مخاوف كبيرة.. هل تؤثر الحرب فى غزة على أسعار النفط العالمى؟
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
مخاوف وحالة من الارتباك شهدتها أسواق النفط والغاز العالمية ومن ثم الأسعار، مع تصاعد وتيرة العنف لقوات الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة منذ انطلاق أحداث طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، حيث كان للحرب تأثير كبير على أسعار النفط العالمي، فقد ارتفعت أسعار النفط فى أعقاب اندلاع الحرب.
وتعد منطقة الشرق الأوسط من أهم مناطق إنتاج النفط فى العالم، وتخشى الأسواق من أن يؤدى استمرار الحرب فى غزة إلى انقطاع الإمدادات من هذه المنطقة، مما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط.
وأظهر استطلاع أولى أجرته "رويترز" أنه من المتوقع أن ترتفع مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضى بينما تنخفض مخزونات نواتج التقطير والبنزين.
وارتفع سعر خام برنت الأوروبى بنحو ١٠ فى المئة، ونظيره الأمريكى بنحو ٩ فى المئة، وتبلغ الأسعار نحو ٩٠ دولارا للبرميل، وهى لا تزال بعيدة عن مستوياتها التاريخية.
ويحذر خبراء من أنه بعد مرور خمسين عاما على الحظر النفطي، الذى فرضته الدول العربية على الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب الأخيرة مع مصر عام ١٩٧٣، فإن الأزمة الحالية قد تؤدى إلى تعطيل الإمدادات ودفع الأسعار إلى الارتفاع.
الحرب فى غزة لا تجلب أخبارًا جيدة لأسواق النفطووفقا لـ "بى بى سي" قال رئيس وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، إن الحرب فى غزة "لا تجلب أخبارًا جيدة" لأسواق النفط المنهكة بالفعل، بسبب تخفيضات إنتاج النفط من المملكة العربية السعودية وروسيا وتوقع طلب أقوى من الصين.
ويقول محلل شؤون النفط، إدواردو كامبانيلا، إن "إسرائيل ليست منتجا للنفط، ولا توجد بنية تحتية دولية كبرى للنفط بالقرب من قطاع غزة"، ورغم ذلك يبقى أحد المخاطر الرئيسية فى التدخل المباشر لإيران، الداعمة لحركة حماس والتى تعد عدوا لدودا لإسرائيل، فى النزاع.
وتمثل منطقة الشرق الأوسط ما يقرب من ثلث العرض العالمى من النفط، ويمر من مضيق هرمز الاستراتيجى نحو ٢٠ فى المئة من الإمدادات العالمية، أو ما يوازى ٣٠ فى المئة من إجمالى النفط الذى يتم نقله بحرا.
وتعتبر الأزمة الحالية هى الخطر الجيوسياسى الأكبر الذى يهدد سوق الطاقة العالمي، منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا فى فبرايرمن العام الماضى ٢٠٢٢ بحسب خبراء، كما يخشون من اتساع النزاع ليضم الدول القريبة المنتجة للنفط مثل إيران والسعودية، وخاصة إذا قامت إيران بإغلاق مضيق هرمز.
ويقول كامبانيلا إن السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط، من بين دول المنطقة، لديهما خطوط أنابيب لشحن النفط الخام خارج الخليج، من دون المرور عبر مضيق هرمز.
وحتى فى حال عدم تدخل إيران بشكل مباشر فى النزاع، يمكن أن تشدد الولايات المتحدة من العقوبات على طهران فى حال ثبوت تورطها فى هجوم حماس على إسرائيل، وهو ما قد يؤدى إلى تفاقم الضغوط على سوق النفط الذى يعانى أصلًا من نقص المعروض.
ويرى محللون أنه من غير المرجح أن تشدد الولايات المتحدة العقوبات على إيران، دون موافقة السعودية على تعويض البراميل الإيرانية المفقودة، وهو أمر لا يتوقع حدوثه وفقا لهم.
وكانت السعودية وروسيا قد أعلنتا بالفعل، فى وقت سابق، عن تخفيضات طوعية فى الإمدادات حتى نهاية عام ٢٠٢٣، بلغت قيمتها ١.٣ مليون برميل يوميا، ما دفع بأسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال ١٠ أشهر فى أواخر سبتمبر الماضي.
