يعاني قطاع غزة من أسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق منذ 21 يوما، حيث فرضت إسرائيل حصارا كاملا على القطاع الذي يسكنه حوالي 2.3 مليون شخص، وقامت قواتها بعملية قتل وتدمير ممنهجة داخل القطاع، ولم تذر حجرا أو شجرا أو بشرا إلى وقصفته.

فيما ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 7300 شهيد وأكثر من 18900 مصاب، كما تم تدمير أكثر من 4800 مبنى سكني، والحاق أضرار بأكثر من 120 ألف وحدة سكنية، ونزح حوالي مليون شخص من المناطق التي تشهد عمليات حربية شمال قطاع غزة إلى جنوب القطاع؛ بحثاً عن ملاذ آمن.

انقطاع الاتصال بـ غزة

ويعيش القطاع ليلة وصفت بأنها الأصعب والأعنف منذ تجدد الصراع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل قبل 21 يوما، وتعيد إلى الأذهان ما حدث في معركة ستالينجراد الشهيرة، حيث أكد المتحدث العسكري للجيش الإسرائيلي، أن القوات البرية للجيش ستوسع من عملياتها الليلة، مضيفا: "نواصل مطالبة أهالي غزة في الشمال بالتوجه إلى الجنوب".

ومعركة ستالينجراد هي إحدى أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية، جرت في مدينة (فولفوجراد اليوم) خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفيتي، واستمرت حوالي 6 أشهر بين 21 أغسطس 1942 و2 فبراير 1943.

وقد أدى القصف الإسرائيلي المتواصل عل قطاع غزة إلى انقطاع الاتصالات تزامنا مع شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا شاملا من 3 جبهات برية وجوية وبحرية.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وغير مسبوق مع انقطاع الاتصالات، حيث شن طيران الاحتلال الإسرائيلي في الساعة الأخيرة، غارات عنيفة وغير مسبوقة على قطاع غزة، ما أدى إلى انقطاع شبكات الاتصالات والانترنت.

وأكدت شركات الاتصالات في غزة الانقطاع الكامل لشبكاتها العاملة في القطاع، في حين تحولت عدد من القنوات التلفزيونية التي تنقل تطورات الأحداث إلى الاعتماد على الأقمار الصناعية لنقل الصورة والتواصل مع مراسليها، في ظل توقف الاتصالات العادية أو المعتمدة على الإنترنت.

وأعلن تلفزيون فلسطين، أن قطاع غزة يشهد قصفا هو الأعنف برا وبحرا وجوا منذ بداية الحرب، وتعرضت أنحاء مختلفة في قطاع غزة لقصف عنيف ومستمر من طيران الاحتلال الحربي.

توترات تضرب الشرق.. أمريكا ترسل قوات إضافية بعد هجمات سوريا وتحرك إيران فضحت الاحتلال أمام العالم| 5 تصريحات لأسيرة إسرائيلية أحرجت الغرب وصفعت نتنياهو

وأكدت فضائية "روسيا اليوم" أن الطائرات الإسرائيلية تشن الآن هجوما ضخما وعنيفا على عموم مناطق قطاع غزة، متسببة بانقطاع شبكة الاتصالات، وتشترك المدفعية الإسرائيلية في الهجوم ويتركز القصف في أغلب الأحيان على المناطق الشرقية في القطاع.

وأوضحت "روسيا اليوم" أن الهجوم الإسرائيلي يتركز في مناطق وسط غزة وحي الزيتون وشرق جباليا وشرق الشجاعية وبيت لاهيا شمال قطاع غزة ودير البلح جنوب القطاع.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن القصف الكبير الجاري الآن على غزة مرحلة جديدة في الحرب على القطاع.

وأكد مراسل قناة "فوكس نيوز" الأمريكية أن "الهجوم على قطاع غزة الآن هو الأكثر جنونا الذي رأيته، أقوى هجوم منذ بداية الحرب".

وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية- جوال- عن أسفها لانقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة، معللة ذلك بأنه بسبب القصف الشديد.

