تكشف سلسلة من الحقائق عن واقع الاصطفاف الاستراتيجي للإمارات بالتحالف مع إسرائيل في وقت توغل الأخيرة بدماء الفلسطينيين وترتكب المجازر المروعة بحقهم.
ولم يكن الإعلان عن اتفاقية التطبيع العلني بين الإمارات وإسرائيل مجرد حبر على الورق أو مشهد عابر على شاشات التلفاز، بل كان اكتمالاً لعقد العلاقات المتين والاستراتيجي الممتد تحت الطاولة بين الجانبين منذ زمن طويل.


وتوّجت هذه العلاقات على الأرض بصفقات بيع سلاح بمليارات الدولارات وبتعاون أمني، للحد الذي أصبحا فيه “حلفاء” بكل ما للكلمة من معنى.
ومنذ الاتفاق في سبتمبر 2020 تسارعت وتيرة علاقات الإمارات وإسرائيل، ورفعت سقف العلاقات إلى مستوى “الاصطفاف الاستراتيجي”، الذي فاجأ بضخامته توقعات المحللين واستشراف الخبراء الاستراتيجيين.
يناقش هذا التقرير علاقة أبوظبي العسكرية مع إسرائيل، خاصة الشركات الإسرائيلية التي تستخدم أسلحتها في فلسطين.

نظرة انتقائية
يعتبر تطلع أي دولة لشراء السلاح من إسرائيل – بما فيهم دول التطبيع – ايقاع جريمة القتل العمد بحق خمسة ملايين فلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية والقدس وغزة، ويُستخدمون كفئران تجارب لهذه الأسلحة، ليُقتل ويُصاب عشرات الآلاف منهم سنويا.
ورغم ذلك، فقد اشترت الإمارات إلى جانب دول التطبيع الأخرى (البحرين والمغرب) في العام 2022، ما يقرب من 25% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية للعالم، والمقدرة بنحو 12.5 مليار دولار.
وفي العام الذي سبقه (2021)، فقد اشترت الإمارات والبحرين أسلحة بقيمة 800 مليون دولار، جُربت جميعها بما فيها الأنظمة الدفاعية والهجومية قبل بيعها فيما يُعرف بـ “مختبر فلسطين”.
ولم تكتفِ أبوظبي بشراء الأسلحة فحسب، بل تعتبر مستثمراً نشطاً في صناعة الأمن والدفاع الإسرائيلية عبر صندوق “مبادلة” للاستثمار (شركة استثمار عالمية تتمثل مهمتها في تحقيق عوائد مالية مستدامة لحكومة أبوظبي) وجهاز أبوظبي للاستثمار (الصندوق السيادي الرئيسي لإمارة أبوظبي)، ومجموعة “G42” (المتخصصة بالتجسس والمملوكة لطحنون بن زايد مستشار الأمن الوطني)، حيث خصصت الإمارات في مارس 2021 مبلغ 10 مليارات دولار للاستثمار في القطاعات الاستراتيجية الإسرائيلية.
والذي يشير بوضوح إلى اهتمام ابوضبي بالتكنولوجيا والأسلحة، حيث ركزت هذه الاستثمارات على مجالات الصواريخ، والآليات المسلحة والطائرات المسيّرة، والذكاء الاصطناعي، وأنظمة التعرف على الوجه، ومعدات المراقبة الجماعية، والأمن السيبراني، وبرامج التجسس، والروبوتات.
ومعظم هذه الشركات تعمل بشكل وثيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، ونفذت تجارب أسلحتها على المواطنين الفلسطينيين لاختبار تقنياتها ودرجة تفوقها وتحديثاتها، وذلك على مدى 75 عاماً الماضية.

