النظام الأساسي المشؤوم يضع بنموسى في قلب العاصفة!
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
رغم تزايد أعداد العاطلين من ذوي الشهادات الجامعية، فإنه لا يمكن لأي كان أن ينكر ما للتعليم من أفضال كثيرة على الإنسان، باعتباره قاطرة التنمية والحجر الأساس الذي يقوم عليه بنيان المجتمعات المستنيرة والمتسامحة، مما يستدعي إيلاءه أهمية خاصة من قبل الدولة والحكومات المتعاقبة، والحرص الشديد على النهوض بأوضاعه، لما يخدم مصلحة التلميذ الذي يعد محور العملية التعليمية-التعلمية، ومصلحة المدرس صاحب الفضل الأول في تنوير العقول، وإقامة الحضارات الحديثة.
فمنذ فجر الاستقلال وبلادنا لم تفتأ تبذل جهودا مضنية، وتصرف ميزانيات ضخمة في عمليات إصلاح هذا القطاع الحيوي الهام عبر برامج ومخططات ورؤى واستراتيجيات وطنية، وتحاول وضع قطار منظومتنا التعليمية على السكة الصحيحة قصد ضمان انطلاقة موفقة نحو تحقيق النماء والرخاء...
كما لا يخفى على أحد أن العاهل المغربي محمد السادس ما انفك يؤكد منذ جلوسه على العرش، أن التعليم يشكل رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، ويولي عناية خاصة له عبر حرصه الدائم على توفير تعليم جيد لجميع أبناء الشعب المغربي على قدم المساواة، وضمان انخراطهم في عالم المعرفة والتواصل، وتأهيلهم للحياة المهنية، ولاسيما أن النموذج التنموي الجديد يهدف في الجانب المتعلق بالتعليم إلى إحداث نهضة تربوية، غايتها الكبرى تعزيز وتأمين الرأسمال البشري للإسهام بفعالية في خلق التنمية وفتح آفاق واعدة للمستقبل.
غير أن كل تلك المحاولات لم تلبث أن باءت بالفشل، في ظل انعدام الإرادة السياسية لدى عديد المسؤولين الذي تعاقبوا على تدبير الشأن العام والشأن التعليمي بشكل خاص، وغياب الحكامة الرشيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. لكن ذلك لم ينل من عزيمة الملك ورغبته الجامحة في محاولة تحقيق الإصلاح المأمول، خاصة أن بلادنا تسعى جاهدة إلى الالتحاق بركب البلدان الصاعدة، ورفع عديد التحديات.
وبالنظر إلى ما يحظى به شكيب بنموسى الذي سبق له تقلد منصب وزير للداخلية ومنصب سفير للمغرب بفرنسا، من مصداقية وثقة كبيرتين لدى الدوائر العليا في البلاد، جراء ما ظل يتميز به من جدية في العمل وصرامة في اتخاذ القرارات الحاسمة، ويتحلى به من حس وطني صادق وروح المسؤولية، فقد اختير هذه المرة لتولي حقيبة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في حكومة عزيز أخنوش، على أمل أن يتحقق على يديه وهو المهندس "الشاطر" الذي أشرف على صياغة النموذج التنموي الجديد، ما لم يستطع سابقوه تحقيقه.
بيد أنه وكما يقول المثل "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"، فإن الرجل الذي جيء به لإصلاح القطاع، لم يكن يخرج من معركة حتى يجد نفسه يخوض أخرى، دون أن تجديه شطارته نفعا في تقليص منسوب الاحتقان المتزايد والحد من الإضرابات والاحتجاجات المتواصلة. إذ أنه وبعد انتفاضة مديري ونظار ورؤساء الأشغال والحراس العامين وغيرهم بمؤسسات التعليم العمومي في الثانوي الإعدادي والتأهيلي في وجهه، لعدم التزامه بتسوية وضعيتهم النظامية والتزام مسؤولي الوزارة الوصية بتنفيذ وعودهم التي طال انتظارها...
وما أثارته الشروط التي اعتمدتها وزارته بالنسبة للراغبين في ولوج مهن التدريس، وتحديدا شرط السن القانوني المحدد في 30 سنة كحد أقصى، من ردود أفعال غاضبة ورافضة داخل أوساط الكثير من الهيئات النقابية والحقوقية والجمعوية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. وما جره عليه من انتقادات لقاؤه بثلة من الأساتذة الجامعيين والباحثين وما سمي ب"المؤثرين" على شبكة التواصل الاجتماعي، بهدف فسح المجال أمامهم لتقديم ما يرونه من أفكار واقتراحات جديرة بالإسهام في إعداد خطة محكمة لإصلاح المدرسة العمومية ومناقشة عدد من الملفات، التي يعد ملفا الأساتذة المتعاقدين والترقية إلى الدرجة الممتازة بالنسبة لأساتذة التعليم الابتدائي من أبرزها.
فها هو اليوم يسابق الزمان لإخماد النيران التي أشعلها المرسوم رقم 819.23.2 بخصوص النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي صادقت عليه الحكومة في 27 شتنبر 2023 ونشر في الجريدة الرسمية عدد 7237 بتاريخ 9 أكتوبر 2023، إذ أنه وبعد طول انتظار وترقب جاء للأسف محبطا ومخيبا لآمال الشغيلة التعليمية، التي كانت تمني النفس بأن يأتي بإصلاحات كبرى ويعالج مجموعة من الملفات المطلبية المشروعة، التي من شأنها تحسين الأوضاع والارتقاء بمستوى المدرسة الوطنية.
على بنموسى أن يعلم بأن خرجاته الإعلامية لن تفيد في أي شيء، وأن المخرج الوحيد أمامه لإنقاذ الموسم الدراسي الحالي من مسلسل الإضرابات والوقفات الاحتجاجية، هو التعجيل بإعادة النظر في نظامه الإقصائي والمثير للجدل، الذي لم يعمل للأسف سوى على إعادة التوتر والاحتقان للقطاع. حيث بدا ذلك واضحا من خلال الإضراب الوطني الذي دعت إليه 11 تنسيقية تعليمية يوم الخميس 5 أكتوبر 2023 الذي يصادف اليوم العالمي للمدرس، وكان بحق الأكبر منذ أكثر من عقد من الزمن.
وخاصة أن النقابات التعليمية المشاركة في الحوار القطاعي، أكدت خلافا لما يدعيه الوزير عدم موافقتها على النسخة التي تم تهريبها إلى المجلس الحكومي، وأن ما قدمته من ملاحظات ومقترحات وتعديلات لم يؤخذ بعين الاعتبار. ثم أين نحن من الزيادة في أجور موظفي القطاع كما التزمت بذلك الحكومة في برنامجها؟ ولم تم استثناء هيئة التدريس من أنظمة التعويضات الجديدة، وعدم تفعيل الدرجة الاستثنائية بالنسبة لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، التي تم الاتفاق عليها في "اتفاق 26 أبريل 2011"؟
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
بالتفاصيل.. هذا ما حمله القانون الأساسي لقطاع التربية
أصدرت وزارة التربية الوطنية، مساء اليوم الأحد، بيانا بخصوص مشروع المرسوم التنفيذي المتضمن القانون الأساسي والنظام التعويضي الخاصين بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية.
وجاء في البيان، أن مشروع هذا القانون الأساسي كان ثمرة عمل متواصل شاركت فيه المنظمات النقابية المعتمدة لدى القطاع، بالإضافة إلى اعتماد الملاحظات والآراء المسجلة خلال اللقاءات الثنائية التشاورية الأخيرة مع بعض النقابات، والتي شكلت فرصة لمن لم يشارك في اجتماعات اللجنة الخاصة بإعداد مشروع هذا القانون الأساسي للتعبير عن وجهة نظرهم وما ينتظرونه من هذا المشروع.
كما تشكرت الوزارة بكامل مكوّناتها، رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على اهتمامه ومتابعته لمجريات إعداد القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية، منذ أن أمر بمراجعته إلى غاية الموافقة عليه اليوم في اجتماع مجلس الوزراء مع النظام التعويضي.
وأبرز المصدر ذاته، أنه سيكون لهذين النّصين الأثر الإيجابي على الوضعيتين المهنية والاجتماعية للأسلاك والرتب التي يحكمها هذين النصين، ومنها:
- الحفاظ على المكتسبات الإيجابية التي تضمّنها النص ساري المفعول، بما فيها شموليته لجميع
الفئات والأسلاك والرتب.
-ضبط المهام الأساسية لجميع الأسلاك والرتب
-إخضاع إسناد المهام البيداغوجية والتعليمية إلى موظفي التعليم لمعايير التخصص والجدارة والتنافسية.
– تحسين تصنيف الرتب القاعدية مع الاستفادة من الأحكام الانتقالية للإدماج في رتب أعلى.
– استحداث رتبة “أستاذ مميز” ضمن المسار المهني لموظفي التعليم.
– تثمين الشهادات في الترقية والإدماج ضمن المسار المهني.
-ضبط جسور ومسارات الترقية.
-إمكانية استفادة موظفي التعليم من تكييف الحجم الساعي لتحضير تأهيل علمي في مجال التخصص.
– إمكانية استفادة موظفي التعليم من شغل المناصب العليا الهيكلية بالإدارة المركزية والمصالح غير الممركزة والمؤسسات العمومية تحت الوصاية الموافقة لمهامهم؛
– إمكانية الاستفادة من تخفيض يتراوح بين 3 إلى 5 سنوات في السن للإحالة على التقاعد.
– إمكانية الاستفادة من عطلة التحرك المهني مدفوعة الراتب لتعميق المعارف في مجال التخصص.
– تخفيض الحجم الساعي الأسبوعي لأساتذة المراحل التعليمية الثلاث.
– تخفيض الحجم الساعي الأسبوعي لموظفي التعليم المرتبين في الدرجة 10 فما فوق +.
-تخفيض مدة المكوث في المنصب للمشاركة في الحركة النقلية إلى سنتين دراسيتين على الأقل.
-استحداث مسار مهني لموظفي التغذية المدرسية.
-التكفل بمستخدمي جهاز المساعدة على الإدماج المهني الذين تم إدماجهم في مرحلة التعليم الابتدائي، برفع تصنيفهم ووضع مسار مهني لهم؛
– التأكيد على حماية الدولة للموظفين ضد التهديدات والاعتداءات.
وستكون هذه الحقوق والواجبات محل تطبيق عند صدور النص وفقا للكيفيات التي ينص عليها.
هذا وجددت وزارة التربية الوطنية نيابة عن الأسرة التربوية شكرها الجزيل لرئيس الجمهورية على العناية التي أولاها لهذا القطاع، لا سيما قراره التاريخي بتحسين الظروف المادية للأسرة التربوية وكذا قراره التاريخي المتعلّق بإمكانية الاستفادة من الإنهاء الاختياري للخدمة قبل السن القانوني للتقاعد بفترة تتراوح من 03 إلى 05 سنوات.
وبهذه المناسبة، دعا وزير التربية الجماعة التربوية، بمن فيهم الشركاء الاجتماعيين إلى مزيد من العطاء والتشاركية والتعاون للنهوض بالقطاع بما ينسجم مع الآمال والآفاق التي حملها قرار السيد رئيس الجمهورية.