وشهدت إيران العضو فى مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تضرر إنتاجها وصادراتها بسبب سنوات من العقوبات الدولية، لكن خلال الأشهر الاثنى عشر الماضية، زاد إنتاجها ويشتبه فى قيامها بتهريب النفط إلى السوق، بينما تغض إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن الطرف عن ذلك، وفقا للمحلل النفطي، هيلغ اندريه مارتينسن، للمساعدة فى احتواء الأسعار فى سياق ارتفاع الطلب ونقص العرض.
كما يواجه الاقتصاد العالمى الذى يعانى مؤشرات سلبية قياسية وأزمات متتالية، تهديدات متزايدة، سواء على المستوى الجيو سياسى أو البيئي، ومنها حرب روسيا وأوكرانيا ووباء كورونا، ثم مؤخرا الحرب التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
وطبقا لما نشرته بلومبيرج فإن الحرب على غزة سيطرت على جميع اجتماعات صندوق النقد الدولي، ولم يتم توقيع أى اتفاقات بسبب المخاوف من التأثيرات المتنامية لهذه الحرب.
ومع استمرار الاجتماعات، أدت دعوة جيش الاحتلال الإسرائيلى لإجلاء المدنيين فى غزة والتهديد باشتعال مواجهة جديدة محتملة فى الشمال الإسرائيلى على الحدود مع لبنان، واندلاع الاحتجاجات فى عدة دول بالمنطقة، إلى زيادة المخاوف من اتساع نطاق الحر وتفاقم التداعيات الاقتصادية.
وأوضحت بلومبيرج أنه عندما حان الوقت لكى يصدر كبار المسؤولين الماليين على مستوى العالم بيانهم التوافقى بشأن التوقعات العالمية، لم يكن هناك أى ذكر مباشر للحرب بين إسرائيل وحماس وهو الحدث الأبرز عالميا.
ويواصل الاحتلال غاراته الوحشية التى تستهدف منازل المدنيين العزل، بجانب استهداف المستشفيات والمساجد والكنائس، مما أدى إلى ارتقاء آلاف الشهداء.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غزة أسعار النفط العالمي النفط الحرب الشرق الأوسط الحرب فى غزة أسعار النفط
إقرأ أيضاً:
سودان واحد بين حكومتين .. مخاوف من تشظي البلاد وتطور الحرب لأهلية قد تستمر أعواماً
(الشرق الأوسط) كمبالا: أحمد يونس/أحدث الإعلان عن اقتراب موعد تشكيل حكومة مدعومة من «قوات الدعم السريع» و«موازية» للحكومة التي يترأسها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في بورتسودان، «هزة عنيفة» اجتاحت الأوساط السياسية والاجتماعية، بل و«العسكرية»، وأول ارتداداتها كان تقسيم تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» إلى تيارين، ما زاد من حدة المخاوف من اتساع الهوة بين أطراف البلاد، والتمهيد لإنشاء «دول متعددة» في الدولة الواحدة، مما ينذر باحتمال تقسيم السودان.
وحدد التيار الذي انقسم عن تحالف «تقدم» يوم الاثنين المقبل 17 فبراير (شباط) الجاري موعداً لإعلان «الحكومة الموازية»، وتوقيع ما سماه «الميثاق السياسي»، يعقبه إعلان تشكيل الحكومة المزمعة بمشاركة عدد من القوى السياسية من «تقدم» ومن خارجها والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية».
مهام الحكومة الجديدة
وقال الناطق الرسمي باسم تحالف القوى المدنية المتحدة «قمم»، عثمان عبد الرحمن سليمان، لـ«الشرق الأوسط»، وهو تحالف من خارج «تقدم» ومقرب من «قوات الدعم السريع»، وأحد أعمدة الحكومة المرتقبة؛ إن اللجان الفنية فرغت من التفاصيل المتعلقة بصياغة وإعداد الدستور المؤقت للحكومة والميثاق السياسي وبرنامج الحكومة، وأصبحت جاهزة للتوقيع.
ووفقاً لسليمان، فإن مهام الحكومة المزمعة ستتضمن حماية المدنيين، وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك الأوراق الثبوتية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والتواصل مع الأسرة الدولية، وتحييد سلاح الطيران.