استثمارات الإمارات في إسرائيل
لم تكن الاستثمارات في السلاح والتقنيات القمعية الإسرائيلية ولِيد الاتفاق، بل حتى قبل اتفاقية التطبيع، الا أنها كان منضوية تحت أسماء أجنبية.
وذلك مثل استثمار “مبادلة” في صناعة الأمن الإسرائيلية عبر “سوفت بنك”، وهي مجموعة يابانية متعددة الجنسيات يرأس عملياتها في تل أبيب الرئيس السابق للموساد، يوسي كوهين، حيث استثمر “سوفت بنك” في شركة “اني فيجن”، والتي تنتج تقنية الوجه بالذكاء الاصطناعي (التي غيرت اسمها إلى Oosto بعد فضائح متعددة).
وفي عام 2019، قام الجيش الإسرائيلي بتثبيت نظام “اني فيجن” للتعرف على الوجه عند نقاط التفتيش الرئيسية في الضفة الغربية.
ومن تلك الاستثمارات كذلك تخصيص “مبادلة” في يناير 2022، بنحو 100 مليون دولار للعديد من شركات رأس المال الاستثماري الإسرائيلية، مثل فيولا فنتشرز (Viola Ventures)، وبيتانغو (Pitango)، وإنتري كابيتال (Entrée Capital)، وأليف كابيتال (Aleph Capital)، ومانجروف كابيتال بارتنرز (Mangrove Capital Partners)، وميزما (MizMaa).
وتدعم معظم هذه الشركات بشكل مباشر الشركات التي تطور تقنيات الأمن العسكري – التي اختبرها جيش الاحتلال واستخدمها ضد الفلسطينيين – لتصديرها إلى الحكومات الاستبدادية في الخارج.
ومن الأمثلة البارزة للشركات المتورطة، شركة رأس المال الاستثماري الإسرائيلية “انتري كابيتال” التي تستثمر في (Toka)، وهي شركة إلكترونية إسرائيلية معروفة بتطوير تكنولوجيا المراقبة المشابهة لبرنامج التجسس “بيغاسوس” الذي يتجسس على الفلسطينيين ويراقبهم على مدار الساعة.
وهذا ينطبق على “فيولا فنتشرز”، وهي شركة إسرائيلية تستثمر في أنظمة الطيران، كما أنها مُصنعة للأنظمة الجوية بدون طيار التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لمراقبة الفلسطينيين وجمع المعلومات الاستخباراتية لقصف المدنيين والاغتيالات ومعرفة أماكن تواجدهم وتحركاتهم.

الإمارات كمركز مالي لشركات السلاح الإسرائيلية
عقب التطبيع أنشأت عشرات الشركات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية فروعاً لها في الإمارات، بما في ذلك شركات تصنيع الأسلحة الكبرى مثل “إلبيت سيستمز” و”رافائيل”.
وفي كل حرب على غزة ترتفع مبيعات هذه الشركات عشر نقاط مئوية لاستخدام الذخائر والأسلحة في قتل المدنيين.
فإلى جانب الحصول على تأمين عقود من دولة الإمارات فتحت هذه المكاتب والفروع بلا شك الأبواب أمامها لدخول السوق العربية والعالمية بعد أن كانت معزولة.
وفي هذا الصدد، أشار عمري بن ديفيد، الشريك في شركة (فيولا فنتشرز): “لديك قوتان متكاملتان -إسرائيل كمركز قوي للابتكار، والإمارات كمركز مالي، وبوابة إلى العالم العربي الأوسع”.

أهم شركتين إسرائيليتين في الإمارات:
رغم وجود عشرات الشركات الإسرائيلية إلا أن هناك شركتين ذات أهمية كبيرة في عالم أنظمة الدفاع المتقدمة، فتحتا لهما فروعا في الإمارات، وهما:
أولا: شركة “رافائيل” لأنظمة الدفاع المتقدمة
هي شركة أُنشئت بعد نكبة 1948 مع تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وكانت حكومية تدعى “سلطة رافائيل” أي “السلطة الإسرائيلية لإنتاج الأسلحة.
وافتتحت الشركة مكتباً لها في دبي في 2021، ووقعت عدة عقود لتزويد الإمارات بالأسلحة والأنظمة، بل والتشارك في إنتاج أسلحة مشتركة.
وتقوم الشركة بصناعة أنظمة وأسلحة المعارك البرية والاجتياحات والمداهمات”.
ولها تاريخ في قصف المنازل والمساجد والمستشفيات، بما في ذلك الصواريخ والقذائف التي تنهمر على قطاع غزة حتى اليوم.
وإضافة إلى القبة الحديدية والصواريخ الموجهة بالليزر والطائرات المسيرة ومعدات الطائرات والآليات والدبابات والمدرعات، تقوم الشركة بصناعة الذخائر للآليات والطائرات المقاتلة؛ بما في ذلك طائرات الزنانة التي قتلت وأصابت آلاف الفلسطينيين، وتشير تحقيقات 2009 إلى أنها وفرت ذخائر قتلت المدنيين في غزة.

