صحفيو غزة: نلملم شظايا حزننا ونكمل الرسالة
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
القدس المحتلة-سانا
“نحبس دموعنا وتتوجع قلوبنا.. نلملم شظايا حزننا لنكمل الرسالة.. ليس أمامنا إلا أن نصمد لا أن نصمت.. هدفنا إيصال الرسالة إلى العالم أجمع.. الاحتلال الإسرائيلي يقتل أهالي غزة ولا يجب أن تمر جريمة قتلهم بصمت”.
هذه هي حال الصحفيين في القطاع المنكوب الذين يشاهدهم العالم كيف يحبسون دموعهم أمام رؤية أبنائهم وعائلاتهم شهداء، جراء قصف طيران الاحتلال الذي يتعمد منذ بدء عدوانه على القطاع في السابع من الشهر الجاري استهداف الصحفيين وعائلاتهم، في محاولة لإسكات صوت الحق الذي يحرص الصحفيون على وصوله إلى كل أصقاع الأرض.
“حياتك أهم من الخبر” إحدى قواعد العمل الإعلامي حيث يحمل الصحفيون كاميراتهم ويوثقون ما يخلفه العدوان من شهداء وجرحى ودمار وخراب، لإيصال ما يستطيعون من جرائم الاحتلال ووحشيته ليراها العالم، لكن هذه القاعدة وهذا المفهوم المهني لا ينطبقان على الوضع في فلسطين المحتلة وبشكل خاص في قطاع غزة، حيث لا يمكن فصل الحياة الشخصية عن الهوية الوطنية والانتماء، ليقدم 34 صحفياً حياتهم شهداء إيماناً منهم بقضيتهم، والتزاماً منهم بمبادئ مهنة المتاعب في كشف ونقل جرائم الاحتلال ومجازره المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
الاحتلال لم يكتف بقتل الصحفيين لإسكات صوت الحقيقة، بل استهدف عائلاتهم في المنازل وفي مراكز الإيواء، حيث ارتقى سبعة صحفيين برفقة عائلاتهم، بينما فقد آخرون عدداً من ذويهم من بينهم المصور معتز العزايزة الذي فقد 25 من أفراد أسرته، كما استشهد وأصيب العشرات من أهالي الصحفيين ورغم ذلك لم يتوقف هؤلاء لحظة عن التغطية، متحاملين على أوجاعهم لمواصلة عملهم من أجل نقل أوجاع الآخرين ليسمعها العالم.
عند بدء العدوان كانت وسائل الإعلام الموجودة في القطاع تعمل من مكاتبها في غزة، إلا أن قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثف الذي دمر أبراجاً عدة أجبرهم على المغادرة جنوباً، رغم أن قصف الاحتلال لا يوفر أي منطقة.
مئات الصحفيين استقروا في مدينة خان يونس في خيم نصبت في باحة إحدى المستشفيات لتشكل قاعة للتحرير نهاراً ومأوى ليلاً، حيث تعج باحة المستشفى برجال ونساء يرتدون سترات واقية من الرصاص كتب عليها صحافة بالإنكليزية، ويضعون خوذات على رؤوسهم، فيما تتكرر عمليات القصف الذي يستهدف كل ما يتحرك في القطاع.
هذه حال الصحفيين في غزة الذين يكفل لهم القانون الدولي والمواثيق الأممية الحماية وحرية العمل، وهي لا تختلف عن حال 2.3 فلسطيني يتعرضون للقتل اليومي أمام الشاشات، فيما تمنع الولايات المتحدة والغرب الجماعي مجلس الأمن من اتخاذ قرار بوقف العدوان تنفيذاً لمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين ورفع الضيم عن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، لكن هيهات.. فهذا لن يتحقق في عالم تحكمه شريعة الغاب، وتكون الغلبة فيه للأقوى وليس لصاحب الحق.
