الخليج الجديد:
2025-03-31@16:31:44 GMT

جيش العدوان ومكياج «الأخلاقيات» القبيح!

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

جيش العدوان ومكياج «الأخلاقيات» القبيح!

جيش العدوان ومكياج «الأخلاقيات» القبيح!

إذا جاز التماس العذر لعموم الناس فيما يرددون من عبارات رسمية أو تجارية، دون تدقيق، فأهم واجبات الإعلام تحري الدقة فيما يستخدم من مفردات وعبارات.

هل أن عبارة «قوات الدفاع الإسرائيلية» عبارة تقريرية عن واقع لا خلاف حوله؟ أم هي عبارة إخبارية عن حقيقة قابلة للمعاينة، أم أنها عبارة إيديولوجية وشعار دعائي؟

الرسالة الإيديولوجية الدعائية في التسمية: أن الدفاع هو الوضع الوجودي الطبيعي للكيان الاستعماري، وأن جيشه هو دوما في موقف دفاع، وأن كل ما حوله يهاجمه أو ينوي الهجوم؟

"آي دي آف" أو «قوات الدفاع الإسرائيلية»: هكذا اعتاد الإعلام الغربي أن يسمي جيش الاحتلال الإسرائيلي فيما يبدو أنه غير مدرك إنسياقه خلف منطق التفكير الإسرائيلي واقتناعه بتسمية الاحتلال بما يسمي به نفسه.

* * *

من أكثر العبارات شيوعا في الخطاب الإعلامي الغربي عبارة «آي. دي. أف» التي درجت الألسنة على لوكها كلما تعلق الأمر بالقضية المقدسة التي تسمى أمن إسرائيل، أي بالأخبار المتعقلة بالاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الفلسطينيين وعرب الجوار استمرارا لا انقطاع له منذ إنشاء الكيان الكولونيالي عام 1948.

"آي دي آف" فكّر وقدّر، "آي دي آف" حذّر، "آي دي أف" أنذر ولهذا فقد أعذر، و"آي دي آف" اضطر اضطرارا إلى الرد، على كره منه، على عمليات الإرهابيين.

"آي دي آف" أو «قوات الدفاع الإسرائيلية»: هكذا اعتاد الإعلام الغربي أن يسمي جيش الاحتلال الإسرائيلي. أي أن الإعلام المفترض أنه الأكثر استقلالية في العالم يبدو كما لو أنه غير مدرك أنه منساق منذ عدة عقود خلف منطق التفكير الإسرائيلي وأنه قانع (أو مقتنع؟) بأن يسمي الاحتلال بما يسمي به نفسه (أو مصدق بما يزعمه الاحتلال لنفسه؟).

إنه لمن المحير حقا أن الإعلام في «العالم الحر» لا يزال مستمرا في هذا الانسياق الآلي، بل الببّغائي، دون أن يخطر بباله لحظة أن قد آن الأوان، بعد كل هذا التاريخ الطويل، لمراجعة مدى صحة هذه التسمية، ولطرح السؤال الواجب: هل أن عبارة «قوة الدفاع الإسرائيلية» عبارة تقريرية عن واقع لا خلاف حوله؟ وهل هي عبارة إخبارية عن حقيقة قابلة للمعاينة، أم أنها عبارة إيديولوجية وشعار دعائي؟

وإذا كانت عبارة تقريرية بريئة، فلماذا لم يَتَسمَّ بها أي جيش آخر على وجه الأرض؟ لماذا تسمى كل الجيوش جيوشا وكفى (الجيش الأمريكي، والروسي، والصيني. الخ) بينما يسمي الجيش الإسرائيلي نفسه قوة دفاع؟

وأيا كانت دواعي الاحتلال في تكريس هذا الشعار الدعائي، فهل يجدر بالإعلام الغربي أن يجاري الاحتلال في مزاعمه فيكون بذلك موافقا على الرسالة الإيديولوجية الدعائية المبثوثة في التسمية: أن الدفاع هو الوضع الوجودي الطبيعي للكيان الكولونيالي، وأن الجيش الإسرائيلي هو دوما في موقف دفاع، وأن كل ما حوله يبادره بالهجوم أو يبيّت ضده نية الهجوم؟

وواضح بطبيعة الحال أن هذه التسمية فرع من أصل إيديولوجي معروف: أن إسرائيل هي جزيرة العقلانية الديمقراطية في محيطات التعصب الاستبدادي، وأنها منارة الحضارة في بيداء الهمجية، وأنها «فيلاّ وسط الغابة» حسب القولة الرومانسية للشاعر الرقيق إيهود باراك.

وإذا كان من الجائز التماس العذر لعموم الناس في ما يرددون من عبارات رسمية أو تجارية، دون مراجعة وتدقيق، فإن من أهم واجبات الإعلام أن يتحرى الدقة في ما يستخدم من مفردات وعبارات.

