المسجد الأقصى.. علي جمعة يكشف فضل الصلاة فيه
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إن من تعظيم المؤمن للأماكن التي اختارها الله بالبركة والقداسة؛ أن يعظم المسجد الأقصى، أو القدس الشريف، أو بيت المقدس، وهي تلك المساحة التي تضم المسجد الأقصى الحالي ومسجد قبة الصخرة والمدرسة العمرية، وهي نفس المساحة التي يريد اليهود بناء هيكلهم عليها، فهذه مجتمعة في مساحة المسجد الأقصى، والتي قال- تعالى- عنها: ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الإسراء :1].
وأضاف الدكتور علي جمعة، عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك": إنها هي الأرض المقدسة التي أمر الله اليهود بدخولها في زمن موسى- عليه السلام-، قال- تعالى-: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة :21].
كيف أتعامل مع نفسي التي تخطئ كثيرا.. علي جمعة يوضح دعاء قضاء الدين قبل وبعد الصلاة.. علي جمعة: هذه الصيغة لا تردوأضاف أن المسجد الأقصى وهو ثاني مسجد وضع في الأرض للناس بعد المسجد الحرام، فعن يزيد التيمي قال: سمعت أبا ذر يقول: «سألت رسول الله ﷺ عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال أربعون عاما. ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل» [البخاري ومسلم]. وأن الإهلال من المسجد الأقصى بعمرة أفضل من الإهلال من أي مكان آخر، حيث قال النبي ﷺ: «من أهل من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه» [ابن حبان].
وأشار "جمعة" إلى أن النبي ﷺ قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى» [البخاري ومسلم] فيتضاعف أجر الصلاة في هذه المساجد دون غيرها من المساجد، ولذا فلا تقصد مساجد بالسفر رغبة في تضاعف أجر الصلاة فيها إلا هذه المساجد، وليس في هذا الحديث تحرم السفر وشد الرحال لغير المساجد الثلاثة. وأن السفر لزيارة مسجد غير هذه الثلاثة من باب السياحة والتعلم وغير ذلك فهو جائز كمن زار دمشق لزيارة المسجد الأموي مثلا، أو زار القاهرة لزيارة جامعة الأزهر، أو غير ذلك، كما يجوز للإنسان أن يسافر لغير المساجد الثلاثة من طلب العلم وطلب الرزق والسياحة وغير ذلك من أسباب السفر المعروفة.
وأوضح "جمعة" أن العلماء قد اتفقوا في هذا الفهم وننقل قول الشيخ سليمان بن منصور المشهور (بالجمل): «(لا تشد الرحال) أي للصلاة فيها فلا ينافي شد الرحال لغيرها... إلى أن قال : قال النووي : ومعناه لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة، ونقله عن جمهور العلماء. وقال العراقي : من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط؛ فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد من الرحلة لطلب العلم وزيارة الصالحين, والإخوان, والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلًا فيه.
وأكد أن ذلك ورد مصرحا به في رواية الإمام أحمد، وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه مرفوعا: «لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام, والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» وفي رواية : «لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها» ... إلخ قال السبكي : وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة. قال : ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكمًا شرعيًا، وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها، بل لزيارة، أو علم، أو نحو ذلك من المندوبات، أو المباحات، وقد التبس ذلك على بعضهم، فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع وهو خطأ; لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه، فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد، أو إلى مكان من الأمكنة؛ لأجل ذلك المكان، إلا إلى الثلاثة المذكورة، وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان فليفهم ا هـ . برماوي» [حاشية الجمل].
وتابع "جمعة" أن المسلم يقدس الأزمان المباركة ورأينا ذلك في شهر رمضان والأشهر الحرام ويوم الجمعة، ويومي عرفة وعاشورا، وغير ذلك من الأزمان، كما أنه يقدس الأماكن المباركة ورأينا ذلك في الكعبة المكرمة ومكة، وفي المدينة المنورة وفي القدس الشريف، وفي المقال القادم نرى تقديس المؤمن للأشخاص المباركة والأشياء المباركة.
وأوردت السنة النبوية، أحاديثا متعددة في الحث على الصلاة في المسجد الأقصى وزيارة بيت المقدس، ومنها، ما روي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: أَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بَيْتُ الْمَقْدِسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى هُوَ، وَلَيُوشِكَنَّ لَأَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرًا لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا». قَالَ: أَوْ قَالَ: «خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». مستدرك الحاكم.
كما روي عَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ قَالَ فَتُهْدِي لَهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ. سنن ابن ماجه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد الأقصى بيت المقدس علي جمعة الصلاة في المسجد الأقصى المسجد الأقصى الرحال إلى الصلاة فی علی جمعة إلى مسجد غیر ذلک ى الله
إقرأ أيضاً:
القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.. الإجابة وراء التحول الإلهي
تُعدُّ مسألة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام واحدة من أهم الأحداث في تاريخ الإسلام، لما تحمله من دلالات عقائدية وروحية للمسلمين في جميع أنحاء العالم. وقد ورد هذا التحول في القرآن الكريم، في الآية: "وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ..." (البقرة: 143). ومن خلال هذه الآية، يتبين أن هذا التحول كان بأمر الله عز وجل، وله حكم عظيمة.
تفسير الأزهر: لماذا كان التحول؟وفقًا لشرح علماء الأزهر، كان تحويل القبلة حدثًا إلهيًا له حكم عظيمة، ويعدُّ اختبارًا لإيمان الصحابة واتباعهم لله ورسوله. فقد بدأ المسلمون في أول الأمر بالصلاة نحو المسجد الأقصى في القدس، وذلك في بداية الدعوة الإسلامية. وكان ذلك في مرحلة تعليمية للمسلمين، حيث كان الهدف هو اختبار طاعتهم وتمحيص إيمانهم، والتأكيد على تميزهم عن اليهود الذين كانوا يقدسون المسجد الأقصى.
وأوضح الأزهر أن تحويل القبلة إلى المسجد الحرام في مكة كان علامة على تخصيص الله للمسلمين وتفردهم بهذه الأمة. إذ كانت مكة هي مسقط رأس النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها وُلد الإسلام، وكُشف فيها وحي الله. لهذا كان من المناسب أن تصبح مكة مركزًا عالميًا للعبادة للمسلمين.
دار الإفتاء المصرية: التحول كأمر إلهي ولم يكن خيارًا بشريًاوفي تفسير دار الإفتاء المصرية، أكدت أن تحويل القبلة كان بمثابة تعليم من الله سبحانه وتعالى لمتابعة أوامره بلا تردد. فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: "فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ..." (البقرة: 144). وفي هذه الآية، يوضح الله سبحانه وتعالى أن تحول القبلة كان إرادة إلهية، ولا علاقة له بالتصريحات البشرية أو التغيرات الاجتماعية. بل كان من خلاله إعلانًا عن الهوية الدينية للأمة الإسلامية، وأن مكة هي المركز الروحي الذي يجب أن يتوجه إليه المسلمون.
وأضافت دار الإفتاء أن التحول كان أيضًا من أجل تثبيت إيمان المسلمين. في البداية، قد يكون هذا التغيير قد أحدث بعض الارتباك بين المسلمين، لكنه كان اختبارًا لدرجة إيمانهم واستعدادهم لتنفيذ أوامر الله دون اعتراض. وقد جاء هذا التحول كجزء من خطة إلهية لتهيئة المسلمين لأداء عباداتهم بصورة تميزهم عن غيرهم من الأمم.
دلالات التحول: وحدة الأمة وقوة العقيدةمن جانب آخر، شدد علماء الأزهر ودار الإفتاء على أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام كان له دلالات قوية على وحدة الأمة الإسلامية. حيث أصبحت مكة بمثابة المقر الروحي الموحد للمسلمين في جميع أنحاء العالم. وكان ذلك إيذانًا بأن الإسلام ليس دينًا محصورًا في منطقة أو قوم، بل هو رسالة عالمية للبشرية جمعاء.
كذلك، فإن هذا التحول كان بمثابة تجديد للعهد مع الله، وتأكيدًا على أن المسلمين لا يتبعون اتجاهات البشر بل أوامر الله. فمن خلال هذا الحدث، كانت الأمة الإسلامية تتعزز في عقيدتها وولائها لله سبحانه وتعالى.
تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام لم يكن مجرد تغيير في الاتجاه، بل كان تحولا عميقًا في تاريخ الأمة الإسلامية يخص عقيدتها ويمثل إرادة إلهية لها مغزى عظيم. وهو درس عميق في الطاعة والإيمان بالله، كما يعكس وحدة الأمة الإسلامية التي تتوجه بكاملها نحو مكة، حيث الحرم الشريف والكعبة المشرفة.
"الأزهر" و"الإفتاء المصرية" يؤكدان على أن هذا التحول كان علامة فارقة، ليس فقط في التاريخ، بل في تحديد هوية الأمة الإسلامية ودورها في العالم.