وقالت شركة الاتصالات الفلسطينية - جوال: "نأسف للإعلان عن انقطاع كامل وكافة خدمات الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة في ظل العدوان المتواصل".

وأضاف البيان الذي نقله تليفزيون فلسطين: "تسبب القصف الشديد في الساعة الأخيرة بتدمير جميع المسارات الدولية المتبقية التي تصل غزة بالعالم الخارجي، بالإضافة للمسارات المدمرة سابقًا خلال العدوان، ما أدى إلى انقطاع كامل لخدمات شركات الاتصالات عن قطاع غزة الحبيب".

وأعلنت منظمة "نت بلوكس" التي تراقب الإنترنت في مختلف دول العالم، بأن بيانات الشبكة الحية تظهر انهيار الاتصالات في قطاع غزة، مع تأثير كبير على شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل"، وسط تقارير عن قصف إسرائيلي عنيف.

قطاع غزةقطع الاتصال والإنترنت

أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني الانقطاع عن الاتصال بغرفة العمليات في قطاع غزة بشكل كامل، حيث شن الطيران الإسرائيلي على شمال غزة عدة غارات متتالية، تعد الأعنف منذ بداية الحرب، أدت لانقطاع الاتصالات والإنترنت بشكل كامل عن القطاع، وفقًا لما نشره موقع العربية.

وأكدت حركة المقاومة الفلسطينية حماس، أن قطع الاتصالات والانترنت عن قطاع غزة وتصعيد القصف براً وبحراً وجواً على الأحياء السكنية؛ يُنذِر بِنِيَّة الاحتلال ارتكاب مزيدٍ من المجازر وجرائم الإبادة بعيدا عن أعين الصحافة والعالم.

وحمَّلت الحركة، في بيانها، الاحتلال وواشنطن والعواصم الغربية التي دعمته كامل المسؤولية عن مسلسل المجازر البشعة وتداعياتها.

كما طالبت الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، بتحمل المسؤولية، والتحرّك الفوري لوقف الجرائم ومسلسل المجازر بحق شعبنا.

ودعت حماس الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده في الضفة والقدس وأراضي 48 والشتات وأحرار العالم إلى النفير العام؛ نصرةً لغزة ولوقف العدوان وحرب الإبادة ضد المدنيين.

وذكر البيان أيضا: نؤكّد أن شعبنا الفلسطيني الصامد لن ترهبه هذه السياسات الفاشية ولن يتوقّف ومقاومته الباسلة عن الثورة والنضال حتى صدّ هذا العدوان الهمجي ودحر الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا وممارسة حقّنا في الحرية وتقرير المصير بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بإذن الله.

يذكر أنه في 13 أكتوبر 2023، قالت مجموعة الاتصالات الفلسطينية، إن شبكتها تكبدت أضرارًا فادحة أثرت على عملها بشكل كبير، مُحذرة من أن تجدد الانقطاعات والأضرار على الشبكة سيتسبب بتوقف كامل لخدمات الاتصالات والإنترنت.

وأشارت مجموعة الاتصالات- في بيان لها حول الأوضاع في قطاع غزة- إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر تسبب في حدوث عدة انقطاعات على المسارات الرئيسية للألياف الضوئية التي تصل قطاع غزة بالضفة الغربية ثم العالم الخارجي، ما جعل القطاع بدون شبكة محمية وبوضع حساس.

لا يوجد مكان آمن في غزة.. قصف إسرائيلي مركز على القطاع وتوغل بري تهديد علني جديد.. حكاية 8 كلمات قالها السيسي لـ ماكرون عن سيناء

وحذرت الشركة أنه في حال تجدد الانقطاعات والأضرار على الشبكة سيؤدي لانقطاع اتصال غزة مع الضفة ما يعني توقف كامل لخدمات الاتصالات والانترنت، وفقدان الفلسطينيين هناك القدرة على التواصل وعزلهم تماما.

وأوضحت مجموعة الاتصالات أن 35% من عناصر الشبكة الرئيسية كالأعمدة والكوابل وخطوط الألياف الضوئية التي تربط غزة داخليا، تعطلت، كما تعرضت الشبكة لأضرار فادحة نتيجة الانقطاع في الكهرباء، أو حدوث أعطال في الشبكات الأرضية والهوائية، أو تدمير بعض أجهزة الشبكة، ما أثر سلبا على جودة خدمات الاتصالات والإنترنت بشكل متفاوت ما بين التقطيع إلى الانقطاع الكامل.

وأشارت إلى تعطل 35% من المقاسم الطرفية لشبكة الهاتف الثابت والإنترنت المنزلي، ما أثر بشكل كبير على نحو 40% من مشتركيها، ومشتركي الهاتف الخليوي أيضا، بسبب تعطل 30% من مواقع وأبراج الشبكة الخليوية.

وأكدت المجموعة تعرض مبنى مقر الإدارة العامة لشبكة الهاتف الثابت والإنترنت المنزلي الواقع في حي الرمال للقصف، وتدمير العديد من المباني والمنشآت التابعة للشركة بشكل جزئي في أماكن متفرقة من قطاع غزة.

قطاع غزةالوضع الإنساني في غزة

فيما يخص الاتصالات في غزة، قال بلال خالد، مصور مقيم في غزة، لشبكة "إن بي سي" نيوز في محادثة عبر تطبيق واتساب، إنه كان هناك انقطاع كامل للإنترنت والخدمات الخلوية، وقال إنه لم يتمكن من التحدث إلا لأنه كان لديه اتصال قصير بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية.

وقال حسام مقداد، متخصص الاتصالات في غزة، لشبكة إن بي سي نيوز، في وقت سابق من هذا الأسبوع، في محادثة على “سيجنال”، إن بعض مزودي الإنترنت هناك قاموا بتخزين الوقود للمولدات، على الرغم من أن الإمدادات محدودة دائمًا.

وأضاف مقداد، أن الاتصال كان محدودا بالفعل؛ لأن القصف دمر الكثير من البنية التحتية. ومع انقطاع الكهرباء، اضطر إلى شحن هاتفه المحمول باستخدام الألواح الشمسية الخاصة بجيرانه.

أما عن الوضع الإنساني في غزة، فقد قال فيليب لازاريني، المدير العام للأونروا، إن "الحصار يعني أن الغذاء والماء والوقود- السلع الأساسية- يتم استخدامها لعقاب جماعي لأكثر من مليوني شخص، من بينهم أغلبية من الأطفال والنساء". 

وقال إن موظفي الأمم المتحدة في غزة أفادوا بأن "آخر الخدمات العامة المتبقية تنهار، وعمليات المساعدة التي نقدمها تنهار، وللمرة الأولى على الإطلاق، أفادوا بأن الناس يعانون من الجوع الآن".

وأشار مسؤول في منظمة الصحة العالمية إلى أن المنظمة تلقت تقديرات بأنه ما تزال هناك 1000 جثة تحت الأنقاض في غزة لم يتم التعرف عليها، ولم يتم تسجيلها بعد ضمن عدد القتلى، وذلك بحسب ما نشرته شبكة سكاي نيوز.

وقال ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، ردًا على سؤال حول عدد القتلى في غزة: "حصلنا أيضا على هذه التقديرات التي تشير إلى أنه ما يزال هناك أكثر من 1000 شخص تحت الأنقاض لم يتم التعرف عليهم بعد".

وارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 7300 شهيد وأكثر من 18900 مصاب.

وأدت حملة القصف العنيفة والحصار والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة إلى نقص حاد في المواد الأساسية من الطاقة والغذاء والمياه، وهو ما أدى إلى نفاذ الاحتياطات من هذه المواد.

وأعلنت حكومة الاحتلال وقف امداد قطاع غزة بالكهرباء، ما أدى لتوقف محطة توليد كهرباء غزة الوحيدة في القطاع عن العمل.

وحذرت وزارة الصحة في وقت سابق من خطورة الوضع الصحي في قطاع غزة، بسبب منع إسرائيل وصول الوقود إلى محطات توليد الكهرباء، ما سيتسبب بتعطيل المنظومة الصحية بالكامل، ويُعرّض القطاع لكارثة إنسانية، ويكون مليونان و200 ألف مواطن غزي دون خدمات صحية.

ووفقا لسلطة المياه، فقد انخفضت نسبة التزود بالمياه  بعد أن قطعت إسرائيل نسبة التزود بالمياه، وأن انقطاع التيار الكهربائي أدى إلى توقف محطات التحلية شمالي غزة وفي المحافظة الوسطى عن العمل.

ووفقاً للأونروا فإن 95% من سكان القطاع لا يستطيعون الوصول إلى المياه النظيفة، كما يؤدي نقص الكهرباء إلى توقف الحياة بشكل دوري، ويعتمد قطاع غزة بدرجة كبيرة على إسرائيل في الحصول على المياه والكهرباء والغذاء، وتحصل غزة على معظم ما تستهلكه من كهرباء من إسرائيل نظراً لأن القطاع لا يمتلك سوى محطة كهرباء قديمة واحدة وهي التي توقفت عن العمل منذ بداية الحرب، وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن ملايين الفلسطينيين يواجهون الجفاف ويتعرضون لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه في ظل أزمة المياه المتصاعدة مع استمرار إسرائيل في حجب الإمدادات الأساسية عن غزة 

من جانبه، قال نائب مدير عام الرعاية الأولية للصحة العامة رامي العبادلة، إن نسبة تلوث المياه التي يستخدمها المواطنون في قطاع غزة عالية جداً، ولفت إلى تسجيل حالات الأمراض الجلدية المختلفة ومنها حالات جدري ماء وهو مرض سريع الانتشار ينتقل عن طريق الهواء، وفي مراكز اللجوء سوف يتعرض مئات الآلاف من الأشخاص للإصابة.

كما حذر العبادلة من تبعات تراكم النفايات في قطاع غزة والذي ينتج عنه يوميا 2000 طن من النفايات، ولليوم العاشر على التوالي، تتراكم النفايات في المدن والأماكن السكانية ومراكز الإيواء وأصبحت تشكل مكاره صحية.

وتخوف العبادلة من ظهور أوبئة خطيرة مثل الكوليرا وأمراض أخرى خلال الأيام القادمة نتيجة هذه النفايات وعدم توفر مياه للنظافة الشخصية.

قطاع غزة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل حماس قطاع غزة الفصائل الفلسطينية شركات الاتصالات انقطاع الاتصالات غزة خدمات الاتصالات والإنترنت الاتصالات الفلسطینیة منذ بدایة الحرب الإسرائیلی على انقطاع الاتصال الاتصالات فی قطاع غزة إلى على قطاع غزة فی قطاع غزة فی القطاع أدى إلى ما أدى فی غزة

إقرأ أيضاً:

صفقة على حدِّ السّيف!

هي صفقة لا كالصفقات!! إذ يَندُر في التاريخ أن تضطر قوة إقليمية كبرى مدعومة بقوى عالمية كبرى، للموافقة صاغرة على شروط عدوها، الذي تراه (ويراه العالم وفق الحسابات المادية) ضعيفًا منهكًا مدمَرًا جائعًا محاصَرًا، لا يؤبه له في الحسابات الإقليمية والدولية.

فقد كان يُفترض أن يحتل الجيش الإسرائيلي قطاعَ غزة في بضعة أيام؛ كيف لا، وقد سبق له احتلال القطاع وهو تحت حكم أقوى دولة عربية في يوم أو يومين سنة 1956، ثم في سنة 1967.

ولكن في حين طوّر الكيان الإسرائيلي إمكاناته أضعافًا مضاعفة، بينما بقي القطاع محاصرًا مخذولًا 17 عامًا. ورغم أن الكيان استخدم كل وسائل البطش والدمار والمجازر، لكن "الفتى" الغزّاوي وقف كالمارد 471 يومًا من المقاومة الأسطورية المذهلة التي ترعاها حاضنة شعبية مضحية صابرة محتسبة، استنزفت الجيش الإسرائيلي وأنهكته، وجعلت حكومته ترضخ لصفقة كريمة فرضتها المقاومة.