ثانيا: شركة “إلبيت سيستمز” للإلكترونيات الدفاعية
هي المصنعة للطائرات المسيّرة الإسرائيلية التي تقتل الفلسطينيين وتراقبهم، وتصنع القنابل اليدوية والمدافع واحتياجات الدبابات والمدرعات، وافتتح فرع لها في الإمارات منتصف نوفمبر 2021.
وتقوم شركة “إلبيت” بانتظام بتسويق منتجاتها على أنها “أثبتت كفاءتها في المعركة” وهو تعبير ملطف لكيفية استخدام هذه الأسلحة لقتل وإصابة الفلسطينيين العزل والسيطرة عليهم فعلياً.
وهي المسؤولة عن مصفوفة التقنيات المستخدمة لإبقاء أكثر من مليوني فلسطيني تحت الحصار الإسرائيلي في غزة، بما في ذلك الكشف عن الأنفاق وكاميرات المراقبة على طول السياج.
كما أنها تُعد أحد المزودين الرئيسيين لنظام سياج الكشف الإلكتروني لجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة.
وأنشأت الشركة سياجاً إلكترونياً بطول حوالي 25 كيلومتراً حول القدس الشرقية، ما أدى إلى عزل سكان القدس الفلسطينيين عن الضفة الغربية، كما أنها مسؤولة عن تدريب الطيارين والمقاتلين للدبابات والمدرعات.
ولعل أبرز ما تتميز به “إلبيت” هي الطائرات بدون طيار، التي تزودها لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتستخدم الطائرات المسيرة في الحرب على قطاع غزة، كجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف لقصفها، وقيام طائرات مسيّرة أو مقاتلات بضربها، بالكيفية التي تستخدم في الهجوم على المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد.
وتشير التقارير إلى أن موظفي الشركة كانوا جزءاً من غرفة العمليات لوحدة طائرات بدون طيار خاصة تم نشرها خلال الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 11 يوماً على غزة في مايو 2021.
وبحسب ما ورد، فقد تم استخدام الطائرات بدون طيار التي صنعتها شركة “إلبيت” بالتنسيق مع قذائف الهاون والصواريخ الأرضية -التي تصنعها “إلبيت”، لضرب عشرات الأهداف على بعد أميال من غزة، وهو الدور ذاته في حرب 2014 على القطاع والحروب السابقة، ويتكرر اليوم في الحرب الهمجية الإسرائيلية في الوقت الحالي.
وفيما يستمر فتح مكتبها في الإمارات، تحصل الشركة الصهيونية على عدة عقود مع أبوظبي بينها عقد بقيمة 53 مليون دولار لتزويد القوات الجوية الإماراتية بأنظمة دفاعية، تم توقيعه في يناير 2022.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

من هي أربيل يهود الأسيرة الإسرائيلية التي قد تفجر اتفاق وقف النار

يشهد اتفاق وقف إطلاق بين"حماس" والاحتلال الإسرائيلي، منذ أمس السبت، توتراً، بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي منع أهالي غزة من العودة إلى شمال القطاع قبل ترتيب الإفراج عن الأسيرة لدى المقاومة الفلسطينية "أربيل يهود".

وأعلن مكتب نتنياهو أمس السبت، أنه لن يُسمح بالعودة إلى شمال غزة قبل ترتيب الإفراج عن الأسيرة "أربيل يهود".

