تعود علاقة الدكتور طه حسين بمنطقة تونا الجبل الأثرية فى مركز ملوى جنوب محافظة المنيا، وارتباط اسمه دائماً بها إلى عام 1931، ففى ذلك الوقت كان الدكتور سامى جبرة، الذى كان أستاذاً فى علم المصريات بجامعة القاهرة، يعمل على تقديم طلب للجامعة لإجراء حفريات أثرية فى منطقة تونا الجبل بصحراء ملوى، وكان من المفترض أن يشرف «جبرة» على هذه الحفريات ومن هنا ظهر الدكتور طه حسين فى القصة.

«الجهمي»: شهدت تصوير جزء من فيلم «دعاء الكروان»

ويوضح تلك العلاقة فرج عبدالعزيز الجهمى، مدير تنشيط السياحة فى تونا الجبل، إذ قال لـ«الوطن»، إن الدكتور سامى جبرة عالم الآثار المعروف، تقدم بطلب لصالح مصلحة الآثار لبدء أعمال الحفائر فى تونا الجبل فى عام 1931، لكن الطلب لم يتم الموافقة عليه بسبب ضيق وضعف الميزانية، لذلك قدم «جبرة» الطلب نفسه إلى جامعة القاهرة، ووافق عليه الدكتور طه حسين، الذى كان عميداً لكلية الآداب وقتها وصديقاً للدكتور «جبرة»، وبعد موافقة طه حسين على الطلب وافق على تمويل الحفريات من خلال كلية الآداب، وبدأ العمل فى فبراير 1931 فى تونا الجبل، حيث حضر الدكتور طه حسين شخصياً إلى تونا الجبل لتشجيع الفريق ودعمهم، وحققت الحفريات نجاحاً ونتائج جيدة مع مرور الوقت، مما دفع الدكتور طه حسين للانتقال إلى المنطقة والإشراف على الجانب المالى للبعثة.

وأضاف «الجهمى» أن الدكتور سامى جبرة قدم طلباً لمحافظة أسيوط، إذ كان مركز ملوى يتبعها فى ذلك الوقت، من أجل توفير مكان خاص لإقامة الدكتور طه حسين وزوجته بعيداً عن مكان إقامة بعثة الحفريات، ووافقت محافظة أسيوط على بناء استراحة خاصة للدكتور طه حسين فى ملوى، وأطلق على الاستراحة اسمه، وأصبحت مكاناً يجتمع فيه محبوه ورواده، فى أحيان كثيرة تحولت إلى صالون ثقافى.

كتب قصته الشهيرة «دعاء الكروان» في تونا الجبل

وأوضح مدير تنشيط السياحة فى تونا الجبل، أنه خلال وجوده فى تونا الجبل كان الدكتور طه حسين يزور المواقع الأثرية فى المنطقة، بما فى ذلك موقع إيزادورا، حيث كان يجلس بجواره لفترات طويلة، وكان يقيم فى بعض الأحيان حفلات سمر وحفلات المديح النبوى للعمال، فى جو من المرح ولتخفيف حدة العمل لأعضاء البعثة الأثرية، كما أنه كتب قصته الشهيرة «دعاء الكروان» هناك، إذ كانت له استراحة خاصة به فى تونا الجبل، سميت باسمه، وكان يستقبل فيها ضيوفه من المثقفين والأدباء والأثرياء، وكان يحب زيارة ضريح إيزادورا، التى اشتهرت بقصة حبها المأساوية، وأثرت هذه الزيارات والتفاعلات المستمرة مع تونا الجبل على الدكتور طه حسين بشكل كبير، حتى أصبحت تونا الجبل مكاناً يجذبه ويلهمه، وترسخت رابطة قوية بينه وبين المنطقة، وبعد انتهاء الحفريات، عاد الدكتور طه حسين إلى القاهرة، لكنه لم ينس تونا الجبل.

وأشار مدير تنشيط السياحة إلى أن هناك روايات تناقلها الأهالى تشير إلى أن عميد الأدب العربى استعان باستراحته فى تصوير أجزاء من فيلم دعاء الكروان، التى جسد خلالها الفنان الكبير أحمد مظهر دور مهندس الرى ومعه الفنانة فاتن حمامة، واختيار العميد هذه المنطقة لتصوير أجزاء من الفيلم لم يأت من فراغ، فتونا الجبل تضم جزءاً ريفياً يعيش فيه الأهالى وجزءاً صحراوياً يضم المنطقة الأثرية وبداخلها استراحة طه حسين، وهى ظهرت وبنفس معالمها التى ما زالت موجودة فى فيلم دعاء الكرون، الذى كتبت روايته فى تونا الجبل، ومن يدقق النظر فى السلم الخشبى للاستراحة سيتضح ظهوره فى الفيلم الذى جرى عرضه قبل أكثر من 50 عاماً.

وقال «الجهمى» إنه بعد فترة من الزمن قرر الدكتور طه حسين إعادة زيارة تونا الجبل والاستقرار فيها لفترة طويلة، حيث اشترى قطعة أرض هناك وبنى منزلاً يستخدمه كمقر إقامة له ولعائلته، وأصبحت تونا الجبل ملاذاً له يمضى فيه أوقاتاً هادئة ويستمتع بالطبيعة والهدوء، وبعد وفاة الدكتور طه حسين فى عام 1973، ما زال ارتباطه بتونا الجبل واستراحته فى ملوى تعيش حتى اليوم، حيث تم الحفاظ على استراحته وتحويلها إلى متحف يضم مقتنياته الشخصية ومقتنيات تونا الجبل التاريخية، ولا يزال اسم الدكتور طه حسين مرتبطاً دائماً بتونا الجبل، ويُذكر بها عندما يتحدث عن تاريخ المنطقة والآثار فيها، فقصة الدكتور طه حسين وتونا الجبل تعكس العلاقة القوية بين الإنسان والمكان، وكيف يمكن لتجاربنا وتفاعلاتنا أن تؤثر على حياتنا وترتبط بذكرياتنا وتاريخنا.

وأوضح مدير تنشيط السياحة أن الدكتور سامى جبرة، مدير حفائر جامعة القاهرة، ذكر فى مذكراته قيمة ومكانة العميد الدكتور طه حسين بمكانته العلمية والشخصية، حيث أضاف الكثير والكثير لأعمال الحفائر فى منطقة تونا الجبل بمساندته المستمرة، وموافقته على أن تكون نفقات الحفائر على حساب كلية الآداب بجامعة القاهرة والدعم اللا محدود ومرافقته وزياراته الدائمة فى تونا الجبل، التى كانت تزيد من الحماس وتضيف للمكان، فمجرد وجوده فى تونا الجبل هو مكسب للحفائر وشهرة للموقع، حيث كان يتردد على زيارته الكثير من أصدقائه الكتاب والأدباء وأصحاب الفكر والرأى المثقفين والفنانين ومنهم الأجانب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: طه حسين الهجرة الجماعية الدکتور طه حسین

إقرأ أيضاً:

رؤية: تحذير من أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية

أفادت مؤسسة “رؤية” المتخصصة في متابعة التنبؤات الجوية بأن التوقعات المناخية تشير إلى هطول أمطار غزيرة، مصحوبة بخلايا رعدية وتساقط للبرد، ابتداء من الليلة وحتى صباح الغد.

ومن المتوقع أن تشمل هذه الأمطار مناطق الساحل الغربي لليبيا، بما في ذلك رأس اجدير، زلطن، العسة، زوارة، رقدالين، الجميل، العجيلات، صبراتة، صرمان، والزاوية، مع امتداد التأثير إلى مناطق غرب الجفارة، باطن الجبل وغرب الجبل.

وأوضحت المؤسسة أن الظواهر الجوية السائدة ستشمل تأثير ظاهرة الرجوع الشرقي، مما سيؤدي إلى زيادة غزارة الأمطار، متوقعة حدوث جريان للأودية وتجمع المياه في المناطق المنخفضة والساحلية نتيجة لهذه الأمطار الغزيرة.

وفي ختام منشورها، أهابت مؤسسة “رؤية” بجميع المواطنين في المناطق المتأثرة اتخاذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن مجاري السيول والأودية، كما دعتهم لتجنب التواجد في الأماكن المنخفضة التي قد تشهد تجمعًا للمياه، حفاظا على سلامتهم.

مقالات مشابهة

  • أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك لأول مرة منذ 30 عاما
  • بعد 30 عاماً من السكون.. أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو الشمال
  • رؤية: تحذير من أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية
  • دعوة نيابية لإطلاق منحة الأدباء والفنانين والصحفيين قبل نهاية 2024
  • لقاء سيدة الجبل: المنطقة ومعها لبنان تدخل في عصر جديد
  • أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددا!
  • مشروع لإنتاج محصول الزعفران في الجبل الأخضر
  • معرض جدة للكتاب .. احتفالية ثقافية تجمع الأدباء والقراء
  • القائمة القصيرة لجائزة ساويرس الثقافية في دورتها العشرين
  • تطورات كوريا الجنوبية.. الأحزاب تسعى إلى الهدوء بعد عزل يون.. والرئيس السابق يرفض المثول للتحقيق