صفقة قلقة وهدنة هشة

أما وقد بلع الاحتلال السكِّين، ووافق على إنفاذ المرحلة الأولى التي تتضمن إطلاق سراح 1.904 أسرى من سجون الاحتلال، بينهم 296 محكومًا بالمؤبد، والانسحاب من معظم قطاع غزة، وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم، وفتح المعابر وإدخال 600 شاحنة يوميًا، و60 ألف كرافان و200 ألف خيمة، وبدء حملة الإعمار، فيما حماس محتفظة بسلاحها وسيطرتها، وذلك مقابل ما لا يزيد عن إطلاق 33 من أسراه لدى المقاومة.. فإنّ حالة الحسرة والمرارة والشعور بالفشل قد سادت في أوساطه السياسية والعسكرية والأمنية والشعبية.

إعلان

ولكنها كانت صفقة "المضطر" ليس فقط لأن ترامب ضغط باتجاه الموافقة عليها، ولكن لأن حالة الاستنزاف والغرق في المستنقع الغزّاوي كان لا أفق لنهايتها، وكان التدخل الأميركي مخرجًا يحفظ ماء وجه الاحتلال، ويُنقذه من غرور وعُنجهية قيادته التي تعيش حالة إنكار وهروب من الواقع، بما قد يؤدي إلى مزيد من الانهيارات والانحدار في المشروع الصهيوني، بحيث أوصت الجهات الأمنية والعسكرية وقوى المعارضة بالصفقة والوصول لحل سياسي، مدعومة بغالبية في أوساط المجتمع الاستيطاني الصهيوني وفق استطلاعات الرأي.

ولذلك، فما زال الاتفاق "هشًا"؛ لأن قوى أساسية في الحكومة الحالية ما تزال غير مستوعبة للدرس، وترفض النزول عن الشجرة، وترى ضرورة استئناف الحرب، فلعل وعسى أن تجد فرصة في هزيمة المقاومة، وترى أنّ فرض غزة لشروطها ليس فقط مؤشرًا على بدء العد العكسي للمشروع الصهيوني، وإنما هو أيضًا مؤشر على سقوط أيديولوجيتها ونهاية حياتها السياسية.

وتتضح هشاشة الاتفاق من متابعة نتنياهو تصريحاته المهددةَ بسحق حماس ومنعها من السيطرة على غزة، حتى بعد إنفاذ الاتفاق في مرحلته الأولى، وفي تعهده الشفوي لسموتريتش، زعيم الصهيونية الدينية ووزير المالية في حكومته، بأن تعود "إسرائيل" للحرب لتدمير حماس، حتى لا ينسحب الأخير من الحكومة، فيفقد التحالف الحاكم أغلبيته في الكنيست، وتسقط الحكومة.

ويدل انسحاب بن غفير وحزبه (العَظَمة اليهودية) من الحكومة، ووصفه للاتفاق بأنه كارثي واستسلام لحماس، على حالة القهر والغضب التي تنتاب اليمين الدّيني المتطرف.

ورغم الشعور العام بالفشل في تحقيق الأهداف، فإن غالبية الإسرائيليين وفق استطلاعات الرأي هي مع إنفاذ الصفقة، ونحو 60% يؤيدون استمرار المفاوضات وتنفيذ المرحلة الثانية منها، وهناك 61% لا يُصدّقون وعود نتنياهو بإنهاء حكم حماس في قطاع غزة.

إعلان حماس وتحديات ما بعد الطوفان

انتصرت حماس وقوى المقاومة في صراع الإرادات، وأفشلت كافة أهداف الاحتلال في سحق حماس واستسلامها، وفي احتلال القطاع، وفي تحرير أسراه، وفي تقرير مستقبل قطاع غزة، وفي تأمين مستوطنات غلاف غزة.

