قبل 90 عاماً، أطلق عميد الأدب العربى صرخة تحذيرية مدوية، داعياً للوقوف إلى جانب الفلسطينيين فى مواجهة الظلم الذى يتعرضون له، إثر العدوان الغاشم من العصابات الصهيونية الإجرامية، عندما كتب مقالاً مؤثراً فى عام 1933، على وقع الأحداث الدامية التى وقعت فى 27 أكتوبر من العام ذاته، عقب خروج أهالى بلد الأقصى بمظاهرات عارمة، رفضاً لهجرة اليهود الجماعية آنذاك، ما أدى إلى وقوع عشرات القتلى ومئات المصابين.

وقال طه حسين فى جزء من المقال: «لو لم يكن بيننا وبين إخواننا من أهل فلسطين إلا هذا الإخاء العام، لكان من الحق علينا ألا نقف من هذه الأحداث التى ألمت بهم أمس موقف الذين ينظرون ولا يشعرون، ويشهدون ولا يتأثرون.. كم نحب أن يشعر إخواننا من أهل فلسطين أننا شركاؤهم فيما يحسون من ألم وحزن».

وبعد مرور 9 عقود كاملة، لا تزال شمس فلسطين غارقة فى ظلام حالك مع الجرائم التى يرتكبها جيش الاحتلال فى غزة، وبما يرتكبه على مرأى ومسمع من العالم، بمجازر ترقى إلى مستوى التطهير العرقى والإبادة الجماعية، محاولاً استكمال مخططه الذى بدأه فى 1917 من تهجير قسرى، واعتداءات وحشية لم يسلم منها بشر أو حجر.

لكن بعد 12 عاماً من مقاله، كان «العميد» على موعد مع معركة شرسة خاضها بنبل وشموخ، حينما اتهمه العديد من المثقفين فى عام 1945 بمحاباة الصهيونية مع إصدار مجلة «الكاتب المصرى»، التى كانت تمولها أسرة هرارى اليهودية، وتولى «طه» الإشراف على تحريرها، حتى إن الناقد الكبير على شلش خصّص بحثاً مهماً للدفاع عن وطنية العميد، فى كتابه «طه حسين.. مطلوب حياً وميتاً»، فى دراسة مستفيضة، معتمداً على مواقف وكتابات متفرقة، تصدى خلالها بقوة لما كان يعتقد أنه الحق. لم تكن تلك الواقعة فقط التى أوقعت عملاق الأدب العربى الذى هزم العمى بالفكر والقلم فى مرمى الاتهامات، لكنه كان قد ألقى محاضرة فى مدرسة الطائفة اليهودية بشارع النبى دانيال بالإسكندرية، عن اليهود والأدب العربى عام 1943، ونشرت نصها جريدة «الوفد المصرى» فى عددها الصادر 26 ديسمبر عام 1943، بل وذكرت زوجته فى كتابها «معك» علاقته الوطيدة بالطالب والباحث اليهودى إسرائيل ولفنسون، حيث أشرف عميد الأدب العربى على رسالة الدكتوراه الخاصة به فى إصرار ودأب، وساعده على التدريس فى دار العلوم، مشيرة إلى مساعدته للكثير من اليهود، مشددة على أنه كان يفرق جيداً بين اليهودية والصهيونية.

ويبدو أن «شلش» كان يمتلك استشرافاً بديعاً للمستقبل، إذ مثّل عنوان كتابه السابق ذكره تجسيداً مدهشاً لما يعانيه عميد الأدب العربى حتى اليوم من اتهامات عديدة، جعلته مطلوباً حياً وميتاً، فبعد رحيله بعامين فقط، طرح الأديب والمفكر الإسلامى أنور الجندى كتاباً بعنوان «طه حسين فى ميزان الإسلام»، اتهمه خلاله بالإلحاد والعمالة للصهيونية والإيمان بالفكر المادى والتآمر على الإسلام، إضافة إلى قائمة طويلة من الاتهامات الأخرى، التى خاطب فيها العاطفة الشعبوية دون النظر إلى القيمة الفكرية التى قدمها الراحل العظيم. وظل العميد فى مرمى نيران اتهامات مزعومة بتجاهل قضية فلسطين، حيث حاول كثيرون إلصاقها به فى النصف الأول من القرن العشرين، بالتزامن مع التدفق اليهودى الكبير نحو الأرض المقدسة، الذى انتهى بإعلان دولة إسرائيل عام 1948، ليواجه كتابات متعددة تطعن فى وطنيته وتزعم محاباته للصهيونية، حتى بعد وفاته بسنوات.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: طه حسين الهجرة الجماعية الأدب العربى طه حسین

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة القاهرة يلتقي أسرة أول مجلة شبابية تصدر عن وحدة بحوث الهجرة

أجرى الدكتور محمد سامى عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة حوارا مفتوحا مع طلاب نموذج محاكاة المنظمة الدولية للهجرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ممثلين عن أسرة تحرير مجلة "هچرة" أول مجلة شبابية متخصصة فى قضايا الهجرة تابعة لوحدة بحوث ودراسات الهجرة برعاية ا.د. حنان محمد علي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وا.د. عادلة رجب مدير وحدة بحوث ودراسات الهجرة. 

وفى مستهل اللقاء استعرض الطلاب مع رئيس الجامعة الهدف من إصدار المجلة وخطوات نشأتها وتشكيل هيئة تحريرها، وكيفية اختيار موضوعاتها. 

كذلك استعرض الطلاب محاور موضوع أول عدد للمجلة وكلن عن الهجرة والصحة النفسية، ثم العدد الثاني عن الهجرة والزينوفوبيا. كما تطرق الحوار إلى دور الجامعة والكلية والوحدة في تحفيز الطلاب على المشاركة في الأنشطة العلمية التى انبثقت منها فكرة المجلة، ومشاركة الطلاب بأفكارهم وآرائهم، إضافة إلى ترجمة أحدث الموضوعات المنشورة دوليا فى مجالات اهتمام المجلة. 

رئيس جامعة القاهرة يؤكد أهمية ممارسة الأنشطة الطلابية

وجرى خلال اللقاء حوار مفتوح بين رئيس جامعة القاهرة والطلاب تناول كيفية استقبال الجامعة لطلابها الوافدين وعلاقة الهجرة بالتعليم، وأشار د. محمد سامى عبد الصادق إلى جهود الجامعة في إدماج الوافدين فى المجتمع الجامعى، وما تقدمه الجامعة من دعم لرعايتهم. 

وأكد رئيس جامعة القاهرة أهمية ممارسة الأنشطة الطلابية، وطالب أسرة تحرير المجلة بتوسيع دائرة انتشارها، لما تحتويه من موضوعات مهمة، ودورها التوعوي بقضية الهجرة التى باتت تشغل الرأى العام، وأبدى استعداد إدارة الجامعة نشر المجلة إلكترونيا على المنصة الرقمية للجامعة، لتعم فائدتها، وتقديم كل سبل الدعم لها. 

وأعرب د. محمد سامى عبد الصادق عن تقديره للجهود التى تبذلها إدارة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ووحدة بحوث ودراسات الهجرة بالكلية، مشيدا بأسرة تحرير مجلة "هجرة" وطريقة تناولهم للموضوعات طرحهم للأسئلة. 

وقد أدار الحوار يوسف جرانت يونان الطالب بالفرقة الرابعة علوم سياسية صاحب فكرة المجلة، وشاركته تيريز حسام سعد الطالبة بالفرقة الرابعة بقسم الاقتصاد، ومعها ماجي ريمون كامل مسئولة فريق الميديا ومصممة المجلة، وا.منار محمد السحماوي رئيسة نموذج المحاكاة وخريجة دفعة ٢٠٢٤ كنموذج لتواصل الخريجين مع كليتهم، وا. حنان الجنيدي مساعد إداري وحدة دراسات الهجرة.

مقالات مشابهة

  • جناح دمياط يحصل على شهادة تقدير من محافظة الوادى الجديد ووزارتى الصناعة والزراعة
  • بعد الهجرة الجماعية لنجوم القمة.. بروتوكول جديد للحد من انتقال اللاعبين السودانيين إلى ليبيا
  • رفعت عينى للسما
  • نميرة نجم تبدأ مشروع خارطة طريق للهجرة بأفريقيا مع منظمة الهجرة الدولية
  • «جمال الغيطانى»
  • «الغيطانى» حكاء الماضى.. سردية الوجع الإنسانى
  • مهرجان القاهرة السينمائي.. أحلام وقضايا الشعوب العربية تتلاقى في رحلة من السعادة والمتعة
  • رئيس جامعة القاهرة يلتقي أسرة أول مجلة شبابية تصدر عن وحدة بحوث الهجرة
  • شكراً.. حسين فهمى!
  • فلسطين: الفيتو الأمريكي تشجيع لإسرائيل على "الإبادة الجماعية"