والدليل أنه عادة ما يدقق بكل حرص في مختلف التسميات والنعوت. ومن ذلك، على سبيل المثال، أن لوموند قررت منذ السبعينيات أن تتجنب استخدام عبارتي «الخليج الفارسي» و«الخليج العربي» لأن في العبارتين التزاما بموقف محدد في شأن متنازع عليه، ولذلك دأبت منذئذ على استخدام عبارة «الخليج العربي ـ الفارسي».

وإذا افترضنا، في أفضل الحالات، أن تبنّي الإعلام الغربي لهذه التسمية الإيديولوجية المضللة صادر عن عادة قديمة وأنه لم يخطر حتى الآن لأحد من آلاف الصحافيين إعادة النظر فيها رغم تعاقب الأجيال، فإن الأدعى للاستغراب أن نقرأ في كبريات الصحف الغربية أن الجيش الإسرائيلي يؤكد أنه ملتزم بشن حملته العسكرية على غزة بما يتوافق وقواعد القانون الإنساني الدولي (!)

هذا رغم أن تقرير الأمم المتحدة (تقرير غولدستون) في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008 يؤكد أن «عقيدة الضاحية» المنبثقة عن التأويل الإسرائيلي لهذا الالتزام إنما «وضعت لمعاقبة مجموع السكان المدنيين وإذلالهم وإرهابهم».

ولكن غابي سيبوني الأستاذ في معهد القدس للاستراتيجية والأمن يقول إن الدليل على الالتزام الإسرائيلي بالقانون الإنساني الدولي هو دعوة الفلسطينيين إلى الجلاء عن شمال غزة!

والأغرب أن تقرأ أن لدى جيش الاحتلال «ميثاقا أخلاقيا» أو «مدونة سلوك» وأن أستاذ الفلسفة في جامعة تل أبيب آسا كاشر الذي ساهم في تحرير هذه المدونة يقول: «عندما يكون ثمة موقع يختلط فيه المدنيون والمقاتلون، نزن المخاطر بحيث إذا كانت المكاسب مهمة عسكريا والخسائر محدودة مدنيا، فإنه ينبغي أن نهاجم، وإلا فإننا نتراجع (هكذا!). ويشرح محرر الميثاق الأخلاقي أن تدمير حماس ليس هدفا معقولا، ولا يتعلق الأمر إلا بتدمير قدراتها العسكرية والمالية. «أما القضاء على كراهيتها لليهود والإسرائيليين والغرب، فهذا ما لا سبيل إليه».

*مالك التريكي كاتب تونسي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل الأخلاقيات جيش العدوان إيهود باراك القانون الإنساني قوات الدفاع الإسرائيلي آي دي أف الدفاع الإسرائیلیة الإعلام الغربی

إقرأ أيضاً:

مأساة غزة.. حوالي ألف شهيد في 10 أيام بعد استئناف العدوان الإسرائيلي

أفادت وسائل إعلام فلسطينية، اليوم السبت، بأن حصيلة الشهداء في غزة، بعد استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة، منذ 18 مارس الجاري، تقترب من ألف شهيد.

الشهداء في غزة

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، نقلا عن مصادر طبية، أنه تم تسجيل 921 شهيدا، و2,054 إصابة، منذ 18 مارس الجاري، أي منذ استئناف الاحتلال عدوانه على القطاع عقب اتفاق وقف إطلاق النار.

مظاهرات عارمة في مدن مغربية رفضا للعدوان على غزةالإمارات تنفذ إخلاء طبيا عاجلا لــ 188 مصابا من غزة برفقة عائلاتهم

وأوضحت أن 26 شهيدا، بينهم شهيد تم انتشاله، و70 إصابة، وصلوا مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية، وأن عددا من الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات لأن طواقم الإسعاف والطواقم المختصة لا تستطيع الوصول إليهم.

وأوضحت أن حصيلة شهداء العدوان على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتفعت إلى الى 50,277 شهيدا، والإصابات إلى 114,095.

مقالات مشابهة

  • حصيلةُ ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة 50.357 شهيدًا
  • العدوان الإسرائيلي يغتال فرحة أطفال غزة
  • بين الدعاية والتضليل.. كيف يؤثر الإعلام بقضية الاحتلال في حرب الإبادة ضد غزة؟
  • 50 ألفًا و277 شهيدًا وأكثر من 114 ألف مصاب منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • 50 ألفا و277 شهيدا وأكثر من 114 ألف مصاب منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • 26 شهيدًا و70 إصابة خلال 24 ساعة جراء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة الى 50,277 شهيدا و 114,095
  • مأساة غزة.. حوالي ألف شهيد في 10 أيام بعد استئناف العدوان الإسرائيلي
  • الاحتلال الإسرائيلي يدمّر 600 منزل خلال العدوان المستمر على مدينة جنين
  • إحصائية جديدة لعدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة