«قيامة الخفافيش».. القضايا ذات الأبعاد العميقة في قالبٍ سردي

في روايته الصادرة حديثًا، والتي حثّ المفكر الدكتور علي فخرو، على قراءتها وتمعنها، عبر قوله: «إنها رحلة ممتعة متشعبة، يحتاج أن يستوعبها الشباب والشابات، وأن ينتبه لإشاراتها ودروسها وعبرها آباءُ وأمهاتُ جيلِ هذا العصر، المليء بالتناقضات الفكرية المقلقة، وبالعلل الاجتماعية البالغة الخطورة»، يخوض الكاتب البحريني حسين كاظم، عبر روايته «قيامة الخفافيش»، في دهاليز الاضطرابات المجتمعية، والقضايا ذات الأبعاد العميقة، التي يسبكها في قالبٍ سردي إبداعي.

في هذه الرواية، الصادرة حديثًا عن «دار السؤال للنشر والتوزيع»، تقع الأحداث في خطين متوازنين، وفي زمنين ومكانين مختلفين، أحد هذين الخطين مكثف، على شكل رسائل مرسلة من مجهول إلى مجهول، والآخر مفصل بسردٍ صاخب، على ألسنة أبطال الرواية، والسارد العليم. وتقع أحداث الخط السردي المفصل في مملكة البحرين، في العام 2008، فيما تقع أحداث الخط السردي المكثف في (جمهورية كولومبيا)، عام 2022.
بين البحرين وكولومبيا، تتوالى أحداث الرواية، ففي البحرين، يعود الراوي إلى القرن الثامن عشر، مع شيخٍ يدعى بـ «الشيخ الكنعاني» المقدس، والذي تقوم (القرية باء) بأكملها وتراثها على حكاياته المقدسة، التي يدخل البطل في صراع معها، تشكيكًا وتكذيبًا، فيما يصاب بالحيرة العقلية والقلبية فيما يتعلق بنبوءة الشيخ.
تبدأ الرواية باعتداءات مفاجئة يشنها مجهولون، وفي صخب البحث عن منفذي هذه الاعتداءات، تناقش الرواية العديد من القضايا ذات الأبعاد العميقة، ابتداءً بالنسوية، وتغير الموقف من المرأة على مدى مختلف الأزمنة والعصور، في الميثولوجيا والتاريخ والأديان، وانتهاءً بقضايا الإيمان، والإلحاد، واللاأدرية... مرورًا ببعض الإشكاليات التاريخية، في محاولة من المؤلف لتشخيص ما يمر به المجتمع من اضطرابات وتقلبات صاغها بقالبٍ إبداعي سردي.
يتجنّب كاظم في روايته الواقع كما هو، موازناً بينه وبين استخدامات الجوانب الخيالية، لكنهُ يحاول تقديم تأويل للواقع، مستند على الأحداث الواقعية. وقد حظيت الرواية بإطراء الدكتور علي فخرو، الذي لفت بأن هذه الرواية «لا تسرد فقط مأساة لمجموعة من شباب العصر الذي نعيش، ابتداءً من تفجرها، في إحدى قرى البحرين المتواضعة، وانتهاء بخاتمتها في مدينة من مدن أميركا الجنوبية، وإنما هي تدخل في أعمق أعماق التساؤلات الكبرى، التي طرحتها الديانات، والأدبيات العالمية، والفلسفات الكبرى، وتصورات الخرافات، والأساطير الشعبية، في البحرين وغيرها، عبر العصور».
فيما أكد الناقد عبدالجبار علي، بأن الرواية «تطمح لمضاعفة قلقنا»، مضيفًا بأنها «تشتغل على إحداث حالة من التناغم بين ما نؤمن به ونصادره، وبين ما نصادره ونؤمن به»، مبينًا «في المنتصف، من تلك المسافة، يكون على من يمتلك حاكمية التوجيه أن يُعيد الخلخلة إلى منطقيّة الوجود، وحقيقة الإنسان التي تؤمن بوحدة المصير الإنساني».

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية