو دفاعا عن النفس أو تصديا للآخر المناوئ.

 ومن الضروري التأكيد على أن القتل ليس ممارسة محبّبة لدى أغلبية البشر، فهو ممارسة مقززة تخافها النفوس الطيّبة ولا يقدم عليها ذوو العقل الراجح والأخلاق السامية. وقد حرّم الله الاعتداء على النفس فاعتبر قتل نفس واحدة بمثابة قتل الناس جميعا: من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا. إنه التشريع السماوي الهادف لكبح النزوات الشيطانية واستبدالها بنوازع الخير والصلاح. فما أحلى الحياة حين يسود الحب والتفاهم والإخاء والرأفة، وما أقساها إذا استحوذ الشيطان على النفوس وعاث في الأرض فسادا بانتشار ثقافة الانتقام والتشفّي خارج القانون.

وتجدر الإشارة إلى أن القانون وحده لا يكفي لردع البشر عن ارتكاب الموبقات. وتقل قوته الردعية حين يتجرّد الحاكم من إنسانيته ويستبدلها بالقسوة والعنف. يضاف إلى ذلك أن غياب الخوف من ردة الفعل والقدرة على إنفاذ حكم القانون يشجع ذوي السلطة على ارتكاب الفظاعات بحق البشر. وهذا ما يحدث في الأراضي المحتلة. وما قتل الشابة المذكورة إلا تأكيد لذلك.

هل غريب أن يُقتل أكثر من 41 ألفا من الفلسطينيين أمام مرأى العالم ومسمعه. هذا العدد لم يُقتل دفعة واحدة في يوم واحد، بل على مدى أحد عشر شهرا ضمن حملة عسكرية متواصلة لم يمتلك «العالم الحر» الجرأة أو الشجاعة أو الإنسانية للدعوة لوقفها
صحيح أن الحكومة التركية تعهدت بإجراءات ضد كيان الاحتلال، ولكن ليس ورادا أن يكون هناك رد فاعل ورادع حقا. ألم تقتل القوات الإسرائيلية في مايو 2010 عشرة من الأتراك الذين كانوا على ظهر سفينة «مرمرة» التي كانت تسعى لكسر الحصار على غزة؟ كان هناك احتجاج كبير ولكن لم يدفع المعتدون فاتورة جريمة قتل الأبرياء.
عندما استهدفت القوات الإسرائيلية الشابة الأمريكية راتشيل كوري في مارس 2003 وقتلتها عمدا، تجاهلت الحكومة الأمريكية تلك الجريمة ولم تتعرض قوات الاحتلال لرد حقيقي. كانت الشابة التي لم تكمل الرابعة والعشرين من العمر تحاول وقف جرافة عسكرية تابعة للقوات الإسرائيلية كانت تقوم بهدم مبان مدنية للفلسطينيين في مدينة رفح بقطاع غزة. وكان بإمكان سائق الجرّافة التوقف عندما اعترضت الشابة المتعاطفة مع القضية الفلسطينية طريقها، ولكنه لم يفعل، بل قتلها أمام كاميرات التصوير. يومها حدثت ضجة كبرى لما اعتبر «إعداما» وقع خارج القانون، واعتقد البعض أن أمريكا سوف تتخذ إجراءات ضد القتلة، ولكن لم يحدث شيء. الحديث هنا يدور حول مواطنة أمريكية مارست حقها في الاحتجاج السلمي ودفعت حياتها ثمنا لذلك على أيدي حليف مقرّب من أمريكا التي تدعمه بالمال والسلاح وتصر على ضمان أمنه وتفوقه العسكري على الجانب العربي.

فماذا يعني ذلك؟ أليس ذلك الموقف تشجيعا على ارتكاب المزيد من القتل خارج القانون؟ هل غريب بعد ذلك أن يُقتل أكثر من 41 ألفا من الفلسطينيين أمام مرأى العالم ومسمعه. هذا العدد لم يُقتل دفعة واحدة في يوم واحد، بل على مدى أحد عشر شهرا ضمن حملة عسكرية متواصلة لم يمتلك «العالم الحر» الجرأة أو الشجاعة أو الإنسانية للدعوة لوقفها. ما معنى ان يصمت إنسان أو حكومة أو مجتمع أو عالم على القتل الجماعي لآلاف المدنيين بشكل متواصل لم يتوقف يوما؟ كيف يمكن الحفاظ على أمن الكوكب وشعوبه من العقليات الشغوفة بالقتل والمصرّة على الانتقام بأبشع الأساليب؟

على مدى ثلاثة أرباع القرن لم تتوقف آلة الموت الإسرائيلية عن استهداف أهل فلسطين وكل من يمارس دورا ولو كان سياسيا لوقف عملها. هذه الآلة وسّعت نطاق عملها لتطال اغتيالاتها رموزا سياسية خارج حدود فلسطين، شملت لبنان والأردن ومصر والعراق وتونس ومالطا وسواها. تم ذلك تحت شعار «الدفاع عن النفس» الذي رفعته قوات الاحتلال. وكرّر المسؤولون الأمريكيون والغربية ذلك الشعار بدون توقف، حتى بدا أن تكراره تبرير للقتل الجماعي الذي تمارسه قوات الاحتلال والاغتيالات خارج الحدود والقتل خارج القانون في كل مكان.

أهذا هو الشرق الأوسط الذي يتحدث البعض عن مشاريع لحماية أمنه بمشاركة إسرائيلية؟ فإذا كان الناس لا يأمنون على أنفسهم من الاعتداءات الإسرائيلية فما الأمن الذي يتوقعونه؟ إذا كان الفلسطيني مهددا بفقد حياته وتصفية عائلته وهدم منزله في أية لحظة بدون تردد، فكيف يستطيع منح محتليه الثقة بإمكان التعايش الآمن على أرض فلسطين؟ هل هناك اليوم شعب يعاني من الاحتلال والتصفية وفقدان الأمن وتكالب الغربيين عليه كما هم أهل فلسطين؟

لقد أصبحت مشاهد الشباب والأطفال الذين هم في عمر الزهور وقد مزقت آلة العدوان الإسرائيلية أشلاءهم بدون رحمة منظرا مألوفا يحدث كل يوم، وتتناقه وسائل التواصل الاجتماعي، حتى فقد تأثيره على النفوس لكثرة تكرره. وربما يكون ذلك ضمن سياسة إسرائيلية لتطبيع النفوس على التعايش مع القتل الجماعي والمشاهد المروّعة. فلو حدث واحد من تلك الجرائم في بلد آخر لاهتز العالم لفظاعتها، ولكن نظرا لتكررها في فلسطين لم تعد قادرة على تحريك المشاعر وشحذ همم النشطاء للعمل لوقف العدوان المتواصل. إنها إزمة أخلاقية من شأنها أن تضعف المشاعر الإنسانية إزاء الكوارث والمآسي، والأحاسيس التي تعتبر ضرورة لتوجيه السلوك الإنساني.

وهكذا أصبحت مشاهد الدم التي تراق في غزّة غير ذات أثر على السياسين وكذلك البشر العاديين، لغزارتها، كما أصبح عويل الأمهات لفقد أبنائهن لا يحرّك مشاعر الأسى في النفوس. فليس الغربيون وحدهم الذين توقفت أحاسيسهم عن إدراك معاناة أهل فلسطين، بل العرب والمسلمون وصلوا إلى هذا المستوى من البرود في المشاعر، حتى توقفت أساليب الاحتجاج التي كانت من قبل مؤشرا للتفاعل مع قضية فلسطين.

فأين هي التظاهرات الداعمة لغزة والضاغطة على الأنظمة ليس لوقف التطبيع فحسب، بل لدفع الحكومات لعمل شيء ما لحماية الأطفال والنساء والدفاع عن حق الحياة الذي تخلّت عنه قوات الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • محافظ عدن يدين استمرار قوى الاحتلال السعودي والإماراتي في استهداف حياة المدنيين بالمدينة
  • اللواء نصر سالم يكشف لـ «الأسبوع» كيف فجرت إسرائيل أجهزة البيجر التي يستخدمها حزب الله؟
  • سلام يدين استمرار قوى الاحتلال في استهداف حياة المدنيين بعدن
  • قضية واحدة يسود فيها المتطرفون الإسرائيليون
  • القناة 14 الإسرائيلية: احتمالات بإعلان إسرائيل قريبا جبهة الشمال جبهة الحرب الرئيسية
  • هيئة البث الإسرائيلية: حزب الله يستعد لشن عملية عسكرية ضد إسرائيل
  • مصادر: "الخطوات المتهورة" التي تخطط لها حكومة نتنياهو في الشمال قد تورِّط إسرائيل في مشكلة أكثر صعوبة
  • قراءة في ملف الاغتيالات الإسرائيلية
  • التعليقات الإسرائيلية على الهجوم الصاروخي اليمني في “تل أبيب”: صواريخ الحوثيين تصل إلى عمق “إسرائيل” بنجاح كبير وفشل الدفاعات يثير القلق
  • أشرف سنجر: أهل فلسطين يتمسكون بالبقاء على أرضهم رغم الممارسات الإسرائيلية الوحشية (فيديو)