مكاتب محاماة تستغلّ فترات التدريب وخرّيجو القانون يعملون دون عائد مالي
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
أظهر تحقيق أجرته «الأيام» حول المعوقات التي تواجه خرّيجو تخصصات «الحقوق والقانون»، أن الكثير منهم يواجهون صعوبة في الحصول على «الفرصة التدريبية المناسبة»، والتي يجب ألّا تقلّ عن سنتين كاملتين بالعمل في أحد مكاتب المحاماة، من أجل الانطلاق في مهنة المحاماة، بالإضافة إلى استغلال بعض مكاتب المحاماة لتلك الفترة التدريبية.
غسل الصحون وعمل 10 ساعات وعن سبب انسحابها، قالت: «فضلًا عن أن الفرصة التدريبية كانت بلا مقابل مالي، فقد قبلت ذلك، وكنت أستخدم سيارتي الخاصة، ووالدي يدفع ثمن البنزين، ولكن بعد التحاقي بالتدريب، تفاجأت بأن صاحب المكتب يطلب غسل الصحون والكؤوس، بالإضافة لتجهيز القهوة والشاي لزبائن المكتب والإدارة، وفي حال تأخري عن الدوام يتم محاسبتي بالصراخ، لذلك فلم أقبل بالمعاملة المهينة». من جانبه، قال (ع.ح) لـ«الأيام» عن تجربته في التدريب «التحقت بأحد مكاتب المحاماة للحصول على رخصة التدريب، وقد اشترط عليّ أن يكون ذلك بلا مقابل مالي، وما زلت أكافح من أجل استكمال التدريب ومدته سنتين، حيث أنني أحصل على إعانة العاطلين عن العمل ومقدارها 200 دينار لمدة 9 أشهر، وهي الإعانة التي أعيش عليها وأدبّر أموري». وأضاف «بسبب تزايد المهام عليّ، حتى أنني أعمل بدوام طويل جدًا قد يصل إلى 10 ساعات في اليوم أحيانًا، فقط حاولت بعض المرّات طلب مكافأة شهرية بسيطة، ولكن الطلب جوابه الرفض، وتم تذكيري بأن الاتفاق يقضي أن يكون التدريب بلا مقابل».
تقدمت لـ50 مكتبَ محاماة قالت (ك.س) إنها خريجة قانون من جامعة البحرين، وإنها تبحث عن فرصة تدريبية في أحد مكاتب المحامين بدون أي مقابل مالي، ولكن حتى هذه الفرصة أصبحت غير مواتية. وأضافت «قدمت طلبي لدى 50 مكتبَ محاماة، وجميع تلك المكاتب ردّت عليّ بأنه لا يوجد أي شاغر تدريبي لديها، فكيف إذن سأحصل على الرخصة اللازمة لمزاولة مهنة المحاماة؟!». وتابعت: «قدمت مرارًا عبر النظام الإلكتروني بوزارة العمل في الشواغر المتاحة، ولكن أغلب الشواغر تشترط خبرة معينة أو رخصة مزاولة المهنة، فكيف سيُتاح لنا التأهل لتلك الشواغر والأبواب مغلقة أمامنا للتدريب؟!».
أقدّم الشاي والقهوة قال (ع.ي) انه تدرب لدى إحدى المكاتب والتي وعدته بالتوظيف بعد مرور 3 أشهر من العمل دون مقابل، وأضاف «ولكن بعد انقضاء الأشهر الثلاثة لم يتم توظيفي رغم قيامي بكافّة الأعباء والمهام والمسؤوليات، بل تم تطفيشي من خلال إسناد مهام ليست من عملي، حيث يتم الطلب منّي بإعداد الشاي وتقديمه للضيوف، وهو ما لم أقبل به ودفعني نحو الانسحاب، لأنني شعرت بأن هناك رغبة باستغلالي بشكل بشع».