كما أفشلت خطط التهجير وخطط الجنرالات في تفريغ شمال القطاع، وخطط الاستيطان اليهودي في القطاع. وحصلت حماس على صفقة مُشرِّفة لتبادل الأسرى، وعقدت اتفاقًا يؤسس لإنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.

هذا، بالإضافة إلى إسقاط المقاومة للنظرية الأمنية الإسرائيلية، وفكرة الملاذ الآمن لليهود الصهاينة في فلسطين، وإعادة قضية فلسطين لتكون في صدارة القضايا العالمية، وإسقاط السردية الإسرائيلية، وصعود السردية الفلسطينية، وتحوُّل الكيان الإسرائيلي إلى كيان منبوذ، وتعطيل برامج التطبيع، وحالة الإلهام للأمة وللإنسانية بإمكانية هزيمة المشروع الصهيوني.

وما زالت حماس تتمتع بشعبية غير مسبوقة لدى الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وفشلت كافة جرائم العدو ومجازره في فصل الحاضنة الشعبية عنها، ونجحت حماس في تجنيد الآلاف من المقاتلين في كتائب القسام، كما نجحت في الاستمرار بالإمساك بزمام الأمور في قطاع غزة دونما منافس.

في المقابل، ما تزال حماس، تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع فترة ما بعد إنفاذ المرحلة الأولى من الاتفاق.

ويبرز أوّل التحديات في ترتيبات اليوم التالي لإدارة قطاع غزة، فثمة إصرار من سلطة رام الله على التفرّد بإدارة القطاع، وبالتالي تبرز مخاطر الدخول في مواجهات مع حماس وقوى المقاومة إذا سعت إلى إنفاذ التزاماتها تجاه الاحتلال بمنع المقاومة ونزع أسلحتها، ويترافق ذلك مع رفضها أي انتخابات حرة نزيهة، لأنها تعلم مسبقًا أن النتائج محسومة لصالح حماس وقوى المقاومة.

ويتوافق هذا مع رغبات إسرائيلية عارمة، ورغبات أميركية غربية، ورغبات من دول عربية في منع حماس من حكم غزة، أو المشاركة في حكمها بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك رغم اعتراف الجميع بعجزهم على فرض إرادتهم على حماس طوال الـ 18 عامًا الماضية.

إعلان

ومع أنّ حماس ليس لديها مشكلة في الوصول إلى توافق وطني على إدارة غزة، دون ضرورة أن تكون هي في واجهة القيادة، إلا أنّ هذه الأطراف تسعى لنزع أسلحة المقاومة ولتهميش حماس سياسيًا، والتخلص من كوادرها ومؤيديها في البنى المؤسسية الرسمية في القطاع، وهو ما يعني أنها تسعى لتحقيق ما فشل الاحتلال في تحقيقه في كل حروبه وطوال سنوات حصاره.

وسيسعى الاحتلال والولايات المتحدة والحلفاء الإقليميون، بدعم من سلطة رام الله لممارسة الضغوط والابتزاز على حماس وقوى المقاومة من خلال متابعة الحصار، ومن خلال ملف الإعمار، حيث الحاجة الماسّة لأهل القطاع في إدخال احتياجاتهم الضرورية ومستلزمات إعادة الإعمار بعد تدمير أو تضرر نحو 90% من البيوت والبنى التحتية.

ويكفي أن نضع في ذهننا أنّ تكاليف إعادة الإعمار تزيد عن 80 مليار دولار أميركي وفق دراسات وتقديرات عالمية، وأن مجرد إزالة الأنقاض يحتاج أكثر من مليون و300 ألف شاحنة، أي يحتاج نحو عشر سنوات إذا ما استخدمنا 200 شاحنة تقوم كل واحدة بتعبئة حمولتها مرتين يوميًا!