وسارعت المجموعة الرافضة للحكومة الموازية، داخل تنسيقية «تقدم» بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، إلى إعلان فك ارتباطها بالمجموعة المنادية بالحكومة الموازية، وأعلنت استناداً إلى «اتفاق جنتلمان» بفض التحالف بـ«إحسان»، تأسيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة، المسمى اختصاراً بـ«صمود»، فيما لم تختر مجموعة الحكومة الموازية بعد اسماً لتحالفها.
وقالت المجموعة الجديدة «صمود»، إن تباين الرؤى داخل تحالف «تقدم» على «نزع شرعية» حكومة بورتسودان، أنتج «موقفين» استعصي الجمع بينهما، وإن الطرفين اتفقا على «فك الارتباط السياسي والتنظيمي» بين المجموعتين.
وتتمسك «صمود» بنهج «تقدم»، الذي يتمثل في العمل المدني الديمقراطي دون تشكيل حكومة، بينما ترى المجموعة الأخرى تشكيل حكومة بصفتها أداة من أدوات «نزع الشرعية» من سلطة بورتسودان.
مخاوف تمزق البلاد
ويخشى على نطاق واسع من أن يؤدي تشكيل حكومة - بالضرورة ستتشكل في مناطق سيطرة «الدعم السريع» - إلى تمزيق البلاد وتنازعها بين حكومتين إن لم تكن ستصير إلى دولتين على أسس جهوية وإثنية، ومن تطور الحرب من حرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» إلى «حرب أهلية» تعزز الانقسام الإثني والجهوي والسياسي، وقد تستمر عقوداً من الزمان.
وأدت هذه الخطوة غير المسبوقة إلى هذه الهزة وسط القوى المدنية المناهضة للحرب، لكنها أحدثت هزة عنيفة أخرى داخل طرفي الحرب وداعميهما.
ونشطت المنصات الموالية للجيش، وعلى رأسها تلك المنتمية للمعسكر «الإخواني» على وجه الخصوص، في شن حملات إعلامية ضخمة ليس ضد الحكومة التي أعلنت المشاركة في تشكيل الحكومة، بل ضد تحالف «صمود» الجديد بقيادة حمدوك، حيث ترفض تلك المنصات قيام حكومة موازية، وتجاهلت حربها ضد «الدعم السريع» والحكومة المزمعة.
وفسر مقرب من أنصار النظام السابق، طلب عدم ذكر اسمه، الحملة على التحالف الذي يترأسه حمدوك، بأن أنصار النظام يرون أنه «العدو الأساسي» للحركة الإسلامية، وهي القوى المدنية التي أسقطت حكمهم بالعمل المدني.
لا شرعية لحكومة بورتسودان
ولا يعترف القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي – الأصل، إبراهيم الميرغني، وهو أحد مؤسسي مشروع الحكومة المزمعة بتسمية «حكومة موازية»، حسب إفادته لـ«الشرق الأوسط»، لأنهم لا يعترفون بوجود حكومة أخرى، ولا يسعون لـ«نزع شرعية من جهة ليست موجودة أصلاً».
وقال الميرغني إنهم يسعون لتأسيس «شرعية جديدة» مستمدة من الشعب السوداني، وتشكيل حكومة «تأسيسية» بديلة عن التي انهارت بعد الحرب، ولا ينتظرون اعترافاً خارجياً، وأضاف: «السودانيون أضاعوا وقتاً طويلاً في النظر للخارج، وهو لا يكترث لما يحدث في السودان».
وحدد الميرغني مهمة الحكومة المزمعة، في وقف الحرب، وتقديم الخدمات الأساسية، وإعادة الحقوق الدستورية «التي حرم الشعب السوداني منها»، وحفظ الأمن والسلامة، وحماية المواطنين من الانتهاكات، و«مواجهة المشروع المتطرف العنصري»، وفقاً لإفادته.
الميرغني، قال إن الحكومة المرتقبة ستسعى لإقامة علاقات دولية متوازنة مع كل دول العالم، ولا سيما دول الجوار والدول الأفريقية والعربية «إلا من أبى»، لحفظ مصالح السودان، وأضاف: «مصالح الشعب فوق كل اعتبار، ونقيم علاقتنا مع كل الدول التي تشاركنا قيم الحرية والديمقراطية والعدالة على أساسها، ولن يتحقق ذلك إلا بتأسيس دولة مكان تلك التي انهارت».
وأوضح أن وقف الحرب من أولويات الحكومة، لإنهاء قدرة الطرف الآخر على الاستمرار في الحرب، تحت ذرائع تمثيله لشرعية الدولة، وأضاف: «هم يزعمون أنهم يمثلون الدولة، ويخططون لاستغلال اسمها، وتصنيف الآخرين بأنهم متمردون وخونة»، وتابع: «حين نؤسس شرعية الدولة الحقيقية سيفقدون كارت ابتزاز العالم باسم الدولة».
وتوقع أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعات السودانية، دكتور عبد الناصر الفكي، أن تنجح الحكومة الجديدة في وقف الحرب، بتنبيه العالم لغياب حكومة في مناطق واسعة من البلاد، وأن «ترمي حجراً» في بركة التجاهل الدولي لهذا الغياب.
وقال الفكي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحرص على وحدة البلاد يتطلب اعترافاً متبادلاً، وتقاسماً عادلاً للسلطة والثروة، وإقامة حكم لا مركزي ناجح وجيد»، وتابع: «إذا سد فراغ غياب الوجود الحكومي وتقديم الخدمات وضبط الانفلات الأمني وحفظ الأنفس والأموال، فستكون أمام الحكومة فرصة نجاح جيدة، لأن حكومة بورتسودان غير موجودة هناك، ما يجعل من وجود حكومة حاجة أساسية».
اعتراف محلي أولاً
ورهن حصول الحكومة على اعتراف دولي بحصولها على «اعتراف محلي»، بقوله: «إذا امتلكت قدرة عالية على إعادة تنظيم وترتيب المجتمع وإشباع حاجاته، فسيعترف بها المجتمع الدولي».
واستبعد الفكي «فكرة تهديد تشكيل الحكومة لوحدة البلاد»، وقال: «أنا أنظر للمسألة من منظور تقديم الخدمات للناس، فالحكومة التي في بورتسودان تعتبر مناطق سيطرة (الدعم السريع) حواضن اجتماعية تجب معاقبتها، وهذا تعبير عن غياب أي فكر استراتيجي لإنهاء الصراع».
لكن الفكي أبدى تخوفه من تصاعد حدة النزاع وتزايد هجمات من قبل الجيش، واستخدام الطيران بكثافة في استهداف رموز الحكومة الجديدة، وقال: «سيستهدفون مناطق الحكومة الجديدة بصورة أكبر، وهذا خرق للمواثيق والأخلاق».
المتحدث السابق باسم «تقدم» جعفر حسن، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن نزع الشريعة له أدوات كثيرة ومتعددة، وإنهم يرون في قيام حكومة موازية «شرعنة» للحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة، لذلك لا يؤيدون الفكرة، وفي الوقت ذاته يحترمون خيار دعاتها.
وزير «العدل» في حكومة حمدوك: حرب السودان ربما تستمر لسنوات
واعتبر تشكيل حكومة إخلالاً بموقف «تقدم» الأصيل والرئيسي الممثل في عدم الانحياز لأي من طرفي الحرب، وقال: «لذلك فإن وجود حكومة في مناطق سيطرة (الدعم السريع) انحياز لأحد طرفي الحرب، وإن تنسيقية (تقدم) إذا اختارت أحدهما ستكون قد خرجت على تفويضها الرئيس، الممثل بالوقوف على مسافة واحدة من طرفي الحرب، والعمل على إيقافها».
وحذر حسن من أن يقود تشكيل حكومة لتقسيم البلاد، وأضاف: «وجود جيوش وسلطة في أراضٍ يعد تمهيداً لقيام دول متعددة في السودان»، بيد أنه حمّل سلطة بورتسودان المسؤولية عن التمهيد لقيام دول متعددة، بقوله: «هذا المسلك سلكته سلطة بورتسودان أولاً، حيث قصرت بموجبه حقوقاً سيادية على أماكن محدودة في السودان، مثل تغيير العملة وامتحانات الشهادة السودانية وغيرهما»، وقطع: «هذا الطريق يدفع الطرفين بسرعة لتقسيم السودان».