مكافأة 30 دينارًا شهريًا قالت (ل.خ) إنها قبلت التدريب في أحد مكاتب المحاماة مقابل مكافأة شهرية مقدارها 30 دينارًا فقط. وأضافت «أتواجد في المكتب يوميًا لمدة 7 ساعات، ويتم محاسبتي لأي تأخر ولو بسيط، وأنجز مهامي كاملة». وتابعت: «أشعر بالغبن، ولكنني مضطرة لمواصلة التدريب للحصول على الرخصة، حيث إن صاحب المكتب يأمرني بتقديم الضيافة وإعداد الشاي والقهوة لضيوفه وأصدقائه وموكليه، بل إنه أحيانًا يأمرني بحضور دعوات غداء وعشاء في المطاعم، بل أتفاجأ أحيانًا بأن بعض الدعوات ليس لها علاقة بالعمل».
3 سنوات بحث قالت (ن.ج) إنها استمرت في البحث عن فرصة تدريبية، وبعد الحصول على تلك الفرصة، تفاجأت بحجم الاستغلال من قبل المكتب لها. وأفادت بأن المكتب تراجع حتى عن صرف المكافأة المتفق عليها، الأمر الذي اضطرها إلى الانسحاب من المكتب بعد فترة 3 أشهر فقط.
الرميحي: أكثر من نصف المحامين المتدربين بلا مقابل
قال النائب عبدالله الرميحي، إنّه - وفي سياق متابعته النيابية لملف المحامين المتدربين -، فقد أجرى إحصائية كشفت بان أكثر من نصف المحامين المتدربين لا يتقلّون أي أجر مالي مقابل تدريبهم لمهنة المحاماة. وذكر الرميحي - وهو أحد العاملين بمهنة المحاماة قبل دخوله مجلس النواب - بأن العوائد المالية القليلة لبعض مكاتب المحاماة سبب في عدم صرف أي مقابل للتدريب. وأشار الرميحي الى أن مسألة سن قانون للتدريب هي «سلاح ذو حدين» ومن الصعوبة ان يكون هناك قانون يلزم مكاتب المحاماة بقبول المتدربين واعطائهم راتبا ثابتا ففي حال الإصرار على وجود قانون مثل ذلك لن تستطيع المكاتب قبول عدة متدربين في نفس الوقت بسبب عدم وجود المقدرة المادية لدى بعض من أصحاب المكاتب. وأكد الرميحي انه يعمل على موضوع تدريب المحامين على (نار هادئة) فهو لا يستطيع التعجل واقتراح قانون من الممكن ان يصب في مصلحة المتدرب وفي المقابل يظلم مكاتب المحاماة، مؤكدًا على وجود تعاون مع جمعية المحامين لدراسة أفضل الحلول التي من شأنها حلحلة هذا الملف الشائك. مشيرًا أنـه وبعد التأكد من الإلمام بكافة الجوانب التي تضمن حقوق المتدربين والمكاتـب فسيقوم باقتراح قانون كما وسيقوم باستعمال أدواته النيابية والدستورية كنائب للتأكد من سير القانون في الاتجاه الصحيح.
