قال الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني الخارجي "أم آي 6"، جون سوارز، أن فكرة تدمير حماس، ليست في متناول الإسرائيليين.

وأوضح في مقال له بصحيفة "فايننشال تايمز" أن رؤساء أجهزة الأمن لدى إسرائيل، يعلمون أن حماس لديها قاعدة سياسية ممتدة، ‏وتتمتع بدعم خارجي من قبل إيران.

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

في حرب يوم الغفران (يوم كيبور)، والتي مرت بنا ذكراها السنوية الخمسون ‏هذا الشهر، كان لدى الجيوش المهاجمة من كل من مصر وسوريا هدف واضح ‏‏– ألا وهو استعادة أراضيهم وكرامتهم بعد الهزمة التي كبدتهم إياها إسرائيل قبل ‏ذلك بست سنين.

ولو أن عاهل الأردن الملك حسين زج بقواته في الصراع لكان ‏وجود إسرائيل نفسها في خطر مبين. كانت إسرائيل حينذاك تقاتل دفاعاً عن ‏نفسها بحق. ‏

أما هجوم حماس الوحشي في السابع من أكتوبر فكانت له غاية مختلفة. تسعى ‏المنظمات الإرهابية من خلال هجمات كتلك نحو تحقيق ثلاثة أمور: بث ‏الرعب، ولفت الانتباه إلى قضيتها، والاستفزاز والتحريض على رد فعل مبالغ ‏فيه. الإرهاب وحده لا يقوض دولة قائمة. ‏

لإسرائيل كل الحق في أن ترد. ولكنا الآن تجاوزنا مرحلة الغضب الآني. وها ‏هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب التي يترأسها ينظرون في ‏الخيارات المتاحة بعناية أكبر. ينبغي أن نتوقع القيام بمهمات ملاحقة وتدمير ‏داخل مدينة غزة للإطاحة بأكبر قدر ممكن من تجهيزات حماس العسكرية ومن ‏أجل إنقاذ الرهائن. ولكن رؤساء أجهزة الأمن الإسرائيلية يعلمون أن هدف ‏تدمير حماس ربما كان بعيداً عن متناولهم. فحماس لديها قاعدة سياسية ممتدة ‏وتتمتع بدعم خارجي من قبل إيران. ‏



حرب الشوارع ليست بالأمر الهين. لقد شهدنا في حلب وفي ماريوبول مدناً ‏بأسرها تسوى بها الأرض من أجل التغلب على قوة متمترسة داخل الأرض. ‏ورأينا كيف أن استعادة الموصل من قبضة داعش استغرقت القوات التي تقودها ‏الولايات المتحدة تسعة شهور وكلف ذلك آلاف الأرواح في أوساط المدنيين. ‏ليس لدى إسرائيل مثل هذا الوقت، ويعلم جيشها أنه سوف سواجه بمطالبات من ‏أجل وقف إطلاق نار مبكر. ‏

والتحدي الثاني يتمثل فيما سيأتي من بعد ذلك؟ أولى الأوليات بعد هجوم إرهابي ‏كبير هو الحيلولة دون تكراره. أدرك أن أحد الخيارات التي ينظر فيها ‏الإسرائيليون هو إغلاق قطاع غزة بالكامل باستخدام حاجز مزدوج، أحدهما ‏حاجز جديد على مسافة ما داخل منطقة غزة بالإضافة إلى الجدار الحالي، ‏وإغلاق جميع المعابر المؤدية إلى إسرائيل. ‏

ولكن يبقى بعد ذلك السؤال المتعلق بمن سوف يدير غزة ومواطنيها، فإسرائيل ‏ليست لديها شهية لاحتلال القطاع تارة أخرى. ولا يمكن للسلطة الفلسطينية في ‏الضفة الغربية أن تأتي إلى القطاع على ظهر الدبابة الإسرائيلية. ويمكن تفهم ‏رفض مصر لاستيعاب مليونين من اللاجئين. مثل هذا الاستيعاب، لو تم، يصب ‏في مصلحة بعض الإسرائيليين في التيار اليميني المتشدد، الذين يريدون إخراج ‏الفلسطينيين من ديارهم. ‏

وهنا يأتي الدور الدولي المنشود في إدارة غزة. وقد فعلت ذلك الأمم المتحدة من ‏قبل في ناميبيا وكمبوديا والبوسنة وتيمور الشرقية، وفعلت ذلك الولايات المتحدة ‏في العراق بعد غزوها سيء الطالع له. صحيح أن أخطاءً ارتكبت، ولكن تمكنت ‏في كل واحدة من تلك الحالات إدارة ما من أن تحافظ على استمرار البلد. في ‏نفس الوقت، أحاطت قوة عسكرية دولية بالحلبة إلى أن انبثقت عنها حكومة ‏جديدة تشكلت بدعم محلي. ‏

سوف تكون التحديات داخل غزة مهولة. فأي تواجد دولي من هذا النوع ينبغي ‏أن يكون بقيادة أقطار عربية مثل مصر والمغرب والمملكة العربية السعودية، ‏بحيث تكون مقبولة لدى إسرائيل وينظر إليها أهل غزة باحترام. ويمكن لآخرين ‏أن يساهموا، مثل الباكستان وأندونيسيا ودول الخليج. سوف تتطلب الإدارة التي ‏تقرها الأمم المتحدة تفويضاً يصدر عن مجلس الأمن الدولي، وإن كان ذلك ‏وحده لا يكفي لضمان ما يلزم من سلطة وصلاحيات. ‏

في هذه الأثناء تواجه إسرائيل تهديدات شديدة من جهة إيران ووكلائها، وخاصة ‏حزب الله في لبنان. قد تمتد الأزمة الحالية فتنجر إليها المنطقة بأسرها، على ‏الرغم من أن إيران وحزب الله كلاهما استخدما لغة قوية ولكنهما تعاملا مع ‏الوضع بحذر. صحيح أن تبادل الصواريخ عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية ‏تصاعد بشكل خطير، إلا أن أياً من الطرفين لا يرغب في فتح جبهة جديدة. ‏

سوف تستمر إيران في دعم حماس وحزب الله، وكذلك الجماعات الوكيلة عنها ‏في كل من إيران وسوريا واليمن، طالما أنها ظلت متمسكة بأيديولوجيا الثورة ‏الإسلامية. إلا أن تغييراً ما قادم على الطريق: فالقائد الأعلى يبلغ الآن من العمر ‏أربعة وثمانين عاماً، ويستعد النظام لانتقال في السلطة، دون أن يلوح في الأفق ‏بعد اتفاق على خليفة له. يتوهم من يظن أن شخصية ليبرالية قد تبرز. ولكن، ‏وكما رأينا في حالة ميخائيل غورباتشوف في الاتحاد السوفياتي وفي حالة دينغ ‏زياوبينغ في الصين، يمكن أن يبادر الزعماء المستبدون بالانقلاب على ‏السياسات القائمة، وخاصة عندما يلح الاقتصاد في طلب ذلك. ‏

لم يزل الشرق الأوسط يتغير نحو الأفضل – إنه التطور الذي يسعى هجوم ‏حماس إلى وقفه. فإسرائيل غدت جزءاً مقبولاً من المنطقة، ولديها علاقات أوثق ‏مع دول الخليج. بعد ارتكابه سلسلة من الأخطاء في سنواته الأولى، ها هو ولي ‏العهد السعودي محمد بن سلمان يقوم الآن بإحداث تحول في المملكة العربية ‏السعودية. وقد بادر كذلك بقطع التمويل عن المساجد الوهابية حول العالم، وهو ‏أمر من شأنه أن يزيل واحدة من محركات التطرف. ‏

بينما يتصاعد العمل العسكري، وتتعمق الأزمة الإنسانية المريعة في غزة، ‏ونواجه مخاطر العنف الذي قد تمارسه جماعات ضالة داخل بلداننا، ينبغي ألا ‏تغيب عن بالنا الأهداف بعيدة المدى: تحقيق الاستقرار في غزة وإيجاد طريق ‏يفضي إلى حل دائم. ‏

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة نتنياهو غزة غزة نتنياهو الاحتلال طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا

لم يعد اليمين الأكثر تطرفًا في إسرائيل، يبدي أي قدرٍ من الحياء أو التحسب والحذر، وهو يبوح بما يختزنه في عقله الأسود، من مخططات ومشاريع، تكاد تطال مختلف دول المنطقة ومجتمعاتها، وتمسّ بالعمق، أمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها.

آخر الصيحات التي خرجت من أفواه قادته، جاءت على لسان الوزير جدعون ساعر، ودعوته لتشكيل "حلف أقليات" في الإقليم، تستند إليه إسرائيل في استهداف أعدائها من شرقي المتوسط إلى ضفاف قزوين.

لم يكن الرجل قد قضى سوى أيام قلائل، في منصبه على رأس وزارة الخارجية، إثر انقلاب نتنياهو على وزير دفاعه، حتى بدأ يُلقي على مسامعنا، بعضًا من فصول "نظرته الإستراتيجية" للإقليم، الذي تشكل إسرائيل فيه، "أقلية وسط أغلبية معادية"، مُقترحًا البحث عن "مُشتركات" مع أقليات أخرى، بدءًا بدروز سوريا ولبنان، وليس انتهاء بأكراد سوريا، والعراق، وتركيا، وإيران، فاللعب على ورقة "المكونات"، كفيل بجعل إسرائيل، "أكبر الأقليات وأقواها"، في فسيفساء المشرق العربي وهلاله الخصيب ودول الجوار الإقليمي للأمة العربية.

الأمر الذي يدفع على الاعتقاد الجازم، بأن ساعر لم يعرض سوى رأس جبل الجليد من مشروعه لـ "تجزئة المجزَّأ"، في حين ظل الجزء الأكبر منه، غاطسًا تحت السطح، وهو بالقطع، يشمل مختلف "المكونات" الاجتماعية في دول المشرق وجوارها الإقليمي.

وبالنظر إلى السياق الذي طُرح فيه، "حلف الأقليات" وتوقيت هذا الطرح، يمكن الافتراض، بأن تركيا، قبل غيرها، وأكثر من غيرها من الدول المستهدفة، هي الحلقة الأولى في إستراتيجية التفكيك المنهجي المنظم، لبنية هذه المجتمعات ووحدة وسلامة أراضي هذه الدول.

فأنقرة، رفعت وتيرة انتقاداتها لحرب إسرائيل البربرية على غزة ولبنان، وهي تقدم حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية، بوصفها حركات تحرر وطني مشروعة، في مواجهة "طوفان الشيطنة" و"حرب الإلغاء" اللذين تتعرض له من قبل آلة "البروباغندا" الإسرائيلية، المدعومة من قبل أوساط غربية وإقليمية وازنة.

ولعلّ هذا ما تنبهت إليه القيادة التركية، مبكرًا وقبل أن يُخرج ساعر ما في جوفه، عندما بدأت التحذير من مغبة تطاير شرارات الحرب إلى سوريا، وعلى مقربة من حدودها، بل وإبداء الاستعداد لمواجهة تركية – إسرائيلية إن تدحرجت كرة النار، وعجز المجتمع الدولي عن وقفها.

وفي كل مرة صدرت فيها عن أنقرة، تحذيرات من هذا النوع، كانت أنظار المسؤولين والناطقين باسمها، تتجه إلى لعبة "المكونات" التي تريد إسرائيل فرضها على الإقليم، بدعم وإسناد من دوائر غربية عديدة، وتحت حجج وذرائع ومزاعم شتى.

مبادرتان استباقيتان

في هذا السياق، يمكن النظر إلى المبادرات الاستباقية الأخيرة التي صدرت عن أنقرة، وأهمها اثنتان: الأولى؛ داخلية، وصدرت عن دولت بهتشلي، حليف أردوغان وزعيم الحركة القومية و"ذئابها الرمادية"، الرامية لإغلاق ملف المصالحة بين أتراك تركيا وكردها، وهي مبادرة كانت مفاجئة لجهة توقيتها والجهة التي صدرت عنها، وسط قناعة عامة بأنها لم تأتِ منبتّة عن السياق الإقليمي، وانفلات "التوحش" الإسرائيلي من كل عقال، وأنها لم تأتِ من دون تنسيق مسبق بين الحليفين: بهتشلي وأردوغان.

صحيح أن المبادرة، فجّرت قلق خصومها الداخليين، بالذات على "ضفتي التطرف القومي" الكردي – التركي، وأنها أثارت انقسامًا بين "تيار قنديل" داخل أكراد المنطقة، وتيار المصالحة والاعتدال، الذي يُعتقد أن عبدالله أوجلان، يقف على رأسه، من مَحبَسه على جزيرة "إمرالي".

وصحيح أن خصوم المصالحة عملوا على تفجير مركبها قبل إبحاره وسط تلاطم أمواج المواقف والمصالح المتناقضة، بدلالة الهجوم على شركة "توساش" في قلب العاصمة التركية في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما أعقبه من تصعيد في العمليات طال مناطق داخل تركيا وخارجها (سوريا والعراق).. لكن الصحيح كذلك، أن قطار المبادرة ما زال على سكته، رغم العرقلة، وأنه قد يواصل مسيره، ما دام أن وجهته النهائية، تحصين الداخل التركي في مواجهة مؤامرات التفكيك.

أما المبادرة الثانية؛ فسابقة على تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وإن كانت اكتسبت زخمًا إضافيًا في الأسابيع الأخيرة، والمقصود بها، الرغبة التركية الجارفة بالمصالحة مع دمشق، وعروض الرئيس التركي المتكررة، للقاء الأسد، وإغلاق صفحات الخلاف (الصراع) بين البلدين.. وهي المبادرة، المدفوعة بجملة من الحسابات والاعتبارات التركية، من بينها قضية اللاجئين السوريين، وأهمها "المسألة الكردية".

والحقيقة أن أنقرة، لم تكن بحاجة لأن تنتظر جدعون ساعر ليخرج ما في "صندوقه الأسود" من مشاريع طافحة بالعدائية لتركيا، حتى تبدأ بالتحرك المضاد، وتشرع في العمل على إحباط مراميها وأهدافها، والمؤكد أنها كانت تدرك، أن "النجاحات" التي سجلتها إسرائيل على الجبهة الشمالية مع لبنان، وفي مواجهة حزب الله، وتكثيفها العمليات ضد حزب الله وإيران في سوريا، فيما يشبه الاستباحة الكاملة للأجواء والسيادة السوريتين، من شأنها إحياء النزعات الانفصالية لدى بعض تيارات الحركة الكردية في المنطقة، ما دام أن هذه النزعات كانت قد تغذّت تاريخيًا وتضخمت، على جذع "الغطرسة" و"الاستعلاء" الإسرائيلي.

كما أن التطاول الإسرائيلي المتكرر على إيران، سواء في عمقها أو مناطق نفوذها، وعدم نجاح الأخيرة في بناء معادلة ردع صارمة في مواجهة التهديدات باستهداف برنامجَيها النووي والصاروخي – من ضمن أهداف إستراتيجية أخرى – ساهم بدوره في زيادة المخاوف التركية، من تضخم الدور الإقليمي لإسرائيل، ولجوء تل أبيب لاستخدام أسلحة وأدوات من النوع الذي تحدث عنه ساعر: "حلف الأقليات".

العامل الأميركي

لم تكن علاقات تركيا بإدارة بايدن سلسة دائمًا، وغلب عليها التوتر في بعض الأحيان على حساب مقتضيات عضوية البلدين في "الناتو"، ومن بين جملة الأسباب الباعثة على فتور العلاقات وأحيانًا توترها، احتلت "المسألة الكردية" مكانة متميزة في صياغة شكل ومحددات العلاقة مع إدارة بايدن الديمقراطية.

فالرئيس بايدن، عُرِفَ عنه، تاريخيًا، تعاطفه الشخصي مع "الانفصالية" الكردية، وهو كان سبّاقًا من موقعه في مجلس الشيوخ لعرض تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث. ودعم بكل قوة، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأطر والأذرع السياسية والاجتماعية والمالية المنبثقة عنها والموازية لها.

ونافح بقوة أيضًا عن بقاء وحدات من الجيش الأميركي في مناطق شمال شرق سوريا؛ لحماية الحركة الكردية وتدعيمها، إن في مواجهة دمشق وطهران وحلفائهما، أو بالأخص في مواجهة تركيا. وهو أغدق على أكراد سوريا، الأكثر قربًا من "مدرسة أوجلان" والـ "بي كي كي"، السلاح والعتاد، الأمر الذي لطالما قرع نواقيس الخطر في مراكز صنع القرار في الدولة التركية.

وربما لهذا السبب بالذات، سقطت أنباء فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية واكتساح حزبه الجمهوري مقاعد الأغلبية في مجلسَي الشيوخ والنواب، بردًا وسلامًا على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فالأول نجح في إقامة "علاقات عمل" مثمرة، ونسج بعض خيوط الصداقة مع الأخير، لأسباب لا مجال للخوض فيها في هذه المقالة، وهو متحرر من أية صلات أو "مشاعر" حيال كُرد المنطقة، والأهم، أنه بادر في ولايته الأولى إلى الإعلان عن نيته سحب قواته من شمال سوريا، وقد يستكمل في ولايته الثانية، ما كان بدأ به، قبل تدخل مؤسسات "الدولة العميقة" الأميركية لإحباط مساعيه آنذاك.

على أن مشاعر الارتياح للتحولات الأخيرة في الإدارة والكونغرس الأميركيين، لا تكفي لتبديد مخاوف أنقرة مما يمكن لتل أبيب، أن تقدم عليه. فالأتراك، بلا شك، يدركون أتم الإدراك، "مساحات المناورة وحرية الحركة" التي تتمتع بها إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

ويعرفون تمام المعرفة، أن اليمين الفاشي في تل أبيب، قادر على مغازلة مشاعر اليمين الأميركي المتطرف، ومداعبة أولويات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وبالضد من إرادة الإدارة في بعض الأحيان، إن تطلب الأمر و"المصلحة العليا" ذلك. ومن هنا يمكن القول إن مشوار تركيا في تعاملها مع "المسألة الكردية"، لن يكون معبدًا وسلسًا.

أنقرة تعوّل أيضًا على قلّة اهتمام ترامب بالقضية السورية، وتلمّست خلال ولايته الأولى، استعداده للتسامح مع دور روسي متنامٍ في سوريا، وتحبيذه تنامي هذا الدور على حساب الدور الإيراني بالأخص، فيما الرجل ربما يكون مقبلًا على فتح صفحة من التعاون مع الكرملين في أوكرانيا، وملفات أخرى، على الساحة الدولية.

وأنقرة تعوّل أيضًا على ما يمكن لموسكو أن تفعله بوحي من مصلحتها في خروج القوات الأميركية من سوريا، إن لجهة حفز جهودها للمصالحة مع دمشق، أو لجهة التوسط بين القامشلي والأسد، فضلًا عن تخفيف احتقانات علاقاتها مع إسرائيل، في ضوء ما يشاع عن جهود روسية للدخول على ملفات الوساطة بين إسرائيل ولبنان، ونوايا لم تتضح بعد، تنمّ على دعم روسي لقيام سوريا، بدور في الحد من قدرة حزب الله على إعادة بناء قدراته العسكرية، حال وضعت الحرب على هذه الجبهة، أوزارها.

هي مرحلة جديدة، تدخلها العلاقات التركية الإسرائيلية، تحكمها ثوابت ومتغيرات لدى الطرفين، في بيئة محلية وإقليمية بالغة التعقيد، والأيام المقبلة، تبدو محمّلة بكل جديد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
  • رئيس الاستخبارات الإسرائيلي السابق: إسرائيل قررت البقاء في غزة لسنوات
  • حماس تستنكر العقوبات التي فرضتها أمريكا بحق قادة الحركة
  • مقررة أممية: “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية مع عمليات تدمير مكثفة في قطاع غزة
  • هلع بين الإسرائيليين.. سقوط صواريخ وشظايا في وسط إسرائيل
  • مسئول سابق بالمخابرات الفلسطينية: يوم 7 أكتوبر كان كارثة على دولة الاحتلال
  • نائب رئيس المخابرات الفلسطينية الأسبق يكشف مفاجأة عن الحرب ضد الشعب الفلسطيني
  • تسريب خطير يكشف عن خطة نتنياهو و ماسك بعد زعمه تدمير حماس .. فيديو
  • تسريب خطير يكشف عن خطة نتنياهو و ماسك بعد تدمير حماس .. فيديو
  • تقييم "قاتم" لحالة الرهائن الإسرائيليين لدى حماس