محمد أبو شباب
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
انتهاكات لا تنتهي.. ماذا نعرف عن مشفى العودة الذي يستهدفه الاحتلال؟
"سوف نبقى هنا، كي يزول الألم، سوف نحيا هنا، سوف يحلو النغم.." هكذا أنشد الطاقم الطبي لمستشفى العودة، بقطاع غزة المحاصر، في ردّ صريح على صمودهم أمام العدوان المتفاقم الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي، على كامل غزة، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان.
بعيون حزينة، وصوت يمسّه شجن، تابع أطباء مستشفى "العودة" إنشادهم الذي جاب مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، آنذاك: "رغم كيد العدا رغم كل النقم، سوف نسعى إلى أن تعم النعم"؛ فيما توالى عدوان الاحتلال عليهم، في أبشع الصور.
وحين عطّل الاحتلال الإسرائيلي، عبر الاستهداف المباشر وغير المباشر، كافة المستشفيات الحكومية والأهلية في قطاع غزة. ظل "مستشفى العودة" الوحيد الذي لا يزال يعمل في شمال القطاع، بالحد الأدنى.
ترصد "عربي21" خلال هذا التقرير، صمود مشفى العودة، لأكثر من عام، في قطاع غزة المحاصر، قبل أن يتعمّده الاحتلال بشكل يوصف بـ"المُمنهج"، مواصلا خلاله جرائمه التي لا تنتهي ضد الإنسان والإنسانية.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة القدس البوصلة (@alqudsalbawsala)
ما نعرف عن المشفى؟
مستشفى العودة المتواجد في تل الزعتر، بمخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، الذي تأسس عام 1985، توالت عليه هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث قصف بالمدفعية الطوابق العلوية منه، خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
آنذاك، استُشهد، 33 فلسطينيا، بينهم 21 امرأة؛ فيما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" نقلا عن المستشفى، بـ"وصول الشهداء والمصابين، عقب قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي عددًا من المنازل قرب مفترق نصار بمخيم جباليا شمال قطاع غزة"، ليتواصل عليه العدوان، ويرتفع عبره عدد الشهداء.
وسبق أن أعلنت إدارة مستشفى العودة، في بداية السنة التي شارفت على الإنتهاء، عن خروج أقسام العمليات والمختبر والأشعة عن الخدمة، بينما باتت خدمات الاستقبال والطوارئ والعيادات التخصصية والولادة مهدّدة أيضا بالتوقف التام.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Mohammed Ahmed | محمّد أحمد (@j_mohamed_ahmed)
وجرّاء "مجزرة الطحين" التي أودت بحياة 112 فلسطينيا ومئات الجرحى، الذين احتشدوا على شارع الرشيد جنوب غربي مدينة غزة، أملا في الحصول على كيس دقيق، من شاحنات مساعدات قليلة يسمح الاحتلال بوصولها من جنوب القطاع، قد استقبل مستشفى العودة 176 من الجرحى.
إثر ذلك، أجرى الأطباء في قلب المستشفى 7 عمليات جراحية، من بين 27 جريحا بحاجة إلى تدخلات جراحية عاجلة، وذلك عبر إمكانيات متواضعة وعلى كهرباء من بطاريات صغيرة وباستخدام كشافات يدوية.
وبداية الشهر الجاري، استشهد أخصائي العظام "الوحيد" الموجود في شمال قطاع غزة، سعيد جودة, برصاص الاحتلال، عندما كان في طريقه لمزاولته عمله في مستشفى "العودة" شمال القطاع, وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة رام الله مكس | RamaLLah Mix (@ramallah.mix)
صمود بوجه الحصار
خلال شباط/ فبراير الماضي، استهدف الاحتلال الإسرائيلي، أجزاء كبيرة من مستشفى العودة وحوصر لمدّة 18 يوما؛ غير أن المستشفى الفلسطيني، رغم ذلك، واصل تقديم الخدمات الطبية، بطاقة 50 في المئة للمرضى والمصابين، وسط نقص الإمكانات والمستلزمات الطبية الناتج عن الحرب.
وكان الطبيب بالمشفى، محمد صالحة، قد قال في تصريح صحافي: "بعد انتهاء الحصار الذي استمر لمدة 18 يوما منذ الخامس من ديسمبر/ كانون الأول وحتى 22 من الشهر نفسه الماضي، عاد المستشفى للعمل، وبدأنا في تقديم الرعاية الطبية للمرضى والمصابين بطاقة استيعاب بنسبة 50 في المئة".
وتابع الطبيب، لوكالة "الأناضول": "خلال فترة الحصار، كانت حركتنا داخل أروقة المستشفى مقيدة للغاية خشية من إطلاق الرصاص من قبل القنص الإسرائيلي، وأيضا لم تتمكن سيارات الإسعاف والمواطنين من نقل الجرحى والمرضى بسهولة للمستشفى".
وأكّد: "خلال فترة الحصار، قام الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على المستشفى، مما أسفر عن استشهاد 3 من العاملين داخل المبنى وتدمير الطابقين الثالث والرابع"، مردفا: "العديد من السيدات استشهدن لصعوبة وصولهن إلى المستشفى بشكل سريع، خاصة النساء الحوامل".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Ķhàłèđ???????? (@khaled_rassem)
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، "لم تصل المستشفى أي قطرة سولار أو أدوية" بحسب تأكيد صالحة، مشيرا إلى أن المؤسسات الصحية تُحاول إدخال المساعدات الإنسانية والأدوية للمشفى، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرفض دائما ذلك.
وأردف: "تعاني المستشفى أيضا من عدم توفر الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية وسيارات الإسعاف؛ الأمر الذي دفعها إلى الاعتماد على المولد الصغير".
"نحن نضطر إلى شراء الوقود له من الأسواق المحلية بصعوبة جدا نتيجة ندرته" تابع الطبيب، موجّها في الوقت نفسه، نداء إلى الهيئات الصحية الدولية، من بينها منظمة الصحة العالمية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بـ"توفير الأدوية والمستلزمات الطبية على وجه السرعة لخدمة الجرحى والمرضى".
إلى متى؟
في خضمّ الظروف المُفجعة، التي يمر بها كامل القطاع المحاصر، لأكثر من عام كامل، رصدت "عربي21" تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من قلب جباليا التي توصف بـ"منبع الأبطال"، جُملة من مقاطع الفيديو، توثّق ما وصفوه بـ"الجحيم على الأرض".
مقاطع، جابت حسابات عدّة على مواقع التواصل الاجتماعي، لأسابيع طِوال، تبرز بالصّوت والصورة ما يحصل من انتهاكات في القوانين المرتبطة بحقوق الإنسان، بحق مستشفى العودة الفلسطيني؛ غير أنّها لم تحرّك ساكنا، ولا تزال المأساة متواصلة، أمام مرأى العالم.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Mohammed alghefari (@mr.abuhakim)
أيضا، كشفت المقاطع نفسها، عن حجم الدّمار الذي يخلفه الاحتلال الإسرائيلي بالمشفى، من تدمير للبناية نفسها إلى سيارات الإسعاف، جرّاء كل قصف يمسّه به. يعدّ "العودة" أبرز المستشفيات القليلة التي لا تزال تقدّم بعضا من خدماتها الصحّية، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل.
في السياق نفسه، كان مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، قد أوضح: خلال الحرب، أخرج الاحتلال الإسرائيلي 30 مستشفى (من إجمالي 36) عن الخدمة، بالإضافة إلى 53 مركزا صحيا، واستهدف 150 مؤسسة صحية، وعوّقها عن العمل.
وأضاف "كما استهدف 122 سيارة إسعاف، دمرها بالكامل بهدف القضاء على القطاع الصحي في غزة".