الذوادي: التطور التكنولوجي سبب لتراجع توظيف المحامين
اعتبر المحامي محمد الذوادي أن التطور التكنولوجي الذي شهدته المنظومة القضائية في مملكة البحرين، وبقدر ما كان له أثر إيجابي هائل على سرعة التقاضي، فإنه أسهم في تقليل حاجة مكاتب المحاماة للمحامين. وقال في هذا السيتق «من ابرز التأثيرات السلبية الناتجة عن هذا التطور التكنولوجي الكبير جدًا، والذي نشيد به، هو قلّة الاحتياج للمحاميين في بعض القضايا، حيث أصبح (الموكل) باستطاعته ان يباشر ويتابع قضاياه دون الحاجة لتوكيل محامي». كما أشار في سياق آخر إلى وجود بعض الدخلاء على مهنة المحاماة، الذين يستغلون المواطنين بالإيهام لهم بأنهم قانونيون وقادرون على الدفاع عن المواطنين، فيطلبون من الموكلين المفتاح الإلكتروني الخاص بهم، ويدخلون في النظام الإلكتروني ويباشرون تقديم مذكرات الدفاع بأسماء الموكلين بشكل مباشر، ولاشكّ أن ذلك أثّر سلبًا على مهنة المحاماة وأدت لوجود نقص في عدد القضايا الموكلة الى المحامين. كما أكد الذوادي أنه بسبب هذه التطورات أصبحت مكاتب المحاماة تحتاج لمحامين من أصحاب الكفاءة والمهارة وأن تكون للمحامي الجديد قدرة على الاستنتاج والبحث والصياغة إضافة للعديد من المهارات الأخرى، مؤكدًا أن هذه المهارات تعد من النوادر في الوقت الحالي، وأن البعض من الخريجين عليهم أن يبذلوا المزيد من الجهد لإثبات انفسهم. مؤكدًا أن هذه المعطيات جعلت من مكاتب المحاماة تعاني من صعوبة في استيعاب عدد أكبر من الخريجين مشيرًا إلى ان اغلب المتدربين حاليًا يهتمون بالمقابل المادي طلبًا للاستقرار، وقد بيّن أنه في السابق كان مكتب المحامي يستقبل على الأقل من 3 إلى 5 متدربين ولكن مع قلة الدخل وقلة القضايا والحضور الالكتروني للقضايا أصبح أغلب المكاتب لا تستطيع أن تستقبل سوى متدرب واحد أو اثنين فقط. وأكد الذوادي على ضرورة الاهتمام بمهنة المحاماة ومستقبلها من خلال وضع آلية تضمن تدريب المحامين الجديد وتأهليهم لسوق العمل وتحقيق العوائد المالية لهم وللمكاتب التي تعمل على تدريبهم ورسم خطة تسعى لتعزيز دور المحامين في المجتمع.
جمعية المحامين: كثير من المكاتب تغلق خلال سنة واحدة بعد الافتتاح
قال نائب رئيس جمعية المحامين البحرينية صلاح المدفع، إن هناك حاجةً لزيادة صلاحيات جمعية المحامين، لتكون قادرة بشكل أكبر على البتّ في الشكاوى المتعلقة بمكاتب المحاماة. وذكر بأن الجمعية وحسب قانون الجمعيات، لا تستطيع ان تبتّ في أيّة شكاوى تصل إليها بخصوص مكاتب المحاماة، إلّا أنها تسعى إلى تسوية بعض المشكلات والشكاوى بشكل ودّي عن طريق التوفيق والوصول إلى التسويات المناسبة بين الطرفين. مضيفًا «لذلك لابدّ من إعطاء الجمعية المزيد من الصلاحيات وإضفاء الصفة الرسمية للجمعية كي تستطيع أن تواجه مشاكل المحامين والمتدربين». في ذات السياق، أكّد المدفع إلى الحاجة الماسة إلى المزيد من الإجراءات الحمائية لمكاتب المحامين بما يضمن استمراريتها، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها للحفاظ على المكاتب وسيما الجديدة منها. وقال بأن ظروف المهنة باتت صعبة، حيث أن كثير من المبتدئين يضطرون إلى إغلاق مكاتبهم بعد سنة واحدة فقط من فتحها، وفي ذات الوقت فإن الكثير من المكاتب الموجودة حاليًا غير قادرة على استقبال المزيد من المتدربين والباحثين عن عمل، ولذلك لابدّ من إجراءات حكومية لتسهيل عمل المكاتب ودعمها.