وفي المقابل، قال مصدر قيادي من حركة "حماس" للجزيرة، إن المقاومة أبلغت الوسطاء أن الأسيرة "يهود" على قيد الحياة وسيتم الإفراج عنها يوم السبت، الأول من فبراير/شباط 2025.

من هي أربيل يهود

بحسب المصادر، أربيل يهود هي مستوطنة إسرائيلية وُلدت عام 1995 في كيبوتس نير عوز، وتعمل مرشدة للفضاء والفلك في مجمع "غروبتك" التكنولوجي، بينما تقول حركة الجهاد الإسلامي، إنها عملت عسكرية لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتشير المصادر إلى أن جداها هما مؤسسا الكيبوتس الذي يعيشون فيه، والمعروف باسم"نير عوز".

تعرضت"يهود" للأسر ومعها شريكها على أيدي المقاومة الفلسطينية  خلال عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقال مصدر مسؤول في حركة الجهاد الإسلامي للجزيرة إن "يهود" أسيرة لدى سرايا القدس بصفتها عسكرية، مؤكدا أنها مدربة في برنامج الفضاء التابع لجيش الاحتلال.

وأضافت حركة الجهاد أنه سيتم الإفراج عن "يهود" ضمن شروط صفقة التبادل المتفق عليها، وحملت الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أي عرقلة للاتفاق.

صفتها سبب الخلاف

ذكرت مصادر فلسطينية أن سبب الخلاف يعود إلى دور صفة المستوطنة ما إذا كانت مدنية أم عسكرية على عدد وطبيعة الأسرى الفلسطينين الّذين سيتم إطلاق سراحهم بالمقابل، إذ ادعى مكتب نتنياهو أنها مدنية، بينما تؤكد حركة الجهاد الإسلامي انها عسكرية.

وبحسب صفقة التبادل الموقعة بين "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، يطلق الاحتلال الإسرائيلي سراح 30 طفلا وامرأة فلسطينية من سجون الاحتلال، مقابل كل محتجز تفرج عنه المقاومة في قطاع غزة، ومقابل إطلاق سراح 30 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال من كبار السن والمرضى  تطلق حركة حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء من كبار السن والمرضى والجرحى المدنيين، بينما سيتم الإفراج عن  50 أسيرا فلسطينيا مقابل كل مجندة إسرائيلية محتجزة تطلقها حركة حماس.

 


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند النجمة المصرية مي عمر بإطلالة رياضية توتر في برشلونة: تأجيل مفاوضات عقد دي يونغ مع وكلائه حتى يونيو من هي "أربيل يهود" الأسيرة الإسرائيلية التي قد تفجر اتفاق وقف النار أسئلة للمسابقات عن ليلة الإسراء والمعراج كنده حنا: غادرست سوريا خوفًا على عائلتي بعد سقوط بشار الأسد.. وظلمت نفسي بزواجي Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • مدير المنتدى الاستراتيجي: إسرائيل تستغل تصريحات ترامب لتحقيق طموحاتها التوسعية
  • ‏حماس: ندعو الإدارة الأمريكية إلى التوقف عن الأطروحات التي تتماهى مع المخططات الإسرائيلية
  • من هي أربيل يهود الأسيرة الإسرائيلية التي قد تفجر اتفاق وقف النار
  • لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان تناقش غدا التقرير الدوري الثاني للإمارات
  • ماهي البندقية الإسرائيلية التي ظهر عناصر القسام بها جوار “المجندات”
  • مشرعان أميركيان يتعهدان بالسعي لمنع بيع أسلحة للإمارات لتورطها في حرب السودان
  • نائبان أمريكيان يتعهدان بمنع مبيعات السلاح للإمارات بسبب تسليحها الدعم السريع
  • «الاتحادية للضرائب» توضح غرامة ضريبة الشركات المُستحقة الدفع التي لم يتم سدادها
  • 4 ميداليات للإمارات في «عربية المبارزة»
  • 4 ميداليات للإمارات في البطولة العربية للمبارزة بالبحرين