ومن ناحية أخرى، فإن الاحتلال الإسرائيلي، قد يسعى مدعومًا بالولايات المتحدة؛ في إيجاد البيئة نفسها التي أدت إلى تفجير معركة طوفان الأقصى، من خلال تفعيل برنامجه في تهويد المسجد الأقصى والقدس والضفة الغربية، مع تصاعد الحديث عن أن ترامب الذي لا يأبه لاتفاق أوسلو ولا حلّ الدولتين، قد يوفر الغطاء لضم مناطق (ج) في الضفة الغربية، وهي تزيد عن 60% من مساحتها. بل إن السلطة الفلسطينية نفسها مهدَّدة وفق تصور اليمين الديني الصهيوني بالتفكك إلى عدة "كانتونات" تدير التجمعات السكانية الفلسطينية وتضبطها أمنيًا تحت إشراف إسرائيلي.

كما أنّ محور المقاومة لن يكون في كامل قدراته التي دعم من خلالها قطاع غزة خلال طوفان الأقصى، خصوصًا بعد تحييد المقاومة في لبنان من متابعة دورها المهم والمؤثر.

إعلان

وكذلك، فإن حماس وقوى المقاومة نفسها قدمت آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى، وفقدت الكثير من قياداتها السياسية والعسكرية والتنظيمية؛ وهي تحتاج وقتًا لإعادة ترتيب صفوفها وملء المواقع القيادية، ومواساة عائلات شهدائها وجرحاها وتلبية احتياجاتهم، وترميم قدراتها العسكرية والمادية في بيئات قاسية تسعى لقطع الطريق عليها.

كما أن حماس وقوى المقاومة تحتاج للقيام بمراجعات موضوعية ومعمقة للتجربة، للاستفادة من ذلك في انطلاقة جديدة وتطوير العمل وتحديد الاتجاهات المستقبلية.

خلاصة

هذا يعني أننا أمام حالة قلقة وهدنة هشة، يمكن أن تتدحرج إلى استئناف العدوان على غزة؛ غير أنّ المزاج العام يدعم مسار وقف الحرب وإنفاذ المراحل التالية من الاتفاق، وأن الغصَّة والمرارة لدى الجانب الإسرائيلي يقابلهما اعتراف ضمني وموضوعي بأنه لا طائل من متابعة الحرب مع غزة، وأنه لا أفق للانتصار على حماس.

وبحسب قناة i24 العبرية فإن "غزة هي حماس والجمهور معها.. ولن يكون هناك سحر "ترامبي" قادر على تغيير الوضع" (17/1/2025).

ولذلك، فربما تميل المرحلة القادمة إلى وضع مزيد من الضغوط وأدوات الابتزاز والحصار لتخفيض سقف منجزات حماس والمقاومة في المرحلتين: الثانية والثالثة، وفي السعي لنزع سلاحها، ومحاولة تهميشها وابتزازها، وفصلها عن الحاضنة الشعبية.

وكل ذلك يستدعي الاستعداد لاحتمالات الحرب والعدوان، وتقوية الصف الداخلي وتعزيزه، والالتصاق أكثر بالحاضنة الشعبية وهمومها، وتقديم مبادرات منفتحة لتحقيق أكبر قدر من الوحدة الوطنية، والتَّحلي بالكثير من الصبر والحكمة والحزم لتوجيه البوصلة الوطنية نحو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، والسعي لإنهاء الاحتلال وتحرير الأرض والمقدّسات.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • تقرير إعلامي ستعرض التحديات التي تنتظر سكان قطاع غزة بعد العدوان
  • لبنان ينتظر اتصالات دولية للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي دخلها 
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: غزة تعيش هدوء حذر بانتظار إتمام المرحلة الأولى من الهدنة
  • إعلام عبري: حالة انتظار عصيبة في إسرائيل لقوائم الأسرى التي ستعلنها “حماس”
  • ما أبرز الإنجازات والمكتسبات التي حققها طوفان الأقصى للقضية الفلسطينية؟
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • تحديات قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي.. تدمير شامل وجثث تحت الأنقاض
  • «يشبه القنبلة النووية».. الصحة الفلسطينية تكشف أضرار مستشفى كمال عدوان بعد القصف الإسرائيلي
  • الصحة الفلسطينية: مستشفى كمال عدوان شمالي غزة تعرض لما يشبه القنبلة النووية
  • صفقة على حدِّ السّيف!