توظيف 541 من خرّيجي «الحقوق».. الحكومة: مبادرة لدعم المتدربين بـ300 دينار شهريًا
قالت الحكومة في مذكرة لمجلس النواب وحصلت «الأيام» على نسخةٍ منها أن وزارة العمل نجحت في السنوات الست الماضية منذ عام 2017 في توظيف 541 خرّيجًا من تخصص الحقوق والقانون. وأكّدت بأنها دعمت عمليات التدريب والتوظيف في 231 مكتبَ محاماة ومنشأة في القطاع الخاص، وأنها أطلقت العديد من برامج توظيف خرّيجي كليات الحقوق بالتعاون مع «تمكين». في ذات السياق، قالت الحكومة إنها أطلقت مؤخرًا مسارًا خاصًا بالتدريب على رأس العمل موجّه للمحامين، حيث من المزمع أن يتم تغطية فترة تدريب المحامي في مكتب المحاماة بمبلغ 300 دينار شهريًا، وذلك لمدة سنتين، وهي المدّة اللازمة لحصول المتدرب على الرخصة اللازمة لمزاولة مهنة المحاماة. وذكرت بأن هذا المسار الخاص يأتي نظرًا لطبيعة المهنة والتي تتطلب خضوع المحامين للتدريب قبل حصولهم على رخصة ممارسة المحاماة في المملكة.
«العمل» لم تتجاوب مع «الأيام» حاولت «الأيام» الحصول على تعقيب من وزارة العمل حول ملف توظيف وتدريب المحامين، وقامت في هذا السياق بمخاطبة الوزارة منذ تاريخ 21 سبتمبر 2023، ولكن ورغم مرور أكثر من شهر، ورغم التذكيرات المتتالية، إلّا أنها لم تحصل على أي ردّ.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا جمعیة المحامین مهنة المحاماة فرصة تدریب المزید من أکثر من
إقرأ أيضاً:
محافظ قنا يتابع مع وفد وزارة العدل مشروعات تطوير مكاتب الشهر العقاري
استقبل الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، المستشار ربيع قاسم، مساعد وزير العدل لشؤون أبنية المحاكم، والمستشار يوسف محمد الكومي، مساعد وزير العدل لشؤون الشهر العقاري والتوثيق، والوفد المرافق لهما، وذلك في إطار افتتاح مكتبي توثيق الشهر العقاري بقرية حجارة قبلي بمركز قوص، ومجمع محاكم مجلس الدولة بمدينة قنا.
حضر اللقاء الدكتور حازم عمر، نائب محافظ قنا، واللواء حسام حمودة، السكرتير العام للمحافظة. وضم الوفد المرافق كلًا من المستشار إسماعيل زناتي، رئيس محكمة قنا الابتدائية، والمستشار عبد الرحيم عبد المالك، رئيس الاستئناف ورئيس محكمة الأقصر الابتدائية، والمستشار سامح سالم، نائب رئيس محكمة قنا الابتدائية ورئيس إدارة التنفيذ، والمستشار محمود جبريل، مستشار وزارة العدل لشؤون أبنية المحاكم، والمستشار محمد البصيلي، مستشار وزارة العدل لشؤون الشهر العقاري.
خلافات حفارين..أمن قنا يكشف غموض الهياكل البشرية بمقابر الوقفالعثور على رضيعة داخل كرتونة بسوق الفوقانى في قناوأكد محافظ قنا، أن افتتاح مكاتب جديدة للشهر العقاري والتوثيق يأتي ضمن جهود الحكومة لتقديم خدمات مجتمعية متميزة للمواطنين، بالتعاون مع وزارة العدل، مشيدا بجهود الوزارة في تطوير وإنشاء مقرات حديثة لمكاتب الشهر العقاري والتوثيق على مستوى الجمهورية، بما يتماشى مع التحول الرقمي والثورة التكنولوجية، بهدف تسهيل الإجراءات الحكومية وتقديم خدمات أكثر كفاءة للمواطنين.
وأوضح مساعد وزير العدل، أن المكتب الجديد يعمل بنظام "الشباك الواحد"، الذي يهدف إلى توفير الوقت والجهد للمواطنين من خلال التعامل مع موظف واحد يقدم الخدمة، مضيفاً بأن المكتب مجهز بعدد من النوافذ لتقديم الخدمات لعدد أكبر من المواطنين بكفاءة.
وفي ختام الزيارة، تفقد وفد وزارة العدل مقر مكتب توثيق الشهر العقاري الرئيسي بقنا، ومأمورية الشهر العقاري والتوثيق بمحكمة قنا، بالإضافة إلى فرع توثيق هيئة الاستثمار بالمحافظة.